طارق رمضان يتحدث عن ازدواجية الخطاب وأزمة الهوية

طارق رمضان يتحدث عن ازدواجية الخطاب وأزمة الهوية
الخميس 15 يوليوز 2010 - 13:00

خلال السنوات الأخيرة تم تقديمي على أنني مفكر مثير للجدل و مع أن هذا الوصف ليس واضحا بما فيه الكفاية فالكل يتفق على أن المفكر المثير للجدل لا يترك الناس في حالة من عدم الاكتراث.


البعض يمدحني و البعض ينتقدني و لكن الأهم هو أنهم يتفاعلون و يفكرون.لا احصر نفسي في ميدان معين ولا أتناول موضوع “الديانة الإسلامية” فقط و لكن يجب الإشارة إلى أن واحد من أهم المواضيع التي أركز عليها هو موضوع العقيدة الإسلامية و الفقه من خلال المراجع الإسلامية.


لا امثل كل المسلمين واعتبر نفسي منتميا للتيار الإصلاحي و احرص على أن أبقى مخلصا لمبادئ الإسلام انطلاقا من النصوص مع مراعاة السياقات التاريخية و الجغرافية. بعض القراء الذين ليس لديهم اطلاع على القضايا الإسلامية آو معرفتهم بها محدودة يجدون صعوبة في فهم منهجيتي. على عكس النصوصيين الذين يعتمدون على الاستشهاد بالآيات، يقوم الاصطلاحيون بوضع النصوص في سياقها و يفتحون أفاق جديدة للفهم.


لاستيعاب هذا المنطق ، يجب على القراء والمستمعين أن يتتبعوا هذه المنهجية من البداية إلى النهاية و إذا لم يقوموا بذلك فسيسيئون فهم الخلاصة و يتهموننا بالتناقض أو الازدواجية في الخطاب. يجب أن أوضح نقطة مهمة متعلقة بقضية الازدواجية في الخطاب، إن ازدواجية الخطاب تقتضي أن يقول المرء كلاما أمام جمهور ما بغرض تضليله أو دغدغة مشاعره و يقول شيء مختلف تماما أمام جمهور أخر أو بلغة أخرى. تعديل الخطاب حسب مستوى وعي الجمهور أو تعديل طبيعة المراجع لا يمكن اعتبارهما ازدواجية في الخطاب.


عندما أخاطب طلابي فانا استخدم لغة راقية و مليئة بالا حاءات الفلسفية التي يستطيعون استيعابها و لكن عندما أخاطب أصحاب المهن اليدوية فأنني استخدم الخطاب و التصوير المناسبين لهم و عندما أخاطب المسلمين فلغتي و مراجعي يأخذان بعين الاعتبار مستواهم الخطابي و الإدراكي. هذه بيداغوجية مهمة و حتى لا يقع المرء في ازدواجية الخطاب فيجب على مادة خطابه الأساسية أن لا تتغير.


القضية المهمة بالنسبة لي ليست هي موضوع ازدواجية الخطاب و التي يجب أن توضع جانبا حتى يتم استيعاب ماهية فكري و منهجيتي. في كتابي الجديد “ماذا اعتقد” أناقش قضية أزمة الهوية التي تهاجم كل واحد منا. أصرح بشدة أن ما لدينا اليوم هي هويات متعددة و متحركة و ليس هناك أي سبب ديني أو قانوني أو ثقافي يمنع من أن يكون الإنسان مسلما و أوروبيا أو أمريكيا في نفس الوقت. الملايين من الناس يبرهنون على هذه الحقيقة كل يوم.


بعيدا عن التشاحن الإعلامي و السياسي، فان حركة إصلاحية بناءة تلوح في الأفق و الإسلام أصبح ديانة غربية. الإسلام الغربي أصبح حقيقة كالإسلام العربي أو الإسلامي الإفريقي أو الإسلام الأسيوي. بطبيعة الحال هناك إسلام واحد إذا تعلق الأمر بالمبادئ الأساسية التي ينبني عليها الدين الإسلامي و هذه المبادئ تتضمن تأويلات متنوعة و تستجيب للتعدد الثقافي. عالمية الإسلام تكمن في قدرته على دمج التنوع في ايطار و حدة الدين الأساسية.


يرجع الأمر للمسلمين كأفراد ليصبحوا مواطنين ملتزمين و واعين بمسؤولياتهم و حقوقهم. يجب أن يتجاوزا النظر إلى أنفسهم كأقلية أو كضحايا لان لديهم الوسائل ليصنعوا عصر جديد في تاريخهم. كل من ولد في الغرب أو أصبح مواطنا فيه لم تعد القضية بالنسبة إليه محصورة في “الاستقرار” أو “الاندماج” بل أصبحت القضية هي “المشاركة” و “المساهمة“.


وفي الختام ،خلاصتي هي أننا متوجهون نحو عصر خطاب ما بعد الاندماج و بالتالي فيجب علينا تحديد المعنى العميق و المقبول للانتماء و هذا الوعي هو ما أنادي به و قد ظهرت بعض التجارب المحلية التي تعكسه.


*الدكتور طارق رمضان بروفيسور الدراسات الإسلامية في جامعة أكسفورد البريطانية.


رمضان ولد في سويسرا و هو حفيد حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين.


عن موقع مجلة الجزيرة بالانجليزية –رابط المقال بالانجليزية:


http://aljazeera.com/news/articles/39/What-I-believe.html

‫تعليقات الزوار

14
  • Bousairi
    الخميس 15 يوليوز 2010 - 13:16

    تتكلم بحرية لانك في الغرب الليبرالي الحر الديموقراطي..و لانك تكونت هناك حيث دوما تجد من يهتم بك و يناقشك و ينشر كتبك و تمر على الشاشات التلفزية بلا مشاكل تذكر..و الله ماذا لو كنت في بلد من بلدان العربان/الغربان؟ لو عملت هناك حيث يسود التضبيع و التعصب الاعمى و التبخيس و المحسوبية و الرشوة و القهر و الاستبداد و العبث و التفاهة لفررت بجلدك الى اي مكان على الارض..يا اخ رمضان احمد الله على انك في الغرب و تتوفر على منصب و تباع كتبك بشفافية و بلا سرقة و لا تبق تتوهم الاوهام و الطوباوية في الاسلام (فهو ما تحقق تاريخيا و ما يتحقق الآن امام اعيننا)..و الله اخي فالذي يحس بالقهر الشخص العائش فيه..و اذا لم تصدق فقم بزيارة تكون عادية وسط المجتمعات العربية و سترى بام عيتيك..مع الاسف الشديد الواقع واقع لا يعلى عليه…

  • واصل بن عطاء
    الخميس 15 يوليوز 2010 - 13:12

    امض في ما أنت عليه يا دكتور طارق
    سيرفضك الكثير من المسلمين و يتهمونك بالجهل و التلفيق و القفز على الثوابت بل و الخروج من الملة
    و لكنهم بعد مائة عام أو ربما أقل أو أكثر سعملون بما تقول طوعا أو كرها

  • Tanger
    الخميس 15 يوليوز 2010 - 13:04

    Malheureusement, si nous les marocains métrisons quelque chose ca serait la critique, alors que personne ne se penche sur l’autocritique et l’ego-critique . Un monsieur comme Tariq Ramadan de renom et de renommé universel, détenant des postes de professeur d’Oxford en Angleterre au Tokyo au japon et j’en passe … Cette personne ne cesse pas de défendre les démunis que ce soient des musulman ou non il prône le dialogue la tolérance et l’autocritique. Des personnes qui critiquent par amour pour le bien de quelqu’un ou quelque chose cela est noble, mais critique car c’est la seul chose qu’on sait faire ca c’est l’aboiement . Moi je dirais que Tariq Ramadan mérite au moins du respect , car j’en ai lu de ses Ouvrages et c’est de la qualité des propos et la sagesse en bonne et due forme .
    Prenons tous le temps pour lire et écouter avant de critiquer et dénigrer ceux qui nous dépassent de loin.

  • اكاديري
    الخميس 15 يوليوز 2010 - 13:10

    طارق رمضان هو شخص نكن له كل الاحترام والتقدير رغم ان نظرته الى الاسلام لا تروق للكثيرين من اصحاب اللحي والجهاد والتكفير،هو يدعو الى احترام الاخر رغم اختلاف الديانات والمعتقدات واضن ان هذا هو جوهر الاسلام بعيدا عن تطويل اللحية وتقصيرالسروال

  • layla
    الخميس 15 يوليوز 2010 - 13:18

    مادمت لا تغطي رأسك بقماش أبيض ولا تلبس عباية و ليست لديك لحية طويلة فأنت غير أهل للمناقشة بأمور الإسلام و سيتهمونك بالسفه ويكفرونك يكفي أنك فيلسوف كذلك وهومايعد ضربامن الجنون و من المحرمات و من أتباع الزنادقة لكن لا يهمك فأكمل فنحن فخورون بك

  • Hassan
    الخميس 15 يوليوز 2010 - 13:24

    Il y a un phénomène que je n’arrive guère à avaler c’est que certains lecteurs ne mettent pas assez de temps pour comprendre le contexte du texte . Ils préfèrent plutôt se précipiter à commenter et s’acharner aveuglement sur la vie privée des auteurs
    J’espère ne plus voir ce genre de comportement dans ce site
    ————–
    Je félicite l’auteur pour l’effort. Je vous encourage à faire plus d’efforts dans la traduction pour un style meilleur.
    salam

  • mostafa
    الخميس 15 يوليوز 2010 - 13:26

    اخي كما قلت لك عندما تقابلنا في برشلونة اني تعرفت على افكارك من خلال قراءة مقالات اعدائك في الصحافة الفرنسية.وهاانا اليوم من المتابعين لانتاجك الفكري خصوصا اني اجد فيه ضالتي و سندي في تربية ابني الذي ولد هنا و يدرس هنا و الذي اتمنى ان تتجسد فيه كلمة مسلم بثقافة غربية عصرية
    الى الامام يااخي انك في طريق انت رائده

  • Muslim
    الخميس 15 يوليوز 2010 - 13:14

    Ceux qui critiquent Mr Ramadan sans raisons ni solides arguments ne font qu’aboyer sans pouvoir arreter la caravane que Mr Ramadan mene avec brio et classe.

  • الروداني
    الخميس 15 يوليوز 2010 - 13:28

    أحسنت و أوضحت و أوجزت !
    [ أناقش قضية أزمة الهوية التي تهاجم كل واحد منا. أصرح بشدة أن ما لدينا اليوم هي هويات متعددة و متحركة و ليس هناك أي سبب ديني أو قانوني أو ثقافي يمنع من أن يكون الإنسان مسلما و أوروبيا أو أمريكيا في نفس الوقت.]
    [يرجع الأمر للمسلمين كأفراد ليصبحوا مواطنين ملتزمين و واعين بمسؤولياتهم و حقوقهم. يجب أن يتجاوزا النظر إلى أنفسهم كأقلية أو كضحايا لان لديهم الوسائل ليصنعوا عصر جديد في تاريخهم. كل من ولد في الغرب أو أصبح مواطنا فيه لم تعد القضية بالنسبة إليه محصورة في “الاستقرار” أو “الاندماج” بل أصبحت القضية هي “المشاركة” و “المساهمة”.]

  • مسلمة و أفتخر
    الخميس 15 يوليوز 2010 - 13:22

    من ينتقدون فكرالدكتور طارق رمضان بعتبرونه يكيل بمكيالين بحسب من يخاطبهم فالخطاب الذي يستخدمه مع المسلمين يستخدم غيره مع غير المسلمين،بالنسبة لي لم اجد فيما استمعت إليه على لسان الدكتور ما يؤيد من يقولون بازدواجية خطابه،أعتقد أنه يستخدم طرق متعددة لإيصال فكر واحد و هذا شيء مطلوب في وقتنا الراهن.
    بارك الله فيك دكتور فأنت مثال مشرف للمسلم الفطن

  • سعد
    الخميس 15 يوليوز 2010 - 13:20

    منذ الصغر تعلمنا أننا إذا مرضنا إلى الطبيب ذهبنا, وإذا جهلنا إلى المعلم ذهبنا و إذا تعطلت سيارتنا إلى الميكانيكي ذهبنا, وهذا كله طبيعي ومستساغ عند ذوي العقل السليم, لكن الغريب أنه يطلع علينا في كل مرة رويبضة تتلمذ في جامعات أوروبا ” المسيحية” ليحاضر في الإسلام ويبطل حدود الله ويدعي بأن اللحية تخلف -و الرسول صلى الله عليه و على آله وسلم كان يكرمها- ويحلل للناس الربا وما إلى غير ذلك والناس كالدواب أينما رأوا الكلأ رعوا

  • Young
    الخميس 15 يوليوز 2010 - 13:08

    ترجمة جميلة و موفقة ، كنا قد ترجمنا الكتاب من قبل و ترجمنا العنوان إلى “قناعتي الشخصية” و لكن “ماذا أعتقد” جيد أيضا

  • yahya
    الخميس 15 يوليوز 2010 - 13:06

    امض في طريقك ولا تلتفت الى الوراء فانت من خيرت رجال هذا الزمان نحسبك كذلك لانك لست ممن يقظون عمرهم وايامهم في الشخير والانتقاد وتتبع العورات ولم يقدمو للاسلام شيئا …بل كانوا حجرة عثرة في طريق المصلحين وظنوا انهم يحسنون صنعا وادخلو الامةبحماستهم وتهورهم في مشاكل ومصائب لانزال نعاني منها ولم يقرئو حكمة بلقيس التي خلد الله ذكرها في القران قالو نحن اولو قوة والو باس شديد ولامر اليك فانظري ماذا تامرين قالت ان الملوك اذا دخلوا قرية افسدوها وجعلوا اعزة اهلها اذلة…ورحم الله امرا عرف قدر نفسه….حفظك الله ياطارق وففقك لما فيه خير…وجميع الغيورين على الاسلام والمسلمين

  • abdelatif
    الخميس 15 يوليوز 2010 - 13:02

    ليست المسألة مسألة الوطن ا لدي نعيش فيه وإنما رغبة في تنوير الفكر,فرغم كل الاكراهات كلمتك ستبقى مسموعة عاجلا أم أجلا فإدا نحن هدفك الرئيسي هوالبحث عن الما ديات فأكيد بأنك ستبيع دينك مقابل دراهم معدودة وزهيدة.

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02 2

وزير النقل وامتحان السياقة

صوت وصورة
صحتك النفسانية | الزواج
الخميس 28 مارس 2024 - 16:00 1

صحتك النفسانية | الزواج

صوت وصورة
نقابة الممرضين تعتصم بالبيضاء
الخميس 28 مارس 2024 - 15:40 1

نقابة الممرضين تعتصم بالبيضاء

صوت وصورة
ما لم يحك | البصري وتبذير الأموال
الخميس 28 مارس 2024 - 15:00 2

ما لم يحك | البصري وتبذير الأموال

صوت وصورة
الأمطار تنعش الفلاحة
الخميس 28 مارس 2024 - 13:12 3

الأمطار تنعش الفلاحة

صوت وصورة
حاجي ودمج الحضرة بالجاز
الخميس 28 مارس 2024 - 12:03

حاجي ودمج الحضرة بالجاز