عصير المزاح -30- رعب الامتحانات .. جراثيم التعليم بالمغرب

عصير المزاح -30- رعب الامتحانات .. جراثيم التعليم بالمغرب
الأربعاء 5 يونيو 2019 - 20:00

لا حاجة لي أن أذكرك بأن العصر يسبق المغرب، وأن التعليم بالمغرب لا ينتمي إلى العصر. وتعال معي إلى مَطْنَزَتي لأعطيك عصير المزاح لتكون أكثر جدية، أو إلى محلبتي لأطعمك قطعة جبن لتكون أكثر شجاعة.

والشجاعة تفرض علينا أن نلتمس العذر للقائلين بأن تعليمنا متخلف، والحال أن سقوط نقطة واحدة لا يوجب السقوط في مستنقع التيئيس، فالقصد أن تعليمنا متخلق، والله دائما من وراء القصد. ونعم لتخليق الحياة المدرسية، شريطة وجود حياة مدرسية، فلا بد أن نَخلُقها قبل أن نُخَلّقها. ويقضي التلميذ سحابة عمره الدراسي داخل مدرسة كئيبة تكره الحياة المطرزة بالفنون والجمال والحرية، وتُعلم الأطفال كيفية القيام بصلاة الجنازة وكيفية النجاة من عذاب القبر بالتضرع بالبكاء وبالاستماع إلى أئمة البكاء.

ومازال في مدارسنا من يحذر التلاميذ من المشاركة في الأنشطة الفنية والأدبية بحجة أن نشاط التلميذ يجب أن ينصب في حفظ دروسه (يتعلق الأمر هنا بثلاثة تلميذات على الأكثر) وتحضير النقلة النوعية بأنواعها من عدسات لاصقة بطبلة الأذن وحروز مطلسمة تقي حاملها من شر العين.. عين المراقب التي لا تنام. ولا يحق لأي مراقب أن يغض الطرف إلا عن الطرف.

واتصلت بصاحبي لأقول له إن غالبية مدارس المغرب لم تتحول إلى مدارس العصر، لكن صاحبي أغلق الهاتف بوجهي عندما رُفع أذان المغرب. وإذا رجعتُ بذاكرتي إلى الخلف، فلا بد أن أسقط على قفاي من الضحك المجروح لمّا أتذكر كيف كنا نفرح كثيرا عندما يفتحون لنا أبواب المعتقلات ويطلقون سراحنا لنطلق سيقاننا للريح. وأتذكر أننا كنا نُساق إلى المسلخ في صباحات يناير الباردة ليسلخ المعلم أيدينا بضربات متتالية بعصا الزيتون، دون أن يمنحنا مهلة كافية للنفخ وتبريد الألم.

لا يمكن لطفلك أن يصقل شخصيته إلا في مدرسة تعلمه مهارات التفكير الإبداعي، والضمير الأخلاقي، والمهارات التواصلية، والطلاقة الرقمية. ولا يمكن أن تقوم قائمة لتعليم تنغل فيه جراثيم مثل كثافة المواد، رعب الامتحانات وكثرتها، طول وقت الدراسة، الواجبات المنزلية، “السوايع” الخصوصية. تلميذ مصاب بهذه الجراثيم لا تعاتبه إذا أخذ “دوشا” باردا داخل “الطوبيس” نكاية فينا جميعا.. أليست النظافة من الإيمان؟

العيطة عليك

تسبب اختفاء العلم الوطني في مدرسة ابتدائية نواحي الحسيمة، في جر مديرها وأستاذين إلى المساءلة القضائية، بسبب عدم تبليغهم عن جريمة في حق علم البلاد. وقد أقدم ستة أطفال(تلاميذ بالمدرسة)، تتراوح أعمارهم ما بين 8 و11 سنة، على استبدال العلم الوطني، الذي كان معلقا في المدرسة براية بيضاء، بقيت مرفرفة لأربعة أيام. لا أجد أي مبرر لما فعله الأطفال إلا إذا كانوا يريدون إعلان استسلامهم وعدم قدرتهم على الاستمرار في مقاومة الأوضاع المُحبِطة التي يدرسون فيها.

كلمة شكر

أشكر جريدة هسبريس الإلكترونية. أشكر الكاريكاتوريست عماد السنوني. أشكر كل القراء الكرام، واللئام، الذين تابعوني “قِرائيا” وليس قضائيا طيلة شهر رمضان الكريم، كما أُخلي مسؤوليتي من أي مضاعفات جانبية جرّاء التناول المفرط لعصير المزاح. عيد فطر سعيد.

www.facebook.com/fettah.bendaou

‫تعليقات الزوار

21
  • عبداللطيف
    الأربعاء 5 يونيو 2019 - 20:23

    تحياتي لك استاذ على هذا المقال الممتع في مضمونه السطحي والمحزن في مغزاه … لم نكن على قدر كاف من الوعي بأهمية التعليم في مدرستنا ولم نناضل الى الآن في فك لغز هشاشة التعلم في بلادنا ولم نحاول قط التفكير في اطلاق سراح العلم المعاصر ليغزو عقول اطفال هذا الوطن ….

  • عبد الباري الهريدي
    الأربعاء 5 يونيو 2019 - 20:25

    مدارسنا تفتقد للفضاء الذي يجعل من المتعلم مبدعا كما أن الاسر ايضا تخلت عن دورها التربوي والنتيجة هو ما نراه جميعا ولا نكاد نستسيغه فراغ فكري وخواء معرفي إننا نساهم في صناعة الجهل ليس إلا….

  • About majd
    الأربعاء 5 يونيو 2019 - 20:44

    شكرا للسيد الضوء العنوان كان معبرا فعلا ويحق أن يكون عنوانا بمسرحية اوفيلم حقيقة
    بخصوص التعليم اقول لكي ينجح لا بد له من قيم ومرجعية اجنماعية وثقافية والمدرسة القديمة اقول القديمة رغم عيوبها أنتجت أدباء مثلك وعلماء واطر ولكن مع سمي الاصلاحات وقع لنا ما وقع للغراب
    اما الراية البيضاء في الريف فهي تقليد اجتما٦ب بالمنطقة وتعلق على أبواب المنازل لا علام الناس أنه توجد فتاة لمن يرغب في الزواج وخصوصا بمناسبة المولد النبوي وربما التلاميذ أرادوا انةيقولوا للناس أن في المدرسة فتيات للزواج اتمنى ان تعيد النظر في هذه السلسة وتخرجها على مسرحية وتنقحها ستكون جميلة فعلا عصير المزاح لقد قمت فعلا لتهييء عصير هذه الفاكهة رغم سعرها الغالي في رمضان وكان فعلا عصير طيبا من الليمون والماء البارد
    عيد مبارك

  • rabeh yahya
    الأربعاء 5 يونيو 2019 - 20:48

    مقال جميل حي واكب مستجدات الساحة التعليمية… تلى الملتقى في عصير الدلاح انشاء الله استاذي الكريم…

  • فراقشي
    الأربعاء 5 يونيو 2019 - 20:49

    شكرا ،ثم شكرا لك على شجاعتك ومجهوداتك التي بذلتها في شهر رمضان .اللهم اجعل كل حروف كتابتك حسنات لك وسراج منيرا الى كل شبابنا ،اللهم اصلح ذات البيين و تقبل منا رمضان و عيد مبارك.

  • ابراهيم من قلعة امكونة
    الأربعاء 5 يونيو 2019 - 21:02

    شكرا لك سيدي على هذا الإبداع الهادف و المسلي في آن

  • تنغل فيه جراثيم
    الأربعاء 5 يونيو 2019 - 21:15

    " ولا يمكن أن تقوم قائمة لتعليم تنغل فيه جراثيم مثل كثافة المواد، رعب الامتحانات وكثرتها، طول وقت الدراسة، الواجبات المنزلية، "السوايع" الخصوصية"
    انها فعلا جراثيم تعوق تطور البلاد وتنخر قواه.
    ونحن على ابواب امتحانات البكالوريا نقيم حصيلة 12 سنة من الكد والجهد ابناء واباء ونتسائل هل الحصول على البكالوريا بنقطة تفوق 18 تستحق كل هذا الجهد وماذا بعد….
    بناء شخصية مغربي الغد تعيد له كرامته وتعلمه لكفاءات تمكنه من الانتاج هو السبيل للخروج من متاهات اليوم.

  • مول الرزة
    الأربعاء 5 يونيو 2019 - 21:20

    و نحن بدورنا، نحن قراء جريدة هسبريس الراءعة نشكركم سي بن الضو، و عيد مبارك سعيد لكم و لصحفيي و كتاب هسبريس.

  • الملاحظ
    الأربعاء 5 يونيو 2019 - 21:25

    ورد في هذا المقال حدث دوش الحافلة بٱكادير،إلى حد الان تم الاعلان عن اعتقال خمسة شبان. لماذا يتم اعتقالهم؟؟؟ وليسوا منتوجاته وطنيا؟ وليسوا خريجي سياسات بلدهم؟ وليسوا منتوج مدارسنا و تربية آباءهم و الوسط الثالث،ٱي الشارع،؟؟؟؟؟ لماذا يرفض المغاربة منتوجا محليا؟؟؟ إنه: made in morroco.ماذا تنتظرون من سياسات حكوماتنا إن لم تنتج برامجها مواطنين من هذا النوع؟؟ منذ السبعينيات و العقلاء و الغيورين حقا على الوطن يستنكرون هذه السياسات،و الدولة تجاربهم بجميع الوساءل.لماذا؟ لان المسؤولين لا يهمهم المواطن بقدر ما يهمهم جيبه و تخلفه لترويج سياساتهم القاءمة على الخنوع و التطبيل لكل ما يقدم له.ممنوع النتقاد،ممنوع الاحتجاج،ممنوع حتى الرفض.

  • Inox
    الأربعاء 5 يونيو 2019 - 21:31

    كلمة شكر تُلّخص واقع الأمر أما المعلم والطبيب والمخارني و الممرّض وكِبارُ أحزابهم و بعض الأعضاء أصحاب الْبوزْ.. ما هم إلاّ الحائط القصير ؛' عيد مبارك' في الحقيقة هذا اسم لصديق ضمن لائحة الأصدقاء ظهر على شاشة هاتفي الذي يرّن ، في هذا العيد لا أتمنّى لك المُتابعة….

  • صديق بن صاديق الرباط
    الأربعاء 5 يونيو 2019 - 21:33

    كل شيء كان جميل ايام 60 و70 الي أواخر.80 نكون صريحين… كان المعلم او الاستاد بمتابت الاب يثقن المعرفه وتعليم زد عن ذالك كان يبحث عن انشطه وترفيه لتلاميذ رغم ضعف أجرته اتذكر السيد المحترم استاد احمد سعري عفاه الله والسيد افرياط والسيد شفيق مدرسة المسجد الابتدائيه والسيد حميثو مدرسة الحسن الثاني داكن البشره وبعض الاساتذه الكرام ومعلمين منهم فرنسين درسون بالكليج اذكر معلم كان يساعدون بدروس دعم بالمجان وحين ننتهي نتفرج مع أسرته صغيره في سلسلة باحمدرنولم وصلنا لكوليج رأيت استاد تاريخ بإحدى شواطي قمت له احترام وتبجيل وقدمت له السلام اتذكره لباسه كومبلي وقميص وكرافاط وفي جيبه 3اقلام ازرق احمر وقلم رصاص. جبد قلم من جيبه وشدني من عنقي وبداد بضغط حتى سأل دم قال لي انت تتجول بالبحرهل تعلم أنك ضعيق في مادة تاريخ ومن ذالك الوقت واضبت على مراجعات دروسي قبل اللهو وتفسخ وقبل نوم وحصلت على نقط مميزه خلاصة القول هداك زمان جميل غم فقر ولبساطه وقلت المداخل اليوم زواق ونفاق تلاميذ وبعض للمعلمين واحزاب تدعي انه سياسه ونقابات هدفهم لسترزاق لفاحش وركوب على الفقرادولبسطادليزيدو في معاناته حت ابن لفقيرخطير

  • Mohammed Najib
    الأربعاء 5 يونيو 2019 - 22:32

    الله يكثر من امثالك لتوعية الناس لتثقيفهم من خلال تسليتهم :
    حاجة وحويجة ، حجة وزيارة
    شكرا لك أخي الأستاذ

  • مغربي حتى النخاع
    الخميس 6 يونيو 2019 - 00:05

    نشكر جزيلا السيد فتاح بن الضو على مقالاتك الهادفة اليومية طيلة شهر رمضان المبارك وعيدك مبارك سعيد بحق كنت أيقونة جريدة هيسبريس طيلة الشهر الفضيل حياك الله يا ذا الوجه البشوش وإلى اللقاء في فرصة أخرى إن شاء الله

  • mohamed yousri
    الخميس 6 يونيو 2019 - 03:38

    كل سنة وانت طيب عزيزى فتاح
    كل سنة وكل أعضاء هيسبريس طيبين
    طبعا المعنى ف بطنك يا فتاح بن الضو وفى بطن الكاريكاتورى الرائع عماد
    شربنا معك اجمل اعصائر والل فلا تحرمنا منها
    شكرا لك فتاح

  • sami
    الخميس 6 يونيو 2019 - 09:56

    أي دورٍ للدولة في تصرف قام به شخصين أقل ما يقال عنهم أنهم عديمو التربية ، ما علاقة الدولة ادا انعدم الحياء في مجتمعنا…شخصين يستحمان داخل حافلة دون حشمةٍ ولا حياء، بل يقومان بفعلتهما وهما فخوران.
    أولا يجدر بنا أولاً تربية ابنائنا تربيةً حسنة مبنية على إحترام الأخر و الاستحياء منه ؟؟ اوليس من وجبنا كاباء تعليمهم وتلقينهٍم كيفية التصرف في المحيط العام ؟ أم سنعيش في دوامة الإنتقاد إنتقاد الدولة إنتقاد المسوول إنتقاد الغير بصفة عامة وفي المقابل نسيان إنتقاد الدات.
    التغيير يبدأ من نفسك أولاً!!! أصلح حالك وربي أولادك وغير في محيطك أولاً قبل النظر لغيرك أو إلقاء اللوم عن أحدٍ أخر!!

  • مغربي
    الخميس 6 يونيو 2019 - 13:27

    إلى المشارك 4 لا لاستحمار واستغباء الناس وهؤلاء ليسوا قطيعا لأن الدولة هي المسؤولة تاريخيا وحاليا على تردي ووضع التعليم في المغرب بل تسعى لإنتاج وتكرار منظومة ليوطي المستعمر في اتجاه تنميط وتشكيل وقولبة المواطن المغرب بشكل سافر

  • أمازيغي
    الخميس 6 يونيو 2019 - 14:32

    المدرسة المغربية مرتكزة على الحفظ من أجل الإمتحانات و كتابة الدفاتر مخافة المفتش التربوي .

  • خوك انا
    الخميس 6 يونيو 2019 - 15:37

    طلب للهسبريس.. بغينا عصير لمزاح يبق طول العام.. هد فتاح بن الضو عندو اسلوب ف الكتبة فريد من نوعو.. حيت مقالاتو ممتعة ولذيذة وخفيفة عل القلب .. عيينا من داك المقالات المملة لي ماليها دايرينرويهم عارفين وفاهمين بزاف.. لي بغا عصير المزاح يبقا طول لعام يعز يدو ويضغط لايك..شكرا للهسبريس

  • عادل
    الخميس 6 يونيو 2019 - 18:07

    نعم تعلمنا صلاة الجنازة و صلاة الغائب و حد الزاني و الزانية و ان الكفار لا مكان لهم في الدنيا و الاخرة… لحسن الحظ كان ابي و امي جد واعين و كان يجرون تاطير موازي عقلاني. لاكن اجيبوني من فضلكم هل المخزن غبي للسقوط في متل هادا الخطء التعليمي المصيري؟

  • Ahmed
    الجمعة 7 يونيو 2019 - 00:30

    الشكر موصول لك اخي لقد انسيتنا التفكير في الكاميرا الغير خفية (وغيرها من حوامظ) قناتينا…

  • المعجم المغربي.
    السبت 8 يونيو 2019 - 22:15

    المدرسة في المعجم في فعل درس يدرس الشيء فيصبح درسا فقمحا فطحينا….. انها اسم المكان لهذا الفعل فهي حيث يقع الدرس. و يسمى عادة المفعول به فعل الدرس تلميذا لان الدارس – المسمى بالاستاذ – يحاول درسه لتقع عليه صفة الدِّرس اي ليكون ذنبا لحمار يطبق فعل الدرس في مسمى جديد الا و العمل.

صوت وصورة
تدشين المجزرة الجهوية ببوقنادل
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 15:15

تدشين المجزرة الجهوية ببوقنادل

صوت وصورة
المنافسة في الأسواق والصفقات
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 13:19

المنافسة في الأسواق والصفقات

صوت وصورة
حملة ضد العربات المجرورة
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 11:41 18

حملة ضد العربات المجرورة

صوت وصورة
جدل فيديو “المواعدة العمياء”
الإثنين 15 أبريل 2024 - 23:42 8

جدل فيديو “المواعدة العمياء”

صوت وصورة
"منتخب الفوتسال" يدك شباك زامبيا
الإثنين 15 أبريل 2024 - 23:15

"منتخب الفوتسال" يدك شباك زامبيا

صوت وصورة
بيع العقار في طور الإنجاز
الإثنين 15 أبريل 2024 - 17:08 4

بيع العقار في طور الإنجاز