قرار حلّ جماعة الإخوان المسلمين: محاولة وأد أم إقرار بالشرعية

قرار حلّ جماعة الإخوان المسلمين: محاولة وأد أم إقرار بالشرعية
الأربعاء 25 شتنبر 2013 - 11:17

قضت محكمة القاهرة يوم الاثنين 23 سبتمبر 2013 حظر أنشطة جماعة الإخوان المسلمين وحل تنظيمها وسائر المؤسسات المنبثقة عنه أو المتفرعة منه أو التي يكون أحد أعضائها منه؛ وقررت ذات المحكمة التحفظ على أموالها وممتلكاتها المملوكة والمؤجرة. قرار لم يكن ليفاجئ المتتبعين لتطورات المشهد السياسي المصري بعد عزل الرئيس محمد مرسي يوم الأربعاء 03 يوليوز 2013، بلْه جماعة الإخوان المسلمين قيادة وأعضاء ومتعاطفين، بل جاء منسجما مع متطلبات “خارطة الطريق” / المخطط الانقلابي، ذلك أن السطو على الشرعية واغتيال الانتقال الديمقراطي يقتضي ـ وجوبا ـ تصفية الرافضين للانقلاب وإقصائهم من المشهد السياسي.

إن قرار الحظر جاء ليؤكد نهجا دأب عليه النظام السياسي المصري منذ الاحتلال البريطاني لأرض الكنانة، فلم تخل حقبة سياسية من قرار الحظر والمحاكمات لقيادة جماعة المسلمين. وعليه، فتاريخ هذه الجماعة منذ تأسيسها على يد الشهيد حسن البنا رحمه الله سنة 1928 “يزخر” بقرارات الحظر، ففي سنة 1948 كان للجماعة أول موعد مع الحظر1948، لتتوالى حلقات مسلسل التضييق بين محاكمات صورية وقرارات حظر سعت لاستئصالها، دون جدوى. فهل “ينجح” الانقلابيون الجدد فيما فشل فيه شيوخه؟

في إدانة الانقلاب:

لا يجد خصوم الشرعية الانتخابية غضاضة أو حرجا في تبرير أي قرار تتخذه السلطات الانقلابية، ويسعون ـ واهمين ـ لإقناع الرأي العام المصري والإقليمي والدولي أن مصر تحكمها مؤسسات وقانون وجهاز قضائي مشهود له بالاستقلالية والنزاهة يُحتكم إليه.

لنُسَلّم بالقرار القضائي، ولنعترف باستقلالية القضاء المصري ونزاهته، ونسأل أو نتساءل: هل يستطيع القضاء المصري ـ على سبيل الافتراض ـ أن يدين الانقلاب وينزع عنه الشرعية في ظل توافر قرائن الإدانة؟ هل يملك القضاء المصري “المستقل والنزيه” الشجاعة الأدبية ليسمي الانقلاب انقلابا عندما تقدم البراهين الدامغة والأدلة القاطعة لسعي جهات مختلفة مدنية وعسكرية لإسقاط نظام سياسي مدني حاز الشرعية من خلال استحقاقات لم يُطعَن في نزاهتها؟ أليست خارطة طريق الانقلاب هي نفسها المبادرة التي اقترحها الرئيس المعزول لفظا ومعنى؟

أليست التوقيعات المليونية المطالبة بتنحي الرئيس محمد مرسي تأكدت فبركتها؟ ألم يقع الالتفاف على ما اعتُبر نزولا شعبيا تاريخيا ـ بصرف النظر عن الأرقام المتنازع عنها ـ يوم 30 يونيو 2013، ففي الوقت الذي تمت فيه تعبئة الغاضبين من أداء حكم الإخوان للمطالبة بانتخابات مبكرة، وظفت لإعلان الانقلاب وإدخال البلاد في نفق مسدود؟ ثم، ألم ينقُضِ الانقلابيون الوعود التي قطعوها على أنفسهم: ضمانا لحق التظاهر السلمي وإعلانا لميثاق إعلامي يحترم حق الاختلاف ويُسعف لتدشين مصالحة وطنية؟ ألم تقترف الأجهزة الأمنية وقوات الجيش خروقات موثقة بما لا يدع مجالا للطعن في حق المتظاهرين والمعتصمين السلميين ترقى لجرائم الحرب؟ لماذا لم يباشر القضاء المستقل والنزيه التحقيق ويتابع الجناة؟ كيف تفسَّر هذه الازدواجية: تبرئة رموز نظام الرئيس المخلوع من تهمة قتل متظاهرين تحديدا، ومتابعة قيادات الإخوان والرافضين للانقلاب عموما المحسوبين على الرئيس المعزول بالتحريض على قتل متظاهرين؟

وحيث إن شرعية “مؤسسات” الدولة في مصر اليوم تستمد شرعيتها من المخطط الانقلابي، لا يُتوقع أن يتجرأ القضاء ويتطاول على من يستمد منه البقاء والشرعية، وإلا فهي علامة كبرى من علامات قيام ساعة هذا النظام السياسي أو القضائي، على قاعدة: أن تلد الأمَـةُ ربَّتها.

مِنَحُ المِحَنِ:

إن تاريخ جماعة الإخوان المسلمين زاخر بالمحن والشدائد، فهي عبر مسيرتها خلال خمس وثمانين ـ 85 ـ سنة لا تكاد تخرج من محنة إلا لتلج أخرى أدهى وأشد، فاكتسبت الجماعة مناعة ضد التضييق والمنع والمتابعات القضائية. لذلك، اعتبر بيان الجماعة قرار الحظر الأخير حلقة جديدة في مسلسل التضييق يذكر بتاريخ سابقيهم من الانقلابيين ” الذين حاولوا نفس هذا الفعل وتصوروا أنهم قادرون على نفي الجماعة وأفرادها من المجتمع المصري الذين يشكلون فيه جزءاً نابضا حيا ومشرقا ومعطاءً يلتف حولهم شعبهم حاضنا ومتفاعلا كما حدث في كل الاستحقاقات الانتخابية السابقة وكما يحدث الآن في الحشود الشعبية المستمرة منذ الانقلاب العسكري رافضة له ومدافعة مع الجماعة عن شرعية الاختيارات الشعبية الشفافة التي انقض عليها العسكر وعن استقلال وطنهم ومستقبل أجيالهم.”

وحيث إن الإخوان المسلمين ـ يُذكِّـر البيان ـ “فكرة ومنهاج وجماعة، كانت وما زالت وستبقى، على طريق الدعوة إلى الله سائرة، وفاءً لعهدها مع الله، وفية لوطنها وشعبها، ملتزمة بمنهجها الأصيل في الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة عبر كافة الأساليب السلمية في إطار القانون العادل”، فلن يكون لقرار الحظر أثر في الميدان، ما دامت المقرات مشمعة أصلا بعد أن عبثت بمحتوياتها ومرافقها القوى البلطجية، وما دامت القيادات الإخوانية في ضيافة أجهزة الانقلاب تنتظر محاكمات شكلية بتهم جاهزة مألوفة.

لذلك، فقرار الحظر بقدر ما يدين النظام الانقلابي ويكشف استباحته لأبسط الحريات والحقوق السياسية ويفضح نوايا الانقضاض على السلطة المتسربلة بالغطاء الشعبي للعودة بمصر إلى أحضان حكم العسكر الذي انتفض ضده الشعب وتوجته ثورة 25 يناير2011، فهو شهادة إقرار بشرعية الجماعة واعتراف بتغلغلها في نسيج المجتمع، وبالتالي يستحيل النيل منها ومن شعبيتها واستمرارها فاعلا مؤثرا ورقما معتبرا في معادلة الحياة السياسية، وبالتالي تنضاف السلطات الانقلابية الحالية إلى ضحايا سلمية وثبات مشروع الإخوان المسلمين الذي أكسبه زخم الحشود الشعبية المتنامية الرافضة للانقلاب ـ رغم كل أشكال التضييق والتقتيل ـ الشرعية الميدانية.

‫تعليقات الزوار

7
  • لكل نصيب من التورة
    الأربعاء 25 شتنبر 2013 - 12:42

    لقد رفض الحداثيون والمؤسسات الأمنية برنامج الاخوان الدي بدأه السيد مرسي ،بعد خروج الملايين ومطالبتهم مرسي بالرحيل وبغض النظر عن عدد حجمهم والدي كان كبيرا فنوعيتهم،كانت اندارا،بان مصر دخلت المنطقة الحمراء وأن الحرب الأهلية قادمة لاريب فيها ان استمر الاخوان في الحكم ،ولكن السيد مرسي رفض تقديم استقالته ،ماجدوى الديموقراطية ان كانت غايتها عدم الاستقرار والحرب ?السؤال هو لمادا لايريد السيد مرسي تقديم استقالته ولو حقنا للدماء ?هل يريد الزج بمصر في سيناريو الجزائر ?على الأقل الجبهة الاسلامية الانقاد كانت تدين الإرهاب ،اما السيد مرسي فلشك ان رهانه كان كبيرا ،اكبر من مصرالحداتية بل مصر مهد وانبعاث الخلافة السنية ،فكيف للخليفة الراشد والسابع ان يستقيل ?حل جماعة الاخوان مرتبط بقبولها او رفضها الدستور الجديد ،اما العودة الى وضعية تعايش بين دولة المؤسسات ودولة الإقطاعيات الإخوانية فدلك لن يعيد الا منزلقات ومتاهات سياسية اخرى في المستقبل ،لقد اخد الاخوان نصيبهم من التورة خيرها وشرها ونتمنى ان يكون الدستور ،دستورا للجميع ،وان يعود السلفيين الى العمل الدعوي لان للقوانين خبرائها و للسياسة أهلها ،

  • شاهد على العصر
    الأربعاء 25 شتنبر 2013 - 16:15

    حل جماعة الإخوان قرار قد يبدو غير معقول لكن المتأمل والمتمعن في سياق ومساق تأليف هذه الجماعة وفي آدابها وأدبياتها ونظرياتها الفلسفية ومشاريعها الجهنمية لن يتفاجئ البتة من هذا القرار ، ومايقال عن الإخوان بمصر يقال على جماعة اللاعدل ولاإحسان فرعها بالمغرب قد يقال بأننا ضد الديمقراطية لكنها ديمقراطية مغشوشة ديمقراطية تقصي أهل العلم والإقتصاد والسياسة وتسلمها للجهلاء التي تم اصطيادهم بالحريرة الرمضانية ورميهم في أتون الجهل والخزعبلات (يقول المثل : كن كان الخوخ داوي كل داو راسو)لهذهالأسباب وأخرى لايسع الحيز المسموح به للتفصيل في حيتياتها ننتظر قرارا جريئا بحل جماعة الغدر والبهتان بالمغرب والضرب بيد من حديد على أيدي كل من تبت نشره للأفكار الخرافية الإرهابية التي تؤمن بها هذه الطائفة

  • الحسين السلاوي
    الأربعاء 25 شتنبر 2013 - 16:54

    اذا كانت جماعة الاخوان قد خرجت شبه معافاة من كل المحن التي تعرضت لها في السابق ، فلأن الخلاف كان محصورا بينها وبين الحاكمين فقط..ولم يسبق أن تم تحشيد المجتمع ضدها كما هو واقع الآن.حتى أصبح أغلبية الناس يرونها كشيطان ارهاب ورمزا للفتنة وليس ملاك خير..صحيح أن الجماعة متغلغلة في النسيج الاجتماعي ، ولكن هذا النسيج ليس كله مع الاخوان ،بل إن كثيرا من ناخبيها لا يحبونها..و فعلوا ذلك فقط لدرء خطر الفلول.. ومن ثمة كانت النسبة العالية في التصويت لصالحها ..كأهون الضررين.
    لذلك فالحالة اليوم مختلفة; خاصة اذا ما استحضرنا المحيط العالمي ونظرة الغرب لحركة الاخوان باعتبارها الاب الروحي لكل الحركات الاسلامية المعاصرة بمختلف تلاوينها.
    فالحالة اليوم " ربما " سيقول عنها التاريخ :"كَانَتِ الْقَاضِيَةَ"!!! ……….لك أجمل التحايا.

  • المامون
    الأربعاء 25 شتنبر 2013 - 20:50

    الاخوان المسلمون هم المنصورون ان شاء الله لأنهم هم حاملوا الحق والانقلابيون ظلمة [بفتح الام] وسيأخذهم الله عز وجل أخذ عزيز مقتدر في القريب العاجل وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون

  • كاره الضلام
    الأربعاء 25 شتنبر 2013 - 21:05

    ما يجري لجماعة الاخوان يمكن تسميته دبحة القنفد، لمن لم يسبق له ان تابع دبح قنفد فهدا الحيوان عند دبحه يعوي و يصيح بشكل مفزع و مؤثر، الا اننا الان نشاهد القنفد يدبح في مصر و لكن العواء يتردد هنا، اخوان مصر كتنظيم اصبحوا ماضيا و يستحيل ان يكون لهم مكان في المشهد السياسي الا كحزب(و ليس جماعة) يمارس في اطار دولة مدنية و يخضع للقانون و لا يعتنبر نفسه اكبر من الوطن و له حرية التخابر مع حلفائه خارج الحدود ضدا عن الدولة، احد زعمائهم اعتدر للمصريين عن اخطاء جماعته ،و لكننا هنا لا زلنا نرى المدبوحين يرددون نفس الاسطوانة التي ملها الملل و عافها الضجر، انتبه من منامك و قل لنا كيف حكمت ان التوقيعات كانت مفبركة، و قل لنا هل التوقيعات التي سيجمعها الشعب لرئاسة السيسي ستكون مفبركة، و قل لنا ما شانك انت في امور الناس، و ما وزن رايك و جماعتك في ما يجري في مصر
    انت اما نائم تغط في نومك و اما انك تسوق كلاما لا تصدقه لتنيم به ما تبقى من الاتباع مدمني الاحلام و وعود السماء المومنين بنصرة الملائكة لعباد الله الصالحين
    عظم الله اجوركم في اسيادكم المصريين

  • مسعود السيد
    الأربعاء 25 شتنبر 2013 - 23:52

    خير الكلام ما قل ودل .وهوان الشعوب العربية لم تبلغ سن الرشد بعد.

  • SIFAO
    الخميس 26 شتنبر 2013 - 10:09

    لوكانت جماعة الاخوان متأكدة من ثقلها السياسي ومن قوة شعبيتها لقبلت بكل المبادرات التي طرحت للخروج من الازمة ، بما في ذلك خارطة الطريق التي طرحها السيسي ، لكن غباءها السياسي وعنادها الديني افضيا بها الى نهايتها المأساوية .
    بامكاني ان أطرح نفس سؤالك ، لماذا لا ينظر القضاء المصري فيما اذا كان اسقاط مبارك انقلابا على الشرعية ام لا ؟ ام تعتقد ان شرعية الاخوان شرعية مزدوجة ، شعبية والهية ايضا ؟
    الاخوان لم يسعوا الى حل سياسي لازمتهم في مصر ، وانما تعمدوا خلق مظلومية اخرى ، افتعال المظلوميات يدخل في استراتيجيتها الدعوية والتعبوية لحشد الحشود الفارغة في الشوارع ، وتعتبر ما يحدث لها ما هو الا امتداد لما تعرض له انبياء الله، فبعد العسر يسرا، بعد 85 سنة تعود الى نقطة البداية وتحتاج الى نفس المدة لتعاود الظهور من جديد لتختفي على وقع عويل مماثل ، مثل قصة الانبياء تماما . 85 ياسيدي ، قامت فيها ثورات استمر بعضها لعقود لتسقط بثورات اخرى كما حدث في معسكر السوفيات ، واخرى مازلت تبحث عن نفسها ، اخوانك في الله لم يصمدوا لاكثر من سنة ، انها مهزلة سياسية بكل المقاييس وتريد تحويلها الى مفخرة .

صوت وصورة
احتفاء برابحة الحيمر في طنجة
الجمعة 29 مارس 2024 - 10:03

احتفاء برابحة الحيمر في طنجة

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30 3

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 2

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 4

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 11

تقنين التنقل بالتطبيقات

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب