كيف تعامل المغاربة قديما مع المجرمين والمغتصبين؟

كيف تعامل المغاربة قديما مع المجرمين والمغتصبين؟
الأحد 20 شتنبر 2020 - 21:19

هل البيدوفيليا والاغتصاب الجنسي قضايا راهنية في المجتمع المغربي أم أنها كانت من بين القضايا المتفشية منذ أزمنة غابرة؟ كيف كان يتم عقاب الفاعلين طبقا لأحكام العرف القبلي؟ كلها أسئلة جديرة بالبحث والتنقيب بغية كشف الستار عن كيفية تعامل الأجداد مع المغتصبين.

أكدت الكتابات التاريخية على أن أي كيان لم يكن خاليا من الجرائم؛ من قبيل العنف والقتل والاغتصاب والسرقة… ولم يستثن المجتمع المغربي من ذلك. الجدير بالذكر أن المناطق الخاضعة للمخزن كانت تطبق الشرع على المجرمين في حين أن المناطق غير الخاضعة له أو التي كان وجوده فيها ضعيفا وهي التي تشكل الأغلبية كانت تلجأ لأعرافها المحلية، والتي اختلفت من منطقة إلى أخرى رغم تسجيل بعض القواسم المشتركة في ما بينها. وسنعمل في هذه الورقة على تسليط الضوء على واحة تافيلالت الكبرى التي احتوت إثنيات قبلية متعددة.

العرف القبلي حبلى بالعقوبات الزجرية التي تُفرض على الجاني وبلغة العُرف “فاعل الفاحشة”، لعلها تثني الفاعلين عن العدول عن جرائمهم. وما دام أن العرف شدد في غرامات وعقوبات فاعلي الفواحش، فهذا يبين مما لا شك فيه مدى تفشي وشيوع هذه “الظواهر” من قبيل الاغتصاب الجنسي، وفي هذا السياق نجد العرف المحقق من طرف الباحث العربي مزين حول عرف الكارة (Algara) في كتابه “تافيلالت” مساهمة في تاريخ المغرب خلال القرنين 17و18، الرباط، 1987(بالفرنسية) وبالضبط في بند يحمل رقم (12) ما يلي: “وأما من دخل على امرأة وأراد منها فاحشة ووجده الشيخ، أو شهد عليه زوجها أو قريبها يعطي مائة مثقال لكل عتبة، النصف منها للشيخ ولرب الدار النصف”.

المقصود بالفاحشة في هذا البند هو الاغتصاب الجنسي، بخصوص “العتبة” تحيل إلى الباب، بمعنى أن الجاني كلما دخل عدة أبواب “عتبات” إلا وارتفعت الغرامة؛ أي ثلاثة أبواب تساوي 300 مثقال، أربعة أبواب 400 مثقال وهكذا دواليك. والملاحظة المسجلة في هذا الإطار هو حرص المجتمع القبلي على حماية المرأة من أي اعتداء قد تتعرض له عبر سن عقوبات زجرية على كل مخالف. ولم تستثن الأوفاق المحلية فرض عقوبات على ممارسي اللواط وإن كانت في الحقيقة تختلف بين الفاعل والمفعول به، وفي هذا الصدد جاء في بند رقم 28 في العرف السالف الذكر ما يلي: “وأما من فعل الفاحشة برجل يعطي الأعلى عشرة مثاقل والأدنى عشرين مثقالا، وإن لم يصوما فمثقالا لكل واحد”.

حرص العرف المحلي “للكارة” على حماية الطفولة من أي اعتداء جنسي قد يتعرض له الطفل، لذلك شدد على من ينتهك حرمة الطفولة بالغرامة وهذه الغرامة تكون مرتفعة حينما يُعتدى على الطفل في قصره أي في قريته بينما تخف قليلا عندما يكون خارجا عن قريته، وفي هذا المنحى جاء في بند 29 في العرف السالف الذكر ما يلي: “وإن فعل الرجل ذلك بالصبي، نصافه ثلاثون مثقالا في داخل القصر، وأما من السور إلى حُدود الَبلدْ من أولادْ اعْمرة والقصْر الجديدْ وأكدال بَلدنا فنصافُه خمسة مْثاقلْ”.

هكذا تعامل عرف “الكارة” تجاه الخارجين عن “القانون” المحلي من المغتصبين والمجرمين “وفاعلو الفواحش” والمثير للانتباه حقا في هذا العرف غياب عقوبة تمس بالجسد كقطع اليد مثلا أو الرجم…

*أستاذ باحث في التاريخ الاجتماعي لواحة تافيلالت

صوت وصورة
المعرض المغاربي للكتاب بوجدة
الخميس 18 أبريل 2024 - 01:29

المعرض المغاربي للكتاب بوجدة

صوت وصورة
بعثة أسترالية تزور مركز "تيبو"
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 21:45

بعثة أسترالية تزور مركز "تيبو"

صوت وصورة
أكاديمية المملكة تنصّب أعضاء جدد
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 18:24

أكاديمية المملكة تنصّب أعضاء جدد

صوت وصورة
احتجاج أرباب محلات لافاج
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 17:32 7

احتجاج أرباب محلات لافاج

صوت وصورة
"كتاب الضبط" يحتجون بالبيضاء
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 15:07

"كتاب الضبط" يحتجون بالبيضاء

صوت وصورة
“أش كاين” تغني للأولمبيين
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 13:52 1

“أش كاين” تغني للأولمبيين