لا تسقطوا قناة "الــرابعــة" من نقــاشــاتكــم ...

لا تسقطوا قناة "الــرابعــة" من نقــاشــاتكــم ...
الأربعاء 9 ماي 2012 - 04:23

سئل أحدهم يوما بالقناة “الرابعة” عن سر حذف برنامج كان قدد خصص لمحو الأمية.. فكان الرد أقرب إلى النكتة.. قال إن المسؤولين اكتشفوا بعد حين أن أكثر المستهدفين من البرنامج، من الأميين في الدواوير والمداشر، لا يملكون صحونا هوائية لالتقاط القناة، لذلك حذف البرنامج.. الجواب وإن كان أشبه بالطرفة، إنما عكس حالة التيهان التي كانت ولاتزال تصيب قناة “الرابعة” في هويتها.. هل هي قناة ثقافية أم تعليمية، أم شبابية أم خليط من كل ذاك؟

منذ انطلاقتها شتاء 2005 لم تستقر بوصلة “الرابعة” على هوية، وظل لقبها ب”الموضوعاتية” إسما لايشي بخط تحريري صريح يُحدد معه جمهورها المستهدف.. كما ظل المسؤولون في القناة يخرجون في كل مرة باجتهاد ما ليصيبوا الهدف.. فمرة هي قناة النخبة المتعلمة، ومرة قناة المتمدرسين وأحيانا قناة كل الشباب..ثم مرة هي للأميين وأخرى لغيرهم، حتى صارت “الرابعة” وهي الموضوعاتية، ظلما وبهتانا، قناة لا لون لها ولا حس…

إعلاميو القناة شعروا منذ وطأوا هذا الموضع من القطب العمومي، كأنما تركوا لحالهم يخبطون عشواءا في هوية بلا ملمح، ورغم تنكر المسؤولين بالقطب لهم، احتموا برصيدهم المهني واجتهدوا في ترميم صورة القناة لتكون قناة ثقافية وكفى.. الأمر تطلب سلسلة وقفات تأملية واجتماعات أفرزت في النهاية تقريرا مفصلا للهوية الجديدة وتطبيقاتها على مستوى البرامج، ورُفع التقرير إلى الإدارة العامة للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، ليظل في الرف إلى حين طلبت الوزارة الوصية في يناير الأخير موافاتها باقتراحات المهنيين بخصوص دفاتر التحملات، فتكلفت الإدارة العامة بإرسال التقرير إلى الوزارة.. في النهاية التقى اجتهاد إعلاميي “الرابعة” بما حمله دفتر التحملات الجديد من تأكيد على هوية صريحة تمتح من صراحة الإسم: “القناة الثقافية”..

الالتباس في الهوية كان نتاجا طبيعيا لظروف ولادة القناة.. الولادة كانت غير طبيعية من زواج مؤقت بين الشركة الوطنية ووزارة التربية الوطنية، سرعان ما انفكت أواصره لتصير “الرابعة” أشبه بابن للشركة غير مرغوب فيه.. في لقاء بإعلاميي القناة في مارس 2011 عبر الرئيس المدير العام للشركة الوطنية صراحة عن حالة الالتباس والتسرع التي طبعت انطلاقة القناة، بل ذهب بالقول إلى أن المسؤولين حينها كانوا يريدون منها قناة منافسة للأولى فكان جواب العرايشي حينها: اقفلوا “الأولى” إن لم ترقكم.. لكن “الأولى” لم تقفل وولدت “الرابعة” مُشوهة بدون هوية ولا إمكانات، بل فقط رقما رابعا يُرضي المقاربة الكمية للمسؤولين عن القطب …

حال “الرابعة” في هويتها وخطها التحريري لا يختلف بحال عن واقعها المادي والتقني، الهشاشة نفسها والفقر ذاته.. من حين انطلاقتها لم تملك القناة من الإمكانات إلا اللّمم.. طاقم إعلامي (صحافيون، مخرجون، موظبون وتقنيون…) لا يتجاوز الأربعين وعتاد تقني لا يكفي مُجْتمِعا لأكثر من ثلاثة برامج، فالأحرى شبكة متكاملة من إثني عشر برنامجا وأكثر.. جُل من زار “الرابعة”، فضولا أو في مهمة، كان يبحث مشدوها عن كل هذه القدرة التي يملكها هذا الطاقم الصغير لتظل “الرابعة” كل هذه السنين حية… قبل أن يقفوا عند السر المتواري خلف هذا الإنجاز.. إنها تضحيات “إعلاميي “الرابعة” على حساب زهر شبابهم، ما أينع حتى أذبله إدبار المسؤولين عن حل مشاغلهم والإنصات إليهم..

الفقر في العتاد البشري والتقني لم يظل واقع “الرابعة” فحسب، بل زاد واقعها تعقيدا ماعاناه الإعلاميون فيها من فوضى التحرير، في ظل غياب تام لأي هيكلة مهنية أو لجنة برامج أو حتى اجتماعات تحريرية دورية أو لا دورية.. حتى صار التداخل في المواضيع بين البرامج سمة العمل التحريري بسبب غياب أي تنسيق..

كان لزاما هذا الإيضاح لواقع ما انفك يتفاقم بقناة ظلت لسنوات تائهة في الفضاء.. فقد آن الأوان لتستقر “الرابعة” أو “الثقافية” على واقع صلد لا تكابد فيه ضبابية الهوية ولا ندرة الإمكانات، واقع يقطع البتة مع ظروف الانطلاق ومغص الولادة.. وفي غمرة النقاش حول دفاتر تحملات القنوات نهمس في أذن المسؤولين عن القطب والوزارة الوصية: لا تسقطوا “الرابعة” من نقاشاتكم…

*صحافي بالقناة الرابعة

‫تعليقات الزوار

8
  • سالم الدين
    الأربعاء 9 ماي 2012 - 09:03

    جميل صديقي الكاتب هذا التحليل الذي قدمته بخصوص هذه القناة، فقط أشير إلى أن هذا لامشكل ليس حصريا على هذه القناة بل العلاقة غير الشرعية أنجبت حتى دوزيم، كيف يعقل أن قناة لا تستطيع نقا حتى أخبار عتباتها، فكيف بها أن تهتم بهويتها، أما الرابعة فحتى برامجها التعليمية لا ترقى إلى مستوى التعليم في المغرب فحتى الأساتذة الذي أظن يتم اقتناؤهم لا يتقنون حنى نقط الحروف فكيف أن يقدموا إضافات إلى المتتبع.

  • naoufal
    الأربعاء 9 ماي 2012 - 10:45

    on sait meme pas si ca existe, c la 1ere fois fois que j''entende le nom de cette chaine

  • الملاحظ
    الأربعاء 9 ماي 2012 - 10:48

    شخصيا أننا من متتبعي القناة أحيانا وأجد فيها بعض الراحة من صخب الشطيح والرديح ديال دوزيم والأولى لكن مازال خاصها العناية كثر بالتوفيق ان شاء الله

  • jalil
    الأربعاء 9 ماي 2012 - 10:53

    مقال جميل وإن كانت القناة ليست جميلة فهي تعيدنا ببرامجها الوثائقية سنين إلى الوراء

  • yousef
    الأربعاء 9 ماي 2012 - 12:03

    كنت انتظر منذ مدة مثل هذا الرأي على الأقل نسمع عبره صوت المهنيين من داخل القطب العمومي لا أن يكون الجدل حول دفاتر التحملات من خارج دائرة الإعلاميين فقط

  • Sawt Cha3b
    الأربعاء 9 ماي 2012 - 21:34

    Bravo pour cet article qui nous donne l'opinion propre des professionnels. J'aimerais dire à Monsieur Younes que la lutte continue quoiqu'il en soit et qu'il faut tenir le coup pour une television libre, effective, "culturellement" proche des citoyens et de leurs besoins pour pouvoir un peu sauvegarder notre identité marocaine.
    Bon courage et puis je vous suivrai …..

  • dukali
    الجمعة 11 ماي 2012 - 00:50

    غياب تام لأي هيكلة مهنية أو لجنة برامج أو حتى اجتماعات تحريرية دورية أو لا دورية.. كأن القناة عقيمة ليس فيها كفاءات لتحمل المسؤولية…وبااااااز

  • kamal
    السبت 12 ماي 2012 - 00:49

    اخيرا نسمع صوتا من داخل SNRT …. اتمنى لكم التوفيق اسي يونس

صوت وصورة
أجانب يتابعون التراويح بمراكش
الخميس 28 مارس 2024 - 00:30 1

أجانب يتابعون التراويح بمراكش

صوت وصورة
خارجون عن القانون | الفقر والقتل
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:30

خارجون عن القانون | الفقر والقتل

صوت وصورة
مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:00

مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية

صوت وصورة
ريمونتادا | رضى بنيس
الأربعاء 27 مارس 2024 - 22:45 1

ريمونتادا | رضى بنيس

صوت وصورة
الحومة | بشرى أهريش
الأربعاء 27 مارس 2024 - 21:30

الحومة | بشرى أهريش

صوت وصورة
احتجاج أساتذة موقوفين
الأربعاء 27 مارس 2024 - 20:30 5

احتجاج أساتذة موقوفين