لماذا لم تتم الاستجابة لمطالب التعديل الدستوري؟

لماذا لم تتم الاستجابة لمطالب التعديل الدستوري؟
الإثنين 25 يناير 2010 - 09:23

لماذا دعاة التعديل الدستوري دعوتهم بقيت بدون استجابة؟ الجواب بسيط و يمكن العثور عليه بين ثنايا البرامج الإصلاحية المطبقة منذ مدة إلى حدود اليوم. من بين هذه البرامج، البرنامج ألاستعجالي للتربية و التكوين 2009/2012 هذا البرنامج وضع كحد زمني أقصى لنهاية برامجه 2012

المشروع السابع عشر من نفس البرنامج يحدد الخطوط العريضة للتدبير الجهوي للموارد البشرية المشتغلة في قطاع التربية و التكوين. هذا المشروع من البرنامج الاستعجالي استند في تدعيم اختياراته على الميثاق الوطني للتربية و التكوين خصوصا البنود144 و 145 التي تحدد اللاتمركز كسياسة شمولية للدولة. بالإضافة إلى هذه البنود التي تحدد السياسة الشمولية للدولة، البند 146 جعل من الأكاديميات سلطة جهوية للتربية و التكوين لتدبير الموارد البشرية على مستوى التوظيف، التكوين و التقويم الجهوي أما البرنامج الاستعجالي فطموحه في إطار المشروع السابع عشر هو تمتيع الأكاديميات باستقلالية مالية تامة تضطلع بمهام تدبير الوضعيات الإدارية و المالية للموظفين على المستوى الجهوي و قد حددت ثلاث سنوات لتحقيق هذه الغاية.

هذه البرمجة الإصلاحية التي تخص المجال التربوي سوف لن تتحقق إلا سنة 2015 مما يعني أن مشروع الجهوية المتقدمة سوف لن يكتمل إلا باكتمال تحقيق أحد هياكله المهمة على المستوى الجهوي الذي هو قطاع التربية و التكوين.

للتوفر على نظرة شمولية حول هذا الموضوع يمكن التنقيب في البرامج الإصلاحية المسطرة لمعرفة الآجال المرسومة لها في باقي القطاعات الحكومية الأخرى من اجل انجاز البرامج الإصلاحية التي ستحقق المؤسسات الحكومية المضطلعة بمهام الجهوية الموسعة على مستوى تدبير الموارد البشرية ماليا و إداريا.

أعتقد أن زمن الجهوية الموسعة لا زال يحتاج إلى قليل من السنوات لكي يتحقق على أرض الواقع؛ و مشروع هذه الجهوية الموسعة المتحدث عنها الذي هو في إطار الصياغة كمشروع من طرف اللجنة المعينة لهذه الغاية بالضرورة سيحيل بداخل ديباجته إلى مثل هذه المشاكل و العراقيل.

دعاة التعديل الدستوري متعددي المنطلقات، هنالك من يربط التعديل الدستوري بمشروع الجهوية الموسعة و يدعوا إلى التنصيص على حدودها في الدستور و هنالك من يربط التعديل الدستوري باختصاصات الفصل التاسع عشر من الدستور المغربي و حتى هؤلاء سيصطدمون بحقيقة وجود بنود السيادة في جميع الدساتير لأنه ليس هنالك دستور واحد في جميع أنحاء المعمور لا يتوفر احد فصوله أو بنوده على الاختصاصات السيادية من مثل الاختصاصات التي ينطوي عليها الفصل 19 من دستور المملكة المغربية أو الاختصاصات التي ينطوي عليها الفصل الثاني من الدستور الفرنسي أ و حتى الاختصاصات التي ينطوي عليها أحد بنود ميثاق الأمم المتحدة الذي يبدأ ديباجته بـ”نحن الشعوب”. حتى هذا الميثاق الأممي لا يخلو من مثل هذه البنود السيادية. المادة الخامسة و العشرون من الفصل الخامس تقول:” يتعهد أعضاء “الأمم المتحدة” بقبول قرارات مجلس الأمن وتنفيذها وفق هذا الميثاق“

لهذه الأسباب فالمطالبة بتعديل الفصل 19 من الدستور المغربي من طرف بعض القوى السياسية الممثلة في البرلمان، هذه المطالب، هي فقط من باب المطالبة بالمناصب الوزارية ليس إلا.

الفصل الثاني من الدستور الفرنسي (من البند الخامس إلى البند التاسع عشر) يحدد لرئيس الجمهورية الفرنسية اختصاصات ربما تتجاوز الاختصاصات المتضمنة في الفصل 19 من الدستور المغربي.

بموجب الفصل الثاني من الدستور الفرنسي ينفرد رئيس الجمهورية الفرنسية بالاختصاصات التالية:

  • البند الخامس: هو ضامن الوحدة الترابية للبلاد وضامن احترام المعاهدات
  • البند الثامن: رئيس الجمهورية يعين الوزير الأول و يقوم بإقالته بعد أن يقوم الوزير الأول نفسه بتقديم استقالة وزراء حكومته..
  • باقتراح من الوزير الأول يقوم بتسمية باقي أعضاء الحكومة كما يقوم كذلك بإقالتهم
  • البند التاسع: يرأس رئيس الجمهورية مجلس الوزراء
  • البند الثاني عشر: يقوم رئيس الجمهورية بعد استشارة الوزير الأول و استشارة رؤساء الغرفتين البرلمانيتين بحل المجلس الوطني الفرنسي أي البرلمان
  • البند الثالث عشر: يعين رئيس الجمهورية الأشخاص في الوظائف المدنية و العسكرية للدولة.
  • يتم التعيين في الوظائف التالية بمجلس الوزراء. يتم تعيين: مستشاري الدولة، كبير موظفي القصر الجمهوري، السفراء و المبعوثين الخاصين، المستشارين القضاة لدى محكمة الحسابات، الولاة، ممثلي الدولة في مناطق ما وراء البحار، عمداء الأكاديميات، مدراء الإدارات المركزية
  • البند الخامس عشر: رئيس الجمهورية الفرنسية هو القائد الأعلى للقوات المسلحة يرأس المجالس و اللجان العليا للدفاع الوطني
  • في حالة الاستثناء هو من يقود البلاد بعد استشارة الوزير الأول و رؤساء الغرف البرلمانية و المجلس الدستوري
  • البند السابع عشر : لرئيس الجمهورية حق العفو على المعتقلين
  • البند الثامن عشر: تتم قراءة رسائل الرئيس بداخل غرفتي البرلمان بدون أن يتبعهما أي نقاش. كما يمكنه أن يأخذ الكلمة بداخل الغرفتين تتبعها مناقشة و لكن بدون إخضاع كلمته للتصويت..”

إذن بنود السيادة و الصلاحيات المخولة لهذه السيادة ليست خصوصية مغربية محضة أو استثناءا مغربيا خاصا حتى يتم التركيز عليها في المطالب التعديلية و يمكن القيام بجولة حول الدساتير لاكتشاف أن كل دستور إلا و ينطوي على بنود سيادية. و رغم هذه الحقيقة ففي كل البلدان هناك من يطالب بالتقليص من هذه الصلاحيات، و لكنهم غير ممثلين بداخل البرلمان كقوى سياسية رئيسية كما هو في المغرب.

في فرنسا و منذ المصادقة على دستور الجمهورية الفرنسية الخامسة سنة 1958كان و لازال هناك من يدعو إلى التقليص من صلاحيات الرئيس لكن هذه الدعوات أصبحت حاليا متجاوزة بسبب مفعول التشريعات الأوروبية فهذه الأخيرة أصبحت قوانينها تمثل 70% من قوانين الدولة الوطنية الفرنسية ، بالإضافة إلى هذا الاجتياح التشريعي الأوروبي هنالك حقيقة أخرى و هي أن السلطات المحلية و الجهوية بداخل الدولة الفرنسية و بداخل الاتحاد الأوروبي تتمتع بسلطات واسعة و حقيقية و بالتالي فان بنود السيادة هي لحالات الاستثناء فقط. لهذه الأسباب و غيرها، فحتى التشريعات الوطنية المغربية هي بصدد الملائمة مع مجموعة من التشريعات الدولية التي أصبحت تفرض نفسها، هكذا بدلا من التركيز على الفصل التاسع عشر من الدستور الذي في الظرف الراهن هذا التركيز هو بدون جدوى، من الأفضل التركيز على عملية ملائمة التشريعات الوطنية مع التشريعات الدولية المدرة للمنافع.

‫تعليقات الزوار

1
  • دادا
    الإثنين 25 يناير 2010 - 09:25

    اسباب عدم تعديل الدستور او فتح حتي النقاش حوله يهدد الدولة وتتخوف منه وخاصة ان اغلبية المواطنين لا يصوتون 80في المئة حيت في الاستشارات السابقة المتعلقة بالتعديلات الدستورية كانت نسبة المشاركة 99في المئة سواء كانت صحيحة اولا لايهم المهم ان الدولة استفثات الشعب واليوم العزوف والوعي الدي وصل اليه المواطن المغربي هو الدي جعل تاخير هدا التعديل وخاصة بعد اكتساح العدل والاحسان وغيرها من التنظيمات الاسلامية جميع البيوت من ضمنها الراسمالية التي كانت العماد الفقري للدولة بل اكثر من دلك حتي اعوان وموظفي واطر الدولة اغلبيتهم يتعاطفون مع هده الجماعات بشكل غير علني

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30 1

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 2

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 3

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 11

تقنين التنقل بالتطبيقات

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02 6

وزير النقل وامتحان السياقة