معركة التحرير ... لتحقيق الاستقلال الثاني

معركة التحرير ... لتحقيق الاستقلال الثاني
الجمعة 20 يونيو 2014 - 22:37

ما يعيشه المغرب منذ فبراير من سنة 2011 ليس أمرا سهلا على الإطلاق، ولا يمكن وصفه بأي حال على أنه مجرد تفاعل طبيعي مع مسار دخلته المنطقة وربما العالم بأسره، ذلك أن التحولات التي يشهدها والمعبّر عنها بالدينامية التي يعرفها المشهد السياسي بالخصوص على اعتبار أنه الحامل لكل التحولات، تشير أن شيئا عميقا يحدث يمس الحاضر والمستقبل.

فترة الحراك المنسوب تأريخاً لشهر فبراير 2011، كان ايذانا بانطلاق هذه التحولات، وكان لحظة اليقظة الأولى التي يبدو أن المغرب بدأ يستفيق منها في اتجاه الصحوة الكلية ليتلمس طريقة تحت الأضواء، بعد أن اصطدم بحواجز كثيرة بفعل “صدمة” اليقظة.

لحظة اليقظة كانت جَرسا رنّ بقوة في أذن المغاربة وعدد من نخبهم، جعلهم ينظرون إلى الخلف بتأمل، وينظرون إلى ما حولهم بتدبّر، ويستشرفون المستقبل بأمل في استعادة المغرب الأول واسترداده من المستعمِر الجديد الذي لم يكن جيشا ولا دولة أجنبية، وإنما كان ثقافة سائدة ومنهجا في الحكم ولوبيات مُتسلّطة لم تأخذ عن الاستعمار إلا حرفة نهب ثروات البلاد والتحكم في العباد.

وقد لا يكون من المبالغة وصف ما يعيشه المغرب هذه المرحلة، بمعركة تحرير جديدة في أفق تحقيق الاستقلال الثاني، تحرير من ثقافة تربى عليها المجتمع أفسدت قيما ونشرت سلوكات تنتصر للقوي والغني مهما كان مصدر قوته وغناه، وثقافة جعلت المجتمع في خدمة الدولة عوض العكس، وأهملت المستقبل لصالح الحاضر، وميّزت بين المواطنين بناء على معايير غير مُنصِفة، فانتشر الظلم بمختلف أنواعه حتى جعلت الناس يحسون أن الظلم أصبح مقننا في وطنهم.

إنها فعلا معركة تحرير لا تختلف كثيرا عن تحرير تراب الوطن، إلا بكونها تسعى إلى تحرير عقول المغاربة من أوهام ترسخت لديهم، وتحرير الإدارة من عقلية جامدة تتحرك في اتجاه واحد فقط، وتحرير إعلام ناطق بغير هويتهم، وتحرير اقتصاد أنهكه الريع….

هذه الثقافة التي سادت بين المواطنين، أفقدت الكثرين منهم الثقة في بلدهم، وأحبطت آخرين، رغم الجهود التي بُذلت لايقاف انتشارها واكتساحها، لكنها في المقابل كانت حافزا لعدد آخر من المغاربة من أجل كشفها وتعريتها أمام الجميع والتدافع مع من يريدون استدامتها، والترافع من أجل استبدالها بثقافة أخرى يُعبّر عنها اليوم بـ”الإصلاحات الكبرى”، التي تتجه نحو المنبع لتفكيك ما بُني على باطل وإعادة تركيبه وِفق ثقافة جديدة تجعل من تاريخ المغرب بوصلة ومن الديمقراطية منهحا، وسيكون من الإجحاف نسبتها لحزب العدالة والتنمية فقط أو للحكومة فقط، بل يلعب فيها الملك أيضا دورا رئيسيا تجلى جزء منه في خطاب 9 مارس 2011 وأشّرت عليه أحداث أخرى من بينها زياراته إلى دول افريقية كان آخرها زيارة تونس.

إننا ازاء “لعب كبير” يفهمه الراسخون في علم السياسة وتدبير الأوطان وقيادة الشعوب، لذلك يحاولون ايقاف الزحف، وتغيير اتجاه المعركة، لحسابات فيها معطيات الداخل والخارج، معطيات الداخل تتعلق بالصراع حول السلطة، ومعطيات الخارج تتعلق بالتبعية وربح مواقع النفوذ.

معركة التحرير هاته سيكون من نتائجها إذا ما استوعبتها النخب الصادقة وانخرطت فيها، تحقيق الاستقلال الثاني، استقلال عن الماضي القريب وما علِق بالمغرب بسببه من شوائب لم تسلم منها كل القطاعات وكل المجالات، استقلال عن الآخر الغريب عن بيئتنا، مع إبقاء مساحة التفاعل معه بما يخدم الوطن أولا.

ولا شك أن تحقيق الاستقلال الثاني سيحتاج إلى تضحيات كبيرة، من خلال تحمل ضريبته لأنه سيكون فعلاً في التاريخ، لن يمر ببساطة، وسيجلب المتاعب لكل مؤمن به ولكل عامل من أجله، ولذلك تظهر بين الحين والآخر أزمة هنا وهناك، وتحرش من هذه الجهة أو تلك، لعل أقربها تحرش فرنسا المتواصل.

‫تعليقات الزوار

4
  • bouddiouan
    السبت 21 يونيو 2014 - 00:27

    هانت دويتي! أنا شخصيا لم أرى الدولة المغربية تقف ندا لفرنسا كما تقف اليوم، ويبدو ان مضايقات فربسا للمغرب لن تتوقف كما آمل ألا تتوقف مبادرات الاستقلال الثاني كما يصفها سي حسن .

  • samir
    السبت 21 يونيو 2014 - 15:34

    الاستقلال الثاني قد تحققه أيها الكاتب عندما تخرج راسك قليلا من عمق الشرنقة التي تغط فيها أنت ومريدوا الحزب فأنتم تتصورون أنفسكم في معارك دونكيشوطية وتسندون إلى أنفسكم ادوار البطولة في معارك وهمية لا تدور إلا في خيالكم ، أنهكتم البلاد والعباد بالشعارات والآمال والأحلام لتنزلوا عليه بعصا الزيادات والتراجعات والمنع والقمع وبدلك لم تحرروا شيئا وإنما تقدمون خدمة لعودة ثانية لحزب الاستقلال لتسلم دواليب الحكم

  • Lamia Benchellal Madrid
    السبت 21 يونيو 2014 - 16:42

    Tamarod a la marocaine signifie que l appareil qui entoure le gay prédateur sera de nouveau élu sans élections donc c es pas la peine de parler révolution marocaine tant que vous n êtes pas capable de définir que la révolution a la république marocaine connu sous le nom 20 février est capable de résoudre les mensonges de l état concernait les élections présidentielles au Maroc, on inventant des termes tel bay3a et soumission a la force d' une famille très fortunés sous le dos un peuple pauvre, Lamia Benchellal artiste peintre Madrid

  • Mustapha Azayi
    الأحد 22 يونيو 2014 - 22:12

    This so called معركة التحرير is past what we need now is معركة الحريرة. Ramadan is on the doors.

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 3

تقنين التنقل بالتطبيقات

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02 5

وزير النقل وامتحان السياقة

صوت وصورة
صحتك النفسانية | الزواج
الخميس 28 مارس 2024 - 16:00 3

صحتك النفسانية | الزواج

صوت وصورة
نقابة الممرضين تعتصم بالبيضاء
الخميس 28 مارس 2024 - 15:40 1

نقابة الممرضين تعتصم بالبيضاء

صوت وصورة
ما لم يحك | البصري وتبذير الأموال
الخميس 28 مارس 2024 - 15:00 3

ما لم يحك | البصري وتبذير الأموال