نظام المقايسة ..هل هي مغامرة سياسية

نظام المقايسة ..هل هي مغامرة سياسية
الأربعاء 18 شتنبر 2013 - 14:06

اشتغلت الحكومات السابقة في ظروف اقتصادية محلية ودولية عادية، وبالرغم من ذلك كانت تواجه صعوبات مالية جمة باتخاذ قرارات سهلة ذات تأثير سلبي جدا على الأجيال المقبلة، حتى لا تؤثر على شعبيتها، ومن ذلك:

1- اللجوء إلى الاستدانة من الداخل، ومن ثم منافسة الفاعليين الاقتصاديين المحليين على السيولة الموجودة بالبنوك.

2- الاستدانة من الخارج بشكل مفرط، ومن ثم رهن الأجيال المقبلة بديون طويلة الأجل، مرفوقة بفوائد عالية ، ومخاطر تقلبات أسعار الصرف بالأسواق الدولية.

3- والأخطر اللجوء المفرط لآلية الخوصصة، لا من أجل ضخ عائدات بيع المؤسسات العمومية، (وقد بيعت مؤسسات مربحة جدا؛ اتصالات المغرب مثلا ) في بند الاستثمارات بل من أجل مواجهة عجز الموازنة.

والحقيقة أن هذه الإجراءات لا تظهر للوهلة الأولى أنها تمس جيب المواطن، ومن ثم تجنب الأحزاب المغامرة بشعبيتها، لكنها بكل تأكيد هي التي أوصلتنا للوضعية المالية الحرجة التي دخلت عليها حكومة بنكيران التي امتلكت الجرأة لاتخاذ قرارات، وإن كانت تظهر أنها لاشعبوية في الوقت الحالي – وقد تشكل مغامرة سياسية لحزب العدالة والتنمية – لكنها قطعا تشكل خطوة غير مسبوقة لتصحيح وضعية ظلت أحزاب وحكومات أخرى عاجزة عن اتخاذها.

* القرار الأصعب

بنكيران كان بوسعه أن يلجأ للخيارات الثلاث آنفة الذكر، ويجنب نفسه وحزبه رهانا محفوفا بالمخاطر، وكان له أكثر من مبرر واقعي للجوء لمثل هذه الإجراءات في ظل ظروف اقتصادية متأزمة محليا ودوليا. كان بوسعه القيام بذلك، لكنه اتخذ القرار الأصعب بالبدأ في تفكيك صندوق المقاصة لـ :

أولا: لتخفيف العبء على موازنة البلاد ( 54 مليار درهم دعم مباشر، لا يستفيد منه المواطن العادي سوى بحدود 20% فقط ، بينما 80 بالمائة الأخرى تذهب لغير مستحقيها)،

ثانيا: التمكن من توجيه هذه المليارات إلى دعم الاقتصاد المحلي من جهة ، وتحسين جودة الخدمات الصحية والتعليمية، و توفير فرص عمل جديدة

وثالثا: تحرير السوق نهائيا أمام أكثر من فاعل ومنافس وشركة، وهو ما قد يؤدي إلى خفض الأسعار، كما حصل مع قطاع الاتصالات على سبيل المثال، بشرط أن تتحمل الحكومة وأجهزتها مسؤولية ضبط هذه السوق، وتوفير بيئة منافسة حقيقية ترفع من مستويات جودة السلع والخدمات وتخفض من الأسعار.

هناك أكثر من جهة حزبية وغير حزبية تزعجها جرأة حكومة بنكيران، لأن هناك أكثر من مؤشر على قدرة هذه الحكومة على النجاح في مغامرتها هذه، لا أقل من أنها قد استبعدت الرهانات السياسية الضيقية ، وحاولت النظر إلى الموضوع من زاوية استراتيجية تستحضر مصلحة الوطن قبل كل شيء.

بالمجمل حكومة بنكيران تستحضر – وهي تحاول إعادة التوازن إلى المالية العامة- برنامج التقويم الهيكلي الذي أدخل البلاد في نفق مسدود.. وتداعيات الأزمة المالية العالمية على دول كانت حتى عهد قريب بمثابة حلم للمغاربة للعمل فيها، وهي الآن تئن تحت وطأة الفقر والبطالة، إسبانيا البرتغال وإيطاليا على سبيل المثال.

* مندوبية التخطيط

بالاتجاه ذاته نقلت وسائل الإعلام عن المندوبية السامية للتخطيط أن رفع أسعار المحروقات قد يرفع الأسعار، ومن ثم التأثير على الطلب المحلي ومعدل النمو العام للاقتصاد، وهي احتمالات لا يمكن نفيها من الناحية الاقتصادية ، لكن الحكومة التزمت باتخاذ كافة الإجراءات لعدم حصول أية ارتفاعات.

بالمقابل تحدثت المندوبية السامية للتخطيط عن أن تفعيل نظام المقايسة ( وتفكيك صندوق المقاصة) سيحسن رصيد الميزانية والرصيد التجاري، وهما مؤشران سيبعثان برسائل طمأنة للمستثمرين الأجانب والمؤسسات المالية ومؤسسات التصنيف الائتماني، بما يعني جذب مزيد من رؤوس الأموال الخارجية، وتحسين التصنيف الائتماني للمغرب الذي يرفع قدرته على الولوج لأسواق الدين العالمية بأقل تكلفة، وكل هذا يتيح فرصا أكبر لتحفيز الاقتصاد المحلي وتوفير فرص عمل جديدة، وهذا هو الأهم في مثل هذه القرارات، وفي مثل هذه الظروف.

• صحفي من الدوحة

‫تعليقات الزوار

2
  • eljid abdellah
    الأربعاء 18 شتنبر 2013 - 16:52

    ما يقوم به بنكيران مغامرة كبيرة لكنها في مصلحة الوطن و المواطنين على المدى المتوسط و البعيد لكن
    المشكل في جيوب المقاومة : اعداء النجاح و اصحاب المصلحة الشخصية الذين يروجون لاشاعات كاذبة للحيلولة دون نجاح هذه الحكومة لكن(وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ)
    اتمنى ان يتفهم المغاربة حقيقة مايقع
    و اكيد ستوفق هذه الحكومة رغم انف الحاقدين ان شاء الله
    الجيد

  • Mohammed-Amine
    الأربعاء 18 شتنبر 2013 - 17:07

    بدون الدخول في الغوغائية و النقاش العميق حول ميول الكاتب السياسي او توجهاته، الا ان المقال يستخف بعقلية المغاربة و هو مقال يدغدغ المشاعر كي لا تفهمه العقول… فيما يتعلق بنظام المقايسة فلا يختلف احد في ضرورة اعتماده للاسباب المعروفة… لكن ليس في هاته الظرفية التي يمر بها البلد لان تفتيت صندوق المقاصة يعني انتفاء الاسباب التي احدث لاجلها، و هي امتصاص و اتقاء الغضب والاحتقان الاجتماعي و هذا غير متوفر بل العكس هو الاصح.
    اما من حيث الشجاعة فهو ما يعوز هاته "الشبه حكومة " لانها لا تواجه من هم احق بالمواجهة بل تحابيهم و في المقابل تثقل كاهل المواطن " الحيط القصير"، لان الشجاعة كانت تقتضي الخفض من ميزانية التسيير و فرض ضرائب تضامنية، و الغاء الدعم بالنسبة للشركات فمثلا هل شركة كوكاكولا محتاجة لدعم السكر؟ ام ان بواخر الصيد في اعالي البحار محتاجة للدعم؟ ام ان المواطن وحده من يجب ان يؤدي من لحمه الحي ثمن ما يمتلكه الاخرون من دعم؟

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30 1

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 2

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 3

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 11

تقنين التنقل بالتطبيقات

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02 6

وزير النقل وامتحان السياقة