نقابيو الإعلام وحركة 20 فبراير: أية علاقة؟

نقابيو الإعلام وحركة 20 فبراير: أية علاقة؟
الخميس 31 مارس 2011 - 15:24

في كل مدينة وقفة..


في كل شارع وقفة..


في كل زقاق وقفة..


وفي كل جمعة وقفة..


صحيح أن هناك وقفات جادة وذات مطالب محددة، ولكن الكثير منها تحول إلى مجرد “موضة”، ويصدق عليها قول الشاعر:


“كلٌّ يدّعي وَصْلا بليلى… وليلى لا تُـقرّ لهم بذاكَ”


هذا الوصف ينطبق بقوة على المشهد الإعلامي المغربي، الذي خرج ـ في الآونة الأخيرة ـ بنكتة مضحكة جديدة، لا تتعلق بشبكة البرامج هذه المرة، ولكن ببعض مكاتبه النقابية القطاعية ـ في القناتين الأولى والثانية ـ التي ارتأت، بدورها، الركوب على “حركة 20 فبراير”، في مشهد أقل ما يمكن القول عنه إنه مثير للضجر والضحك في نفس الآن. فأين كان مكتب نقابة مستخدمي “دوزيم” طيلة فترة المدير العام الحالي، قبل انطلاق شرارة الحراك الشبابي المبارك الذي يعرفه المغرب حاليا؟ ففي الوقت الذي أغرقتنا هذه القناة ببرامج الترفيه والتسلية والمسلسلات المكسيكية والتركية وسهرات العلب الليلية، كان المكتب المشار إليه في “دار غفلون” أو ربما في دار أخرى لا يعرفها إلا هو… جعلت مسؤوله الأول صرح لأسبوعية “المشعل” قائلا: “دوزيم.. فرصة جميلة للمغاربة” !!؟، وجاء هذا التصريح مباشرة بعد اجتماع وصف بـ”التاريخي والإيجابي” مع إدارة سليم الشيخ، وبشر فيه النقابيون زملاءهم بزيادة مرتقبة، اعتبرتها بعض الصحف “مجرد ذر للرماد في العيون”.


وطيلة هذا المسار في العلاقة “الغرامية” مع الإدارة العامة، كان قياديو المكتب النقابي يتجاهلون محتوى شبكة البرامج “الدوزيمية” وتهميش الكفاءات الحقيقية في القناة، والاعتماد المشبوه على شركات للإنتاج بعينها دون غيرها… إلى أن حاولوا الإيهام بالانخراط في المطالبة بالإصلاحات، بعد أن بادرت بعض الهيئات المدنية والحقوقية والثقافية إلى التنديد بالمرتبة المتدنية التي وصلت إليها القناة الثانية، عقب تضاعف فورة احتجاجات الشارع المغربي.


والمثير للشفقة أنه، عوض أن تعمل المكاتب النقابية الموجودة في الإعلام السمعي البصري العمومي على انتزاع مكاسب اجتماعية ومادية هامة للعاملين في القطاع والنضال من أجل توفير ظروف ملائمة وجيدة للممارسة الإعلامية، نلاحظ أنها حشرت أنفها في قضايا أكبر منها، تعدّ من اختصاص هيئات وطنية، سياسية ونقابية وحقوقية وثقافية؛ والحال أن تلك المكاتب هي تنظيمات قطاعية تمثل عاملين معظمهم تقنيون وإداريون، حيث يلاحظ في وقفاتها المتكررة كل جمعة، غياب شبه التام للصحافيين المعنيين بالأساس بقضايا الخط التحريري ودمقرطة المرفق العمومي وطبيعة المحتوى المقدم ومدى استجابته لدفتر التحملات الذي يربط المؤسسات الإعلامية العمومية بالدولة.


“وشهد شاهد من أهلها” حينما تبرأ صحافي كان يتعاطف مع المكتب النقابي العمالي في “دوزيم” من الأسلوب الذي تبناه المكتب في الآونة الأخيرة، حيث وصفه ـ في رسالة مفتوحة موجهة إلى الرأي العام الإعلامي ـ بأنه يبتعد عن الأهداف المطلوبة من هيئة نقابية قطاعية، ويحاول الركوب على مطالب الشارع المغربي، خدمة لأجندة أحزاب سياسية يوجد بعض أعضائها في هذا المكتب.


وقد ابتدعت تلك المكاتب النقابية أسلوبا غريبا وغير معهود في العمل النضالي، نبه إليه الصحافي الملمح إليه آنفا، يتمثل في ما يلي: “أنظم وقفة احتجاجية أطالب فيها برحيل العرايشي ـ مثلا ـ. ومباشرة بعد الوقفة أستجدي لقاء معه من أجل الحوار”. يا لغرابة الموقف! فمن يريد الحوار فعلا.. لا ينظم وقفة اعتباطية، يركز فيها على الأشخاص، دون أن يتقدم باقتراحات موضوعية وملموسة لتطوير أداء المرفق الإعلامي العمومي، مع العلم أن الأخبار التي تتداولها الصحف هذه الأيام تفيد أن رئيس القطب العمومي بادر إلى عقد سلسلة اجتماعات وجلسات حوار مع المهنيين وكذا ممثلي النقابات والهيئات الثقافية والإعلامية الفاعلة؛ مما يجعل ـ برأي بعض المتتبعين ـ أن مسألة الوقفات أمام القناتين الأولى والثانية فعلا متجاوزا في هذه المرحلة.


من يريد الإصلاح والنضال حقا، فليبحث عن بعض الملفات المسكوت عنها داخل القناة الثانية، فماذا يقول مكتب نقابة المستخدمين عن ملف الموظفين الأشباح في هذه المؤسسة التي يعرف عنه أعضاء هذا المكتب الشيء الكثير دون النبس ببنت شفة في الموضوع؟ ماذا يقول هؤلاء عن مثال صارخ للأشباح الدوزيمية، وهو ابن قيادي بارز في حزب “تقدمي” مشارك في الحكومة، يعرفه الجميع بحمله صفة صحافي، دون القيام بأي عمل صحفي ملموس داخل القناة أو حتى تكليف نفسه عناء الحضور، من شهر لآخر أو حتى من سنة لأخرى، لارتشاف فنجان قهوة بالبناية الزجاجية لعين السبع.


ماذا يقول هذا المكتب عن أحد أعضائه الذي أهان زملاءه ببوابة الحزب الاشتراكي الموحد في الدار البيضاء، وحرّض مجموعة من شباب 20 فبراير الأبيّ ضدهم ناعتا إياهم بأنهم يمثلون التلفزيون المخزني؟ محاولا استغلال الحركة الشبابية المغربية الميمونة، أولا لتلميع صورته خارجيا، وثانيا للتغطية على وضعه المهني الهش داخليا، والحري به ـ إذا كان صادقا فيما يقول ومؤمنا به ـ أن يقدم استقالته من هذه المؤسسة التي وصفها بالمخزنية، وأن يرفض استلام الأجر الشهري الكبير الذي لا تحلم بربعه فئات عديدة من الشباب المعطل حاملي الشهادات العليا، ممن تنزل عليهم هراوات المخزن أمام البرلمان!


إن النقابات والأحزاب والهيئات السياسية والحقوقية والثقافية الجادة وحتى التنظيمات القطاعية الصغرى ـ إذا بقيت فيها ذرة من الوطنية ـ مطالبة اليوم بتطهير بيتها الداخلي من كل الوصوليين الذين يريدون الركوب على الحراك الشبابي والمجتمعي الموجود حاليا، وتطهير نفسها من كل الذين يعتبرون هذه الهيئات مطية لتكريس ثقافة الريع السياسي والاقتصادي والإعلامي خدمة لمصالحهم ونزواتهم الشخصية. فالأجدر بها، وبنا نحن كمغاربة، أن نكون في مستوى مرحلة ما بعد التعديل الدستوري الموعود، لأن المشكلة الكبرى التي ستُعيق تفعيل مقتضيات التغيير تكمن في مدى قدرة الهيئات الوطنية الكبرى بمختلف أطيافها، على التخلي عن منطقها الانتهازي القديم بالكف عن التعامل مع قضايانا اليومية والمصيرية بأسلوب يغلب المصلحة الشخصية على الصالح العام لأبناء هذا الوطن من المقهورين والمهمشين والباحثين عن العيش الكريم.


وصدق الله العظيم إذ قال: “إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم”.


*فاعل جمعوي وناقد إعلامي

‫تعليقات الزوار

8
  • محمد الورداني
    الخميس 31 مارس 2011 - 15:38

    انا شخصيا لم أعد أثق في الاحزاب والنقابات، فأغلبهم ان لم اقل كلهم يجرون فقط وراء مصالحهم الشخصية التي تضرب عرض الحائط هموم وانشغالات الشباب المغربي، وما ورد في المقال دليل واضح على فساد العمل السياسي والنقابي ببلادنا. يا للمهزلة، ابن قيادي حزبي يبتلع اموال دافعي الضرائب بدون وجه حق. تمنيت لو ذكر صاحب المقال اسمه، أو بالاحرى لماذا لم تتول هذه المهمة النقابات داخل دوزيم حتى تبدي حسن نيتها في التعامل مع ملفات الفساد في هذه القناة الغريبة عن المغرب والمغاربة

  • jamila
    الخميس 31 مارس 2011 - 15:30

    2m et son syndicat sont semblables, ils ont participé à détruire la qualité des produits audiovisuels au Maroc.
    Je ne peux pas confié à ces syndicalistes incompétents qui ne s’intéressent qu’à leur intérêt personnel et à l augmentation de salaire.

  • كريم السليماني شاب من 20 فبراي
    الخميس 31 مارس 2011 - 15:36

    ثلاث سنوات وإدارة دوزيم تلوث مسامع وابصار المواطنين المغاربة ببرامج كورسا وكورسا لايف وسهرات الهزي وز، ونقابة دوزيم غائبة،، بالله عليكم اين كانت؟ ام تريد ان تركب مثلها مثل بعض الاحزاب السياسية الفاشلة على ما حققه وسيحققه شباب حركة 20 فبراير. حركتنا براء منكم ايها المتواطئون.

  • نهاد
    الخميس 31 مارس 2011 - 15:40

    تتطاولون علي كل شيء بالنسبة للائعلام لايوجد اي اعلام حر انظرو ما ذا فعلت الصحافة الاسبانية في حق الدولة المغربية وكذا قناة الجزيرة التي تدعي الحياد والدمقراطية انظرو ما ذا فعلت بمغربنا الحبيب عند تغطيتها اميناتو حيدر الخائنة ومصطفئ سلمئ البطل انظرو كيف تتعامل مع الاحداث في ليبيا واليمن اتقو الله في اخوانكم

  • لمياء
    الخميس 31 مارس 2011 - 15:26

    العرايشي يصرح امام موظفي دار البريهي انا اريد الحوار وهل لديكم من اقتراحات؟ فيجيبها البعض: نريد ان ننظم وقفة احتجاجية ضدك؟؟ هل يريدون الوقفات من اجل الوقفات فقط، إنهم “تفرشو”… ويبدو ان ما في جبتهم المهنية الا الخواء والصياح. العيب كل العيب على هؤلاء الذين لم يوجد من بينهم خلال الوقفات أي وجه اذاعي او تلفزوني معروف يحترمه المواطنون.

  • محمد ـ اعلامي
    الخميس 31 مارس 2011 - 15:32

    انا اعرف من بين اولئك “النقابيين” في القناة الاولى والثانية شخصان يزعمان انهما صحافيين والواقع انهما غير قادرين على العطاء الاعلامي، ولذلك يختبؤون وراء النقابة للتغطية على هذا الفشل، وحينما يمر روبورتاج تليفزيوني سهوا او برنامج خاص (برنامج واحد في مائة عام…) اسارع بتغيير القناة مخافة ان تفزع اصواتهم او لغتهم اطفالي النيام. “اللي حشموا ماتو”…
    ـ

  • عبد القادر
    الخميس 31 مارس 2011 - 15:34

    انا اقترح على المسؤولين على القطاع بإعادة اختبار احقية أي مشتغل داخل المؤسسات الاعلامية السمعية البصرية بالتواجد فيها، نسمع ان هناك المئات من التحقوا بها بدون مباراة ولا هم يحزنون، بل بـ”الوجهيات” والتلفونات، وهنا اطرح السؤال: من سينهض بهذا القطاع بعد عملية الاصلاح؟ من سيقدم البرامج السياسية والاجتماعية والفكرية الجادة بعد اصلاح؟ هل سيضطر العرايشي ام الشيخ بتقديم البرامج التي لا يلوح في الافق اعلاميون قادرون على فعل ذلك، اللهم اذا استثنيا واحدا او اثنين في المشهد الاعلامي ككل.

  • ابن الدار-الرباط
    الخميس 31 مارس 2011 - 15:28

    التلفزيون المغربي بقناتيه يحتاج الى اصلاح جذري يبدأ باستبعاد بعض الاسماء التي لم تقدم شيئا له، والقيام باعادة الهيكلة والقيام بالمغادرة الطوعية حتى يخرج من التلفزيون بعض الذين أنهكهم الزمن والادعاء. واصبح وجودهم كعدمه خصوصا الذين يلوحون بالاقدمية في انتاج الرداءة واعادة انتاجها دونما انقطاع… افتحوا الباب ايها المسؤلون امام الكفاءات الشابة واصحاب المبادرات الخلاقة واعيدوا لنا الامل بتفعيل مبدأ تكافؤ الفرص في الولوج الى التلفزيون بمصالحه المختلفة.

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30 3

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 2

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 4

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 11

تقنين التنقل بالتطبيقات

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02 6

وزير النقل وامتحان السياقة