انطلاقٌ من الزليج إلى آفاق تعبير مختلفة، يحضر في معرض جديد للفنانأمين أسلمان تستقبله العاصمة الرباط بعنوان “من الزليج إلى اللامتناهي”.
معرض هذا الفنان مغربيّ الأصل، المقيم في إسبانيا والحاصل على الدكتوراه في الفن المعاصر، تنظمه مؤسسة الحسن الثاني للمغاربة المقيمين بالخارج، ويستقبله رواقها ويستقبل معه محاولة هي استعارة حول الهوية وممكنات إعادة صياغتها وأن نعبر انطلاقا من الموروث بطريقة أخرى.
ينصت أسلمان إلى موسيقى الزليج، إلى ذلك التناغم الهندسي واللوني المبهر الذي يورث إحساسا بالاكتمال، هو فرع من كمال المشهد وسيرورة تراكمه.
لا يرى الفنان مسافة بين قطع الزليج التي تتراكم قطعةً قطعةً في مبنى بالمغرب أو المغارب أو الأندلس الماضية، وبين الطرب الأندلسي بتكامل أنغام الآلات، والشعر، والغناء، بل يرى في كليهما استمرارا طبيعيا للآخر.
يقترح أمين أسلمان مقاربة تعبيرية مختلفة، معاصرة، تنطلق من تفكيك الزليج ومعماره وتناسقه، وتحاول استثماره بطريقة أخرى داخل أشكال هندسية مختلفة.
يرى الفنان الزليجَ لعبة ألغاز، يمكن أن ينظر إليها بطريقة لا ترى اكتمال صورتها فقط، بل تتتبع قطعها، وهندستها، وأشكالها، وألوانها، وتفهم موسيقاها الداخلية، وما يجعلها متناسقة، ليحاول بعد ذلك دفعها في اتجاه مختلف.
يستبطن هذا البحث والتعبير رؤية للموروث، ومنهجا لمقاربته، وموقفا من الحياة، حياةٍ مزدوجة ابتداءً لمغربي ولد في بلد أوروبي؛ هذه علامات يفترض انتماؤه إليها، تراكم هو وريثه، لكنه لا يريد أن يكون مستقبلا سلبيا له.
في هذا المعرض آثار محاولة للفهم، محاولة لاستيعاب التشكّلات والجذور، ومحاولةِ أن يكونَ الإنسان بطريقة أخرى، أن يسعى إلى التعبير عن تفرّد يبنيه بناء، ويقترحه على مواطنيه والعالَم.
هنا محاولة للإحياء أيضا، فنظرة أسلمان للزليج لا تقبل به مجرّد زينة في خلفية يوميّنا، موروثا نعتز به ونقدره دون سعي للتجديد. أجل، الإبداع متحقق، والإبهار كذلك، لكنهما غير كافيين بالنسبة للفنان الذي يسعى بعد تشرّب للمعاني والهندسة أن يقحم الزليج في أشكال أخرى، جديدة، ليست أحسن بالضرورة، لكنها دفعة إلى فضاءات مختلفة، لا تطلب، في المعرض، إلا تأملها، لتفصح عن موسيقاه الخاصة في زمن مختلف.
وحتى الزليج المغريي ما تعتقوش معاه الكابرانات كاليك حكا صنع في الجزائر والله يلعن لي ما يحشم كولشي ديال المغرب عاجبهم وخا كيكرهو المغاربة لي كيسموهوم المروك وسيرو عطو التيساع للمروك باشما تتدمو على اليوم لي شفتوا فيه المروك
يقول المثل المغاربي، يخ منو ودوا فيه, هذا حال الجرائر حشاكم .
الله يرحم سي بناني .. أتذكر أنه اعترف بفشله في محاولة التطاول على الصناعة التقليدية و الزليج خصوصا . رحم الله فنانا عرف قدر فنه، الإبداع و الإبهار لم يتعدى حدود القرن الثاني عشر في هذا المجال باستثناء محاولات قليلة لحرفيين و مصممين، أقصد من لم ينالوا من قواعد أصالته و لم يقبحو أو يحورو مكوناته البصرية أو يمثلون بعناصره البصرية تماهيا مع موجات التمرد المعاصر الداعية للتفاهة و المنافقة بادعاء الرقي بالذوق. ابحثوا عن استكمال الناقص فالزليح مكتمل البهاء .
اظن ان التراث الاندلسي المغربي للزليج يجب ان نهتم به اكثر ليس فقط لفرادته وقيمته الفنية الكبيرة بل ايضا لمعرفة خصوصية الهوية المغربية الاندلسية. لكن جامعاتنا ومدرسيها في الفلسفة والعلوم الانسانية مازالت تجهله. ففكرة الاكتمال النفسي والفلسفي يجسدها الحرفي المغربي بيدة عبر الزليج والخزف والخشب وووالخ. المغربي لايخوض نقاشات نظرية حول اللامتناهي بل يجسد اللا نهاءي في عملية الخلق والابتكار الفني. وهذا العمل صحيح له علاقة مع الموسيفى والشعر الاندلسي ولكن له ايضا علاقة مع التصوف . ففكرة الاكتمال ،او الرجل الكامل تسكن الصوفي اينما ارتحل.