أفاية يفكك أسس "الإدراك البصري" وملامح فلسفة الظاهرة السينمائية‬

أفاية يفكك أسس "الإدراك البصري" وملامح فلسفة الظاهرة السينمائية‬
صورة: منير امحيمدات
السبت 23 أكتوبر 2021 - 00:00

فكك محمد نور الدين أفاية، أستاذ التعليم العالي في تخصص الجماليات وفلسفة التواصل، تأثيرات الصورة على المجتمعات بعدما أصبحت حاضرة، بكيفية اجتياحية، في كل مجالات الحياة دون استثناء، راصدا حيثيات “الفكر البصري” في علاقته بإشكالية الإدراك الإنساني.

أفاية، الذي كان يتحدث أمام جمهور “الجامعة السينمائية” التي احتضنتها كلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك في الدار البيضاء، مساء الجمعة، لخص بعض اللمحات الفلسفية بشأن إشكالية البصري، موردا أن هنالك “فكرا حقيقيا” اسمه الفكر البصري.

وأوضح الأستاذ الجامعي، في شرحه المكثف لبعض مضامين كتابه الأخير المعنون بـ”معرفة الصورة.. في الفكر البصري، المتخيل، والسينما”، أنه “لم يعد من الممكن الفصل بين الإدراك والفكر البصري؛ لأن هذا الأخير يسبقه الإدراك البصري، والذكاء البصري بنفسه يوجد داخل الفكر البصري”.

وأبرز أن “رؤية الصورة تكون من خلال الخلفية والأرضية الثقافية. وبالتالي، يختلف نمط الإدراك بحسب طبيعة الثقافة التي تحمله وتُطوره وتصقله”، مشيرا إلى أبعاد الصورة السبعة التي تتضمن درجات تصويرية عديدة؛ منها درجة التعقيد والكثافة والقيمة والجمالية والبعد الاجتماعي والتاريخي والرمزي.

وانطلاقا من ذلك، تختلف درجة تلقي الصورة حسب عدد الأبعاد المتوفرة لدى قارئها، وفقا للمحاضر الذي لفت إلى أن الوضعية الاجتماعية والثقافية والاقتصادية للمتلقي هي التي تؤهله للنظر إلى الصورة في أبعادها الشمولية، رافضا بذلك التقسيم الحدي بين الجانب الفكري والإدراكي.

ونبه المتحدث إلى أن النقاش حول درجة حضور الصورة في الثقافة فرضه “زمن طغيان” الصورة نفسها، مشيرا إلى “العلاقة غير المتكافئة” في إنتاج وتوزيع الصورة على المستوى العالمي في الزمن الراهن؛ وهو ما يتطلب، بحسبه، ضرورة الإبداع والإنتاج في ميدان الصورة.

وللتدليل على أهمية الإنتاج في مجال الصورة، ساقَ محمد نور الدين أفاية نموذج الإيرانيين “الذين لا يخجلون في الدخول بهذا الرهان رغم طبيعة النظام السياسي الأصولي المتزمت”، بتعبيره.

في السياق نفسه، أردف بأن “الإيرانيين أبدعوا في مجال الصورة، ونجحوا في إيصالها إلى العالم؛ ما يجعله مجتمعا حيا”، بل اعتبر هذا المجتمع “مختبرا شخصيا” بالنسبة إليه رغم كل إشكالات المنع.

وفي إطار الانشغالات السينمائية للكاتب، تطرق في المحاضرة إلى الظاهرة السينمائية التي يرى بأنها “ليست مجرد صناعة، أو تجارة، أو فضاء للعرض والمشاهدة”؛ بل اعتبرها مجالا لـ”التكثيف العميق للفكر حول الوجود والإنسان والزمن والحركة، ولكل ما يحيط بالوجود الإنساني”.

وتأسيسا على الفكرة أعلاه، ذهب الباحث الفلسفي المغربي إلى القول إن “الحقل الاجتماعي والثقافي والوجداني والسيكولوجي أصبح معرضا لكل أشكال التشويش في إدراك المعنى”، وذلك في حديثه عن إشكالية “الاهتزازات البنيوية” التي وسمت الوجود الإنساني بعد الثورة الرقمية.

وفي محور فلسفة الظاهرة السينمائية، أكد ضيف “الجامعة السينمائية” أن هنري برغسون “لم يؤسس الفلسفة السينمائية، بل عاصر تطور السينما، وكذا مختلف التحولات الكبرى؛ لكنه لم يكتب عنها”، مشددا على أن “إدغار موران استطاع الدخول إلى السينما بوصفها موضوعا للبحث في الجامعة، لأن الثقافة الفرنسية كانت تعتبرها حينئذ مجرد تسلية فقط”.

وسلط أفاية كذلك الضوء على “جانب مجهول” للكاتب الفلسفي جون بول سارتر المنشغل بتيمة “الفلسفة العدمية”، مؤكدا أنه اهتم بالمتخيل والمخيلة، مشيرا إلى اشتغاله كاتبا في ميدان السينما عبر تأليفه سيناريوهات بعض الأفلام.

وانتقد مؤلف كتاب “معرفة الصورة.. في الفكر البصري، المتخيل، والسينما” “ابتعاد” المثقفين العرب عن مجال الصورة، باستثناء بعض الأسماء النادرة؛ وهو ما جعل المنطقة “لا تملك مراجع حقيقية يمكن الاعتماد عليها لصياغة وتعريف وتحديد مفهوم ما”، معبرا عن أساه بسبب عدم اهتمام المفكرين العرب بالإشكاليات الكبرى للصورة، خاصة في مجال السينما.

‫تعليقات الزوار

8
  • متتبع
    السبت 23 أكتوبر 2021 - 00:14

    بينما الغرب يشجع العلماء و الفكر العلمي نحن نغطس في الفكر الفلسفي و الصوفي و السينما و الغناء

  • يوسف
    السبت 23 أكتوبر 2021 - 00:29

    سلام
    مقال في الصميم….
    …….
    ……..
    ……..
    سلام

  • تهي هتي
    السبت 23 أكتوبر 2021 - 00:52

    ابداع الايرانيين في مجال الصورة جاء نتيجة ابداعهم في مجالات اخرى بل لهم بصمة في كل مجال ولولا ان نظام ولاية الفقيه الثيوقراطي يتعرض لاشكال من الحصار الدولي ولولا حرص إيران على تدعيم أمنها القومي بالتدخل المباشر وغير المباشر – عن طريق الشيعة وتصدير الثورة – في محيطها لكانت الان دولة عظمى تأتي ثالثا في آسيا بعد الصين واليابان ولتفوقت على كوريا الجنوبية وتايوان وسنغافورة والهند وتركيا.
    الابداع في الانسانيات والصورة جزء منها يرتبط ارتباطا وثيقا بالعطاء في الاجتماعيات الذي بدوره مرتبط بالطبيعيات وتقدم الطبيعيات يرتبط بالابداع في التقنية والتطبيقيات عامة. اضف الى ذلك ان النظام الايراني صاحب رسالة فللدولة إيديولوجية عكس كثير الكرسيولوجيا الاستبدادية التي يعاني منها العالم العربي همه الكرسي والاحتفاظ حتى لو كلفهم ذلك التنازل عن السيادة كما هو الحال فالمهم عندهم ان يستعبدوا المواطن أما أنهم هم أنفسهم عبيد أسيادهم فلا يهم المهم أن يقال لي سيدي ومولاي والجنرال والزعيم.
    كنا نأمل خيرا من تونس لولا الثورة المضادة ثم تحول أملنا إلى حراك الجزائر لولا استغلال كورونا!

  • بونور
    السبت 23 أكتوبر 2021 - 01:06

    استطيع كتابة تعليقين متتاليين دون الانتظار حتى مرور 20 دقيقة لانني اتوفر على هاتفين اثنين اي هسبريستين

  • زيارات
    السبت 23 أكتوبر 2021 - 07:19

    الفلسفة.. فن التداوي بالحكمة

    ويتحدث الكتاب عن أنواع من العزاءات هي في الأصل مستخلصة من تجارب شخصيات منتمية لحقل الفلسفة من عصور وأماكن مختلفة، وفي البدء يقدم لنا المؤلف صورة، أو مشهداً للفيلسوف سقراط بعد أن حكم عليه بالموت من قِبل حكام أثينا، بأن يتجرع السم، بعد أن وجهوا إليه تهمة إفساد الشباب، وفي المشهد يجلس سقراط وإلى جانبه عدد من أصدقائه الذين بدا عليهم الهم والحزن والاكتئاب، كان سقراط ساعتها يتهيأ لمواجهة الموت، ويعمل في الوقت نفسه على تسلية أصحابه ليخفف عنهم همّ ألم فراقه، ومصيبته، فأخذ يقدم لهم النصح حول الحياة وضرورة التمسك بالمبادئ والقيم.

    علاء الدين محمود

  • خنفر
    السبت 23 أكتوبر 2021 - 07:21

    الموت والفيزياء والتفكير المبني على الأمنيات

    إن الإنسان كي يشعر بإنسانيته عليه أن يعرف طعم الخسارة، وعندما ننظر إلى العالم ثُم إلى وجوهنا في المرآة، فإننا نرى أن عمر الأشياء قصيرٌ مهما طال، ومصيرها إلى الزوال؛ فكل شيء نحبه سيتلاشى ويختفي إنْ عاجلًا أو آجلًا، لكننا نجد بعضًا من السكينة عندما نعرف أن الأشياء تبقى على ما هي عليه، بشكل أو بآخر، حتى وإن فقدناها؛ فوفقًا لقوانين الحفظ، الأشياء لا تنتهي ولا تبدأ، بل تتحول من صورةٍ إلى أخرى فحسب.

    جون هورجان

  • رياض
    السبت 23 أكتوبر 2021 - 07:30

    رقصة الموت الأخيرة

    وهي صورة، بالمعنى الدقيق للكلمة، لجيل تخونه المنظومة القيميّة المنحطّة السائدة ويخونها.
    ثمّة أمر لا بد من إيضاحه منذ البداية، هو أنه إزاء كتّاب محدّدين ذوي أصوات شديدة التفرّد، وزوايا في النظر شديدة التطور، لا تملك ما تفعله بشأن أساليبهم. فهذه الأساليب تكون ثمرة محتومة لطريقة رؤيتهم للعالم. شأن هنري جيمس، وشأن كونراد، وشأن نابوكوف، لا خيار أمامك إلا أن تألف الأسلوب، وتتشرّبه. لكنك لا تكاد تفسح نفسك لتلك النبرة حتى يحدث شيء رائع نتيجته أن تستهل رحلة مفعمة بالحيوية.

    ترجمة : احمد شافعي

  • الزمن الجميل
    السبت 23 أكتوبر 2021 - 08:13

    نريد مثل هذه المواضيع التي تحيي القلوب ، لماذا لم يعد يهتم الإعلام السمعي البصري بهذه المواضيع النيرة ولم نعد نرى ونسمع سوى التفاهات ،والدولة بالطبع تشجع سياسة التكليخ

صوت وصورة
المعرض المغاربي للكتاب بوجدة
الخميس 18 أبريل 2024 - 01:29

المعرض المغاربي للكتاب بوجدة

صوت وصورة
بعثة أسترالية تزور مركز "تيبو"
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 21:45

بعثة أسترالية تزور مركز "تيبو"

صوت وصورة
أكاديمية المملكة تنصّب أعضاء جدد
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 18:24

أكاديمية المملكة تنصّب أعضاء جدد

صوت وصورة
احتجاج أرباب محلات لافاج
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 17:32 9

احتجاج أرباب محلات لافاج

صوت وصورة
"كتاب الضبط" يحتجون بالبيضاء
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 15:07

"كتاب الضبط" يحتجون بالبيضاء

صوت وصورة
“أش كاين” تغني للأولمبيين
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 13:52 1

“أش كاين” تغني للأولمبيين