اختصاصات الملك في علاقته بالسلطة التنفيذية في دستور 2011

اختصاصات الملك في علاقته بالسلطة التنفيذية في دستور 2011
الإثنين 9 أبريل 2018 - 23:47

إن دستور 2011 أسند صراحة ممارسة مهام السلطة التنفيذية إلى الحكومة (الفصل 89). ورغم ربط السلطة التنفيذية بالحكومة، إلا أن الدستور لم يفوض لرئيس الحكومة أن يشغل وظيفة رئاسة السلطة التنفيذية، بل من مهامه رئاسة الحكومة وممارسة السلطة التنظيمية، الأمر الذي يعني أن الملك هو المؤهل الوحيد دستوريا ودينيا لأن يكون الرئيس الفعلي للسلطة التنفيذية، باعتباره أميرا للمؤمنين ورئيسا للدولة.

وفي هذا السياق، يمارس الملك مجموعة من الاختصاصات في المجال التنفيذي تجعله المتحكم في السلطة التنفيذية، وهذا ما يمكن ملاحظته من خلال ما يلي:

أولا: تعيين رئيس الحكومة:

يستفاد من مقتضيات الفقرة 1 من الفصل 47 من الدستور أن الملك يعين رئيس الحكومة من الحزب السياسي الذي تصدر انتخابات أعضاء مجلس النواب، وعلى أساس نتائجها.

وتأسيسا على ذلك، فإن الفصل 47 يقضي صراحة بوجوب التقيد بالمنهجية الديمقراطية، التي تستوجب تعيين رئيس الحكومة من الحزب السياسي الذي ظفر بالمرتبة الأولى من حيث عدد المقاعد في مجلس النواب، ولا يمكن بأي حال من الأحوال تكليف رئيس الحكومة من خارج الحزب الذي تصدر الانتخابات التشريعية؛ وذلك احتراما للشرعية الدستورية.

وفي إطار استيفاء الفصل 47 من الدستور لشروطه الإجرائية والشكلية، يتعين على رئيس الحكومة المعين، في حال عدم ظفر حزبه بأغلبية مقاعد مجلس النواب، فتح مشاورات مع الأحزاب السياسية من أجل العمل على تكوين الأغلبية الحكومية داخل أجل معقول، مادام أنه غير مقيد بأجل دستوري، كما يؤخذ من الفصل 47 من الدستور.

وبعد انتهاء رئيس الحكومة المعين من المفاوضات، والاتفاق مع حزب سياسي أو أكثر على تشكيل الحكومة، يقوم بعرضها على الملك الذي من صلاحياته الدستورية تعيين الحكومة أيضا إلى جانب تعيين رئيس الحكومة، علما أن هذا الأخير تنحصر سلطاته في اقتراح أعضاء الحكومة على الملك، لأن سلطة تعيينهم وتسميتهم اختصاص ملكي ولائي وحصري.

ووفقا لروح الفصل 47 من الدستور، من صلاحيات الملك تعيين من يشاء رئيسا للحكومة من الحزب السياسي الذي حصد أكبر عدد من مقاعد مجلس النواب، أي من الحزب الذي تصدر انتخابات مجلس النواب، وليس بالضرورة أن يعين في مركز رئيس الحكومة، رئيس الحزب أو أمينه العام، لأن الملك غير مقيد بذلك دستوريا.

لكن في المقابل، لا يجوز للملك أن يعين رئيس الحكومة من خارج الحزب الذي تصدر انتخابات أعضاء مجلس النواب مهما كانت المبررات السياسية والدستورية، لأن الدستور لا يقول بذلك ولا يفهم منه دلك، وفي حال فشل رئيس الحكومة المعين في تشكيل الحكومة داخل أجل معقول يقدره الملك بوصفه سلطة التعيين، فإنه لا محالة سيتم إعفاء رئيس الحكومة من مهامه، وأمام الملك في هذه الحالة خياران: إما تكليف رئيس حكومة جديد من الحزب الذي تصدر انتخابات أعضاء مجلس النواب، أو الإعلان عن إجراء انتخابات مبكرة.

ولا تعتبر الحكومة دستورية إلا بعد حصولها على ثقة مجلس النواب، أي الأغلبية المطلقة للأعضاء الذين يتألف منهم؛ وذلك بالتصويت على البرنامج الذي تعتزم تطبيقه إعمالا للفصل 88 من الدستور.

ثانيا: إعفاء عضو أو أكثر من أعضاء الحكومة:

تتألف الحكومة من رئيس الحكومة والوزراء، ويمكن أن تضم كتابا للدولة (الفقرة 1 من الفصل 87 من الدستور)، وتمارس الحكومة السلطة التنفيذية إلى جانب الملك.

ويؤخذ من مقتضيات الفصل 47 من الدستور أن إعفاء عضو وأكثر من أعضاء الحكومة يتخذ ثلاث صور هي:

– للملك، بمبادرة منه، بعد استشارة رئيس الحكومة، أن يعفي عضوا أو أكثر من أعضاء الحكومة من مهامهم.

– لرئيس الحكومة أن يطلب من الملك إعفاء عضو أو أكثر من أعضاء الحكومة.

– لرئيس الحكومة أن يطلب من الملك إعفاء عضو أو أكثر من أعضاء الحكومة، بناء على استقالتهم الفردية أو الجماعية.

وفي حال تقديم رئيس الحكومة استقالته، يترتب عنها إعفاء الحكومة بكاملها من لدن الملك، وتواصل الحكومة المنتهية مهامها تصريف الأمور الجارية إلى غاية تشكيل الحكومة الجديدة.

يستخلص من أحكام الفصل 47 من الدستور أن الملك ينفرد بسلطة تعيين وإعفاء رئيس الحكومة أو عضو أو أكثر من أعضاء الحكومة، أو الحكومة بأكملها.

في حين تنحصر مهام رئيس الحكومة في الاقتراح عند تشكيل الحكومة أو تقديم طلب الإعفاء إلى الملك ليتولى الفصل فيه بصفته سلطة التسمية أو سلطة الاعفاء.

إن الملك كرئيس للدولة يضطلع بوظائف عديدة، من بينها إعمال مبدأ الرقابة على أعمال الحكومة كاختصاص يتقاسمه مع البرلمان؛ وذلك لضمان دوام الدولة واستمرارها. فإذا تراءى للملك أن عضوا أو أكثر في الحكومة خالف أصول الدستور أو ارتكب فعلا من الأفعال المخلة بمبادئ المروءة الوزارية ولو لم تكيف تلك الأفعال بالجرمية، فإنه لا شيء يحول دون إعفاء الملك لعضو في الحكومة أو أكثر من مهامه الوزارية بعد استشارة رئيس الحكومة.

بالإضافة إلى حالة إعفاء عضو أو أكثر من أعضاء الحكومة، وفقا لمدلول الفصل 47 من الدستور، توجد صور أخرى يترتب عنها إنهاء مهام الحكومة من خلال الثابت من الدستور، وهي تلك المنصوص عليها في الفصول: 51 و88 و92 و96 و97 و98 و103/ فقرة 2 و104 و105.

ثالثا: رئاسة الملك للمجلس الوزاري:

ينعقد المجلس الوزاري تحت رئاسة الملك، ويتألف من رئيس الحكومة والوزراء. وتشكل رئاسة الملك للمجلس الوزاري، إحدى أهم أوجه علاقة الملك بالسلطة التنفيذية، بالنظر إلى الصلاحيات والقضايا والنصوص الهامة التي يتداول فيها المجلس الوزاري.

وينعقد المجلس الوزاري بمبادرة من الملك، أو بطلب من رئيس الحكومة. وللملك أن يفوض لرئيس الحكومة، بناء على جدول أعمال محدد، رئاسة المجلس الوزاري.

ويؤخذ من مقتضيات الفصل 48 من الدستور أن المجلس الوزاري يحضره رئيس الحكومة والوزراء، دون كتاب الدولة، ورغم حصر الدستور حضور المجلس الوزاري على رئيس الحكومة والوزراء برئاسة الملك، لكن يلاحظ حضور أشغاله أيضا من طرف مستشاري الملك ولو في غياب نص دستوري؛ الأمر الذي يعني أن مستشاري الملك هم امتداد للملك وغير معنيين بالمقتضى الدستوري المذكور.

ومن خلال مؤسسة المجلس الوزاري والوظائف المسندة إليها بموجب الدستور، يتمكن الملك بصفة فعلية من التحكم وتوجيه عمل الحكومة، علما أن رئيس الحكومة ملزم بأن يطلع الملك على خلاصات مداولات مجلس الحكومة.

وتتخذ مختلف القرارات والسياسات الاستراتيجية في المجلس الوزاري، وهو ما يبوئه مكانة أهم من المجلس الحكومي، الذي ينعقد تحت رئاسة رئيس الحكومة، الذي يملك حق التداول والاقتراح، في حين إن الكلمة النهائية وسلطة اتخاذ القرار تعود إلى المجلس الوزاري، خاصة وأن القرارات الاستراتيجية هي من وظائف هذا المجلس الذي يتداول في القضايا والنصوص التالية:

– التوجهات الاستراتيجية لسياسة الدولة.

– مشاريع مراجعة الدستور.

– مشاريع القوانين التنظيمية.

– التوجهات العامة لمشروع قانون المالية.

– مشاريع القوانين الإطار المشار إليها في الفصل 71 (الفقرة الثانية) في الدستور.

– مشروع قانون العفو العام.

– مشاريع النصوص المتعلقة بالمجال العسكري.

– إعلان حالة الحصار.

– إشهار الحرب.

– مشروع المرسوم المشار إليه في الفصل 104 من الدستور.

– التعيين باقتراح من رئيس الحكومة، ومبادرة من الوزير المعني، في الوظائف المدنية التالية: والي بنك المغرب، والسفراء، والولاة والعمال، والمسؤولين عن الإدارات المكلفة بالأمن الداخلي، والمسؤولين عن المؤسسات والمقاولات العمومية الاستراتيجية.

‫تعليقات الزوار

2
  • محمد أيوب
    الثلاثاء 10 أبريل 2018 - 18:27

    هذا ليس بجديدك
    يقول الكاتب:"الدستور لم يفوض لرئيس الحكومة أن يشغل وظيفة رئاسة السلطة التنفيذية،بل من مهامه رئاسة الحكومة وممارسة السلطة التنظيمية، الأمر الذي يعني أن الملك هو المؤهل الوحيد دستوريا ودينيا لأن يكون الرئيس الفعلي للسلطة التنفيذية،باعتباره أميرا للمؤمنين ورئيسا للدولة".هذا الواقع يعلمه الخاص والعام:الملك هو الحاكم الفعلي ببلدنا سواء عبر تخلاته بصفة مباشرة أو بواسطة مستشاريه الذين يمثلون الحكولا أمام اية سلطة كيفما كانتمة الفعلية..وهو غير مسؤول لا أمام الشعب..وهو يتوفر على جميع السلط:القضائية والتشريعية والتنفيذية والتنظيمية والدينية والاقتصادية والثقافية والرياضية والديبلوماسية.الخ..وبالنسبة للحكومة الحالية فهي كسابقاتها وكتلك التي ستأتي بعدها:ليس بيدها القرار..مجردمجموعة من سامي المسؤولين يتمتعون بنصيبهم من الريع السياسي والاقتصادي مقابل تنفيذهم للتعليمات التي تعطى لهم.. الحكومة تنفذ برنامج ملك البلاد ويبقى لها من الاختصاصات ما يملكه موظف بسيط في مقاطعة أو جماعة أو ادارة ما.الفرق هو الراتب والتعويضات السمينة والامتيازات الأسمن.هي حكومة الساعة الاضافية والشهور القمرية فقط.

  • hicham
    الجمعة 31 ماي 2019 - 11:24

    كل الحكومات تعتبر كسابقتها

صوت وصورة
شراكة "تيبو أفريقيا“ وLG
الجمعة 29 مارس 2024 - 11:43 1

شراكة "تيبو أفريقيا“ وLG

صوت وصورة
احتفاء برابحة الحيمر في طنجة
الجمعة 29 مارس 2024 - 10:03

احتفاء برابحة الحيمر في طنجة

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30 4

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 3

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 4

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 11

تقنين التنقل بالتطبيقات