الجيل الجديد..الجيل القديم ..أية علاقة..أي تواصل؟

الجيل الجديد..الجيل القديم ..أية علاقة..أي تواصل؟
السبت 6 شتنبر 2008 - 22:51

إن الباحث المدقق ، أو الناظر المتفحص ، ليكتشف ويلاحظ دون أدنى عناء التفاوت بين الجيل القديم ، والجيل الجديد /المعاصر .. سيلاحظ هذا التفاوت في اللباس من أعلى إلى أسفل ، وفي طريقة الكلام ، واللغة ، وأسلوب التعبير، والحوار والتفاهم بين كل صنف وصنف ، فلغة الجيل الجديد /المعاصر لغة تتميز برموز شتى يصعب على الجيل القديم أن يسبر غورها ، أو يفهم دلالاتها العميقة …والثاوية بين ثنايا الكلام والحوار.. إذ هي لغة مليئة نوعا ما بألفاظ مبتذلة أوسوقية .. متحررة من الاتزان والتعقل إنها تخترق جدار المألوف والمقدس .. لغة تمتح من لغة اليومي والمعيش .. كما تمتح من آخر ما وصلت إليه تقنية المعلوميات.. * لغة انترنيتية *. لغة غريبة .. خليط من لغات متعددة دارجة ،عربية ، أمازيغية ، فرنسية ، انجليزية ….. أما الحوار الدائر بين الشباب الصاعد فهو حوار خصوصي جدا .. بعيد كليا عن منطق الجيل القديم .. حوار فيه *غوص * فيه إشارات مبهمة .. فيه ألغاز وطلاسم .. فيه حركات وإيماءات .. فيه شيطنة .. فيه مرح زائد .. فيه موسيقى وأنغام .. فيه رقص .. فيه هستيريا .. لغتهم وحوارهم يتضمنان طاقة هائلة من التفاعل والتحرر.. والحميمية فيما بينهم… لغة تخترق الزمان والمكان .. من الصعب على الجيل القديم تقليدها أو مسايرتها . أو حتى الاستماع إليها أحيانا..إذ فيها خدش للحياء … حتى في تحاورهم ودردشتهم عبر الانترنيت * الشات * لا يخلو من السب والقذف والكلام البذيء .. كلام مسترسل … بلا قيود.. الانترنيت أصبح جزءا لا يتجزأ من كيانهم.. يبحرون فيه .. يغوصون .. ثم يغوصون .. ولا يخافون الغرق ولا البلل .. لقد التفت الشبكة العنكبوتية حول أعناقهم وخيالهم ووعيهم.. فانسلخوا من عالم الكبار المليء بالقيود .. لقد قطعوا مع الجيل القديم قطيعة ابستمولوجية ..فهل نحن أمام صراع الأجيال؟؟ إنه اختلاف جوهري مس القيم، والعادات ، والتقاليد ، والسلوكيات ، والمفاهيم ، والنظرة إلى الوجود ، ونمط الحياة .. إنه انقلاب فكري هائل ..


أما لغة وحوار الجيل القديم ففيهما رزانة وتعقل .. لغة بطيئة ليس فيها تسرع .. تقليدية كلاسيكية .. تخضع لقوالب معينة .. فيها أدب واحترام للآخر.. لاتسايرالتطور الحاصل لا في العلوم ولا عالم الاتصال المنفجر .. نمط حياة الجيل القديم نمط رتيب .. يرنو إلى السكينة ، والطمأنينة ، والوقار .. الصخب يقض مضجعه .. الموسيقى والرقص والهستيريا بالنسبة له ، جنون وأي جنون .. لاتهمه المتع الحسية .. جيل ميتافيزيقي… الحياة قصيرة فانية .. والموت حتمي .. كل شيء إلى نفاذ .. فلم المرح ؟؟ الشباب بالنسبة إليه نزق ..مشاغب.. قاصر..لا يهتم إلا بسفاسف الأمور .. ما همه من دنياه إلا العبث .. الجيل القديم ينظر إلى سلوكيات الجيل الجديد نظرة دونية .. استهزائية .. استعلائية .. فيها تأفف .. ما هذا الشعر فوق الرأس !! حالة غريبة .. ما هذا اللباس الذي يكاد لا يستر العورة !! ما هذا الكلام الساقط !! اللهم استرنا بسترك الجميل … ما هذا المستوى الدنيء في الدراسة والتحصيل ؟؟ أين جيل السبعينيات والثمانينيات أين ؟؟ واأسفاه على الماضي الأسيف !!


هل هذه فتاة أم فتى ؟؟ هل هذا فتى أم فتاة ؟؟ تشابهت قلوبهم فهم في أزيائهم وسلوكهم يتشابهون…


فمن له أبناء من الجيل القديم ــ سواء كان من المتعلمين أو من الأميين ــ يحار كيف يتعامل معهم …


كيف يقرأ أفكارهم المتقلبة ، بين لحظة وأخرى .. كيف يسايرهم…


كيف يتقرب من عالمهم المطلسم .. كيف يبني علاقته معهم .. كيف يتفهم حاجياتهم..


هل يلجأ إلى الحوار، أوالتساهل في المعاملة ..أو الغلظة ، أو اللين ، أو اللامبالاة ، أوالمراقبة الصارمة ..هل يلجأ إلى الوعظ والإرشاد .. وإسداء النصائح والحكم .. كيف يرجع الثقة المفقودة ..أفتوني بربكم إن كنتم تعلمون .. إن الجيل القديم يدري أن أبناءه يسخرون من أقواله وعظاته .. يجعلون من كلامه ، فسحة للتندر، والفكاهة ، والاستهزاء.. إنه جيل التمرد والعصيان… جيل السلبية المطلقة..


بعد هذه الصورة التي أوضحتها .. هناك عدة تساؤلات تطرح نفسها بحدة في هذا الصدد :


هل هذه الأشياء التي تحدث بين الجيلين شيء عادي .. يحدث في كل العصور والأزمنة ولا تؤثر بشكل كبير في التطورات الحاصلة في بنية المجتمعات وأنساقها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية .. أم أن هذا الأمر ــ وهذا الصراع بالأحرى ــ يدق ناقوس الخطر في زماننا الحالي .. المتسم بالانفجار المهول ، في عالم القيم والأخلاق والسلوكيات .. عالم الاختراق والعولمة والتغلغل الصهيوني والامبريالي في البنية الثقافية والاجتماعية لشريحة الجيل المعاصر.. بغية عزله ، وتفكيكه ، وتهميشه ، وسلخه عن هويته .. وإبعاده عن تحمل مسؤولياته التاريخية تجاه أمته ووطنه وملته..

‫تعليقات الزوار

5
  • منير بالهاض
    السبت 6 شتنبر 2008 - 22:57

    أظن أن التغيير في اللباس و شكله و في اللغة و مفرداتها، من الأشياء البديهية. غير أن المشكل الحقيقي في نظري يكمن في الإختلاف على مستوى منظومة القيم، فالصراع عبر الأزل حركه أمران لا ثالت لهما : المصالح المتضاربة و الإختلافات القِيَمِيَة.
    في المغرب، أظن أننا أخفقنا في تمرير منظومة القيم من جيل لآخر و علقنا اللوم على الظروف الإقتصادية و الإجتماعية تارة و على تأثير العولمة تارة أخرى و نسينا أن ما لم نملأه بأيدينا يملأه غيرنا و هذه سُنةُ الكون.
    و كدليل على ما سبق أدرج نمودجين، أولهما نمودج أُسَر الإسلاميين و ثانيهما أُسَر المثقفين.
    عموما الإسلامين هم جزأ من المثقفين و لكن لهم خصوصية سلفية، تتجه نحو الرجوع إلى النمودج السلفي في الشكل و المعاملات، هذه الشريحة تنجح غالبا في تقليص الفارق بين الأجيال وتجنيب أبنائها المسخ الهوياتي و ذالك لسببين : أولهما ملأ الفراغ الروحي و الهوياتي منذ الصغر بالتربية الدينية و ثانيهما هو إرتباط الأجيال بمرجعية قديمة و بنمودج قديم يشكل منارة للمبحر في الحياة.
    أما باقي المثقفين، فليسوا سلفيين (ليس بالمعنى الديني) و هم في عمل دؤوب لخلق النمودج و عيا من أغلبيتهم أن النمودج لن ينفع مستوردا بل مغربيا و لكن على ضوء خبرات الآخرين و إعتبارا بنجاحاتهم و إخفاقاتهم. هم أيضا يعرفون أنهم لن يكملوا تشييد صرحهم هذا في حياة واحدة و أن قدر أبنائهم هو حمل المعول بعدهم.
    هؤلاء يسستتمرون نصف جهدهم و نصف وقتهم في تعليم و تكوين أبنائهم، كما أن وعي الأبناء عند سن معينة بالمشروع الكبير الذين يهيؤون له يجعلهم يرفضون الإنصهار مع العامة رغم أن الإغراء كبير.
    نعم، النمودجين السابقين ليسوا متطابقين و يعرفون بعض الإختلافات على مستوى منظومةالقيم و لكنهم يَتَحِدُون حول موروت كبير من القيم المشتركة.
    ولكن، كم يشكل المثقفون، الإسلاميين و غيرهم داخل مجتمعنا المغربي؟ طبعا أنا لا أتحذت هنا عن المتعلميين و لكن أتحذت عن من يحملون مؤهلات علمية كافية و لكن أيظا يحملون هَمَ الوطن و هَمَ الهوية و هَمَ الأخلاق و هَمَ البقاء، البقاء أمام هجوم ثقافات و مصالح الآخرين.
    إننا نملك من المقومات الثقافية ما يملأ فراغ رؤوسنا ورؤوس أبنائنا للأبد و لكن ينقصنا التنظيم و الإتحاد. و على سبيل المثال سأسرد على القارء الكريم طريفة حصلت معي قبل أيام :
    كنا نتحذث مع بعض الزميلات عن موضوع الأفلام التركية و الزوبعة التي أثيرت حولها و عن مشكل الرومانسية عندنا نحن الرجال المغاربة، فتحججنا بالدارجة المغربية و أعطينا مثالا بسهولة التعبير عن الحب في العامية السورية مثلا، فقالت لنا إحداهن :
    أعرف أنكم لا تستطيعون إخراج كلمة حبيبتي أو غزالتي فرددو معي اْحْبِيبِينُو، أْغْزَالِينُو و أكدت لنا أنه نستطيع أن ننادي بها زوجاتنا بحضرة أطفالنا و أنهم ستعجبهم الكلمات و سيطيرون فرحا بدل أن تحمر وجوهم خجلا و هم يسمعون الأب يتودد للأم.
    وكذالك فعلنا فكانت النتيجة كما قالت السيدة الذكية. لقد صاغت اللكلمتين العربييتبن على الطريقة الأمازيغية التي هي جزء أصيل و هام من هويتنا و لكنه منسي بالنسبة للعديد منا.
    الفراغ نحن خلقناه و بأيدينا نملأه

  • المحارب الوهمي
    السبت 6 شتنبر 2008 - 22:59

    فعلا هذا الجيل جيل الضياع .لايعرف من تاريخه إل الفتات .جيل سادر في غيه. هائم على وجهه في الشوارع والأزقة .هكذا أرادوه أن يكون فكان ..خطة مدروسة.الشباب شعلة.ولكنه أطفأ الشعلة بنفسه فساح في الظلمات. شبابنا ضاع بين براثن اليأس .والقمع .والجهل. والرفس. والبطش. والعبث . والجري وراء السراب ..
    جيل الهيب هوب وخيش بيش ..ياحسرة .شكرا للكاتب على إثارة هذا الموضوع الحساس ..

  • nadaالعروبية
    السبت 6 شتنبر 2008 - 22:53

    كل جيل يعيش زمانه ولن تستطيع ثنيه عن إرادته
    والتربية الحسنة تلعب دورا مهما في تكوين الإنسان
    في أي مكان وزمان تجده ملتزما بالأخلاق والكلام
    المحترم لأنه لم يتعلم غيره
    بينما هناك أشخاص عاشوا في وسط منحل وسمعوا كلام ساقط
    حين يخرجون إلى الشارع أو مكان عام فسوف يزدادون سوء ا
    لأن المكان فيه حرية أكبر تدفعهم لإخراج ما في جعبهم من قلة
    الأخلاق والحياء
    فلن تحصد إلا مازرعته يداك

  • عدنان
    السبت 6 شتنبر 2008 - 22:55

    الجيل الجديد والقدم كلاهما تاه في بحر من الظلمات والفقر والجهل عششا في مخيلة الجميع لايمكن ان نطلق علي الجيل ال شيء يميزه لشء واحد وهو تقزيم الحرية الفكرية الهادفة الوصلة الموصلة للابتكار وتقي افكار الجيل الجديد اافكار لاتمت الي الواقع بصلة يتالق خيالها في المجهول دون القدرة علي وضع الاصبع علي مكامن الجرح للفقر اي يحد من تطلعات الي لتحقيق المبتغي المادي والمعنوي والنقص الحاصل خسارة ترجع بكل فكر رتجح الي سوداوية لاتسمن ولاتغني.
    تغير مفصل النمط الكلي للمجنمع والاحترام المتبادل ومشاكة الاجيال في وضع تصور يمزج بين الماضي والحاضر وكل تجربة خلقت من حياة الانسان واهات الانسان رصيد يصاف الي قاموس البشرية لتعيش بسلام ووام.

  • s,a,m
    السبت 6 شتنبر 2008 - 23:01

    ال ميكن جيل السبعينات يسدل شعره الم تكن سراويلهم فضفاضه ,الم يرتادو الحانات و النوادي الليليه الم يتعاطو للمخدرات الم يتبنون الهيبيزم و الماركسيه ووووووووووو…..مادا اعددتم للاجيال …مادا درستم للاجيال….تركتوهم لاقدارهم و للاخرين يملوونهم بماشاووا و متا شاووا…تفلحون في البكاا و العويل…على اشياا تركتم للقدر مهمه تسويتها..و لان المسكين لم يفعال شئ…ليس لكم الا لبكاا ….ابناا هدا الجيل تركوا للعبت,,و الارتجال..بين سندان ماضيكم و مطرقه حاضر ملئ بهموم لن تفهموها ابدا لانكم لم تعطوا لانفسكم فرصه التعرف عليها…ما يقال كتير…و للرد عليك لا زال عندي الكتير…ربما غدا….الان اريد ان انام…تحياتي لك مع قليل من برد هولندا….سعيد انوار

صوت وصورة
ملفات هسبريس | أزمة المياه
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 23:30

ملفات هسبريس | أزمة المياه

صوت وصورة
معرض الحلي الأمازيغية للقصر الملكي
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 23:15

معرض الحلي الأمازيغية للقصر الملكي

صوت وصورة
أحكام قضية الدهس بالبيضاء
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 21:50 5

أحكام قضية الدهس بالبيضاء

صوت وصورة
اعتصام ممرضين في سلا
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 19:08 1

اعتصام ممرضين في سلا

صوت وصورة
وزير الفلاحة وعيد الأضحى
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 17:34 24

وزير الفلاحة وعيد الأضحى

صوت وصورة
تكافؤ الفرص التربوية بين الجنسين
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 16:12 3

تكافؤ الفرص التربوية بين الجنسين