السفير محمد الاخصاصي يقارب مكتسبات حقوقية في وضع المرأة المغربية

السفير محمد الاخصاصي يقارب مكتسبات حقوقية في وضع المرأة المغربية
صورة: هسبريس
الجمعة 6 يناير 2023 - 01:00

قال السفير محمد الاخصاصي إن “مكتسبات حقوقية متعددة تحققت للمرأة المغربية بفضل الإصلاحات الهامة الرائدة التي تضمنها دستور المملكة المغربية، في اتجاه تحقيق المساواة بين الجنسين، وتعزيز حقوق المرأة في كل مناحي الحياة المجتمعية”، مضيفا أن “المرأة أمست أكثر تكويناً ووعياً من سابقاتها، بفضل التغيرات الهيكلية التي حققها المغرب في مجال الولوج التي تهم التربية والتعليم والتكوين…”.

وتطرق الاخصاصي، في مقال له بعنوان “في تحسين وتثوير وضع المرأة المغربية”، إلى مجموعة من المحاور، من بينها “جدارة المرأة المغربية”، و”الحضور الوطني للمرأة”، و”شروط إنصاف المرأة”، قبل أن يختم مقاله بالإشارة إلى أن “الوضع الاقتصادي الشاذ للمرأة المغربية بات يسائل بشدة السياسة العمومية للدولة، في اتجاه أن تحظى مسألة إدماج المرأة في سوق الشغل بالأولوية في الأجندات التنموية للبلاد”.

هذا نص المقال:

في سياق ما وفرته المملكة المغربية من مكتسبات حقوقية واجتماعية واقتصادية للمرأة في ظل القيادة الرشيدة، المتبصرة لجلالة الملك محمد السادس تزداد جذوة الطموح تأججاً تجاه المستقبل وما يتطلبه من جهد جهيد لتشييد صرحه…

وينصب رهان النهوض بوضع المرأة على تثوير معطيات هذا الوضع. وفي هذا الخصوص، فقد آن الأوان لانكباب صناع القرار ببلادنا على هذا الملف الحيوي، من أجل الانتقال به إلى صدارة الاهتمام، اجتماعياً وتشريعياً، وتفعيلياً بما يعزز مكانة المرأة في المجتمع، ويعلو بدورها الاقتصادي، والمؤسساتي، والتنموي في مختلف قطاعات الدولة ومرافقها.

ومما لا شك فيه، فقد تحققت للمرأة المغربية مكتسبات حقوقية متعددة، بفضل الإصلاحات الهامة، الرائدة التي تضمنها دستور المملكة المغربية (2011)، في اتجاه تحقيق المساواة بين الجنسين، وتعزيز حقوق المرأة في كل مناحي الحياة المجتمعية.

كما أمست المرأة أكثر تكويناً ووعياً من سابقاتها، بفضل التغيرات الهيكلية التي حققها المغرب في مجال الولوج التي تهم التربية والتعليم والتكوين…
فحسب بحث أجراه “البنك الدولي”، ما بين 2009 و2010، فإن الشباب، وضمنهم الفتاة المغربية من الفئة العمرية: 15 إلى 21 سنة، قد دَاوموا على ارتياد المدرسة فترة أطول من شباب الفئة العمرية من 22 إلى 29 سنة(1).

ومن نتائج التحسن الذي أحدثه تمدرس الفتيات، من الفئة العمرية 15 إلى 21 سنة، اللواتي داومن على المدرسة، أنهن حققن نوعاً من “الاستقلالية”، بنسبة %73، مقابل نسبة %40 من الشابات، من الفئة العمرية: 22 إلى 29 سنة، اللواتي تمدرسن.

I/ جدارة المرأة المغربية:

وغني عن البيان أن ماضي المرأة المغربية، وكذا مسيرتها النهضوية على مر العقود، قد أثبتا جدارتها بطفرة المكتسبات الاجتماعية والحقوقية التي تحققت لها خلال العقدين الأخيرين، بصفة خاصة، من تاريخ البلاد، وصاغت البرهان على ما تملك من قدرات، ومؤهلات، وخبرات لكي تواجه متطلبات الانتقال المطلوب بوضعها من حسن إلى أحسن، تجاوباً واعياً بنداء المستقبل.

وينبغي التذكير، في هذا الصدد، أن المرأة المغربية قد أثبتت جدارتها السياسية والنضالية بمشاركتها في كل المراحل والمحطات، في خط المسار التحرري، الحداثي الذي انخرط فيه الشعب المغربي، بقيادة ملكه الهمام، جلالة الملك الراحل، محمد الخامس طيب ثراه (1909-1961). ولعل أسطع دليل على جدارة المرأة المغربية بما تصبو إليه اليوم من انتقال حقوقي ونهوض اجتماعي، وتطور مدني، أنها نزعت عنها “رداء” الخنوع والقنوط، وشاركت إلى جانب رفقائها الأبرار، من رجال الحركة الوطنية في حمل لواء مقاومة المستعمر، وانخرطت بشجاعة وجرأة في المظاهرات العارمة التي لم تكف عن الاشتعال والتوهج منذ حدث 20 غشت 1953، بل وشكلت شبكات فدائية محكمة لنقل السلاح، وتأمين حركة التواصل مع الوطنيين القابعين في سجون المستعمر، ومصاحبة رفقائها من رجال المقاومة والفداء أثناء قيامهم بواجبهم الفدائي الوطني.

II/ الحضور الوطني للمرأة:

كما شاركت المرأة بأريحية وكثافة، وعلى مدى نصف قرن (1956-2022) في إرساء المؤسسات الديمقراطية بالبلاد، عبر مساهمتها الكثيفة في الاستحقاقات الدستورية وفي الانتخابات الجماعية والجهوية والتشريعية، بحماس ونكران الذات، وواكبت مسيرات المؤسسات الحزبية والنقابية والمجتمعية، نضالاً دؤوباً، وممارسة معطاءة كغصن الشجرة، إذا ما أثقلته ثمارها تواضع وانحنى.

ومن تم، فهل يحق لأحـــد من دعــاة تهميش المـــرأة، أن يجادلنا اليــوم، ونحن نفتح ملف حقوق المرأة – في طابعه الحضاري، المدني، التقدمي – سواء باسم الدين، وهو بريء من ادعاء ماضوي، مغرض، أو باسم تقاليد متزمتة، غير منصفة للمرأة، قد عفا عليها الزمن، أو باسم مُداهنة سياسية تجاوزتها – بكل المقاييس – اللحظة التاريخية التي يعيشها بلدنا، لحظة الانعتاق من كل ما يُعيق مساره، ويلجم تقدمه؟

III/ شروط إنصاف المرأة:

أجل لقد كانت “مدونة الأسرة” (2004)، تحولاً حضارياً، راهنياً فيما يتعلق بتوسيع قاعدة الحقوق المدنية للمرأة، بما يتجاوب والمطالب المشروعة لها، وبما يتساوق ومتطلبات الواقع المجتمعي في مغرب القرن الواحد والعشرين، وبما لا يتناقض وروح “الشريعة”، بما هي نهج تشريعي، تنظيمي، محكوم بمتطلبات الواقع المجتمعي وتطلعاته…، الخاضع بدوره لناموس التطور والتبدل.

ومن تم، فإن مبدأ “الاجتهاد”، وضرورة تحكيمه واعتماده، باعتباره أحد الأركان المعتمدة، إسلامياً، في توطيد العلاقة الجدلية بين الفقه (التشريع) والواقع المجتمعي، يشكل قاعدة راسخة لمُلائمة “مقاصد التشريع” مع الواقع بـــ”نوازله”، وتطوراته.

أ- ومن هذا المنطلق، فإن المطلب النسائي في بلادنا بـــ مراجعة وتحيين وتكييف “مدونة الأسرة”(1)، لا يمثل إنصافاً وعدالة في حق المرأة وحسب، بل يشكل – فضلاُ عن ذلك – عاملاً حاسماً في مسار التنمية الاجتماعية والاقتصادية والإنسانية في بلادنا.

وفي هذا الإطار، فإن مراجعة وتطوير أحكام “المدونة” في موضوع المساواة في “الولاية الشرعية”، وفي ترشيد أحكام الإرث، وفي تعظيم زجر تزويج القاصرات من الفتيات، وفي إعادة تنظيم كفالة الأبناء في حالة الطلاق، وفي غيرها من الإشكاليات التي تحد من حقوق المرأة أو تنال من كرامتها.

وفي هذا الصدد، فإن استمرار وتفاقم ظاهرة العنف ضد النساء، بات يجسد أشنع امتهان وانتهاك لكرامة المرأة، وهو يستدعي تشديداً في التشريع، وصرامة في التنزيل، ومصاحبة فورية في التوعية الزجرية بهذه الآفة المجتمعية التي أمست عصية على أحكام القانون والمساءلة المجتمعية. فبحسب تقارير المجتمع المدني، المتابعة لتطورات ظاهرة العنف ضد النساء، فإن الأخير يطال %56 من ربات البيوت، متبوعات بعاملات الخدمة فيها.

وتمثل هذه النسب المرعبة لانتشار ظاهرة العنف ضد النساء، وباءً اجتماعياً واسع التفشي، ينبغي مُواجهته بحزم، قانونياً وتربوياً، وعقابياً ممنهجاً(1).

وفي سياق تعزيز مواقف المرأة، وتنمية قدراتها في الدفاع عن حقوقها المشروعة، ينبغي – في رأينا – اتخاذ مبادرة إحداث هيئة تنسيقية بين القطاعات النسائية في هياكل الأحزاب المغربية، أغلبية ومعارضة، تلتحم حول أرضية مشتركة، تحدد مبادئ تعزيز مكانة المرأة في المجتمع، وتُعلي من شأن دورها في التنشئة الأسرية، وفي التنمية المجتمعية، بمختلف أبعادها الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والحقوقية.

ب/ ومن جهة أخرى، فإن المرأة المغربية التي قطعت أشواطاً هامة في مجال التمكين السياسي والحقوقي(2)، بحضورها المتنامي في المؤسسات التشريعية والتنفيذية(3) – فإن النهوض بوضعها الاقتصادي والاجتماعي ما يزال قيد التعثر، مما بات ينال من شأن مكتسباتها الحقوقية والسياسية. ومن تم فإن السياسة العمومية للدولة مطالبة، أكثر من أي وقت مضى، بمواجهة إشكالية إدماج المرأة في الحياة الاقتصادية للبلاد.

ذلك أن نساء المغرب اللواتي تمثلن أكثر من نصف تعداد الساكنة المغربية (%50,3)، مازلن تعانين من إكراهات مجتمع تغلب على قطاعات واسعة منه “ثقافة أبوية” تحول دون مشاركة المرأة، بكيفية فعالة، في مناحي الحياة المجتمعية كافة. وتزداد هذه الظاهرة تفاقماً في ظل ما يطال اقتصاد البلاد من عجوزات هيكلية، ومحدودية استثمارية، تنعكسان سلباً على إمكانية استيعاب اليد العاملة، إناثاً وذكوراً.

وبالنسبة للنساء تحديداً، فإن نسبة %78,4 منهن، في الفئة العمرية: 15 إلى 65 سنة، لا تُمارسن شغلاً، ولا تبحثن عن عمل(1).

وعلى خلفية محدودية اندماج المرأة في سوق الشغل(2)، اعتبر تقرير “النموذج التنموي الجديد” أن ولوج النساء لسوق الشغل من شأنه أن يساهم في الرفع من الناتج الداخلي الخام بنسبة تتراوح ما بين %0,2 و %1,95، فضلاً عن انعكاساته الاقتصادية الإيجابية.

كما رصد التقرير ثلاث روافع من شأنها تعزيز دينامية التمكين الاقتصادي للمرأة: المساواة في الأجور، ودعم آليات التربية والتكوين والإدماج والمواكبة، وكذا النهوض بقيم المساواة والمناصفة وتنميتها وعدم التسامح مع كافة أشكال التمييز ضد المرأة.

وإزاء هذه المعطيات السوسيو-اقتصادية المقلقة بالنسبة لوضع المرأة الاقتصادي، فإن مفتاح تثوير وضع المرأة، يظل منصباً على توفير وسائل وفرص إدماجها في سوق الشغل.

وبديهي، فإن فوائد تنمية مساهمة النساء في الحياة الاقتصادية للبلاد، سواء على صعيد “الماكرو-اقتصادي”، مما يسمح بـــ”تحسين قدرات الإنتاج بالبلاد، ودعم النمو الاقتصادي”، أو على مستوى “الميكرو اقتصادي”، حيث تترجم هذه المساهمة بأكبر قدر من “الاعتراف الاجتماعي بالمرأة”.

وقد بات الوضع الاقتصادي الشاذ للمرأة المغربية يسائل بشدة السياسة العمومية للدولة، في اتجاه أن تحظى مسألة إدماج المرأة في سوق الشغل، الأولوية في الأجندات التنموية للبلاد. إنها مسألة تتجاوز – بالتأكيد – سياسة “النوع الاجتماعي” (الجندر)، لكي تطال إشكالية العدل المجتمعي، بإنصاف نصف ساكنة البلاد(1).

‫تعليقات الزوار

2
  • Redouan
    الجمعة 6 يناير 2023 - 06:46

    تكريم المراة هو في إحترام أنوثتها و ليس في تأجيج صراعها مع الرجل بدعم من النسويات المترجلات الفمينيست.
    تحطيم مكانة الرجل في المجتمع اصبحت ترتد عكسا على النسيج الاسري في المغرب كما في اروبا و امريكا حيت انتشرت ظاهرة العزوف عن الزواج من طرف الرجال و هو ما يدفع الان حركات الريد بيل العالمية و التجمعات الرجالية خصوصا في امريكا الى رفض الزواج من اساسه و تفضيل العلاقات الرضائية.
    الحل هو في احترام دور المراة التقليدي و دور الرجل لبناء مجتمع متوازن

  • قنيطري
    الجمعة 6 يناير 2023 - 08:08

    اجل رفع مكانتها في سوق الكابلاج بأجرة زهيدة و استيقاظ مع 4 صباحا

صوت وصورة
الفهم عن الله | رضاك عن حياتك
الإثنين 25 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | رضاك عن حياتك

صوت وصورة
مهن وكواليس | حفار قبور
الإثنين 25 مارس 2024 - 17:30

مهن وكواليس | حفار قبور

صوت وصورة
المودني تخلف أغلالو
الإثنين 25 مارس 2024 - 16:31 6

المودني تخلف أغلالو

صوت وصورة
شبكة "أكديطال" تتوسع
الإثنين 25 مارس 2024 - 16:15

شبكة "أكديطال" تتوسع

صوت وصورة
ما لم يحك | الحسن الثاني واليهود المغاربة
الإثنين 25 مارس 2024 - 15:00

ما لم يحك | الحسن الثاني واليهود المغاربة

صوت وصورة
لقاء أخنوش بوفد من الكونغرس
الإثنين 25 مارس 2024 - 14:41 1

لقاء أخنوش بوفد من الكونغرس