ياسمينة خضرا: كتاباتي تبهر الأجانب.. والوسط الأدبي الجزائري الفرنسي موبوء

ياسمينة خضرا: كتاباتي تبهر الأجانب.. والوسط الأدبي الجزائري الفرنسي موبوء
صورة: مواقع التواصل الاجتماعي
الأحد 14 نونبر 2021 - 01:10

على هامش مشاركته في معرض الشارقة الدولي للكتاب، عقد الروائي الجزائري محمد مولسهول، المشهور بياسمينة خضرا، سلسلة ندوات ولقاءات تحدث فيها عن مؤلفاته ورواياته ومواقفه.

يفضل صاحب رواية “الاعتداء”، التي تحولت إلى فيلم سينمائي، مناداته باسم زوجته “ياسمينة”، وليس باسمه، ويرجع ذلك إلى أن جميع القراء يعرفونه باسم شهرته، وإلى كونه يعتز به لأنه اسم أحب الناس إليه في الدنيا، فضلا عن كونه يجد في اسم شهرته المؤنث مصدر فخر واعتزاز.

كتب الروائي الجزائري باسم مستعار خوفا من أن يمنعه الجيش الجزائري من الكتابة وهو الذي عمل في صفوفه 36 عاما، فباح بأن كتابته خلال عمله في الجيش كانت بمثابة تمرد غير مصرح به.

حوّل ياسمينة تلك اللازمة الإخضاعية “لديك رأس لتضع عليه خوذة عسكرية”، التي يرددها ضباط الجيش على مسامع الجنود كل مرة، إلى لازمة إقلاعية خاطب بها نفسه هي “كلاَّ، إن لي رأسا لأفكر به”.

أَحَبَّ ياسمينة في بداياته الشعر العربي ورغب في نظمه، لكن إحباط معلميه وملاحظاتهم المدمرة للمعنويات جعلته يوقف محاولاته ويصرف النظر عنه.

ولعل القدر أبى إلا أن يضع في طريقه، في المقابل، أستاذا فرنسيا كان يشجعه على الكتابة بالفرنسية، فأحبها واستسلم لإغوائها، ووقتها شعر بأن الأوان آن لمعانقة حلمه وبدء مسيرته الأدبية.

ورغم ملازمة الخوذة العسكرية رأسه، إلا أنه قرر أن يُوجِد لنفسه وقتاً للكتابة ويتجاوز الحواجز ويتحمل كل أنواع التثبيط. ولم يمض إلا وقت يسير حتى أصبحت الكتابة مدينته المحرمة التي صار فيها الرب والعبد، والملك والرعية.

جعل ياسمينة من مملكته الصغيرة تلك معبدا أدبيا يعج بالأفكار القصصية، واستشعر أنه لم يكن بوسع أي قوة في العالم حرمانه من ممارسة طقوسه في تلك الفقاعة الرقيقة التي أنشأها وسط باقي الجند، فتحولت إلى مغارة يبسط فيها سطوة خيالاته متى شاء.

شكوى وعتاب

لا يُفَوِّت ياسمينة الفرصة في أي لقاء مع جمهوره دون أن يشكو ما يعانيه. يقول إنه يتلقى دوما على حسابه في وسائل التواصل الاجتماعي رسائل تعاطف من قرائه، ويعتبر أنه يتعرض لاتهامات باطلة ولظلم غير مفهوم ولإقصاء غير مبرر في فرنسا من قبل من يسمون أنفسهم النخبة المثقفة.

وهذا ما جعله يقرر عدم العيش في “ذلك الوسط الموبوء في الساحة الأدبية الجزائرية الفرنسية”، والاستعاضة عنه برحاب المرحبين به في المدن التي وصلت إليها ترجمات رواياته شرقا وغربا.

ولا ينسى ياسمينة التذكير بإحدى أعجب المفارقات التي تشهدها مؤلفاته، وهي أنها تُبهر الصينيين واليابانيين والبرازيليين والمكسيكيين، بينما لا تجد الصدى نفسه في بلدان العالم العربي.

وحول وسائل الإعلام العربية، يقول ياسمينة إنها لا تهتم بالجديد وتتعامل معه بكثير من العدوانية وعدم الإنصاف. وهو يعتبر نفسه غير معروف جدا في العالم العربي بسبب الصحافيين العرب الذين يهاجمونه ويتهمونه بالخيانة لمجرد أنه يكتب بالفرنسية.

يقول ياسمينة إنه لا يمكنه التفاوض على هويته الشخصية ولا بيع نفسه للشيطان، وإنه يواجه من يمارسون في حقه العدوان بالابتسام في وجوههم والرد على كراهيتهم بالحب وعلى قبحهم بالجمال وعلى الإقصاء بالتشارك.

فهو يبتسم عبر الكتابة الروائية، لكن دون إلحاق الأذى بأحد، وذلك إنجاز يفوق في قيمته قيمة مؤلفاته. فإنسانية الإنسان تكمن في بقائه إنسانا حتى الممات وقدرته على العيش دون سحق الآخر، حسب ياسمينة.

وعن العشرية السوداء، يقول بأسى إنه شهد خلال عمله في وحدة محاربة الإرهاب في الجيش أهوالا عدة، فالعنف الذي حدث في الجزائر شيء يفوق بكثير ما وقع في سوريا وليبيا.

منع “الاعتداء”

خلال مناقشة أعماله مع الجمهور، اعتبر ياسمينة أن رواية “الاعتداء” هي الكتاب الذي حقق له النجاح العالمي الأكبر وأثر على كثير من القراء، وأوعز السبب في ذلك إلى كونه كتابا إنسانيا؛ فهو يضع الحياة والروح الإنسانية فوق الأيديولوجيات وفوق كل القضايا التي يخاض من أجلها الكفاح، ولا أحد له الحق أن يقول للآخر إنه ليس له الحق في الوجود. فهذا الكتاب، يقول ياسمينة، أبهر الناس الصادقين بينما أثار عقيرة “بُلهاء وجبناء”.

وسخر الروائي الجزائري من قرار الجامعة العربية التي أقدمت على منع عرض فيلم “الاعتداء” المقتبس من روايته، قائلا إن تلك هي المرة الوحيدة التي اتفق فيها العالم العربي على شيء واحد، وهو عدم السماح بعرض الفيلم في أي دولة عربية.

وفي معرض انتقاده اللاذع لبعض مظاهر البؤس الإنساني التي تسود في بلدان عربية، استهجن ياسمينة ما تتعرض له المرأة باسم الدين من إساءة وتشييء في أماكن مثل أفغانستان وسوريا والعراق، وتساءل: “كيف يعقل أن تصل أمم إلى الجانب الآخر من النظام الشمسي، بينما ينحصر هم بعض مدعي حماية الدين في الدعوة إلى تغطية النساء؟”.

ويقول ياسمينة إنه يحترم المرأة جدا، فهو رفع زوجته فوق مقام الرجال بعدما جعل كتبه تحمل اسمها. فلا يمكن للعالم العربي أن يقلع وينهض أبدا دون المرأة.

مذهب سيزيف

يعتبر ياسمينة أن الكتابة مثل قصة صخرة سيزيف، وأن التحرر الحقيقي هو ألا تصل أبدا. فحين يشعر الكاتب بأنه وصل إلى الذروة، يكون قد خَطَّ نهايته بنفسه، لكنه يُقرُّ رغم قناعته هذه بأنه يحب قراءة مؤلفاته ويصرح علنا بإعجابه بنفسه!

وبالنسبة له، كل كاتب له تعريفه الخاص لمذهبه الأدبي. فليس هناك تعريف عام مشترك لمذهب الكاتب الروائي؛ إذ إن كل واحد يخوض غمار الكتابة بطريقه الخاص. فالكتابة نوع من أنواع الابتكار والإبداع الفني في الأدب، هي ابتداع الكاتب أسلوبه المميز في نحت الكلمات والعبارات ورسم العوالم والصور.

ولا يرى ياسمينة في رواياته سيرا ذاتية، وهو يفضل ابتداع شخوص رواياته وعدم تقمص أي منها، ولذلك يحبذ غالبا البقاء خارج شخوص مؤلفاته. ويقول إنه يكتب عندما يكون بحاجة إلى فهم شيء ما؛ فهو يتعلم من خلال الكتابة.

يفرح ياسمينة بترحيب جمهوره المتنوع من القراء ويفخر بذلك، ويقول إن له قراء متنوعين من مختلف الفئات العمرية والعلمية، من بينهم مثقفون وحائزون على جوائز نوبل، مثل غابرييل غارسيا ماركيز. كما يعتبر أن الناس قادرون على فهم العمل الأدبي أيا كان، بصرف النظر عن ثقافتهم أو بلدهم.

‫تعليقات الزوار

8
  • طجين لفت
    الأحد 14 نونبر 2021 - 01:39

    “كتاباتي تبهر الاجانب” كل كتابات المغاربيين التي تسيء الى الوطن تبهر الاجانب . سواء كان هذا الوطن تونسيا او مغربيا أو جزائريا .

  • حميد بلفاسي
    الأحد 14 نونبر 2021 - 01:46

    حين يتحرر الكاتب و الشاعر و المفكر من نير المستبدين العسكريين تراه مبتسما فرحا بانتاجه و مهديا اياه لعموم القراء…نحب كل هؤلاء الكتاب الجزائريين الذين فروا الى ارض الله الواسعة…و الجزائري معطاء يصبح عقلانيا كونيا بحس سليم عكس الاصوات في الداخل التي لا تقدر ان تخرج عما يرسمه شنقريحة و 3 من حوله من الدمويين الجبناء المطلوبين للعدالة…ايننا من الراحل كاتب ياسين و محمد ديب و مفدي زكرياء شاعر الثورة الجزائرية و من محمد حربي المؤرخ الرصين و رشيد بوجدرة الصريح المبد الكبير و المربي البديع و ايننا من احلام مستغانمي و من ملكة مقدم و من رشيد ميموني رحمة الله عليه قاطن طنجة الفار من قهر العسكر و ايننا من الزاوي و واسيني الاعرج و الطاهر وطار و كمال داوود و ابن باديس و الشيخ علي بلهاج الجميل دي البشرة السوداء الاصيل الرفيع المستوى النبوي المنهج و المقموع هو و اهله…كلهم عظام نقرأ كل ما ينتجون بشغف و عن طريقهم نعرف عمق الجزائر…و ايننا من ميلود معمري و مولود فرعون القبائلي ابن الجبل الاصيل و اسيا الجبارة الجميلة جدا و طاووس عمروش صاحبة اللحن القبائلي الجبلي و صوتها الصارخ الرهيف…اين الجزائر

  • De Lyon
    الأحد 14 نونبر 2021 - 02:40

    بنخضرا كاتب كبير بالفرنسية حائز على عدة جوائز ثقافية بفرنسا حيث يعيش منذ 2001 كما حصل على وسامان من الدولة الفرنسية ،من أكثر الكتاب الأجانب قراءة في فرنسا كالمغربيان ليلى سليماني وطاهر بنجلون

  • Espoir
    الأحد 14 نونبر 2021 - 09:05

    J ‘ai une formation scientifique, mais j’adore la littérature. J’aime beaucoup cet auteur.Son style subtile, sa sincérité dans l’écriture, m’emporte à fure et à mesure des pages.Le dernier roman que j’ai lu: “Ce que le jour doit à la nuit” est un régal littéraire. Que les écrivains Français le jalousent,ne m’étonne guère. Je lui souhaite plus de succès encore.

  • Hiba
    الأحد 14 نونبر 2021 - 09:17

    Personnellement, j’aime ses romans, très digestifs. Je lui souhaite bonne chance

  • السافوكاح
    الأحد 14 نونبر 2021 - 13:40

    لمح الكاتب المغربي باللغة الفرنسية الطاهر بنحلون ان ياسمينة خضرا مشكوك في كتاباته..يعني ربما يكون انتحلها او اشتراها من عند كتاب مغمورين…ولا يمكننا الا ان نشك في موهبة الكاتب…فياسمينا خضرا عندما تستضيفه البرامج الثقافية التلفزيونيه في فرنسا يبدو متلعثما وبفرنسية ركيكة…بالكاد ينطقها بشكل سليم…فكيف له ان يكتب روايات بوليسية ذائعة الصيت؟ ! من ناحية أخرى ، الكاتب ينتمي لمنطقة القنادسة وهي كل الجنوب الغربي الجزائري كان تابعا للمغرب…في نظري هو كاتب مغربي ولا يشبه الجزائريين.

  • التمسماني
    الأحد 14 نونبر 2021 - 14:09

    أنا من أشد المعجبين بهذا الكاتب الفذ. أتوفر في مكتبتي على جميع مؤلفاته. أسلوبه رائع و سرده و وصفه رائعين، يرحلان بالقارئ إلى عالم الرواية ليشعر بأنه صار جزءا من شخصياتها.

  • طلال
    الأحد 14 نونبر 2021 - 23:11

    كان الأولى أن يعتذر للمغاربة كافة فيما سبق وصدر منه من تهجم مجاني في حق الطاهر بنجلون

صوت وصورة
اعتصام ممرضين في سلا
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 19:08 1

اعتصام ممرضين في سلا

صوت وصورة
وزير الفلاحة وعيد الأضحى
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 17:34 24

وزير الفلاحة وعيد الأضحى

صوت وصورة
تكافؤ الفرص التربوية بين الجنسين
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 16:12 3

تكافؤ الفرص التربوية بين الجنسين

صوت وصورة
احتجاج بوزارة التشغيل
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 16:02 3

احتجاج بوزارة التشغيل

صوت وصورة
تدشين المجزرة الجهوية ببوقنادل
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 15:15 4

تدشين المجزرة الجهوية ببوقنادل

صوت وصورة
المنافسة في الأسواق والصفقات
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 13:19

المنافسة في الأسواق والصفقات