أحمد برغوال .. مغربيّ طبع حياته بنجاح تجاريّ لافت في هولندا

أحمد برغوال .. مغربيّ طبع حياته بنجاح تجاريّ لافت في هولندا
الخميس 16 يونيو 2016 - 23:00

يدلّ مسار أحمد برغوال، بإيجابياته وسلبياته، على أن الأبواب الممكن طرق دفّتيها من أجل تحقيق التميّز لا ترتبط، ضرورة، بالتمكّن الدراسيّ، بقدر ما تتصل بضبط الأداء في جوانب حياتيّة بديلة.. فبرغوال نموذج صارخ عن إنسان خبِر التجارَة واستثمر في معرفته بمُعلنَاتها وخباياها من أجل الوصول إلى نفع شخصيّ وآخر جمعيّ واضح.

هجرة وتجارَة

يبلغ أحمد برغوال من العمر 50 عاما، وهو مقيم بالديار الهولنديّة التي يحمل جنسيتها منذ أن كان في الـ13 من عمره، مستفيدا من التشريعات التي أتاحت لوالديه لمّ أبنائهم عبر مسطرة التجمّع العائليّ، كي يتنقّل من منطقة الريف، وإقليم النّاظور تحديدا، صوب أمستردام.

لم يبرع برغوال في مساره الدراسيّ بقدر ما أتقن الممارسة التجاريّة العمليّة وسط بيئته الأسريّة، حيث تمرّس في عوالم التعاطي مع الرأسمال والأرباح منذ أوائل سنوات الثمانينيّات من القرن الماضي، وبذلك حسم في مساره الشخصيّ والمهنيّ مبكّرا وهو يوجّهه نحو الاتّجار بالمواد الغذائيّة على وجه التحديد.

“لم تكن الهجرة إلى هولندا من اختياري، وبالتالي يبقى ما نتج عنها قصيّا عن خياراتي..وكل ما راكمته جاء من منطلق تدبير والدِي، رحمه الله، حين قرّر نقلنا صوب هولندا أعوام السبعينيات من الألفيّة الماضيّة، كما يعود إليه الفضل في تمكيني، بمعيّة إخوتي، من حسن ضبط المعاملات التجاريّة”، يقول أحمد.

مقاولَة عائليّة

بدأ برغوال أولى خطواته التجاريّة في بيئة مقاولاتيّة عائليّة انطلقت، سنة 1979، بالتعاطي مع بيع الدجاج بالجملة، ثمّ أعقب ذلك انفتاح على تجارة التقسيط بإنشاء محلّ تجاريّ بسيط، إلى أن أتت مرحلة اتخاذ القرار بالبصم على “سوق ممتازة”..وعن تلك المرحلة يقول الهولنديّ المغربيّ نفسه: “كانت تلك النشأة موفقّة للغايَة، وأفضت إلى تطورات أتاحت فتح سلسلة من الأسواق الممتازة المماثلة تحت اسم طَنجَة”.

بحلول سنة 2011 قرّر أحمد برغوال شقّ طريقه منفردا عن الاستثمار العائليّ، لكنّه لم ينسلخ تماما عن إرث الماضي وهو يسمّي مشروعه الجديد “سوق طنجة”.. فكانت الفكرة الجديدة امتدادا لخبرة الماضي، ومرتبطة بتمكين تعداد المسلمين بهولندا، البالغ مليونا ونيف، من منتجات غذائية تلبي حاجياتهم.

“أسّست مشروعي الخاص بي، Tanger Market، وأخذت في البذل من أجل تنميّته يوما بعد يوم، وشهرا عقب شهر، وعاما تلو الآخر.. والعلامة التجارية الخاصّة بي تتوفّر الآن على 11 مركزا تجاريا، واحد منها في بلجيكا والبقيّة فوق التراب الهولنديّ، بينما تشغّل 400 فرد تقريبا بصفة مباشرة، وتبصم على رقم معاملات يعادل 60 مليون أورو في العام”، يورد أحمد برغوال.

ثقة في النّفس

دأب أحمد على رفض كل العروض التي تهاطلت عليه من مستثمرين ذاتيين ومعنويّين راغبين في ولوج رأسمال سلسلة المتاجر الغذائية التي يملكها؛ مستندا في هذا الاختيار إلى ثقته بنفسه وقدرته على إنجاح المشروع دون نيل شركاء، وكذا النتائج الماليّة التي حققها طيلة السنوات الخمس الماضيّة، بما يجعل “سوق طنجة” تصل في 2016 إلى المراهنة على افتتاح 5 فروع جديدة في كل عام من الأحوال القادمة.

وتعليقا على ذلك يقول المستثمر الهولندي المغربيّ: “لدينا طموح عال، كما نتوفّر على إدارة احترافية وأياد عاملة خبيرة، إضافة إلى عتاد لوجتسيكيّ متطوّر للغاية؛ وبذلك نستجيب لكل الشروط التي يضعها التشريع الهولنديّ لهذا النوع من الأنشطة التجاريّة؛ وبالتالي لا ضرر في مراهنتنا على جهودنا الذاتية لتحقيق التطور الذي نرغب فيه.. وأولى الخطوات التنموية للمؤسسة تقترن بتعزيز التواجد على المستويين الهولندي والبلجيكيّ، مع الاشتغال على التواجد قريبا بكل من فرنسا وألمانيا”.

سِلع مغربيّة

تعرض المتاجر التي أسسها أحمد برغوال عددا من السلع المغربيّة على زبنائها، بتركيز على خضراوات والفواكه الطريّة، وأيضا بعض المشروبات المعدنيّة والغازيّة، لكنّ هذا التعاطي، وإن كان يشكّل فخرا لمؤسسة “Tanger Market” بناء على تصريحه، إلاّ أنه يبقى دون الانتظارات الساعيّة إلى ما هو أرحب.

“هناك عراقيل معاملاتيّة ترتبط بالسلع المرغوب في نيلها من المغرب، ما يؤثّر سلبيا على حجم الطلبات المستطاع توفيرها والمدّة المعقولة للتسليم..وهذا يبدو جليا حين تستغرق السلع التركيّة خمسة أيام للتوصل بها في هولندا، وأسبوعا واحدا لنيل المستوردات من الصين؛ بينما يبقى المموّن المغربيّ أمام إجراءات بيروقراطيّة تحتاج التنحيّة إذا ما أريد تحقيق التطوير”، يقول برغوال.

أمّا عن فكرة الاستثمار في المغرب، فيرَى أحمد أنها لم تعنّ له بعد، رغم كونه يؤمن بأن التعداد السكاني للمغرب يسمح بإنشاء ما يعادل 5 آلاف سوق ممتازة بعموم الوطن الأمّ، وذلك من منطلق التجربة الهولنديّة التي انفتحت على ما يتجاوز 9 آلاف متجر عصريّ لساكنة يقارب تعدادها 17 مليون نسمة..”خوض تجربتي نفسها بهولندا على المستوى المغربيّ يستوجب استحضار طبيعة السوق هناك، وهي المعتمدة على استيراد غالبيّة السلع.. وتوفري على شجاعة لسلك هذا المسار لازالت مستوجبة لبعض الوقت”، يضيف أحمد.

تطلعات ونصائح

يرى أحمد برغوال أن مساره في ديار المهجر لا تلاقيه نفسه إلاّ بالارتياح التّام، بينما يربط تطلعات المستقبل بجعل سلسلة متاجر “سوق طنجة” تحقق النماء المتواصل؛ كما يقرّ بأنّه سلك نهج والده من خلال الإقدام على إعداد أبنائه لتولّي المسؤوليّة التدبيريّة في الأعوام القادمة.

من جهة أخرى، يُقرّ الخمسينيّ الهولنديّ المغربيّ ذاته بأن وصفات نجاح الشباب ذوي الأصول المغربيّة في البلدان المستقبلة للهجرة تبقى مفتقدَة، لكنّ خوض التجارب بحثا عن تحقيق ذلك يبقى متاحا أمام الكلّ، ويسترسل: “ينبغي التزوّد بطول النّفَس الذي ينأى عن جعل صاحبه يفقد الأمل في منتصف المشوار. وحال هولندا، على سبيل المثال، يجعل كلّ مقومات النجاح متوفرة لمن توفّر على أهداف واضحة وإرادة صلبة.. وفي النماذج التركيّة والأندونسيّة والسوريناميّة بالأراضي المنخفضة ما يمكن أن يُتّخذ قدوة لتحفيز شباب المغرب على البذل في سبيل الارتقاء مجتمعيّا، دون إغفال ما حققته بعض الأسماء المغربيّة في هذا الإطار”.

‫تعليقات الزوار

11
  • سامي فرنسا
    الخميس 16 يونيو 2016 - 23:34

    شخصيا زرت هذه المحلات ببساطتها وعظمتها تستحق كل التنويه سلع متنوعة وفي متناول الجميع ،نتمنى لك التوفيق انشاء الله

  • Amin
    الخميس 16 يونيو 2016 - 23:35

    ماشاء الله، تبارك الرحمن. اللهم بارك له في مرذقته.

  • araw n chleuh
    الخميس 16 يونيو 2016 - 23:36

    الله يبارك إويس نتمازيرت

  • Mohammed
    الخميس 16 يونيو 2016 - 23:48

    بصراحة رجل قوي ،داءم التفاؤل والعزيمة دو تجربة في ميدان التسويق والتجارة ، وكريم وعطوف

  • عادل طنجاوي روتردام
    الخميس 16 يونيو 2016 - 23:56

    إن من وصايا الحبيب عليه الصلاة و السلام علموا أولادكم التجارة طبعا الحلال و بشروط وهي في مصلحة الجميع مشكلة الشباب و خصوصا المهاجرين المتواجدين في الخارج هو الربح بدون معانات و بدون مجهود فيتاجر أحدهم في المخدرات و يجني المال (الحرام) ويؤثر بذلك على محيطه بالتباهي بالسيارات … فيتأثر بعض الشباب فيتبع نفس الخطوات غالبا ما تكون النتائج إما السجن و إما الموت

  • نورالدين بهجي
    الجمعة 17 يونيو 2016 - 00:30

    السلام عليكم
    الرجل اعرفه شخصيا قمة في الأخلاق سفير فوق العادة لبلد يفتقد لسفراء حقيقيين
    اسأل الله ان يوفقه وا يصلح له ذريته

  • Amsterdam
    الجمعة 17 يونيو 2016 - 01:45

    انا من زبناء هذا المتجر، بصراحة منتجاتهم في المتناول٠ بالتوفيق ان شاء الله

  • Sami
    الجمعة 17 يونيو 2016 - 07:23

    الحمد لله علا بلدان أوروبا دارة فبن خير كبير الا بغيتي تستنمر ف المغرب اولا خصك تكون سفار و يحكموك ف الا جراءاة الء دارية

  • نصيحة
    الجمعة 17 يونيو 2016 - 10:24

    انا انصح هذا المواطن مغربي الشريف الذي حقق ذاته في اوروبا اعتمادا على نفسه أن لا يغامر بالإستثمار في هذا البلد سعيد لأن فرص نجاح رهينة برضا(شفارة الكبار )

  • خميي
    الجمعة 17 يونيو 2016 - 12:25

    الانطلاقة من الصفر ( والو )ممكن في بلدان الغرب التي تساعد كل مبادرة جيدة وتشريعاتها التي تواكب كل حامل لمشروع .أما بلدي مستحيل .زرت متاجر tangermarktفوجدتها لا تقل شأنا عن متاجر عريقة في هولندا وتحية لكل مغربي يحسن من سمعة المسلم التي وصلت للحضيض

  • عزيز
    السبت 18 يونيو 2016 - 15:42

    بالنسبة للاثمان فهي مناسبة خصوصا اثمان اللحوم الحمراء و البيضاء ،ولاكن الملاحض في هذه اللاسواق ،طنجة، ان صاحب المحلات لا يستثمر كثيرا في الاجهزة وخصوصا الديكور و الانارة واغلب kassa او les caisses معطلة مما يخلق نوع من الازدحام عند الدروة.بالاضافة الى النضافة التي يرجى بدل مجهود اضافي فيها.

صوت وصورة
جدل فيديو “المواعدة العمياء”
الإثنين 15 أبريل 2024 - 23:42 8

جدل فيديو “المواعدة العمياء”

صوت وصورة
"منتخب الفوتسال" يدك شباك زامبيا
الإثنين 15 أبريل 2024 - 23:15

"منتخب الفوتسال" يدك شباك زامبيا

صوت وصورة
بيع العقار في طور الإنجاز
الإثنين 15 أبريل 2024 - 17:08 4

بيع العقار في طور الإنجاز

صوت وصورة
مستفيدة من تأمين الرحمة
الإثنين 15 أبريل 2024 - 16:35

مستفيدة من تأمين الرحمة

صوت وصورة
مع ضحايا أكبر عملية نصب للتهجير
الإثنين 15 أبريل 2024 - 16:28 8

مع ضحايا أكبر عملية نصب للتهجير

صوت وصورة
تألق المدرسة المغربية لعلوم المهندس
الإثنين 15 أبريل 2024 - 15:55

تألق المدرسة المغربية لعلوم المهندس