"أحيزون والمنشطات: الجرم المشهود"

"أحيزون والمنشطات: الجرم المشهود"
الجمعة 12 أكتوبر 2012 - 14:39

بمقال لنا سابق عن “أولمبياد الخيبة”، قلنا بأنه لو كان ثمة من حصيلة تذكر عن مساهمة “الوفد المغربي” بأولمبياد لندن لصيف هذه السنة، فستكون حتما وبالقطع تحت شعار الخيبة والحسرة والغضب.

وقلنا، بذات المقالين، بأن “نتائج” المشاركة المغربية يجب أن تخضع لعملية تدقيق شاملة، حتى يتعرف المغاربة ليس فقط على الأسباب التي أفضت إلى هذه النازلة، بل وأيضا إلى تبين فضيحة المنشطات التي حالت دون مشاركة أكثر من رياضي كان مراهن عليه بقوة.

وقلنا، إلى جانب كل هذا، بأنه لو لم تتم محاسبة المسؤولين عن هذه الكارثة الرياضية، فإن التشظي سيلازمها إلى ما لا نهاية، ولن يفتأ يلاحق ألعاب القوى المغربية في الحل والترحال.

ومع أننا كنا ننتظر عملية جراحية مفصلية تستأصل الورم الخبيث من جذوره، فإننا لم نظفر بالمحصلة إلا باستدعاء شكلي لرئيس الجامعة للمثول أمام لجنة القطاعات الاجتماعية بالبرلمان، لسماع أقواله واستيضاح الملابسات التي رافقت ثم أفرزت نتائج بالحضيض، وصورة عن المغرب في قمة الاهتزاز.

يقول أحيزون، بخصوص المنشطات، بأن جامعته قد سجلت، منذ العام 2007، شكوى ضد مجهول لدى النيابة العامة، للبحث عن مروجي المنشطات والمواد المحظورة، وإن هذه الشكاية قد تم تجديدها بداية شهر غشت الماضي، بغرض ضرب هؤلاء بيد من حديد.

ويؤكد رئيس الجامعة بأن “العدائين المغاربة يخضعون لمراقبة مستمرة من طرف الاتحاد الدولي لألعاب القوى بتعاون مع الجامعة، وذلك عن طريق نظام الجواز البيولوجي والفحوصات المفاجئة، حيث يتعين على هؤلاء إخبار الاتحاد الدولي عن مواقعهم أينما حلوا وارتحلوا”. ودليله في ذلك أن هذه الفحوصات بلغت خلال العامين 2011 و 2012 حوالي 336 فحصا، “خضع خلالها العداؤون لما بين 19 و 21 فحصا لكل عداء”.

هذا في أسباب النزول. أما في السياق العام، فإن رئيس الجامعة يعتبر أن ظاهرة تعاطي المنشطات إنما “تعد اليوم ظاهرة مجتمعية كونية”، وأن “الحالات التي تم ضبطها بتزامن مع الألعاب الأولمبية الأخيرة، تم تضخيمها وبشكل يوحي بأننا البلد الوحيد في العالم الذي تعرض لهذه الآفة، في الوقت الذي تمت معاينتها في جميع القارات بدون استثناء، وفي مختلف الريااضات”.

أما في النتائج، فيؤكد رئيس الجامعة أن الحصيلة “تمثلت في تأهيل 21 عداء وعداءة، وبلوغ 7 منهم لنصف النهاية، ومشاركة 7 في النهائيات، ومشاركة 14 عداء وعداءة لأول مرة، بمن فيهم عداءين اثنين من فئة الشبان، وإحراز ميدالية برونزية في مسافة 1500 متر”.

أما في الترتيب، فقد احتل المغرب، يتابع رئيس الجامعة، “الرتبة 27 عالميا حسب النقط، واحتل حسب الميداليات الرتبة 33 عالميا، إلى جانب بلدان كبيرة مثل كندا وإيطاليا واليابان”.

كل هذه البيانات والاستنتاجات تم تقديمها أمام لجنة الشؤون الاجتماعية، فتمت مساءلة رئيس الجامعة عن بعض تفاصيلها دونما إيحاء أو إيماء، من لدن أعضاء اللجنة، بأن المطلوب بالنهاية ليس المساءلة من باب معرفة أسباب وخلفيات ما جرى، بل الحساب والمحاسبة المحيلين موضوعيا على القصاص والعقاب:
+ فعندما يقول أحيزون بأن ظاهرة المنشطات هي ظاهرة كونية، لا تسلم منها كل الرياضات في العالم، فهذا قول غير سليم ومردود عليه، لا بل سرعان ما سيتم اجتراره في القادم من منافسات دون خجل أو تحفظ، لا سيما بحالات الإخفاق والفشل. ثم هو مبرر خارجي من الهين التخفي خلفه، لا سيما وأنه يتضمن بعضا من عناصر الحقيقة.

إن التذرع بمسوغ من هذا القبيل هو كالقول بأنه مادام الأمر عام وشامل، فهو هين بالمحصلة النهائية، وما دام أن الكبار هم عرضة له، فما العيب في أن يعترض طريق الصغار.

ثم إن أمر المنشطات في حالة مشاركة المغاربة في أولمبياد لندن، تعدى الحالة الواحدة إلى حالات عديدة، فكيف القول بأن الأمر معزول ومحصور، وليس ظاهرة من الوارد الخلوص إل التعميم بالبناء عليها؟ هذا أمر عجب، لا سيما وهو صادر على لسان رجل أزعم أنه يدري جيدا متى تصبح الحالة الخاصة والفردية حالة عامة، ومتى تتحول إلى ظاهرة تطال البينان والبنية سواء بسواء.

+ وعندما يقول رئيس الجامعة بأن مصالح هذه الأخيرة قد وضعت شكايتين لدى النائب العام، بغرض معرفة من يروج هذه المنشطات، فهذا كلام سطحي، مجانب لمبادئ المسؤولية، ويدخل ضمن نطاق الصحك على الذقون.

إن المنشطات، كما المخدرات، موجودة هنا وهناك، ومتداولة بهذا الشكل أو ذاك، وبأكثر من طريقة، فكيف تستقيم عملية أخذ النتيجة بجريرة السبب، وإلا فسيستقيم الأمر هنا بمآخذة أداة القتل أو صانعها، عوض متابعة القاتل، المستعمل للأداة. وهذا عبث ما بعده عبث.

+ وعندما يقدم أحيزون النتائج والترتيب، فإنه لا يضحك على الذقون فحسب، بل يسبلدنا كما يستبلد أعضاء لجنة القطاعات الاجتماعية. إنه يوهمنا ويوحي لنا بأن “النتائج المحصل عليها” إيجابية، بدليل اصطفافنا إلى جانب كندا وإيطاليا واليابان، على حد قوله. لكنه يتناسى بأنه لولا الميدالية البرونزية اليتيمة، لما كان إسم المغرب ليظهر بسبورة النتائج بالجملة والتفصيل.

ويتناسى أيضا بأن ترتيبنا لم يكن بجانب الدول التي ذكر، بل بالرتبة 79 جنبا إلى جنب مع أفغانستان، حيث تحولت الملاعب إلى فضاءات حرب لا تنتهي إلا لتبدأ من جديد… ولم يثبت مع ذلك على عدائي أفغانستان أن تناولوا المنشطات بهذه الأولمبياد… هم بلد الأفيون بامتياز.

لا يسمح المجال هنا لتعداد حالات تبرير اللامبرر، وتسويغ ما لا يمكن تسويغه، بمنطق الأمور وبالأرقام الدامغة.

إلا أن الذي يمكن الخلوص إليه، بصورة عامة، إنما أن ألعاب القوى بالمغرب قد باتت، منذ مجيء أحيزون، حقا وحقيقة، في الحضيض وأنه قد آن الأوان لتدارك الموقف.

ولعل المدخل الأساس لتدارك الأمر، إنما الإسراع بجهة النظر في مسألة إقالة الرئيس، ومن يلف لفيفه من “المساعدين”. إننا نطالب بالإقالة ليس فقط بالنظر إلى غياب مشروع لألعاب القوى لدى الرجل، بل وأيضا لأن أشخاصا من طينته لا جرأة لديهم للاعتراف بالفشل، فما بالك قدرتهم على استلهام البعد الحضاري للاستقالة.

موقع الكاتب على الشبكة
www.elyahyaoui.org

‫تعليقات الزوار

4
  • bouih mohamed
    الجمعة 12 أكتوبر 2012 - 16:00

    نشكر د.يحيى اليحياوي على وطنيته وعلى العنوان الذي اختاره لمقاله الذي يحمل عدة دلالات واشارات وما يجب اتخاده في حق كل من كان وراء احباط ام الرياضات ابتداءا من احيزون الذي رفض ما كان يطمح اليه الاسطورة (عويطة) والنتيجة هي ما حصل عليه مؤخرا عداءونا وعداءاتنا في لندن . (هاذ الناس يالاه حاذقين يقولو لينا من بعد تلك الشوهة اللي تبث تناوله المنشطات سيطرد من وظيفته)واخا وهاذوك اللي مشجعينهم يبقاو بت نبت في الجامعة واسيرو قلبوا على شي حرفة اخرى الرياضة عليكم بالتيقار .

  • Mostafa
    الجمعة 12 أكتوبر 2012 - 20:57

    Il faut reconnaitre qu on est parmi les derniers a peu pres en tout par exemple taux d alphabetisation est de 48% le dernier des pays arabes.A titre d exemple le Qatar 97%l arabie saoudite 93%.Les victoires realisees ici ou la sont et resteront isolees.Quelques etoiles ne font pas la Voix Lactees.Le fait qu on a eu El Garouj ,Aouita est un accident en quelques sortes.La reussite necessite un travail continu , soutenu et planifie a l instar des puissances sportives , economiques , militaires et scientifiques.On notera au passage que ce sont les memes.Pourquoi faire rendre gorge a ce malheureux responsable et pas aux autres :les responsables de l enseignement, ceux du logement, ceux de la sante…
    On n a plus le pretexte de la colonnisation, on s en prend a nous meme sans faux semblant.Le developpement est globale multi-dimensionnel.Le socle du developpement est le travail renumere a sa juste valeur.Tant que l ouvrier, le paysan ne peut pas vivre dignement de son labeur, on a tout faux

  • محمد كريم
    السبت 13 أكتوبر 2012 - 01:42

    باسم الله والصلاة والسلام على محمد وآله
    اود ان أشكر الدكتور اليحياوي على مقاله الهادف و القيم بما جاء به من معطيات وتحليل دقيق معبرا فيه على روحه الوطنية العالية .واني أضم صوتي الى صوته في كل ما ورد في موضوعية قلمه .لكن تساؤلاتي التالية موجهة الي المسؤولين القائمين على الرياضة عموما والعاب القوى خصوصا
    هل ترضون أن كل الانجازات التي حققت والتي رفعت علمنا عاليا في كل المحافل الدولية ان تدنس وتضرب عرض الحائط بهاته السهولة ؟
    هل ما قدمه العداؤون المغاربة الابطال العالميين السيدات والسادة سعيد عويطة و نوال المتوكل ومولاي الطيب وهشام الكروج ونزهة بدوان وحيسو صلاح الدين تركوا بصمتهم الدهبية على تاريخ العاب القوى المغربي بالانجاز البسيط الهين؟
    هل الصورة البراقة والسمعة العالية بعد الجهد والعناء الكبيرين لكل هؤلاء الابطال لا تساوي شيء عندنا؟
    علينا ان نعلم ان صورة وسمعة بلدنا لاتقبل المساومة ولا تقدر بثمن وعلينا ان نكون مسؤولين حرصين على الحفاظ والدفاع عليها بالنواجد ان استدعى الامروالتصدي بقوة لكل من سولت له العبث بها
    ان اقل ما كان على السيد أحيزون فعله هو تقديم استاقلته في ضل ما حصل

  • Boubker
    الإثنين 15 أكتوبر 2012 - 13:43

    Merci si El Yahyaoui pour cette analyse quoique que je suis pas d"'accord avec ta vision des choses dans la mesure ou la responsabilité concernant le dopage ne peut en aucun cas être endossé par le Président de la fédération mais c'est une question politique avant tout .Je ne sais pas si vous êtes au courant de la loi 05-81 relatif à la lutte contre le dopage dans le domaine sportif qui a été présenté devant la commission des secteurs sociaux en 2009 pour discussion. Aujourd’hui après 4 ans et le passage de 3 ministres aux Ministère de la jeunesse et des sports,le projet n’a pas encore été approuvé
    De façon objectif je voix qu'AHizoune est loin d'etre le responsable de ce phénomène qui est en perpétuelle propoagation dans les différentes salles du sport tout type confondus .

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02 4

وزير النقل وامتحان السياقة

صوت وصورة
صحتك النفسانية | الزواج
الخميس 28 مارس 2024 - 16:00 3

صحتك النفسانية | الزواج

صوت وصورة
نقابة الممرضين تعتصم بالبيضاء
الخميس 28 مارس 2024 - 15:40 1

نقابة الممرضين تعتصم بالبيضاء

صوت وصورة
ما لم يحك | البصري وتبذير الأموال
الخميس 28 مارس 2024 - 15:00 3

ما لم يحك | البصري وتبذير الأموال

صوت وصورة
الأمطار تنعش الفلاحة
الخميس 28 مارس 2024 - 13:12 3

الأمطار تنعش الفلاحة