أصحاب الْفِيل

أصحاب الْفِيل
السبت 4 نونبر 2017 - 21:59

ينفتح الستار. يُسمع صريره. ينزل ضوء من أعلى. يرسم دائرة. تتحرك داخلها كتلة. تستوي واقفة. تصير فيلا. يتحرك الفيل نحو الجمهور. يبسط خرطومه. يبتسم ناباه العاجيان. يُشرع أذنيه تحية لجمهور العاشقين.

تتسع الدائرة الضوئية. تدخلها كرة متنوعة الألوان. يمد الفيل خرطومه. يوقفها. تنبعث موسيقى خفيفة الإيقاع. يتمايل الفيل راقصا. يدور حول الكرة. يرفع أطرافه الأربعة بتناوب منتظم. ينبهر الجمهور. يصاحب حركاته بالتصفيق. تتوقف الموسيقى. يقف الراقص على قدميه الخلفيتين. يلوح بخرطومه. تنطلق الفرجة.

تتسع دائرة الضوء. تتسع عيون المتفرجين. يمد البهلوان خرطومه نحو الكرة. يتأكد من ثباتها. يضع طرفيه الأماميين فوقها. يحط خرطومه على الخشبة. يرتكز عليه. يضبط توازنه. ترتفع رجلاه الخلفيتان. تأخذان موقعهما على سطح الكرة. تنطلق الموسيقى. يشرع الفيل في الدوران. تتحرك الكرة. تدور، تدور، تدور. تدور العيون في محاجرها. يصل الدوران أقصى سرعته. يمتزج الجسدان. يتكوران. يصبحان كتلة واحدة. تفقد الجماهير توازنها. تأخذ الموسيقى في الانخفاض. يأخذ الضوء في التلاشي. يشتعل التصفيق في الظلام.

تضاء الأنوار. الخشبة فارغة. تتواصل التصفيقات المجنونة. يتعالى الصياح، الصراخ، الهتاف. هستيريا عارمة. يمر الوقت. يتوقف التصفيق تدريجيا. تتسمر الأجساد في أوضاعها. تُفغر الأفواه. تحار العيون البلهاء. صمت رهيب. ينفجر صوت من الأعماق: “أين الفيل؟”. تردد القاعة صداه. يتفتت السؤال. يتحول همهماتٍ، همسات، أصواتا، صراخا، صفيرا. تتفاعل الأصوات. تصير عباراتٍ، شعاراتٍ، احتجاجات. تصيح الحناجر [الفيل.. الفيل.. الفيل..] [الجمهور يريد الفيل].

تتحرك الأجساد. تغادر المسرح. تنتشر في الشوارع. تتجمهر في الساحات. تزداد الشعارات حدة. تمتلئ الشرفات. يكبر الحدث. يشيع الخبر. تهرع وسائل الإعلام للمواكبة، للتمويه والتوجيه. يتسرب الخوف إلى أصحاب القرار. تصدر الأوامر. تنتشر السلطات مدججة بالأسلحة. تكتظ الشوارع والساحات بالمعدات الحربية الخفيفة والثقيلة. تُستنفر الأجهزة. تُرفع التقارير. تُدرك خطورة الموقف. يُستدعى الخبراء المناورون المفاوضون.

تتوالد الشعارات. تتزايد الهتافات. تضج سماء المدينة السعيدة. تستمر الحناجر في الصياح. تتشكل الشعارات ألحانا وإيقاعات. تتمايل رقصات. يميل الاحتجاج نحو الهدوء. يصبح أقل حدة. ينطلق الحوار. تتحرر الأفكار. يأخذ الخطاب في التشكل. تنسحب الشعارات أمام آليات الحجاج والإقناع. يلتقط الخطباء العبارات الشاردة. تُبنى القضية. تتضح المطالب. تصاغ الخطابات. تصبح خطابا موحدا: ” يا أصحاب القرار. لا نريد أن نثقل عليكم بمطالب إعجازية. لا نريد منكم سكنا. لا نريد شغلا. لا نريد صحة. لا نريد تعليما. لن نغضب. لن نتمرد. لن نثور لهذه المطالب التافهة. لكن يستحيل أن نعيش بدون فيل..” يرتاح المسؤولون. يصفق المحللون.

ينعقد اجتماع طارئ. يتصدره صاحب المدينة. ينصت إلى الآراء والاقتراحات. يتابع التحاليل والشروح. يُغمض عينيه. يفهم الحضور الإشارة. يصمتون. تفتح الآذان. تتسمر على شفتيه العيون. تفتح الشفتان، ينظق الكبير: “لقد فهمتهم. حقوقهم مشروعة”, يواصل الكلام: ” اعطوهم حقوقهم. اجلبوا الأفيال. هاتوها من كل مكان. حولوا أبواب الميزانية القديمة. اقترضوا. ابنوا المنصات العملاقة في كل ساحات مدينتي السعيدة. نظموا المهرجان تلو المهرجان. السيرك تلو السيرك. السباق تلو السباق. المباراة تلو المباراة. لا ينبغي أن تغمض جفونهم، |أو ترتاح أجسادهم. هكذا يريدون. هكذا أريد”. يجيب قطيع المسؤولين: ” كلنا نريد”.

يُتخذ القرار. يُنفذ فورا. تجلب الأفيال. تنتشر المنصات. تنطلق المهرجانات. تسود الفرجة. تفقد الجماهير إرادتها. لم تعد تريد … شيئا.

‫تعليقات الزوار

1
  • حقنة تنويم
    الأحد 5 نونبر 2017 - 06:42

    الفرجة هي الاساس وهي كل شيء الشعب يريد الزطلة والقرقوبي.
    شعوب هجينة فقدت كل مقومات النضال والحرية وتحولت ليس الى عبيد بل الى ما يشبه الحيونات الاليفة او حيونات الاستعراض مع الاسف

صوت وصورة
اعتصام ممرضين في سلا
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 19:08

اعتصام ممرضين في سلا

صوت وصورة
وزير الفلاحة وعيد الأضحى
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 17:34

وزير الفلاحة وعيد الأضحى

صوت وصورة
تكافؤ الفرص التربوية بين الجنسين
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 16:12

تكافؤ الفرص التربوية بين الجنسين

صوت وصورة
احتجاج بوزارة التشغيل
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 16:02

احتجاج بوزارة التشغيل

صوت وصورة
تدشين المجزرة الجهوية ببوقنادل
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 15:15

تدشين المجزرة الجهوية ببوقنادل

صوت وصورة
المنافسة في الأسواق والصفقات
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 13:19

المنافسة في الأسواق والصفقات