أفتاتي بين الاختيار الثوري والنقد الذاتي

أفتاتي بين الاختيار الثوري والنقد الذاتي
السبت 18 يناير 2014 - 21:17

“لتكن حرية التفكير جزءا من عقيدتنا التي لاتقبل الدفع،وليكن في حوار الفكر منهجنا الذي لا يبلى”
علال الفاسي، النقد الذاتي.

خلال البرنامج الأخير”مباشرة معكم” ليوم الاربعاء15 يناير و2014 والذي خصص للخطاب السياسي الراهن بالمغرب، أشهر السيد أفتاتي في وجه المشاركين، ومن خلالهم في وجه المتتبعين، كتاب-وثيقة الاختيار الثوري للشهيد المهدي بنبركة، وكتاب” النقد الذاتي” للراحل علال الفاسي .وقد أصر المتدخل، مرات عديدة،على الإحالة على المرجعين المذكورين في سياق حديثه عن “سياسة الحقيقة” في إشارة مرجعية لقولة الراحل المهدي بنبركة” السياسة الحقيقية، هي سياسة الحقيقة”.وبالمناسبة، ينبغي الإشارة إلى أن هذه القولة غير واردة في “الاختيار الثوري” على الإطلاق، وبالتالي، فاعتماد الوثيقة في تلازم مع هذه المقولة فيه مغالطة تاريخية، وسياسية، ومعرفية.

.ومع الأسف ،إذا كانت الإحالة على المرجعين قد مرت خلال البرنامج المذكور دون أن يقرأ مغزاها المشاركون في الحلقة المذكورة، ودون أن تثير الأسئلة الحقيقة بشأنها، فإننا نتساءل لماذا ياترى أتى السيد أفتاتي إلى البرنامج محملا بالمرجعين المذكورين/ ولماذا أصرغيرما مرة على الإحالة عليهما لتمرير خطابه السياسي في هذه المرحلة بالذات؟.

ومن نافل القول،دون تردد، أن السيد أفتاتي، وهو الذي أتقن أسلوب الدروشة عندما كان السياق يستدعي ذلك، تسلح في ذات الآن بما يكفي من المناورة الخطابية لتمرير رسائل “محكمة” وان كانت تبدو غارقة في الديماغوجية.

لقد تحدث المتدخل في سياق مداخلاته عما أسماه ضرورة تحقيق “التسويات التاريخية” بين الأطراف السياسية “الحقيقية”.وطبعا لا نحتاج إلى ذكاء استثنائي لنفهم المقصود من الاستشهاد المتكرر بالاختيار الثوري وبالنقد الذاتي، ومن المقصود بذلك.فالرجوع إلى الوثيقتين لا يستهدف فتح نقاش تاريخي وسياسي بشأنهما من اجل مقاربتهما في ضوء متطلبات الراهن السياسي ببلادنا أو الاستنارة الحكيمة ببعض مضامينهما، ولا الإعلاء من قيمتهما المرجعية في زمن الشح المعرفي وانحدار الخطاب السياسي،بل إن إشهار الوثيقتين يروم- في تقديرنا- تحقيق مسالتين اثنتين.

أولاهما، هو محاولة التخلص من “اللعنة” التي تطارد الحزب الحاكم بالنظر للكروموزومات التي تسم بنيته السياسة في علاقته العضوية بجناحه الدعوي، وامتداداته الجينية بالحركة الاخوانية .وهو ما شكل –يشكل امتحانا عسيرا للحزب في المعترك السياسي سيما بعد النتائج المتحققة في مرحلة ما بعد “الربيع العربي”.ومحاولة البحث عن شرعية سياسية من داخل ما يسمى بمنظومة “الشرعيات التاريخية” للحركة الوطنية للإفلات من انتقادات الطبقة السياسة التي تضع المشروع السياسي لحزب العدالة والتنمية موضع مساءلة دائمة .

وثانيهما، هو البحث عن اصطفا فات سياسية ممكنة تقرب البيجيدي من “حليفين” سياسيين مفترضين باعتماد مقولة” التسويات التاريخية” الممكنة، التي تجد مستندها النظري في أطروحة” الكتلة التاريخية” ، مع ما تعنيه من إمكانية قيام تحالف يضم الحركة الوطنية، والإسلاميين ، واليساريين.وبالتالي، فالإحالة على ” الاختيار الثوري”الذي قدمه الشهيد المهدي بنبركة خلال انعقاد المؤتمر الثاني للاتحاد الوطني للقوات الشعبية (ماي1962) و معها الإحالة على”النقد الذاتي” الذي صدرت طبعته الأولى سنة 1952 بالقاهرة (وليس سنة1963 كما أشار أفتاتي).، يشكل إستراتيجية خطابية-تغرف من الماضي- لاستدراج الخصمين السياسيين(الاستقلال والاتحاد) لرقعة “العدالة والتنمية” التي تعيش ورطة تدبير الحكم من جهة، ومأزق المشروعية الانتخابية التي تتعارض مع مأزق المشروعية السياسية.في مرحلة تفطن فيها الحزب الحاكم لضرورة تغيير خطابه السياسي الذي اعتمده منذ انطلاق الحراك المغربي، وهو الخطاب الذي كشف عن قدر غير يسير من التمثلات اللاديمقراطية للحزب الحاكم ، ليس فقط في اختياراته السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية ،بل في مواقفه المعلنة إزاء الدولة والمؤسسات أيضا، ليتحول الخطاب اليوم إلى مديح في شأن الاستقرار، والاستثناء المغربي بقيادة الملكية.

وفي ذات السياق، تفجرت عبقرية الحزب الحاكم ليذكرنا اليوم بالاختيار الثوري الذي كتبه بنبركة، الشهيد الذي أسقط عنه بعض قياديي البيجيدي صفة الشهيد/ ليصبح كتابه اليوم مرجعا في “سياسة الحقيقة” التي ينبغي اعتمادها من منظور السيد أفتاتي. ولا ندري حقيقة ، هل يقول الحزب الحاكم الحقيقة للمغاربة، وهل يعتمدها منهجا في حكمه قبل أن يوصينا بها السيد افتاتي؟.ثم، لا ندري هل يتبنى السيد أفتاتي ، ومعه قياديو الحزب الحاكم ، ما جاء في الاختيار الثوري من نقد “للأخطاء القاتلة” التي يتوقف عندها بنبركة،ومن ضمنها أنصاف الحلول وتسوية ايكس ليبان،والأفق الثوري ومهام “الاشتراكية العلمية”..وهل تشبعوا حقيقة بما يكفي من “حرية الفكر” ومن “ثورة للعقل” ومن ثقافة “النظر والحوار” كما يطرحها الراحل علال الفاسي الذي صدر كتابه المذكور بالحديث الشريف” حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم”(الطبعة الأولى،1952،المطبعة العالمية،القاهرة).

‫تعليقات الزوار

14
  • الحبيب بوناغي
    السبت 18 يناير 2014 - 21:54

    ان الاستاذ و الشيخ افتاتي من خيرة ابناء الوطن- رجل كف و عالم و فقيه و جامعي محنك و سياسي دو ذراية بالعمل السياسي المغربي و الاسلامي و له باع طويل في النقاش البرلماني و التلفزي- لكنه يواجه اعداء كثر و اخطر في جماعة الاصلاح و التوحيد و في حزب العدالة و التنمية الذي تنكر له و للشرفاء من الحزب- فلا عجب ان ينعثه رئيس الحكومة الاستاذ بنكيران "بالاحمق" و المجذوب الذي لا يعرف ما يقول و "كيشير في الصباح" و "شي نهار يشير في عباد الله و في نفسه، كما انه موضوع للتحقير من الفقيه الريسوني- و لا غرو ان وجدة تعطينا مثل "افتاتي" و "النهاري" الذي لا يزح و لا يعرف الا الجد و الضرب بعصاه على المنبر و "التكشكيش"- حقيقة السيد افتاتي "رجل معقول" قد يصاب لاجنون اذا لم يقرر الخروج من الحزب و تكوين حزب اخر اكثر حرية و شجاعة و اقل نفاقا- لهذا لم يتكلم فير الزيادات على ابناء وجدة و المغرب لانه زاهد في الدنيا و "قانع شابع" بالخبز و الشاي الغير منعنع – كما انه لم يعد يصرخ في وجه الافلام و التلفزة و الاغاني و المهرجانات لانه فهم ان الصلاح ياتي من السكوت و العفو و الصفح و الاكثار من الصراخ و لو في بلاطو تلفزة

  • amazigh
    السبت 18 يناير 2014 - 22:35

    أفتاتي ينطلق دائما من موقع ميزان القوى و لا ينطلق من موقف مبدئي : و خير من يعرفه و يفهمه جيدا رئيسه بنكيران الدي وصفه بالمنفعل الدي لا يعرف ما يقول " كيقلب غي على ما يشييرشي نهار يشيير على راسو ….. درويش و ما شي شي دماغ ؟؟؟؟ أرجو أن لا تكون أضعت وقتك مع مثل هؤلاء تجار الدين

  • حمدون القراص
    السبت 18 يناير 2014 - 22:38

    يتامى الماوية ممن قطر بهم السقف في زمن انتكاسة (بام ) بدؤوا يتطاولون…
    النص موجود في الاختيار الثوري أحببيت أم كرهت
    سير راجع الكتيب اذا كان عندك
    أو اسأل عنه قبر فقيدك ماوتسي تونغ الذي أردتم استنساخ ثورته الثقافية في المغرب

  • مواطن
    السبت 18 يناير 2014 - 23:01

    قال ليك صاحب المقال:"يشكل إستراتيجية خطابية-تغرف من الماضي- لاستدراج الخصمين السياسيين(الاستقلال والاتحاد) لرقعة "العدالة والتنمية" التي تعيش ورطة تدبير الحكم من جهة، ومأزق المشروعية الانتخابية التي تتعارض مع مأزق المشروعية السياسية."
    و كأن الحزبين المذكورين أحسن وضعا وحالا من العدالة و التنمية ،وماضيهما في التسيير و الفساد لا يكابر فيه إلا معاند ،كما أن المعطيات التاريخية لا تعطيهم هذه الشرعية السياسية التي يتكلم عنها صاحب المقال ،كيف و الكل يعلم أن حزب الإستغلال كان ينوي الإنفراد بالحكم كنموذج للحزب الوحيد بعيد الاستقلال بل كان يريد هو و الاتحاد الاشتراكي الذي انشق عنه سحب البساط حتى من تحت الملك ،فعن أية شرعية يتكلم الكاتب و الاستقلال المغربي جاء من خلال صمود المقاومين الحقيقين غير المتحزبين انذاك كالزاياني و الحنصالي و غيرهم وكذا صمود الملك محمد الخامس طيب الله تراه

  • عابد
    السبت 18 يناير 2014 - 23:18

    فشل خزب العدالة والتنمية في تدبير شؤون الحكم يهربه الى نقاشات تبعد بمسافة 60 سنة ضوئية.

  • علي
    السبت 18 يناير 2014 - 23:27

    عين العقل. تحليل رزين لشطحات أفتاتي التي لا تنتهي.

  • عبدالله
    الأحد 19 يناير 2014 - 01:23

    مقال متزن. المدعو أفتاتي و الكوفية + الأختيار التوري= انتحال صفة مناضل تقدمي.حسبنا الله و نعم الوكيل و لا حول و لا قوة الا بالله العلي العضيم.

  • BERKANI
    الأحد 19 يناير 2014 - 01:28

    لما يتم اختيارتحليل كلام السيد افتاتي من ضمن خمس او ست ضيوف هذا يعني انه كان الاقوى في البرنامج
    انا لست من العدالة والتنمية ولكنني اقول بانه بوصوله لرئاسة الحكومة عقد الكثيرين واصبح شوكة في حلقهم

  • dayz
    الأحد 19 يناير 2014 - 04:42

    " حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم" هده قولة لعمر بن الخطاب وليس حديثا شريفا، يا من يتصيد أخطاء الأخرين. تدعي غياب قولة في كتيب وعجزت عن التثبت مما قرأت إن كان حديثا أم لا أم أنك اضطررت للإستشهاد بحديث وأنت أبعد ما تكون عنه.

  • عبدالله
    الأحد 19 يناير 2014 - 10:00

    مقال تحاشي فيه صاحبه قول الحقيقة وهذا نوع من النفاق من جهته،والدليل بسيط للغاية ، لقد كرر كلمة الحزب الحاكم على طول المقال،وهذه مغالطة خطيرة ،هل في المغرب حزب حاكم ؟
    على الأقل ذ.أفتاتي صريح وواضح مع نفسه ومع الأخرين.

  • عبد الرزاق
    الأحد 19 يناير 2014 - 10:57

    أصبح أفتاتي بقدرة قادر الشيخ أفتاتي و غداً سيصبح الشيخ أبو أفتاتي. ليس للجهل حدود.

  • mohamed
    الأحد 19 يناير 2014 - 11:58

    خير الكلام ما قل ذل.
    فحزب مصباح أبو الغلاء المعري و حزب الاستغلال وحزب اتحاد الشيوعي كلها تنتمي الى فيلق واحد. ألا وهو: "يأكلون الغة ويسبون الملة". وما أفتاتي الا واحد منهم.

  • FATIH
    الأحد 19 يناير 2014 - 17:57

    قليلا ما نقرا بين سطور ما يعرض امامنا او حتي ما نتصفحه وللاسف ان ثلت المجالسين لافتاتي لم يرد على استشهاداته والتي جاء بها مثقلا مسافة طويلة وليعلم افتاتي ومن معه ان في هدا البلد شعب يقظ

    رجاء هسبريس انشري

  • bouchra
    الأحد 19 يناير 2014 - 22:12

    هده النقاشات صحية ومهمة ليعبر كل منا عن رايه بحضارة وترفع عن المشاداة و الاهانات وليعلم الجميع ان المغرب بدكاءه وكياسته وسيا سته العفوية الطبيعية التي سقانا اياها اباءنا وامهاتنا جزاهم الله عنا كل خيرهي التي جعلتنا الاستثناء في العالم العربي وكم تكون فرحتنا عارمة حينما يرتقي النقاش في لقاء بين خصوم سياسيين ويدلي كل واحد برايه يحترم الاخر وينصت اليه والمشاهد المغربي ليس غبي يلحض من استطاع الاقناع ومن تهرب ومن راوغ وفي نهاية المطاف هي نقاشات وليست حرب واختلاف الراي لن يفسد لوطنيتنا قضية

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55

تقنين التنقل بالتطبيقات

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02

وزير النقل وامتحان السياقة