أيهما أخطر إزعاج إعلام الخارج أم صحافة الداخل؟

أيهما أخطر إزعاج إعلام الخارج أم صحافة الداخل؟
الإثنين 26 أكتوبر 2009 - 08:57

في الصورة مصطفى حيران وعلي لمرابط عقب إحدى جلسات محاكمة المشعل

محاولة لإثارة انتباه الدولة في المغرب

ما يجب أن تنتبه إليه الدولة في المغرب أن الإزعاج الإعلامي الحقيقي هو ذاك الآتي من الخارج، وليس من الداخل من خلال الصحافة الوطنية.  وعوض أن تقتنع الدولة بأن جزءا من صحافتها يهدد النظام العام ويتطاول على الجميع، عليها أن تستبق الأحداث وتقر قوانين واضحة، بإشراك المهنيين وفقهاء القانون، خاصة بقضايا النشر والصحافة بشكل يتماشى مع تصريحات مسؤوليها الموجهة أساسا إلى الخارج، والقائلة بأن المغرب دولة الحق والقانون وحرية التعبير، ولا مجال فيه لقمع الصحافة والرغبة في القضاء عليها. إن التصريحات نفسها هي التي تستغلها صحافة الخارج لتنظم، من حين إلى آخر، هجوما ممنهجا على المغرب الذي يشهد هذه الأيام حملة “تطهيرية” على جزء من صحافته. ألا تنتبه الدولة عبر الحكومة إلى الفرق بين ما تعتبره تجاوزات الصحافة المغربية، وبين هجوم إعلام الخارج؟ فهذا الأخير، إما وراء أحزاب قوية أو مجتمع مدني صلب أو حكومات، ولوبيات سياسية واقتصادية   مناوئة لمصالح المغرب، وحتى مافيات. فهل يكفي أمام كل هذا أن يصدر قرار بمنع جريدة أجنبية أو أكثر من التوزيع في المغرب، لأنها ارتكبت من وجهة نظر القانون المغربي جنحة الإساءة أو نشر خبر زائف؟ بالطبع لا، في زمن الإنترنت و”الفيس بوك” و”اليوتوب”.

عين العقل هو تقوية الإعلام المغربي، و تقويته لا تعني جعله يردد أنشودة “العام زين” كل عهد، بل بوضع قوانين لا تتضمن بند الاعتقال والغرامات المالية الضخمة في قضايا النشر والصحافة، وأن تمارس هذه الأخيرة لتحقيق حقوق أساسية في أي مجتمع يريد يوصف بأنه ديمقراطي، وهي حق المواطن في الإخبار، وحق الحصول على المعلومة، وحتى حق حماية مصادر الخبر، حتى لا يضطر مدير نشر أو صحافي إلى الاعتراف بأنه أخطأ فقط لأنه يريد حماية مصدر خبره، وأن تمارس الصحافة لتحقيق التوعية والتسلية والتقييم والتقويم.

وعين العقل أيضا أن تستبعد، في المرحلة الحالية، مقتضيات القانون الجنائي كلما تعلق الأمر بمتابعة رجال الصحافة ونساؤها.

وعين العقل أخيرا أن يكف معشر الصحافيون والإعلاميون ومدراء النشر وأصحاب المقاولات الإعلامية “المستقلة” منها والحزبية، عن التطاحن في ما بينهم، وأن يذوب الصحافيون المغاربة ذلك الجليد المتراكم بين أولئك الذين يشتغلون في الصحافة الحزبية، والمنتمين إلى الصحافة التي توصف بأنها مستقلة، فصحافيو الإعلام الحزبي لا يقلون جرأة ولا تكوينا ولا قدرة على تحليل الأحداث، كل ما في الأمر أن الصحف الحزبية انصهرت مع أحزابها، ويزداد الانصهار حين تكون هذه الأحزاب أو تلك مشاركة في الحكومة. والواضح أن أغلب الأحزاب تعرضت للترويض إلى درجة أنها نسيت أن المغرب في حاجة لأن تسود فيه قيم الديمقراطية وحرية التعبير، ويوجد فيه إعلام قوي وجريء. ونسيت هذه الأحزاب أنه لا يجب اللجوء إلى القرارات السياسية لتحريك المتابعات القضائية في حق الصحافة.

غياب دور الأحزاب، وليونة المجتمع المدني، ودخول المفكرين المغاربة في غيبوبة اختيارية، وتشرذم الجسم الصحافي وضبابية القوانين، فتح المجال أمام اجتهادات صحافية اعتبرت كل الحواجز الموضوعة أمام حرية التعبير في المغرب وهمية.

المسؤولية في العمل الصحافي ملزمة حين لا تكون القوانين فضفاضة، وحين يمارس الحق في الحصول على المعلومة. والمسؤولية في مهنة الصحافة لا تعني ترك باب الاجتهاد للصحافيين في رسم الخطوط وتلوينها باللون الذي أرادوا، فبهذا الشكل تصبح كل الخطوط حمراء عند الكثيرين، وتصبح الرقابة الذاتية هي سيدة الموقف. وبهذا الشكل أيضا قد يوجد من الصحافيين من يتعمد ألا تتضمن مقلمته ملونا أحمرا، ولعل هؤلاء هم المقصودين بقول الناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية “أقلية من الاستفزازيين الذين تسربوا للجسم الصحفي يحاولون ترويج بضاعة بئيسة لا علاقة لها بحرية الصحافة والحق في التعبير”. هذا الكلام ورد على لسان الناطق باسم الحكومة وزير الاتصال، في تصريح كان أدلى به لـ”قدس برس” يوم 21 أكتوبر الجاري. وأمام مثل هذا التصريح، ما على الصحافيين المعنيين سوى اقتراض بعض الملونات الحمراء من الناطق الرسمي باسم الحكومة، فيبدو أن حقيبته مملوءة بهذا النوع من الألوان، بما أنه لا يعلم “لا من قريب أو بعيد” الكثير مما يحدث في البلاد.

*صحافي مغربي       

‫تعليقات الزوار

6
  • jaouad
    الإثنين 26 أكتوبر 2009 - 08:59

    أنت بنفسك من كانن يشن هجوما على الصحافيين الأغسبان وعلى بيدرو كاناليس وسيكبريرو وعلي لمرابط في جريدة الصباحية، مازلت أتوفر على ذلك الاعمود، ومراسلتك الخاصة التي تصفهم فيها بلالعملاء، والأن تدافع تتضامن مع صحافي نشر استجوابا للصحافير كاناليس، هل تعتقدون اننا أغبياء إلى ذه الدرجةـ ياصاحب -المراسلات الخاصة-
    . كم مكم زجه تكتبون به. نحن لسنا اغبياء وبالتالي تحملوا مسؤولياتكم وما كنتم تكتبوف في منابركم. كاليك صحافي؟؟ فين ؟

  • عالَم أوابد
    الإثنين 26 أكتوبر 2009 - 09:03

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    يجب على السلطات ان تعلم ان الكثير من منابر الاعلام المغربي يخدم مصالح الاعلام الخارجي وشر مثال على ذلك مجلة نيشان . ويكفي السلطات ان تفك لغز العلاقة بين “لوموند” و” جون لوي سيرفان شريبر” و” مجلة نيشان” لتعرف ان خطر الاعلام الاجنبي غرس جذوره في المغرب ولا يوجد حل الا اقتلاع هذا الاعلام من جذوره في المغرب اولا

  • Kamal*//*كمال
    الإثنين 26 أكتوبر 2009 - 09:01

    يشير المقال إلى مقاربة لمسألة أصلاح و تقوية الإعلام المغربي تضع نُصب الأعين أهمية مساهمة متنوعة المنطلقات و لكن موحدة الهدف؛ فعلا من مصلحة تطور الديمقراطية و حماية المكاسب أن تتوفر البلاد على صحافة مسؤولة، موضوعية، عقلانية، لا انفعالية و لا متهورة؛ صحافة واعية بدورها التنويري الضروري لنماء البلاد و “تعلم” و تعقلن” المجتمع في آفاق النهوض بالبلد و جعله يلتحق بعصره.
    و لكن، كذلك، من واجب الصحافة أن تعي بأن تأثيرها قد يكون له دورا سلبيا قد يعيق تقدم و استقرار البلاد و قد يشكل عنصرا يشيع الممارسة الانفعالية و يوسع مجال الأمية المعرفية و يقوي التيار الذي لا بديلا واقعيا ممكن التطبيق يقترحه و لا هدفا يرسمه إلا هدم الموجود /المتوفر؛ وهكذا يصبح جزءا من الصحافة يصداد الفرص للتلذذ بالعثرات فيستغلها، بسذاجة منفعية ضيقة و بدون وعي، لتقوية اليأس في مجتمع ما أحوجه إلى بصيص من الأمل، و النتيجة أن المجتمع سيتضرر بدل أن يستفيد من الهامش الذي توفره المرحلة الحالية من التطور الديمقراطي الذي تعيشه بلادنا (هذا، و يجب التركيز على أن الممارسة الديمقراطية الحقة هي من مسؤولية المحكوم و الحاكم على حد سواء، فأن يوفر الأبوين جوا من حرية التعبير و حقا في التصرف لا يمكن أن يستغله الأطفال قصد الغناء بأعلى صوت في وسط الليل أو مشاهدة التلفزيون طول الوقت على حساب الدراسة).
    “عين العقل” يقول الحسين يزي ” أن تمارس الصحافة لتحقيق التوعية والتسلية والتقييم والتقويم” و هذا فعلا من أهداف الصحافة النبيلة. و المشكل، حاليا، الذي من مسؤولية الكل العمل على الإنكباب عليه هو بالضبط مساءلة مضمون مختلف هذه الأهداف.
    فهل نقصد بالتوعية زرع الأمل أم زرع روح اليأس و الدفع إلى فقدان الثقة في كل الفاعلين السياسيين؟
    هل تتطلب التوعية المس بمؤسسات يرتبط استقرارها باستقرار البلاد و دوام أمنها، خصوصا و أننا في أمس الحاجة إلى تجاوز أخطاء ارتكبت في الماضي و لا زالت البلاد تحاول جاهدة التخلص من مخلفاتها؟
    هل تكون التسلية على حساب الرموز؟
    ربما في بلدان نضجت ديمقراطيتها إلى مستوى لا يمكن أبدا التراجع عنه، كابريطانيا، يمكن لصحافتها أن تسلي قراءها ببعض الأمور كما يفعلون بمشاهيرهم و لكن، و أن الديمقراطية في بلدنا لا زالت في أوائل خطواتها، إلى أي حد يمكننا حرق المراحل ومحاولة قطع مسافات بعيدة المنال، من مصلحة من، بل من سيؤدي تبعات سقوط مبكر؟
    ثم “تقييم” ماذا، قصد “تقويم” ماذا؟
    عملية التقييم تحدد، منطقيا، عملية التقويم. فلا نستطيع تقويم إلا ما يمكننا، و يجدر بنا، تقييمه. و في هذا المجال يمكن مساءلة اهتمام جزء من صحافتنا المستقلة. ما هي المجالات التي تتطرق إليها بالتمحيص و التحليل؟ ما هي المجالات التي يُثار حولها الجدال؟ الجواب واضح للعيان.
    فما السبب؟ أليس الأجدر بنا طرح ما يمس صحة اقتصاد البلاد و مصير نموها؟ ألا يجب علينا المشاركة في تصحيح أخطر خطأ يهدد الديمقراطية، خطر استغلال بعض المسؤولين للنفوذ و استمرارهم في ممارسة محاربة الشفافية في التسيير المالي للمؤسسات العمومية، ألا يشكل هذا أهم جانب يجب التحري حوله، أليس هؤلاء هم أكبر أعداء الديمقراطية؟
    أما فيما يخص تطور المجتمع و حياة أفراد المجتمع، ما هي المعايير التي تحدد مجال اهتمام، و كيفية تطرق، الصحافة بهذا/لهذا الجانب؟
    إلى أي حد يمكن لجم تصرفات أفراد المجتمع بدعوى عدم الإمتثال لقراءات البعض للقواعد المنظمة لحياة الأفراد؟ أو لا يجدر، في هذا المجال، فتح المجال للإجتهاد المساير للعصر بدل محاولة الزج بالمجتمع في تيار مضاد (محاولة ستفشل مع مرور الوقت و تغير الظروف الإقتصادية لمختلف شرائح المجتمع، على كل حال) ؟
    و بالمقابل إلى أي حد يمكن مقاربة بعض المسائل الإجتماعية و الفكرية بتجرد و تجاهل كلي لخصوصيات المجتمع و قيم أغلبيته؟
    هذا و أختم بتأكيد الحسين يزي على مسؤولية الجميع، الأحزاب والمجتمع المدني و الفئة المثقفة في مسألة الوصول بالجسم الصحافي إلى مستوى يليق بتطلعاتنا جميعا. فالإجتهاد مسؤولية الجميع. صحافتنا، ككل مكونات مجتمعنا، لا زالت فتية؛ تحتاج المساندة، كما تحتاج المشاركة في أيجاد الطرق المتنوعة و المتعددة لخدمة تطورها الذي يرتبط به تطور الديمقراطية و استقرار و نمو البلد.

  • El Houssine
    الإثنين 26 أكتوبر 2009 - 09:07

    Moi je suis pour la suppression du poste du guignol (ministre) de l’information. Le temps, l’argent et la réputation y sont perdus… Si au moins on avait des chaînes de télévision vraiment libres, le personnage du ministre de l’information (et spécialement le guignol du moment) est une bonne source d’inspiration pour les humoristes.

  • in_sider
    الإثنين 26 أكتوبر 2009 - 09:05

    الشكلة هي ان المغاربة لا يقرؤن الصحافة الاجنبية المستقلة. انما يكتفون بقراءة الجراءد الشرقية التي لا جدوى فيها. المغاربة لا يحبون من يشتكي و يبحث عن الحقيقة. عليك ان تكون جاهلا لكي تكون مرضيا. نحتاج الى صحافة لا تقدس احدا و لا اي شيء اخر. كل شيء قابل للنقاش

  • أسامة إبراهيم
    الإثنين 26 أكتوبر 2009 - 09:09

    أن يتم الإعتداء على كرامة الناس ليس من الشجاعة في شيء ،إن تخفي الحاقدين وراء مهنة الصحافة ليطلقوا العنان لمكبوتاتهم ليس من شيم الصحافيين الذين يحملون على أكتافهم إبلاغ الخبر للقراء بكل موضوعية ، لو يعلم المتربصون بالملكية ودورها في الدفاع عن كرامة الوطن والمواطنين لما تفوهوا ببنت شفى (أعي كل الوعي ما أقول) لكنهم مع كامل الأسف وضعوا أنفسهم في خدمة من يتربص لهذا الوطن الدوائر ، يحق فيهم ومن يقف وراءهم قول الله :” ويمكرون ويمكر الله ،والله خير الماكرين”. وللداعين أخيرا إلى تقليص سلطات الملك لتقوية الحكومة أقول أن هذه الأخيرة ستبيعه في أسواق النخاسة متى عرض عليها المقابل مهما كان بخسا، الحر بالغمزة والعبد بالدبزة .

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 2

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 3

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 10

تقنين التنقل بالتطبيقات

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02 6

وزير النقل وامتحان السياقة

صوت وصورة
صحتك النفسانية | الزواج
الخميس 28 مارس 2024 - 16:00 3

صحتك النفسانية | الزواج