أي تحالف ممكن بين النهج وجماعة العدل والإحسان؟

أي تحالف ممكن بين النهج وجماعة العدل والإحسان؟
الجمعة 29 مارس 2013 - 23:26

تظهر من مناسبة لأخرى دعوات للتحالف مع جماعة العدل والإحسان . ومعظم تلك الدعوات كان بغرض توسيع القاعدة الانتخابية لهذا الطرف أو ذاك خاصة (الاتحاد الاشتراكي ، حزب الاستقلال ) .

وفي المقابل كانت جماعة العدل والإحسان تدعو إلى تحالف يتجاوز الشأن المرحلي /الانتخابي إلى ما هو إستراتيجي يستهدف النظام من أساسه . فالجماعة لها مشروع سياسي يتأسس على أنقاض النظام ولا يتعايش معه ؛ مشروع يستمد مسوغاته من مناهضة أسس النظام الوراثية والسياسية والدينية . ذلك أن الجماعة ترفض وراثة المُلك وتعتبر كل دولة لا تقوم على نظام الخلافة هي دولة “السلطان” مقابل دولة القرآن التي تنشدها الجماعة وتسعى لإقامتها . أما الأساس الديني المتمثل في إمارة المؤمنين ، فإن الجماعة تنكرها وتنازع الملك فيها بتنصيب المرشد ولي أمرها وأمر المؤمنين . لهذا تؤسس الجماعة رفضها المشاركة السياسية من داخل النظام ومؤسساته الدستورية على ثوابت عقادية وليس حسابات سياسية . فمن الثوابت العقدية :

أ ـ حكمها على الأنظمة السياسية القائمة في العالم الإسلامي بأنها أنظمة “عض وجبر ” .

ب ـ إيمانها بعودة الخلافة الثانية بعد زوال الحكم العضوض.

ج ـ اتخاذها من الحديث النبوي الذي يخبر بعودة الخلافة وعدا من الله بالنصر .

د ـ اعتبار الجماعة نفسها هي المأمورة بإقامة الخلافة الثانية على منهاج النبوة وليس أي طرف آخر .

بناء على هذه الثوابت العقدية ، تعتبر الجماعة كل مشاركة سياسية من داخل النظام هي ترميم لصدعه وتمديد في آجاله ، ومصالحة مع الزور والبهتان ، وبالتالي مخالفة لوعد الله ونبيه بعودة الخلافة . وأمر طبيعي ومنطقي أن ترفض الجماعة كل دعوات التحالف معها لاستثمار “رصيدها الشعبي” في تحقيق مكاسب سياسية .

فالجماعة لا تريد بناء تحالف توفر فيه للأحزاب قاعدة شعبية ، بل تحالف يخدم تصورها وأهدافها ، وتكون فيه هي القائدة لا المنقادة كما قرر مرشدها رحمه الله ( ومتى كنا بجنبكم ، نواة شعبية موجَّهة ، فقد اكتملت لكم بالقوة العضلية الإسلامية مقومات الحركة السياسية التي تخرجكم من عزلتكم وتعيدكم من منفاكم )(ص531 العدل). ( ونرفض أن نكون لهم قاعدة لجبهة تسير بالمسلمين في درب التيه )(ص 533 العدل). إذن ، كل من يطمح في التحالف مع الجماعة عليه أن يدرك جيدا وضعه كتابع منفذ يُسمح له بمشاركة الجماعة في تقويض النظام سياسي الحالي لكنه سيُقصى حتما من المساهمة في إقامة النظام السياسي البديل . والجماعة واضحة في إستراتيجيتها لما بعد التقويض ، حيث وضعت لها ثلاث موجهات أساسية هي : الموجه الأول ويقوم على رفض الحلول الوسطى مع أطراف التحالف ، من منطلق أن هذه الأطراف تمثل الزور بينما الجماعة وحدها على الحق ( فكيف بالحل الوسط بين الزور ساعيا بخطى سريعة إلى الهاوية السياسية وبين حركة شابة فتحت عينيها على الصدق فهي أهل للثقة لا غيرها )( ص 78 ، 79 حوار مع الفضلاء الديمقراطيين) . الموجه الثاني : لا ديمقراطية في أرض الإسلام . وإذا كانت غاية الأطراف الراغبة في التحالف مع الجماعة هي إقامة نظام ديمقراطي ، فإن الجماعة لن تسمح لهذه الأحزاب من المنطلق التالي (أمامنا يومئذ أنظمة في موقع اليأس ونُخَبٌ متطلعة إلى الديمقراطية لكنها معزولة عن الشعب تُعاني كمَدَها. فيكفيها ذلك عُنْفا على نفسها. حاولَتْ وستحاول استِنبات الديمقراطية في أرض الإسلام، لكنَّ أرض الإسلام لا تنبت إلا زرُوع الإسلام ) . ومن ثم فمطلب الديمقراطية يخص تلك الأحزاب ولا يعني مطلقا الجماعة ( الديمقراطية في بلاد المسلمين قضية نخب معزولة تبحث عن قاعدة شعبية )(ص 539 العدل) . الموجه الثالث : لا مكان لغير الإسلاميين في دواليب الدولة ومرافقها . فالجماعة تحكم على هذه الأحزاب بكونها لن تصلح لإدارة دولة “القرآن” ( أبناء الدنيا لا يصلحون لنَظْم أمر المسلمين في غد الخلافة الثانية )( ص 120 العدل ) .ويوضع مرشد الجماعة المرحوم الشيخ ياسين موقفه كالتالي ( وبالجملة ، فإن كل من أُعِدَّ لإدارة الدولة اللادينية ورُبِّيَ تربية خلقية وفكرية ملائمة لطبيعتها ، لا يصلح لشيء من أمر الدولة الإسلامية ) .

أكيد أن الجماعة سترحب بتشكيل تحالف تنخرط فيه الأحزاب الساعية للتغيير ورفض الاستبداد ؛ لكن ، على أي أساس سيبنى التحالف مع جماعة لا تقبل بكل أشكال الملكية : التنفيذية منها أو الدستورية أو البرلمانية ؛ ولا تسمح باتخاذ النظام الديمقراطي أساس الحكم السياسي في دولة الخلافة الموعودة ، ولا تقر بحقوق المواطنة لغير الإسلاميين مهما كان إسهامهم في التغيير طالما لم يتوبوا عن قناعاتهم الفكرية ويعتنقوا عقائد الجماعة ويتشبعوا بها ؟ وما يهم السيد الحريف من دعوته إلى التحالف مع جماعة العدل والإحسان ليس إقامة الديمقراطية ولكن إزاحة النظام باعتباره العدو المشترك مع الجماعة وفق ما ينص عليه شعار “الضرب معا والسير على حدة” . فهل يملك صاحبنا أو من يخامره هوس التخلص من النظام ، القوة الجماهيرية الرادعة لمنع الجماعة من الانفراد بالحكم والعودة للاستبداد المطلق؟ لتكن تجربة إيران الخميني ومصر محمد مرسي درسا وعبرة لمن لا زال في نفسه شي من حتى ضد النظام أو يعتقد أن عدو عدوي يبقى حليفي إلى الأبد .

‫تعليقات الزوار

13
  • أحمد
    السبت 30 مارس 2013 - 00:56

    بسم الله الرحمن الرحيم
    كلام فيه تحامل ومغالطة ويقتقر للدليل وإن كان يستدل بنصوص من كتب الأستاذ ياسين رحمه الله فهو يختار ما يناسب أطروحته.
    يشهر سيف رفض الملكية وأن "الجماعة نفسها هي المأمورة بإقامة الخلافة الثانية " من قال هذا الكلام ؟ تظن أن المغاربة بلداء اتق الله وقل كلام يقنعك أولا قبل غيرك. إتني بنص أقول نص مكتوب للجماعة تقول فيه أنها ترفض الملكية، أم تلعب على عواطف الناس لتحرضهم ضد الجماعة. من أنت و ما حزبك؟ إن الناس لايعرفون توجهك الحقيقي هل أنت ملكي أم يساري أم ماذا؟
    صرح بقناعتك حتى نفهم قصدك من هذا العداء للجماعة الذي لم أرى مثيلا له على وجه الأرض رغم أن الجماعة لا ترد عليك ولا تعاديك حتى.
    لا تجعل المخزن يأكل بفمك…,
    والسلام.

  • سعيد المغربي
    السبت 30 مارس 2013 - 01:58

    – كذب: "د ـ اعتبار الجماعة نفسها هي المأمورة بإقامة الخلافة الثانية على منهاج النبوة وليس أي طرف آخر ."
    – انتزاع العبارات من سياقها: (أغلب العبارات السلبية على الديموقراطية منتزعة من سياقها، ومن يقرأ بعدها وقبلها ستكتمل عنده الصورة حول التصور العادل للديموقراطية)
    – خلط بين الأفق الوطني/القطري/المغربي (التداول الديموقراطي على السلطة) وأفق الأمة الإسلامية (الخلافة/دولة القرآن/…). ومن لم يميز بين المستويين في فكر الأستاذ ياسين، فهو لم يفهم بعد عما يتحدث.
    – المقال غرض تحريض وإبعاد الأطراف السياسية عن التحالف مع الجماعة. وإذا حقق المقال هدفه، فالمشكلة ليست في صاحب المقال المعروف بعدائه للجماعة، بل لمن تأثروا به وصدقوا كلامه، بدل العودة إلى الكتابات الأصلية للجماعة.

  • عبد المولى برشيد
    السبت 30 مارس 2013 - 11:03

    حكمها على الأنظمة السياسية القائمة في العالم الإسلامي بأنها أنظمة "عض وجبر " .

    ب ـ إيمانها بعودة الخلافة الثانية بعد زوال الحكم العضوض.

    ج ـ اتخاذها من الحديث النبوي الذي يخبر بعودة الخلافة وعدا من الله بالنصر .

    هذه النقط الثلاث صحيحة 100% لكن الرابعة –
    د ـ اعتبار الجماعة نفسها هي المأمورة بإقامة الخلافة الثانية على منهاج النبوة وليس أي طرف آخر .-
    غير زدتيها مازال خاصك تزيد تقرا إلى كنت باغي تعرف راك قريب.

  • شرف
    السبت 30 مارس 2013 - 11:18

    "" أما الأساس الديني المتمثل في إمارة المؤمنين ، فإن الجماعة تنكرها وتنازع الملك فيها بتنصيب المرشد ولي أمرها وأمر المؤمنين""
    .
    .
    .
    المرشد رحل الى مولاه ، و انتخب أمينا عاما جديدا ، فكيف بالمرشد المتعمد برحماة الله ولي أمر المؤمنين .
    كفاكم تحقيرا بعقول المغاربة

  • مغربي
    السبت 30 مارس 2013 - 11:57

    تحالف حزب "تودة " الشيوعي الايراني مع آيات الله للاطاحة بالشاه، انتصرت الثورة الايرانية و بعد عام تم اعدام أغلب زعماء هذا الحزب.
    فذكر فإن الذكرى تنفع من ينسى أو يتناسى.

  • سمحمد انسان
    السبت 30 مارس 2013 - 12:52

    السلام عليكم
    ما اود ان اقوله هو ان الجماعة تعمل بجد وكد لتكون طائعة لربها جل جلاله…وهي والحمد لله تعالى جماعة قوية ذاكرة لله تعالى نشطة في المجال الديني والسياسي والاجتماعي وتتميز بالرحمة واللين والمرونة والرجولة والقوة والثبات والقوة على تجاوز المراحل والمواقف الصعبة لانها جماعة تسير على من الله تعالى …وكل هذا التكالب عليها انما هو دليل على صدقها وصوابها ..0 فالابتلاء تعرض له جميع الانبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام بالضرووورة…
    ولله الامر من قبل ومن بعد … والحمد لله رب العالمين ناصر المستضعفين… والسلام على من اتبع الهدى.

  • baali
    السبت 30 مارس 2013 - 16:07

    بسم الله أولا أنا أشفق على حال هذا الباحث في الجماعات الإسلامية بين قوسين وأنصحه أن يبحث أولا في نفسيته لدى طبيب نفساني لعله ينقده من هذا الانفصام في الشخصية ويرجعه إلى صوابه إذا لم يكن كاتب مأجور لجهة تكن العداوة لكل فكر له مرجعية إسلامية فكن على يقين أنك ماض في طريق الهاوية الذي يستحيل العودة منه ولهذا حاول أن تتخلص من كابوس إسمه جماعة العدل والإحسان وأن تهتم بنفسك وتنتقد ذاتك وسيرتك حتى تعرف مكانك من الإعراب وأطلب لك من الله الهداية وحسن الخاتمة والسلام .

  • slimane
    السبت 30 مارس 2013 - 21:47

    mr lakhal dit haut ce que beacoup pensent bas,ceux qu'il derange sont nombreux et c'est tout a fait normal qu'il compte plus d'un ennemi mais la verite finit toujours par faire surface.merci mr lakhal, on est fier d'avoir parmi nous quelqu'un de votre allure.

  • مسلمة مغربية
    الأحد 31 مارس 2013 - 01:16

    السلام عليكم
    لا علم لي بما تدعو اليه جماعة العدل و الاحسان لكن انطلاقا مما جاء في هدا المقال فانا متفقة معها على عكس ما تدعو اليه يا صاحب المقال.
    الملكية غير واردة في الشرع بل دكرت سلبيا في اية كريمة.
    الرسول صلى الله عليه و سلم و اصحابه قدوتنا: بعد وفاته عليه الصلاة و السلام لم يورث امر الاشراف على احوال المسلمين الى احد اقربائه بل تم اختيار الخليفة.
    و الديمقراطية كلمة دخيلة علينا كشعب مسلم.نسير(او بالاحرى يجب علينا دلك)على منهج حكم الخلفاء الراشدين و امراء المؤمنين بحق. اي العدل و حفظ الكرامة الخ و ليس الديمقراطية.
    بالمقابل لا اتفق مع كون جماعة العدل و الاحسان هي القائدة و لا يسع غيرها الا اتباعها.
    و الله ادرى.

  • Majid allai
    الأحد 31 مارس 2013 - 13:44

    إذا رجع الاستاذ لكحل الى كتاب الاسلام والحداثة الصفحة ٣٢٤ إذا لم تخني الذاكرة سيجد ما يلي :"… صنصبح نحن غذا او بعد غد الملجا الخلاقي والسياسي الوحيد ، سيصوت الشعب بكتافة لنا بعد ان تنهكه الدسائس الحزبية الى الباب المسدود…." حيث كان يسن يراهن على العزوف الانتخابي من جهة و تقوية جماعته من جهة اخرى حتى يحين الوقت لدعوته من طرف القصر للدخول في اللعبة السياسية التي لن يدخلها الا بشروط مسبقة تتمثل في مجموعة من فصول الدستور …. ما سبق ذكره يخلص اما ان عبد السلام يسن كان يناقض افكاره و اما ان للاستاذ سعيد قراءة مختلفة لكتابات يس

  • adil
    الأحد 31 مارس 2013 - 22:27

    كل يساري يسعى إلى التحالف مع جماعة العدل والإحسان الإسلاموية الرافضة للديمقراطية إنما لا يستفيد من التاريخ ، فالإسلاموين في إيران بعد التعاون مع حزب تودة الشيوعي، غدر الإسلامويون الشيوعيين فأعدموا قياداتهم، ولن نذهب بعيدا، فالعدل والإحسان انسحبت من حراك 20 فبراير لأنها تأكدت من عدم إمكانية تحقيق هدفها المتمثل فيما يسمونه بالقومة ، ولإدراكها أن استمرار الحراك سيخدم اليسار لأنه سيحصل من خلاله الشعب مزيدا من حرية التعبير ، والحريات الفردية، وهذا ما لاتريده العدل والإحسان
    لأنها تيار إسلاموي محافظ جدا يسعى إلى تضييق الحريات الفردية،فالعدل والإحسان لا يمكن أن تكون صديقا ليساري لأن الصراع لديها يحدده العقدي وليس شيء آخر، وانطلاقا من ذلك ، فاليساري عدوها اللذوذ ، وتحالفها مع أي تيار يساري لن يكون إلا بهدف خدمة مصلحتها المثمثلة في إقامة دولة متخلفة معادية للحداثة،و للقيم الكونية التي ناضلت من أجلها الإنسانية لسنوات فحذار من اللعب بالنار، والتاريخ لن يرحم غير المقدرين للعواقب.

  • موحى اطلس
    الإثنين 1 أبريل 2013 - 00:03

    تحليل في الصميم، لا يمكن للشعب المغربي أن يقبل بحكم طائفة لاهوتييه متخلفة تحت سيميات الدين فنحن مسلمين والحمد لله ولسنا في حاجة لتجار الدين لكي يشرحوا لنا ديننا، ولا كيف نريد أن نعيش، ولا إلي أين نريد أن نذهب في الأخرة سواء الجنة أو النار. وسنحاربها يكل الوسائل الممكنة حتى وان جعلناها عشرية أكثر سوادا من عشرية الجزائر في التسعينيات من القرن الماضي، حتى استئصالها عن بكرة أبيها بصفة نهائية وتخليص الوطن من هذه الجرثومة الخبيثة التي تتربص بمصيره.

  • ناصح
    الإثنين 1 أبريل 2013 - 12:39

    اقول لبعض اليساريين امثال موحى 12 الله ايعفو عليكم تحسبون ان الشعب معكم وتتوهمون.. وفيقوا شوية من ال"لكلبة" راكم تتحلموا فافكاركم اكل عليها الدهر وشرب لم تعد تصلح فالشعب يحب الاسلام وهذه مجرد نصيحة مني لكم لعلكم تعقلون

صوت وصورة
ما لم يحك | البصري وتبذير الأموال
الخميس 28 مارس 2024 - 15:00

ما لم يحك | البصري وتبذير الأموال

صوت وصورة
الأمطار تنعش الفلاحة
الخميس 28 مارس 2024 - 13:12

الأمطار تنعش الفلاحة

صوت وصورة
حاجي ودمج الحضرة بالجاز
الخميس 28 مارس 2024 - 12:03

حاجي ودمج الحضرة بالجاز

صوت وصورة
أجانب يتابعون التراويح بمراكش
الخميس 28 مارس 2024 - 00:30

أجانب يتابعون التراويح بمراكش

صوت وصورة
خارجون عن القانون | الفقر والقتل
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:30

خارجون عن القانون | الفقر والقتل

صوت وصورة
مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:00

مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية