" إطلالة عادية " على حصيلة الانتخابات الجماعية

" إطلالة عادية " على حصيلة الانتخابات الجماعية
الثلاثاء 16 يونيو 2009 - 17:49

لقد وضعت الحرب أوزارها ، وآب كل حزب وحزبِيٍّ إلى نفسه يستجمع شتات ما كسبت يداه ، وراكمت تجربته ؛ استعدادا لمحاسبة الذات ، وتقديم الحساب …


الانتخابات هذه السنة مرت كسابقاتها في أجواء من المدافعة السلبية بين مختلف الخصوم الحزبيين ، وفي جو من الحياد السلبي للسلطة ، وفي حضور واضح ومفضوح للمال الذي برع الأعيان وأصحاب “الشكارة” في توظيفه ، بشكل ملفت، لاستمالة أصوات الفئات الفقيرة والمعوزة والأمية التي شكلت الكتلة الناخبة الأكبر.


ولأن الغاية عند الكثير من المتابرين تبرر الوسيلة ؛ فقد حضرت الفوضى بكل أشكالها الأخلاقية والتنظيمية ،وغطت على أغلب الخرجات الدعائية لمختلف الأحزاب السياسية وعلى طول ربوع المغرب . فالكل يضع الفوز بالمقعد فوق كافة الاعتبارات الاجتماعية والأخلاقية والدينية . فلا دين ولا أخلاق ولا علاقات الود والأخوة والمصاهرة والصداقة …تنفع في تخليق وتنظيف هكذا حملة . الكل يقول :” نفسي نفسي”.إنها بكل بساطة : “الانتخابات على الطريقة المغربية” !!


النتائج النهائية لم تأت بأي جديد يذكر! كل من يقرأ الوضع السياسي المغربي بشكل صحيح سيجد في هذه النتائج تحصيل حاصل لواقع مرير عرف صناديد وتجار الانتخابات كيف يعزفون على أوتاره المتهالكة بما يستجيب لرغبات نفوسهم المريضة ، و يكرس واقعا مترهلا يضمن لهم الاستمرار في حلب ” بزولة ” هذا الوطن دون رقيب ولا حسيب .


لن يتفاجأ أحد بحصيلة النتائج النهائية لهذه الانتخابات ؛ فالإشارات المتتالية لمن يهمهم الأمر كلها تصب في أن الخريطة السياسية لن تخرج عن السيناريو المعد لها سلفا .لكن سيكون من الغباء السياسي أن نمر على هذه النتائج النهائية دون أن نسجل”المعجزة” التي حققها حزب مغربي قفز إلى الوجود منذ فترة قصيرة جدا ، بمناضلين مغاربة لا أمريكيين ولا حتى تركيين ! وعبر مختلف مداشر ودواوير وأحياء القرى والمدن المغربية ، لا الأمريكية ولا التركية!والممثلة في احتلاله للمرتبة الأولى رغم حداثة عهده . مما يجر كل متتبع أن يتساءل عن الكامن الخفي الذي أهَّل هذا الحزب لاحتلال هذه الر تبة دون سواه . وهل في برنامجه ما يغري للتصويت عليه مما لم يهتد إليه غيره من الأحزاب ، أم في دماء شخوصه مادة تذهل عنها الأنفس ، وتصم الآذان ، وتطمس العقول قبل أن تلين القلوب ، فتستجيب العقول ؟!! أم لأنه كما يقول مناضلوه : الحزب “المنقذ من الضلال” ، الذي دخل الساحة ليملأها عدلا بعدما مُلئت جورا؟ !!أم لأنه حزب صديق الملك كما يقول خصومه ؟ أم …أم..؟. أسئلة نطرحها، وليس غرضنا أن نجيب عليها.إذ الحدث في غنى عن أي تعليق!


يأتي بعده مباشرة الحزب الحاكم ليحتل مرتبة تناسب وضعه الاعتباري في سدة الحكم، ليكرس وضعا قائما ، ويقدم رسالة بمثابة تصويت على برنامج حكومي أجمع الجميع على أنه لم يكن في مستوى التطلعات .


ثم الأحرار ، فالشعبية ، فالاتحاد ..ترتيب جاء على المقاس وكأن يدا في الخفاء عملت عملها في تشكيل هذه التراتبية الدالة !!


أما حزب العدالة والتنمية الذي قدمته أغلب استطلاعات الرأي التي أنجزتها المواقع الإليكترونية على بقية الأحزاب ،فقد اكتفى بالمرتبة السادسة على مستوى الترتيب العام ، وإن سجل المرتبة الأولى على مستوى الأصوات المحصل عليها في المدن الكبرى.


فحضوره على مستوى العالم القروي كان باهتا جدا ؛ إذ لم يستطع أن يقنع الشارع القروي ببرنامجه الذي اكتنفه الكثير من الغموض والهروب إلى الأمام ، بسبب سوء فهمه لإستراتيجية النضال الديمقراطي على مستوى القرية المغربية، وضعف خبرته السياسية بها ، وجهله بما يعتمل في يومي الشارع القروي . كما فشل- وهذا أخطر- في اختيار مرشحين يحضَوْن بالنزاهة والصدق والشعبية اللازمة لكسب أصوات الكتلة الناخبة القروية التي لا تثق إلا في “ولاد البلاد” الذين خبرت صدقهم وإخلاصهم وحبهم “لْبْلاد”. فسارع مسؤولوه في الكثير من الجماعات القروية– رغبة في تغطية أكبر عدد من الدوائر- إلى منح التزكيات لكل من هب ودب ؛ فكانت النتيجة صفرا .


أما أحزاب تحالف اليسار ، فقد احتلت ،وطنيا، مرتبة متأخرة – خصوصا في الحواضر – وهو الأمر الذي يعود –حسب اعتقادنا- إلى نخبوية خطابها السياسي والاجتماعي الذي لا تفهمه – للأسف- إلا فئة مثقفة لا تمثل سوى جزء صغير من الكتلة الناخبة.


لكن ما لاحظناه في بعض الجماعات القروية بسوس من نجاح ملموس ، لهذا التحالف، في مهمة تدبير الشأن المحلي بها ، مما أكسبه ثقة الساكنة من جديد ؛ يجعلنا نقول –دون مواربة- أن هذا التحالف لو امتلك عُشُر ما تمتلكه الأحزاب العريقة؛ إعلاما ، ونفوذا ، وأموالا…لكان له حديث آخر في هذه الانتخابات .


وأخيرا ، هذه مجرد إطلالة على الحدث ؛ إذ ليس غرضي منها أن أنبش في خفايا وخلفيات احتلال هذا الحزب أو ذاك لهذه الرتبة أو تلك ، ولكن غرضي أن أشارك ببعض ما أثارته هذه النتائج في نفسي من ملاحظات و تساؤلات ، حول نتائج انتخابات ليس فيها ما يبشر – البتة- ببزوغ شمس مغرب جديد ..مغرب النزاهة والمسؤولية ونكران الذات.

‫تعليقات الزوار

8
  • عبد السلام رشيد
    الثلاثاء 16 يونيو 2009 - 17:55

    الاستاد المحترم .يحز في النفس ان تتحدث عن الانتخابات و كانها فعلا انتخابات .اسف الامر ليس كدالك ، سامحني ان تطفلت عليك رغم عدم درايتي بالساسة و السياسة و التمست منك حدف مصطلح الانتخابات و تعويضه ببورصة شراء المسؤولية .لا اخفيك سرا و لن أزايد ان قلت لك بان أزيد من 90 بالمئة من الدين دخلو االسوق عندنا(05جماعات الفردي و 1 بلدية باللائحة) حصلوا على مبلغ 200 درهم عن الترميز باللوائح و عن 1500 الى 4000 درهم عن السوق الفردي .فعن اية انتخابات تتحدث يا استادي المحترم

  • ادريس خ
    الثلاثاء 16 يونيو 2009 - 17:59

    العزيز صالح
    “الانتخابات على الطريقة المغربية” اعمق تعبير عن انتخاباتنا.التعبير يفصح لن عن الفرق بين الانتخابات كما تعرفها الدول الديموقراطية والانتخابات اتي يعرفها البلد. الإشكال هو هل قدرنا أن نبقى في هكذا محبس؟ المتعلمون، المثقفون، المتنورون، المنتمون بقليل من التحفظ الى الطبقة الكتوسطة لا يسجلون انفسهم ولا يصوتون. قد يقول قائل لم سأصوت على العبث؟ جائز ومقبول ولكن اهمية موقفك تكمن في قدرته على رج الراكد.
    ان نجاح تجربة التحالف بسوس تستحق ان ينتبه اليها المرء. هناك توظيف ايجابي لكل العناصر الداعمة للتصويت : القبيلة، الغنيمة، وفي الأخير العقيدة. لا اعتقد ان الذين صوتواللتحالف فعلوا ذلك معرفة بمرجعيته الفكرية والسياسية. انهم صوتوا على تجربة جماعية : الطرق، الدعم الجمعوي، الماء، الكرامة..

  • مصطفى
    الثلاثاء 16 يونيو 2009 - 18:05

    القراءة الأولية لنتائج الانتخابات الجماعية ل12 يونيو2009، ألخصها في معطيين اثنين يتفاعلان فيما بينهما، أولا، أن التواجد والانتصار المحلي لحزب فؤاد علي الهمة وحركته يعتبر خطوة استراتيجية هامة لاستكمال تطبيق المراحل المتبقية من أجندتهم، سواء المعلنة أو الخفية. أما النقطة الثانية فهي التراجع النسبي لحزب العدالة والتنمية كنتيجة للتحالفات الهادفة، إن لم تكن لقطع الطريق أمامه، على الأقل للحد من دينامكيته، وكذلك كنتيجة لبعض التصدعات والخلافات الداخلية، التي لم تطف لحد الآن إلى السطح لكن صداها السلبي يمكن اعتباره أحد الأسباب وراء تراجع هذا الحزب على الصعيد الانتخابي.

  • كاعي
    الثلاثاء 16 يونيو 2009 - 17:53

    شكلت الانتخابات الجماعية للثاني عشر من الشهر الجاري على ضوء نتائجها ومختلف المسارات التي سبقت عملية التهييء لها ضربة قاضية للمشروع المخزني ولكل من سار في ركبها ، واهما، بإمكانية تحويل لعبة مفبركة لصنع التغيير من داخل شرعية مفقودة ، لقد هجم المال الوسخ و الأعيان والسماسرة من مختلف انتماءاتهم القبلية والعصبية واستعملت أساليب قذرة في امتهان بؤس الناخبين واستمالتهم، ظاهرة لم يسلم منها الأطفال والقاصرين الذين وظفوا في خط المواجهة بين المرشحين .. بشكل جعل من هذه الانتخابات أسوأ استشارة شعبية على الإطلاق. فالأغلبية الساحقة للأحزاب الفائزة والمندحرة تشابهت في ممارسة سلوكات قذرة : تدخل الإدارة والسلطة، استعمال المال الوسخ ولوبيات المخدرات والزبونية والنعرات القبلية ، مسرحية غابت عنها البرامج والتصورات المستقبلية في مقابل طغيان الصراعات بين الأرقام وسيادة لغة الشتائم ، مرتعا تألقت فيه فئات الأعيان ووجدت الظروف المناسبة لعودتها القوية للسيطرة على دواليب الشأن المحلي .

  • مدونة الكاتب المغربي
    الثلاثاء 16 يونيو 2009 - 17:57

    ها لينتيخابات كملات
    فسمانا الديموقراطية دارت علامات
    آيوا يا الوليدات آيوا يا لبنيات
    ليوما تحقات لومنيات
    قلة ما يدار أو الميزيريا ليوما مشات
    أو كمارتها علينا دركات
    أو ما بقا فعودها ما ينبات..
    ها المرشحين خسرو فليسات
    أو على الأمانة ضيعو من وقتهم نهارات أو نهارات
    ها المرشح ليوما غادي يحقق لينا المعجزات
    ويلا ما خفت نكذب
    من هنا لغذا غادي ايدوز فالكات كات
    ويرشنا بالما ديال الحفرات…
    آيوا لا غلا على مسكين يا العيالات
    ريكلام بو مارشي فهاد لينتيخابات
    المرشح تا يكون ليوما فحيزب
    او غذا كا يصبح فحيزب
    أو بزربا كا يتبدل ب180 ديال الدرجات
    سبحان اللي كايبيتها فشان ويصبحها فشان
    هو كبير الشان..
    آيوا يا الوليدات آيوا يا لبنيات
    الديموقراطية فالسما دارت علامات..
    كييت اللي ما شارك فلينتيخابات
    تراكتور الديموقراطية فاتوا بشلا مسافات
    أو خلاه اللور ما هو من اللولين ما هو من اللخرين
    أو سرو يبقا فدار غفلون
    منخلاه الديمقراطية ؛ لا بريا لا تليفون..
    ايموت بالسم الواعر
    أو ما يدي خبار ما يجيب خبار
    بحال ميت العاصر..
    الحاصول أو ما فيه ؛
    بشي مرشح لهلا يجعلني نطيق
    أو ندير منو صديق
    اي خليني فوسط الطريق
    لا عوين لا رفيق؛
    ويشمتني كيف شمت الصنيديق…

  • معارض
    الثلاثاء 16 يونيو 2009 - 17:51

    تفاجئت بمقالك هذا يا استاذ صالح، خصوصا ما يتعلق ب الفقرة الأخيرة التي تملقت فيها كثيرا وأكثرت من المداد والصباغة على تحالف اليسار الذي تحدث عنه كأنه حقق المعجزة.
    لا بد يا سي صالح أبو حمزة ان تعرف أن اليسار أو تحالف اليسار، لم يحقق معجزة و لا شيء انتصارا مدويا، لماذا لأن كل الخصوم الذين تنافسوا معه لم يخططوا بما يكفي ولم يقوموا بالتعبئة الجماهيرية الكافية، المواطن بمنطقة إنشادن وبلفاع التي حقق فيها تحالف اليسار الأغلبية ضاق درعا بسياسة هذا التحالف و بأشخاصه الانتهازيين الذي راكموا ثروات مهمة و لك في الفاميلة أي العائلة الرئيس المقرب إليك أبلغ قصد و أوضح نموذج.
    لذا يا سي صالح المتلق لا تكثر في التملق و الزم مكانك، و دافع عن توجهاتك دون الخوض في مثل هذه التفاهات. أو أنك ترغي أنت أيضا كما يدعي اتباع التحالف ببعض الامتيازات من رخص البناء و الوساطة وما غير ذلك.
    أقول لك : إن صوت التغيير بالمنطقة سيدوي من طرف شباب يافع مناضل.

  • أمــــال
    الثلاثاء 16 يونيو 2009 - 18:01

    لا بد من ايجاد تسمية اخرى تناسب ما يحصل عندنا ، اما كلمة انتخابات فلا تليق بالفوضى التي تحدث عندنا كل 5 او 6 سنوات لا ادري كم بالضبط لاني لا اشارك في هذه الحماقات ولا تهمني، ولا ارجو من وراءها الكثر ولا القليل، ما دام نفس الكمامر قابعين او جاثمين فوق قلوبنا
    سواء تفوق الرمز الفلاني او العلاني فلن يحدث شئ يذكر، سوى زيادة ثروة فلان او علان
    الشعب في نهاية المطاف يزداد غرقا في بطالته وفقره..
    اللهم رحمتك نبغي…انت ارحم الراحمين

  • ذ.صالح
    الثلاثاء 16 يونيو 2009 - 18:03

    (لذا يا سي صالح المتملق لا تكثر في التملق و الزم مكانك، ….أو أنك ترغب أنت أيضا كما يدعي اتباع التحالف ببعض الامتيازات من رخص البناء و الوساطة وما غير ذلك)..
    كلام يؤسفني أن يصدر مثله من أمثالك ،أنت الذي تعرفني ، وتعرف مواقفي وتوجهي . ولو كنت كما تقول لانضممت إلى هذا التحالف، وخرجت في مسيراته وحملاته الحاشدة بل وتصدرتها كما فعل بعض المتملقين الذين خرجوا معه وصوتوا لغيره.ولكنه الحق الذي عميت عنه فما عدت ترى إلا نفسك المريضة بحب السلطة والمنصب..المغاربة في حاجة إلى معارضة بناءة تقول: للمحسن أحسنت وإن كان خصمها السياسي ، وتقول للمسيء أسأت وإن كان من بيتها الحزبي .أما الذين يعارضون فقط لأن خصمهم قي دفة الحكم؛ فهؤلاء في عرف النضال الديموقراطي الحق ليسوا سوى “برازيت”، متى انقشع عنها الغبار صارت إلى حقيقتها هباء تذروه الرياح،”أما الزبد فيذهب جفاء ، وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض”..( والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون)…

صوت وصورة
تفاصيل متابعة كريمة غيث
الخميس 18 أبريل 2024 - 19:44

تفاصيل متابعة كريمة غيث

صوت وصورة
أساتذة باحثون يحتجون بالرباط
الخميس 18 أبريل 2024 - 19:36 1

أساتذة باحثون يحتجون بالرباط

صوت وصورة
مؤتمر الأغذية والزراعة لإفريقيا
الخميس 18 أبريل 2024 - 16:06

مؤتمر الأغذية والزراعة لإفريقيا

صوت وصورة
الحكومة واستيراد أضاحي العيد
الخميس 18 أبريل 2024 - 14:49 104

الحكومة واستيراد أضاحي العيد

صوت وصورة
بايتاس وتأجيل الحصيلة الحكومية
الخميس 18 أبريل 2024 - 14:36 97

بايتاس وتأجيل الحصيلة الحكومية

صوت وصورة
هلال يتصدى لكذب الجزائر
الخميس 18 أبريل 2024 - 13:45 4

هلال يتصدى لكذب الجزائر