الإرهاب .. ضرورة الحرب لتحقيق السلم

الإرهاب .. ضرورة الحرب لتحقيق السلم
الخميس 9 أكتوبر 2014 - 13:10

الفعل الإرهابي المتأسلم، بكل فظاعاته وبكل الدمار المعنوي والمادي، الجغرافي والتاريخي، الذي أوقعه ويهدد بالمزيد منه في جزء هام من الجغرافية العربية…ذلك الفعل، لا يحدث هناك فقط، أو بالأصح لا يهدد هناك فقط… هنا أيضا في هذا المغرب المشاطئ للمحيط ( الأطلسي )، الذي لم يحفز التاريخ على إشعال كثير حرائق في صفحاته…هنا أيضا صَهدُ ذلك اللهيب قد وصل… تلك بديهة من أساس قراءات زلازل الوضع العربي وارتداداتها.

غير أن تلك الحقيقة لبست كل حقائقها، في شكل وقائع وأرقام واضحة ودالة على أن الأمر يتعلق بحرب ضروس. فقط هي حرب بالعشرات من المشتبه في كونهم جنودها، و لحظ المغرب هي حرب بلا ضحايا ولا دماء. لأن نباهة العقل الأمني المغربي، جردت تلك الحرب من إبرة عنفها… ذلك ما نَضَحَ من مداخلة السيد محمد ياسين المنصوري مدير عام “الدجيد”، أمام اللجنة المتتبعة للإرهاب في مجلس الأمن. المداخلة كشفت كيف أن أجهزة الأمن المغربية المتعددة والمتكاملة العمل، تمكنت من الانقضاض على العصابات الإرهابية في الزوايا المعتمة لنواياها الاجرامية. المداخلة قدمت لوحة عامة جامعة لما تفرق في بلاغات وزارة الداخلية في السنتين الأخيرتين للإخبار بتفكيك عصابات إرهابية كانت على أهبة اقتراف جرائمها. حوالي 280 عملية إجرامية متنوعة الأشكال والأدوات والاستهدافات، أجهضت وأحبطت وأبطلت مفعولهما المصالح الأمنية التي تميزت بيقظة مهنية و وطنية نموذجية… لولا تلك الفعالية الإستباقية، لكانت تلك المخططات عمليات فعلية حَدثت، قَتلت، خَربت، سَرقت أَغارت على سكينة الوطن وأفزعت المغاربة… بكل ما لذلك من تأثير وارد على الأوضاع السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية للبلاد. كنا سنكون في مغرب آخر غير هذا المغرب الآخر الذي هو قيد التشكل، كنا سنكون في مغرب فُرمل تقدمه، وقد بدد مواطنة مواطنيه في مطاردة يومية للعنف الذي يكون قد أحرق مساحات السياسة في السياسة وفي مساحات وثنايا العيش الحيوية للمغاربة.

ليس القصد أن نقول بأن المغرب هش وكل هذا المعمار الديمقراطي والتنموي الذي يجتهد المغاربة في رفعه وتمنيع أساساته واستكمال أروقته ويدافعون عنه اختيارا ثابتا ويعقمونه ضد نزوعات الإرتداد، وأن كل ذلك آيل للانهيار على وقع عمليات إرهابية معدودة متفرقة… القصد أن ما أنجزته المطاردة الاستباقية للعصابات الارهابية، وفر على المغرب ضحايا وتخريب ورعب وصفد أذى مشروع إجرام. ولكن الأهم أن الإستباق قطع على ذلك التخطيط الإرهابي، إمدادات التغذية بحالة الرعب التي تكون قد استبدت بالبلاد والتيه المحتمل عن المسار الديمقراطي في حالة علو دوي الإرهاب على أصوات النفير التنموي.

المعطيات التي كشفتها مداخلة السيد ياسين المنصوري أوضحت أن ذلك المخطط الإرهابي، حتى و قد تناسل حتى و قد تكاثر حتى و قد تواصل، ظل فعل مجموعات محدودة منعزلة عن بعضها البعض، غير مندمجة في تنظيم شبكي بكل المقومات المذهبية و التنظيمية للشبكة…و هو أيضا، ليس نابعا من نسيج الحراك السياسي ( و الإسلامي ) والاجتماعي المغربي، إنه من خارجه… المشتبه فيهم ما بين منعدمي التكوين الثقافي و الديني إلى محدوديه، مجرد منفذون، بلا مطالب سياسية أو اجتماعية أو دينية، هم بلا ثقافة و بلاحضور ديني أو سياسي ولا نقابي ولا جمعوي في البلاد، هم مجرد مجندون في مهمة ومنفذون لأوامر عصابات من خارج المغرب…إنهم نتاج الإنجذاب إلى ذلك الشّرك المرعب الذي نصب للأمة تحت مسمى الجهاد في سوريا وبعدها العراق وكان الدولار فيه هو الطعم البراق ولا يزال، و طبعا مع بهارات تعاويذ من هوامش النص الإسلامي عن الطريق السريع المؤدي إلى الجنة.

الحقل الديني المغربي أثبت أنه معقم ضد الغواية الإديولوجية وضد الإرتزاق بالعمالة الخارجية، مما عزل تلك المجموعات المعتقلة عن أي احتضان مجتمعي أو سياسي أو ديني…و هو ما يؤكد مناعة المقومات القيمية و الإختيارات المجتمعية للنسق السياسي المغربي، حتى و الفصائل المسمات إسلامية متفاوتة (وحتى متصارعة) في نوعية تعاطيها أو تفاعلها مع مؤسسات النظام السياسي المغربي. وكانت عزلة تلك المجموعات من شأنها تعقيد عمليات ترصدها و تعقب استعداداتها للتحرك من طرف المصالح الأمنية، غير أن العكس وما حصل، إذ ساعدت عزلتها عن محيطها الإسلامي الحركي من تطويقها و تفكيكها.

و ما كان للمجهود الأمني أن ينجح لو وجدت في حقلنا السياسي _الديني مسارب و مخابئ و مستنقعات، وبالمثل ما كان المغرب قد وقى نفسه من فتن تلغم مسار تطلعاته الديمقراطية و التنموية لو لم تكن الأهبة الأمنية حاضرة آناء واطراف هذا الإهتزاز المتصاعد في الجغرافية العربية.

و بالذات، من ذلك اهتزاز يهب علينا نقع نزال الإرهاب، مما يستوجب مراعاة أن الخطر الإرهابي ليس مجرد حمى متولدة عن “ضربة” حماس عابرة، و لا هومجرد” لعب عيال” جراء إغراء إديولوجي محدود المفعول…إنه خطر ماثل و قابل للتوالد و جدي…لأننا جزء من تضاريس هذا الكل العربي وحتى ونحن نجتهد لأن نقتطع لنا مساحات ومسارات أخرى من التاريخ وفيه ومختلفة….لا نملك إلا أن نواصل الاستعداد للحرب لكي نحصن السلم.

‫تعليقات الزوار

3
  • مغربي حر
    الخميس 9 أكتوبر 2014 - 20:57

    لا يستطيع الكاتب التفكير خارج الادلوجية العربية الاسلامية .ان داعش هو اخر منتجات العقل العربي الاسلامي بعد الناصرية و الصدامية و الأسدية و القدفية و البومديانية و السعودية و القطرية و… فكلها انظمة الاستبداد و الفاشية و القهر و الضلم و نهب خيرات الشعوب.الإسلام السياسي و مشتقاته من اخوان و حزب الله و السلفيين و الجهاديين و القاعدة و النصرة و داعش .. من صنع استخبارات الأنظمة استبدادية الالعشائرية و البعثية لفرملة المشروع الديمقراطي التنموي.والمنتسبون الى هذه الجماعات الاسلامية و خاصة السلفيين و من يدور في فلكهم هم مستلبون و دمى في ايادي الانظمة الاستبدادية و الأمثلة كثيرة لا ينكرها سوى من لا عقل له.و محاربة ارهاب الاسلام السياسي بالاجهزة الامنية مجرد خيال و وهم في ظل الامكانيات المادية الهائلة التي تمول بها هذه التنظيمات الارهابية التي تتجاوز قدرات المغرب المادية.على الكاتب ان يطلع على كتب التربية الاسلامية ليرى ان نظامنا التربوي يكون دواعش المستقبل و باموال دافعي الضرائب.الحل الصحيح هو محاربة الفساد السياسي والاداري والاقتصادي و بناء نظام ديمقراطي علماني اساسه المساواة و حقوق الانسان

  • maf9ouss
    الجمعة 10 أكتوبر 2014 - 07:27

    االقاعدة وداعش صناعة امريكىة جعلت منهم المخابرات الامريكية حصان طروادة لتبرير التدخل العسكري في الاماكن الاستراتيجية بالنسبة لهم ;ويوجد اكثر من مليار مسلم بسطاء امثالنا لا علاقة لهم بداعش ولا بالقاعدة ولا يعرفون شيئا عنهما ;ورغم ذلك يصر الغرب الامبريالي على الصاق الارهاب بالمسلمين ;ويلقى ذلك قبولا عند الخصوم السياسيين للاحزاب الاسلامية عندنا ;وتاريخ المذابح والقتل والدمار والاغتيالات يشهد ان الغرب وربيبته اسرائيل لا ينافسهم احد في ذلك

  • khaled hassni
    الجمعة 10 أكتوبر 2014 - 15:52

    يحول صاحب المقال أن يرسم لنا صورة متضخمة عن الأمن والمخابرات المغربية بحيث يرجح أسباب عدم إهتزاز وإنفجار الوضع إلى تلك الخطط التسبيقية من طرف الدولة وإلى هنا يتضح أننا نقرأ تحليل خرافي ووهمي لسيد طالع السعود لأن الإرهاب لا يمكن محاربته بالقوة أو العنف بل بالتنمية وتحقيق العدالة وكذا إعادة الهوية ولكن إن كان إصرارنا على مواجهة هذا الفيروس بلغة الرصاص أو الأمن فعلينا الإستعداد لمحرقة أشبه بسوريا والعراق لأن غليان الإنسان في مرحلة الحرمان والمعاناة من الظلم والإستبداد أقوى بكثير من الدولة بجيشها وشموليتها ولكم في الشرق الأوسط أكبر الدلائل،

صوت وصورة
المعرض المغاربي للكتاب بوجدة
الخميس 18 أبريل 2024 - 01:29

المعرض المغاربي للكتاب بوجدة

صوت وصورة
بعثة أسترالية تزور مركز "تيبو"
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 21:45

بعثة أسترالية تزور مركز "تيبو"

صوت وصورة
أكاديمية المملكة تنصّب أعضاء جدد
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 18:24

أكاديمية المملكة تنصّب أعضاء جدد

صوت وصورة
احتجاج أرباب محلات لافاج
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 17:32 9

احتجاج أرباب محلات لافاج

صوت وصورة
"كتاب الضبط" يحتجون بالبيضاء
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 15:07

"كتاب الضبط" يحتجون بالبيضاء

صوت وصورة
“أش كاين” تغني للأولمبيين
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 13:52 1

“أش كاين” تغني للأولمبيين