التحاف الدولي والانتقائية ما يسمى " الانقاذ "

التحاف الدولي والانتقائية ما يسمى " الانقاذ "
الثلاثاء 14 أكتوبر 2014 - 10:12

شكل إطلاق التحالف الدولي لعمليات القصف الجوي على تنظيم داعش منعطفا في سير الأحداث في كل من سورية والعراق. ففي حين جاء القصف ردا مباشرا على قتل وتهجير الأقلية الأزيدية في العراق ووصول تهديد داعش مدن إقليم كردستان الغني بالنفط، فإن أعمال هذا التنظيم الإرهابي لم تجد لها رادعا في سورية طوال أكثر من عام ونصف تعرضت خلالها عدة مدن سورية إلى استفراد التنظيم بسكانها وإخضاعهم لأشكال شتى من التنكيل بدءا من اعتقال آلاف الناشطين العلمانيين والديمقراطيين إلى قتل كل من جاهر برأي مختلف وصولا إلى مجازر مروعة ذهب ضحيتها المئات خلال ساعات قليلة، كما حدث في منطقة انتشار قبيلة الشعيطات في ريف دير الزور.

إلا أن المهتمين بالشأن السوري إجمالا، يخشون أيضا أن تكون عمليات التحالف نوعا من احتواء التنظيم وحصره في مناطق- العرب السنة – بالعراق وسورية، ما يعني رسم حدود عمله واستمرار بقاءه في هذه المناطق؛ كما تخشى أن يكون وراء ضرب داعش وأخواتها من تنظيمات السلفية الجهادية إلى نوع من تحالف موضوعي بين التحالف ونظام بشار الأسد يؤدي إلى خلق حال من الأمر الواقع يُسقط الثورة ومطالبها وبعدها الوطني الديمقراطي لصالح تعايش بربريتي الأسد وداعش.

على الأرض، في سورية، استطاع تنظيم داعش أن يوطد وجوده خلال عام ونصف في المناطق المُسيطر عليها دون تحديات جدية. إذ نجح في القضاء، أو طرد، قوات الجيش الحر من هذه المناطق. وأخذ يوسع رقعة انتشاره بالقوة العارية، وهو يحاول في هذه الأيام أن يفرض سيطرته على مدينة عين العرب/كوباني ذات الغالبية الكردية على الحدود السورية التركية. وتبدو قوات حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي ، فرع سوري لحزب العمل الكردستاني التركي، في سورية عاجزة عن وقف تقدمه رغم القصف الجوي من طائرات التحالف.

عند هذه النقطة، تفترق مواقف الأطراف الفاعلة في المشهد السوري، ففي حين ساعد طيران نظام الأسد وقوات الاتحاد الديمقراطي الكردي صف مواقع لتنظيم داعش خلال الأيام الأولى من القتال على عين العرب/ كوباني، مال إئتلاف قوى الثورة والمعارضة إلى مؤازرة الموقف التركي الذي يشترط إعلان التحالف النية في إسقاط نظام بشار الأسد والحفاظ على وحدة التراب السوري للمساهمة في جهود القضاء على تنظيم داعش.

أكثر من ذلك، فإن ثمة تناقض في الموقف بين القوى السياسية الكردية السورية ذاتها. إذ يصمت المجلس الوطني الكردي في سورية- إئتلاف تشكل بعد الثورة السورية وشمل كل الأحزاب الكردية السورية, ما عدا حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي عما يجري في عين العرب أملا منه، فيما يبدو، بالتخلص من خصمه السياسي تنظيم الاتحاد الديمقراطي الكردي الذي تمكن خلال السنوات القليلة الماضية من تسيد الساحة سياسيا وعسكريا في المناطق ذات الأغلبية السكانية الكردية، القامشلي وعين العرب وعفرين. أما حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي فيبدو وقد وصل في مقامرته إلى منتهاها. إذ كان قد راهن منذ وقت مبكر من الثورة السورية على خلق وقائع على الأرض في المناطق السورية ذات الأغلبية السكانية الكردية، بدعم وتعاون من نظام بشار الأسد؛ شكلت في مجملها نوع من سياسية نأي بالنفس وتمكين عسكري وأمني وإداري في هذه المناطق.

مفردات هذه السياسية تجلت في منع التنسيقيات الشبابية الكردية من الإنخراط في الأعمال الاحتجاجية في بداية الثورة، وسحب البساط من تحت أقدام بقية الأحزاب السياسية الكردية السورية ودفع أفرادها للسكوت أو الهرب، والانخراط في هيئة التنسيق الوطني ذات السياسات الملتبسة تجاه الثورة.

عموما، حاول “حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي الاستفادة من ضعف النظام في المناطق الشرقية والشمالية من سورية، ومن انشغال قوى الجيش الحر في محاربة النظام، ومحاربة تنظيم داعش لاحقاً في فرض سيطرة عسكرية وهيمنة أمنية يُلمح منها محاولة لتكرار ما جرى في العراق وخلق إقليم مستقل أو شبه مستقل في سورية. أعماله هذه، وخاصة ارتكابه مجاز في بعض قرى الحسكة، شرق سورية، وتهجير سكانها، وتهجير سكان أربع قرى عربية غرب مدينة تل أبيض بالقرب من الحدود السورية التركية قدَّم لتنظيم داعش المتواجد في المنطقتين الفرصة لصياغة خطاب هذا الحزب وتعبئة السكان العرب المحليين القلقين من سياسات التهجير العرقي ومن تقسيم البلد ضده.

عقدتا المنشار في سير أعمال التحالف الدولي ضد داعش اليوم تتمثل في غياب إستراتيجيا شاملة، عسكرية كانت أم سياسية والموقف التركي المتحفظ على دخول التحالف دون تحقيق الشروط المذكورة أعلاه. أما السوريون فمبعدون عن القرار اليوم سواءا النظام أم تحالف قوى الثورة والمعارضة نتيجة التدويل الشديد للشأن السوري.

الأتراك يريدون أن يعمل التحالف على إنهاء أسباب ظهور داعش ومثيلاتها وقص جذورها المتمثلة في نظام بشار الأسد. ويريدون إنشاء ملاذ آمن على الأرض السورية إعادة المهجرين السوريين إلى بيوتهم ووقف تدفق المزيد منهم إلى الأراضي التركية.

فإن نجحت تركيا في كسب تفهم دول فاعلة لفكرة الملاذ الآمن داخل الأراضي السورية، ومن ثم دعم تنفيذها وتحويلها إلى مشروع قائم على الأرض، فمن المرجح أن يؤدي ذلك إلى تدخل عسكري فعال ضد داعش، مما ينعش دور المعارضة السورية المعتدلة، وكذلك المعارضة العلمانية الديمقراطية السورية. إذ يمكن للآلاف من أفرادها أن يعودوا للعمل في الملاذات الآمنة ويسعوا انطلاقاً منها لترتيب أوضاع المناطق الآمنة إدارياً وخدمياً وأمنياً، وكذلك الاستمرار في العمل على إسقاط نظام بشار الأسد أو خلق موازين قوى على الأرض تدفعه إلى حل سياسي يفتح الطريق أمام الاستقرار والامن اللازمين لاعادة الإعمار وعودة بقية المهجرين ووقف التخريب والنزف الحاصلين في البلاد.

حاليا، يصعب تصور سيناريو آخر يمكن أن ينال رضى الأغلبية السورية ذات التوجه الديمقراطي والراغبة في التحول عن الاستبداد والقطع معه نهائيا، بما فيها جزء كبير من الأغلبية الصامتة.

خلاف ذلك، سيبقى الوضع في سورية مفتوحا أمام القوى الأهلية ذات الأفق الطائفي أو الإثني الضيق وقاتل، وفي مقدمتها نظام الأسد وما يتبعه من مليشيات، وميليشيا تنظيم داعش وما يشبهها.

‫تعليقات الزوار

2
  • ناصر هشام
    الثلاثاء 14 أكتوبر 2014 - 23:33

    عرب يحاربون مع افرنج ضد عرب
    ابناء المشرق يحاربون مع الافرنج ضد عرب مثلهم
    400 والافرنج يذبحون فى المسلمين بسبب او غير سبب
    وعدد من قتل من المسلمين ملاين واستعمرت اوطانهم وسرقت ثرواتهم
    واذا قاوم العرب ورجعو لمصدر قوتهم وهو الايمان بالله والجهاد فى سبيله
    لفقو ضدهم التهم ووصفوهم بالارهاب
    والعراق لمدة ثلاثون عام وهو يتعرض للدمار بيد الافرنج ومعهم اعراب
    المشرق تعلمو القتال لقتال جيرانهم من العرب
    وحسبنا الله ونعم الوكيل

  • عبد اللطيف مجدوب
    الأربعاء 15 أكتوبر 2014 - 15:34

    يبدو من خلال المعطيات التي أوردتها الأستاذة أنها تتوفر على بنك للمعلومات يوفر لها اقتفاء أثر الحرب الدائرة بين التحالف الدولي وتنظيم داعش ، والحال أن أوراقا مختلطة عديدة ; لمحت الأستاذة الى بعضها ; تلعب في رقعة المنطقة . بيد أن السؤال الجوهري في الأخير هو : لصالح من …? أية آفاق يمكن استجلاؤها في المدى القريب أو المتوسط ? هل هناك محاولة لترسيم خريطة شرق أوسطية جديدة ? هل هي الشروع في نية تفتيت الدول العربية/الإسلامية ?…

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55

تقنين التنقل بالتطبيقات

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02

وزير النقل وامتحان السياقة

صوت وصورة
صحتك النفسانية | الزواج
الخميس 28 مارس 2024 - 16:00

صحتك النفسانية | الزواج