التعديلات الانتخابية وسؤال الجدوى

التعديلات الانتخابية وسؤال الجدوى
الإثنين 13 يوليوز 2020 - 17:02

ما الذي نعنيه بالتعديل، حين يتعلق الأمر بالانتخابات في بلادنا؟ ماذا نقصد بتعديل القوانين الانتخابية؟ ماذا ننتظر من الأحزاب؟ وماذا نريد منها حين ندعوها إلى تقديم ملاحظاتها والإعلان عن آرائها بخصوص الترسانة الانتخابية ببلادنا؟

المؤكد أن الانتخابات تشكل فرصة استثنائية ولحظة فارقة في تاريخ الأمم، تعرب من خلالها الدول كما المجتمعات الحية عن مستوى تطلعاتها نحو التقدم، وعن مدى رغبتها واستحقاقها وإقبالها على الحياة الديمقراطية، ما يعني أن الانتخابات بداهة ينتظر دائما أن تحمل الجديد بالمعنى الإيجابي والتقدمي للكلمة، فما هو الجديد الذي نريد للانتخابات في بلادنا أن تحمله؟ الجواب على هذا السؤال يكمن في نظرتنا إلى هذه الانتخابات، وفي مستوى وقيمة ونوعية إراداتنا ورغباتنا تجاهها، وأول الجواب، سنعثر عليه في التعديلات التي سنقترحها، وفي قيمة ومستوى النقاشات التي ستصحبها، وفي المنطق السياسي الذي سيحكم ذلك كله، في النهاية. فإلى أي حد نريد للانتخابات في بلادنا أن تشكل منعطفا حقيقيا، ولحظة فارقة بين زمنين، ما قبل وما بعد، وهذا بالضبط هو الجدوى من الانتخابات.

يسهل أن نلاحظ، أن الطقس الانتخابي في بلادنا يشهد تراتبية مألوفة، لا تكاد تحمل جديدا حقيقيا، ويمكن تلخيصه في أربعة مشاهد، هي بمثابة (سيناريو) يتم إعداده وإعادته في كل مرة.

المشهد الأول: ويهم مرحلة الاستعداد للانتخابات، حيث ترتفع بعض الأصوات منادية بضرورة مراجعة القوانين الانتخابية، وفق سقف محدد، هو نفسه في كل مرة تقريبا (اللوائح – نمط الاقتراع – العتبة – اللائحة الوطنية..)، مع بعض التفاوت من حيث الحدة والهوامش ذات الصلة، كاعتماد البطاقة الوطنية أداة وحيدة للتصويت، وغيرها.

المشهد الثاني: ويهم مرحلة الحملة الانتخابية، حيث تعمد الأطراف المشاركة إلى عرض برامجها أو ما يسمى كذلك بأشكال تتفاوت من حيث الحماسة، ومستوى الخطاب السياسي والقدرة على إثارة الانتباه، حتى لا أقول الإقناع، وبالطبع، لا يخلو هذا المشهد من خلافات وتراشقات واتهامات باستعمال المال والولائم وغيرها، بغرض استمالة الناخبين، ويتجه كل طرف إلى الحديث عن أحقيته في تحمل مسؤولية التدبير، تعلق الأمر بالانتخابات التشريعية أو الجماعية، وبالطبع، لا أحد يتحدث عن الفاشلين ولا أحد يحاسبهم، وجلهم يعود مرة أخرى لتحمل المسؤولية نفسها وأكبر، بعد أن يكون قد دافع عن فشله بأساليب وتعلات أضحت من قبيل المألوف المزمن.

المشهد الثالث: ويهم يوم الاقتراع، حيث يتجه جزء من المواطنين للإدلاء بأصواتهم وتكف الأغلبية عن ذلك، لأسباب كثيرة ومتعددة منها عدم الاهتمام، المقاطعة، عدم وجود الوقت، وكلها وغيرها أسباب تقتضي القيام بدراسات علمية مدققة للوقوف على الدواعي الثاوية خلف ما نسميه عزوفا انتخابيا. وجرت العادة في هذا اليوم، أن تتبادل الأطراف المتنافسة تهم خرق القوانين المتعلقة بالاقتراع، لينتهي المشهد بالإعلان عن النتائج وحساب الأصوات والمقاعد.

المشهد الرابع: ويهم التحاق المنتخبين الفائزين بأماكن عملهم واطمئنانهم على كراسيهم، وعودة الحياة إلى دورتها التقليدية، واحتفاظ المواطنين بأسئلتهم التي لا يجدون لها جوابا، ومعاناتهم التي يرونها رأي العين.

فماذا نعني بالتعديلات الانتخابية تحديدا؟ هل يكون الجواب هو إجراء الانتخابات وفق المشاهد السابقة؟ المؤمل طبعا، أن تتقدم بلادنا في التفاعل مع هذه الانتخابات، بما يحولها فعلا إلى استحقاقات وإلى حدث جديد على الأرض، ولا يكون ذلك إلا بطرح أسئلة جديدة، ولا أقول مزايدات جديدة. من حق الهيئات الحزبية أن تحرص على كسب المواقع، ومن حقها أن تحرص على سلامة القوانين والعمليات الانتخابية، ولكن، من أجل ماذا؟ ولأية غاية؟ هذا هو السؤال. بعض المنتخبين الجادين يؤكدون باستمرار أن صلاحياتهم محدودة، وأن ما يمكنهم فعله ضئيل وقليل، وأن جهات أخرى تضطلع بالمهام والملفات الأساس، بدلا عنهم أو ضدا عنهم، وتمنعهم من القيام بمهامهم، ما يحولهم إلى جماعة من الموظفين الذين يدبرون الهوامش في أحسن الأحوال، ويقضون مدة انتدابهم في الحديث عن الإكراهات والإعاقات، البعض الآخر، وهو كثير، يقفز على هذا الواقع كله ويتصدى بمنطق غريب، للدفاع عن مكاسب وإنجازات لا وجود لها إلا في مخيلته وأرقامه وإحصائياته، البعض الآخر من هواة خلط الأوراق، ممن يحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا وينسبون إليهم كل جميل ولغيرهم كل قبيح، ما يعني في النهاية، إغراق المواطنين في متاهات وأخلاط لا حصر لها، والنتيجة مزيدا من العزوف والتبرم من كل ماله علاقة بالشأن السياسي والانتخابي، فما معنى اختيار مدبرين لا يدبرون، وانتداب منتخبين لا يمثلون، أو لا ندري ما ومن يمثلون؟ وإذا كانوا لا يدبرون حقيقة ولا يحاسبون، فما الجدوى من كل هذا المسار الطويل؟ ومن كل هذه الميزانيات التي يتم صرفها؟

إن الحديث عن انتخابات جديدة يعني بالضرورة التطلع إلى واقع جديد، من خلال الحرص على ترسيم الصلاحيات والمسؤوليات ومباشرتها بالوضوح اللازم وبالواقعية الجادة التي يراها المواطن ويعاينها ويقف على آثارها يوما بيوم، وإلا فما الجدوى؟؟

‫تعليقات الزوار

4
  • KITAB
    الإثنين 13 يوليوز 2020 - 17:45

    الانتخابات في المغرب أصبحت مرادفة لحلول نخب محل أخرى بغض النظر عن برامجها وناخبيها، كما أن الأحزاب المغربية ومنذ زمن بعيد كانت وما زالت بمثابة دكاكين الانتخابات واقتسام الكراسي إن في الوزارات أو السفارات، ولم يسبق لها داخل البرلمان أو الحكومة أن كانت عنوانا للتغيير ما دام الجميع يعرف بوجود حكومة الظل خلف الستار، يعهد لها بتسييس المرحلة في غياب تام للشفافية، فكم شهدنا من أزمات وإخفاقات في ظل الحكومة الحالية، لكن نجاعتها في تدبير الأزمات الاجتماعية هي آخر شيء يمكن انتظاره، وما زال التاريخ يذكر لأحمد عصمان قولة مشهورة وهو حديث العهد بالسياسة "ما جدوى هذه الانتخابات التي تكلف الخزينة أموالا طائلة والنتيجة معروفة سلفا…!!" ، الشعب المغربي المسكين يتحمل دائما التبرعات ويؤدي ثمن لاوعيه والتلاعب بمصالحه ،فلو أحجم عن الذهاب إلى صناديق الاقتراع فتلك هي البداية بأنه أصبح لعبة السياسة في البلاد، سلمات

  • amaghrabi
    الإثنين 13 يوليوز 2020 - 19:26

    مع الاسف الشديد شعبنا يعلم ان الاحزاب السياسية تسفك دماء خزينة الشعب المغربي,ودولتنا كذلك تعلم ان الاحزاب السياسية عبئ ثقيل على خزينة الشعب المغربي,بحيث تذهب الى هؤلاء اموال طائلة والشعب المغربي بامس الحاجة اليها,ومع الاسف دولتنا تعلم ان الشعب المغربي لعبة في يد هؤلاء الممثلين للاحزاب المغربية وبالتالي فاذا الغت دولتنا العملية الانتخابية فهذه الاحزاب تحرض الشعب المغربي ضد الدولة وبالتالي تضع عراقيل وصعوبات ومشاكل للدولة المغربية مما يجعل دولتنا تقف مع الاحزاب وتشجعها لتستمر في هذه العملية الانتخابية التي تضر الشعب المغربي ويستفيد منها هؤلاء الانتهازيين والوصوليين ومن خلالهم تبقى الدول في راحة من شر الشعب المغربي وفي الاخير شعبنا هو الخاسر وهو الضحية ,ودار لقمان تبقى على حالها الى ان يرث الله الارض ومن عليها

  • ديمقراطي
    الإثنين 13 يوليوز 2020 - 22:02

    إلى amghrabi
    من أكثر الأفكار رداءة فكرة إلغاء الانتخابات بالمرة والاقتناع بعدم جدواها ، ونحن نعلم أن فلاسفة العصر الحديث خاضوا حرباً ضروسا من أجل فكرة " السيادة للأمة" أي أن يكون مصدر السلطة من المجتمع لا خارجه كما هو الحال عند الدول الإقطاعية القروسطية المعتمدة على " الحق الإلهي" في الحكم و تنظيم المجتمع. الأسوء من كل هذا أن من يروج اليوم لفكرة تشابه الأحزاب والحركات وعدم جدوى الانتخابات يخدم (بحسن نية أم بسوء نية؟) مصالح المستفيدين من الوضع الكارثي الحالي في الداخل والخارج. من الأحزاب ماهو سلفي أفسد المغرب ومنها ماهو تكنوقراطي يزيد الطين بلة ومنها ماهو تقدمي حداثي، هؤلاء موجودون جميعاً في برلمان هذا الوطن لكن البرلمان نفسه هو في ارتباك سياسيا لانه لا يقدر على التدخل في كل شؤون الدولة و يواجه من قبل الحكومات الفاشلة والتكنوقراط باستهتار كبير

  • سولوه
    السبت 18 يوليوز 2020 - 16:40

    … سبحان الله ما اللي راني نعقل وشي ناس وهم لاسقين في السياسة وحاملين مسؤوليات الله ابارك .

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30 1

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 2

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 3

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 11

تقنين التنقل بالتطبيقات

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02 6

وزير النقل وامتحان السياقة