التوريث السياسي ضرب لمضامين الخطاب الملكي

التوريث السياسي ضرب لمضامين الخطاب الملكي
الأربعاء 21 شتنبر 2011 - 22:03

بعيد الخطابين الملكيين المواليين للتغييرات المقبلة التي سيشهدها المشهد السياسي المغربين، بعد الاستفتاء على الدستور الجديد، وفي خضم الربيع العربي، كان مأمولا أن تشهد المملكة المغربية في هذه المرحلة السابقة للانتخابات التشريعية التي ستقرر في طبيعة الحكومة المغربية والتي سيترأسها، لأول مرة منذ المرحوم عبد الله إبراهيم، رئيس حكومة بصلاحيات واسعة بدل وزير أول، اقتصرت مهامه على نقل التعليمات المؤسسة لتدبير الحياة العامة للبلاد وعلى التنسيق بين الوزراء الذين انحصرت مهامهم في تدبير بعض الملفات والمشاريع على غرار الموظفين الساميين للمملكة.

وبغض النظر عن الإصلاحات الجديدة المرتقبة والمرتبطة بتخليق الحياة العامة وضرورة الإرتقاء بالسياسة الوطنية لتنخرط في مسار ديمقراطي حقيقي، فقد شدد جلالة الملك على ضرورة تجديد النخب السياسية الحالية، والتي خلقت قناعة جماعية لدى الرأي العام الوطني ومختلف المتدخلين والفاعلين السياسيين بمحدوديتها وعجزها عن كسب الرهانات المصيرية المقبلة ومصالحة الشعب المغربي، خصوصا شبابه، مع السياسة ولكون التصاقها بمواقع المسؤولية داخل أحزابها أدى إلى تجميد شرايين هذه الأحزاب، كما أن أطماعها اللامتناهية في البقاء ضمن الفرق الحكومية أفقدها كل مصداقية وقطع نسلها بعد تراكم عوامل الإحباط لدى الأطر الحزبية لقناعتهم، مع مرور الزمن، أن مهامهم الحزبية منحصرة في خدمة أجندة هذه القيادات الغير مقبولة من طرف الشعب المغربي، خصوصا بعدما هبت على بلادنا طلائع بشر الربيع الديمقراطي العربي، وانطلاقة دينامية 20 فبراير المجيدة النابعة من قلب المجتمع المغربي برجاله ونسائه وشبابه وبرجوازيته وطبقاته الكادحة…

وعوض أن تلتقط هذه النخب الصورية، ليست فقط الإشارات الملكية، بل التوجهات الملكية الواضحة والمباشرة بضرورة تجديد النخب، بدأ بعض بارونات الأحزاب بتحركاتهم المشبوهة والعلنية في إدامة تواجدهم داخل المشهد الحزبي والسياسي المغربي. فانطلقت المضاربات الغير أخلاقية لبعض تجار الإنتخابات، المسؤولين، أصلا عن إفلاس المشهد الحزبي المغربي، للضغط على المسؤولين الحزبيين وممارسة كل أشكال المساومات لقرصنة اللائحة الوطنية للشباب والنساء بهدف اختطاف الصفوف الأولى وتمتيع أبنائهم وزوجاتهم حتى يتمكنوا من ولوج قبة البرلمان خدمة لمصلحهم الفئوية.

فإذا كان الترشح حق دستوري مكفول لكل مواطنة مغربية ومواطن ، حامل لمشروع اجتماعي وسياسي واقتصادي وثقافي يهدف إلى تشكيل أغلبية برلمانية تنبثق عنها حكومة وطنية مسؤولة أمام الشعب (نواب الأمة) في تدبير الشأن العام للمملكة المغربية، فلا يعني قرصنة هذا الحق وتحويله بقدرة قادر إلى ملك خاص يتم تفويته بالوراثة لذوي القربى بدون موجب شرع أو وجه حق.

كما سبق لجلالة الملك أن ذكر في إحدى خطبه بكون عضوية البرلمان ليست بامتياز، لكونها تشترط توفر مؤهلات معينة للقيام بالأدوار المنوطة بالبرلمان المغربي الذي سيتم انتخاب أعضائه لتوفرهم على هذه الشروط بعد تبني الناخبين لبرنامجهم الانتخابي. لكن، بتحركاتهم المشبوهة، وبضربهم لمضامين الخطب الملكية الداعية إلى عقلنة وتخليق المشهد السياسي المغربي، أضحى هؤلاء (المخلوضين) وبارونات الإنتخابات يشكلون أكبر خطر على أمن واستقرار البلاد. لماذا؟

فبعودة نفس الوجوه المرفوضة سلفا، إما بشخوصهم الحالية أو عبر توريث أبنائهم للمقاعد البرلمانية، سيشعر المواطن المغربي بكون دار لقمان قد بقيت على حالها ولم يحدث أي تغيير بالبلاد، مما سيدفعه ليس فقط إلى العزوف كما في السابق، بل إلى الكفر بالعمل السياسي في المغرب وإعلان إفلاسه، خصوصا أن الثورات العربية الأخيرة قد اشتعلت بسبب “سياسة التوريث” التي أراد تكريسها بدون حياء كل من حسني مبارك بمصر، معمر القذافي بليبيا، علي عبد الله صالح باليمن والمأساة الكبرى المتمثلة في بقاء بشار الأسد رئيسا لسوريا بعد ثلاث عقود من السياسة الدموية التي انتهجها أبوه الراحل حافظ الأسد بعد انقلابه العسكري في نهاية الستينات. نتمنى أن يجنب الله بلدنا الأمين هذه المخاطر، لكون عموم المغاربة لا يتنازعون حول شرعية النظام الملكي الحاكم بالمغرب منذ أربعة عشر قرنا والكفيل بعدم إثارة القلاقل الإثنية والدينية بالمملكة.

وعليه، لابد من استحضار المؤهلات الضرورية في المترشحين للانتخابات التشريعية المقبلة، وكذا خلال المشاورات التي ستجرى بين الأحزاب لتشكيل أول حكومة سياسية متمتعة بصلاحيات واسعة. ومن ضمن الشروط، وعلى سبيل الذكر لا الحصر، نذكر أولا بضرورة توفر الكفاءة العلمية والسياسية و التقنية الضرورية و كذا التجربة الإدارية اللازمة و الكفيلة بممارسة المهام البرلمانية بمختلف مسؤولياتها.

ثانيا، الشرعية التنظيمية المتمثلة في الانخراط الفعلي داخل الأحزاب المغربية، لمدة لا تقل عن عشر سنوات، خصوصا القطاعات التلاميذية و الطلابية و الفروع الحزبية، ثم بعد ذلك المساهمة الفعالة داخل المجتمع المغربي عبر ضمان الامتداد الحزبي في جميع أشكال الحياة العامة بالبلاد، مما سيمكنه من بلورة فكر سياسي حقيقي مبني على أنماط معينة للمشاريع المجتمعية المنبثقة عن خط سياسي وإيديولوجي معين، ستمكن الناخب المغربي من التمييز بين مختلف مرشحي الأحزاب السياسية.

ثالثا، وحتى لا يظل تدبير الشأن العام المغربي والعمل البرلماني حكرا على أبناء الذوات والطبقات المخملية، نستحضر الشرط الأساسي والركن المؤسس لكل مشروع انتخابي و المتمثل في المشروعية النضالية، المبنية على القرب من المواطن المغربي والذي يمكن المرشح من تفهم انتظارات القواعد الإنتخابية والتعرف عن القضايا التي تلامس انشغالاتها، وكذا الانخراط في المعارك النضالية المعبرة عن طموحات الشعب المغربي، بدل احتقاره بفرض الأبناء والزوجات وإدامة الريع السياسي والاقتصادي بالمغرب.

و مادامت الوجوه السياسة في هذا البلد السعيد قد عودتنا منذ إنتهاء الحماية على خلط الحابل بالنابل، فلا ضرار في التذكير بالبون الشاسع بين كناش الحالة المدنية المثبت للنسب (الشريف) و ضرورة توفر المرشحين، للانتخابات التشريعية المقبلة في القوائم الوطنية، على نهج سيرة مفعم بالشهادات العلمية و الخبرات الميدانية و التقنيات الضرورية الكفيلة بمراقبة العمل الحكومي و التمكن من تشريع القوانين المنظمة للحياة العامة بالمغرب.

‫تعليقات الزوار

3
  • teacher
    الأربعاء 21 شتنبر 2011 - 23:03

    tré bonne analyse ! Bravo

  • عبدولحرش
    الأربعاء 21 شتنبر 2011 - 23:47

    من يحب وطنه لايمكن ان يخونه ابدا اما هؤلاء الدين يتاجرون بالبلاد والعباد حاشا وكلا ان يحسبوا علينا وانا ادعومن منبر هده الجريدة ان يتجند شبابنا لاختيار من يستحق ان يخدم هده البلاد بكل فخر واعتزاز وان لا نبيع انفسنا وبالتالي مستقبل بلادنا بحفنة من المال لاتسمن ولا تغني من جوع فليقم كل منا بتوعية الاقرباء بقيمة هده العملية في تسيير البلاد فكل واحد منا يمثل جزء مهم من جسد مغربي مرصوص لاينفصل ولن ينفصل ابدا ما دام في هدا البلد رجال قاوموا في الجبال والوديان من امازيغ احرار وعرب ثوار ضد الخونة فاليوم نحن كدلك في هده المعركة نحتاج الى بعضنا للتصدي لاعداء البلاد الداخليين وشكرا لهده الجريدة القيمة

  • AMAZIGHI
    الخميس 22 شتنبر 2011 - 00:28

    on est tousz avec la volontè de notre roi qui cherche toujours notre bien vive le roi md six vous ete ntre coronne sur nos tètes

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 2

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 10

تقنين التنقل بالتطبيقات

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02 6

وزير النقل وامتحان السياقة

صوت وصورة
صحتك النفسانية | الزواج
الخميس 28 مارس 2024 - 16:00 3

صحتك النفسانية | الزواج