الجماعات السلفية.. والعزوف عن اتخاذ أسباب النصر والتمكين

الجماعات السلفية.. والعزوف عن اتخاذ أسباب النصر والتمكين
الإثنين 21 ماي 2012 - 11:28

تصاب بالدهشة وأنت تسمع بعض شيوخ السلفية في أشرطتهم أودروسهم ومواعظهم عبرالفضائيات “الإسلامية” المتناسلة في هذه الأعوام، وكأن أصحابها يعيشون خارج التاريخ البشري ، أويعيشون مع الهنود الحمرفي غابات الأمزون ، لاتسمع فيها إلاخرير المياه وزقازيق الطيور..أفكارهم بعيدة كل البعد عن العقل والنقل معا ؛ ربما لايؤمن بها إلامن أصابته لوثة تجعله يرى الأشياء بمنظور أعوج، ومن هذه الأفكارأن الأمة الإسلامية اليوم لايمكن أن تنتصرعلى أعدائها وأن تصل إلى العزة والتمكين في االبر والبحر والسماء؛ إلا إذا وصل عدد المصلين في صلاة الفجر، نفس عدد المصلين في صلاة الجمعة..وكأن النصر هدية يمنحها الله تعالى لمن يصلون الفجر في جماعة، حتى ولو كانت هذه الجماعة يعشش بين جدرانها الظلم والقهر والاستغلال والغش والتدليس والنفاق وشهادة الزوروأكل مال الفقراء واليتامى والمساكين، والتطفيف في الكيل والميزان والسعي بين الناس بالنميمة ، وتحويل أموال الزكاة وصدقات المحسنين إلى جيوبهم وحساباتهم الخاصة..!!

ويزيدون في تعمية مريديهم وضحاياهم بالاستشهاد ببعض الأحاديث والآيات القرآنية يزكون بها آراءهم كوقله تعالى: “ولوا أن أهل القرى آمنوا والتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ..” وقوله : “إن تنصروا الله ينصركم ..” وقوله تعالى :”إن الله يدافع عن الذين آمنوا..” وقوله:”ومن يتوكل على الله فهو حسبه “.. ومشكلة هؤلاء الشيوخ ومن يدور في فلك مدرستهم من أبناء المسلمين، يفهمون التوكل على الله بمفاهيم عجماء، وبعقول ظلماء، وبآذان صماء..!! فمفهوم التوكل كما حدده القرآن، وطبقه الرسول صلى الله عليه وسلم في سيرته اليومية، وفهمه الصحابة الكرام والمسلمون الأولون، لايتنافى مع اتخاذ الأسباب الكونية، وطلب الرزق والسعي في مجالات الحياة، فعلى المسلم الذي فهم كتاب الله المسطور(القرآن) وسنن كتاب الله المنشور(الكون) ينبغي عليه أن يسلك السنن والقوانين التي وضعها الله في ملكوت السماوات والأرض ..

فمثلا عندما حرم الله سبحانه وتعالى بعض الأضعمة والأشربة لضررها ، وإذا كان هذا الأمر لا يمكن أن يعلم إلا باستخدام المختبرات والبحوث والتحاليل لتلك الأطعمة، فلاضير من استخدامها؛ بل تصبح من الواجبات، لأن بدونها لاتتحقق العبودية لله كاملة، ولايدخل المسلم في زمرة المؤمنين الصالحين إلا باكتسابها؛ لهذا علماؤنا رحمهم الله تعالى وضعوا لذلك قاعدة: “ما لايتم الواجب إلا به فهو واجب”. فالمنتمون إلى الإسلام بحق ووعي وفقه، يعتبرون الدنيا ميدان تنافس في عمارة هذا الكون بالخيروالأمن والسلام والاستقرار..فالطائرة والسيارة والغسالة والثلاجة والكناسة وأدوات الزينة، وأدوات الترفيه، والأثاث واللباس ، وماهنالك من مخترعات ومنتجات وأدوات، التي تنتجها المصانع عبر شرق الدنيا وغربها، ماهي إلا وسائل وأدوات مسخرة للإنسان لينعم فيها وبها، كما سخرلنا باقي مخلوقاته من طيروحيوان ونباتات وأشجار وثمار.

.وسورة النحل أبلغ تعبير في هذا الباب حيث يقول تعالى: (وَالأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ ، وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ ، وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَّمْ تَكُونُواْ بَالِغِيهِ إِلاَّ بِشِقِّ الأَنفُسِ، إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ ، وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ، وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَائِرٌ وَلَوْ شَاء لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ ، هُوَ الَّذِي أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء لَّكُم مِّنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ، ُينبِتُ لَكُم بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالأَعْنَابَ وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ، وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ، وَمَا ذَرَأَ لَكُمْ فِي الأَرْضِ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ، وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُواْ مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُواْ مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ..).

فهل فهم المسلمون اليوم وخاصة أبناء الجماعات السلفية من كتاب ربهم هذا المعنى، وشمروا عن سواعدهم للإعمار والإبداع والتخطيط والإنتاج في صفحات كتاب الله المنظور؟ الذي نحن في هذا الميدان عيال على اليهود والنصارى..؟!! كم من صناعة مدنية وعسكرية تتعلق بالمعادن النفيسة كالذهب الأسود واستخراجه وتكريره لانعرف منها أي شيء؟!! ولولا الغرب وأمريكا على الخصوص- التي تلعن من قبل هذه الجماعات صباح مساء- لكانت هذه النعم ماتزال تحت الأرض ولا يستفيد منها أي أحد من عباد الله !!، ولبقي السلفيون إلى اليوم يركبون الخيل والبغال والحمير..!!

وعليه لو كانت تريد أوروبا مثلا، أن تقتل جميع المسلمين وبدون دبابات ولاطائرات ولاجيوش؛ بل بشئ بسيط يمكن أن تفعله هو وضع السم في علب الأدوية المصدرة إلى العالم الإسلامي؛ لأن علماء وشيوخ الجماعات السلفية ومريديهم ليس لهم الوقت الكافي لتعلم هذا الفن العظيم ؛ نظرا لمشاغلهم في تتبع عورات الناس وزلات العلماء.. والتخطيط لإقامة إمارتهم “السلفية” حتى ولو كان الوصول إليها بالتحالف مع شياطين الإنس والجن .

*الكاتب العام للمجلس الأعلى للأئمة والشؤون الإسلامية بالبرازيل
مدير عام وكالة الأنباء الإسلامية لأمريكا الشمالية والجنوبية

‫تعليقات الزوار

11
  • سلفي مشفق على أمته
    الإثنين 21 ماي 2012 - 12:38

    جزاك الله خيرا و شكرا لك على ما تفضلت علينا به من انتقاص. و اعلم رحمني الله و إياك أني كنت أحترمك و لا زلت أحترمك غاية الإحترام.

  • السيف البتار
    الإثنين 21 ماي 2012 - 12:43

    حسبي الله ونعم الوكيل
    اللهم انصر الاسلام والمسلمين.ودمراللغاة اعداء الدين
    اللهم من اراد بالاسلام سوءا فرد كيده في نحره,واشغله بنفسه ,واجعل تدميره في تدبيره .اميين ولك الحمد ربي على لطفك وحلمك

  • من اسباب انصر
    الإثنين 21 ماي 2012 - 13:22

    من اسباب النصر توحيد الكلمة ونبذ الخلافات التي ليس من شانها ان ترقى الى الاختلاف في العقيدة وعدم التراشق بالكلمات النابية بين ابناء هذا الدين ومن ينتظر منهم توجيه هذه الامة (العلماء).
    وليس هذه طريقة ناجعة يااخي للنصح حيث اعربت عن غلك لبعض اخوانك ونعتتهم باقبح النعوت . اللعهم اصلحنا يارب، وطهر قلوبنا من الحقد لاخواننا المسلمين.
    وتمنيت ان اراك تتكلم بنفس اللهجة عن المثاليين ووكالين رمضان والعلمانين وو..
    ام؟؟؟؟؟؟؟؟
    اذن فهمتها.

  • افريقي
    الإثنين 21 ماي 2012 - 13:37

    كما يقال يوجد من الشبه اربعين فالمرجو منك ايها الشيخ ان تذكر القارة التي تقيم بها فنحن في افريقيا نقيم و نجد لك متشابهات كثيرة هنا في افريقيا فهل انت في و من افريقيا

  • العربي
    الإثنين 21 ماي 2012 - 15:32

    جاء في المقال:" ومن هذه الأفكارأن الأمة الإسلامية اليوم لايمكن أن تنتصرعلى أعدائها وأن تصل إلى العزة والتمكين في االبر والبحر والسماء؛ إلا إذا وصل عدد المصلين في صلاة الفجر، نفس عدد المصلين في صلاة الجمعة..وكأن النصر هدية يمنحها الله تعالى لمن يصلون الفجر في جماعة، حتى ولو كانت هذه الجماعة يعشش بين جدرانها الظلم والقهر والاستغلال والغش والتدليس والنفاق وشهادة الزوروأكل مال الفقراء واليتامى والمساكين، والتطفيف في الكيل والميزان والسعي بين الناس بالنميمة ، وتحويل أموال الزكاة وصدقات المحسنين إلى جيوبهم وحساباتهم الخاصة..!!"
    أظن ان الافراد من الامة الذين يتميزون بالاخلاق المذكورة لن يقووا على القيام لصلاة الفجر في جماعة، ولن يقوى على ذلك الا ذا ايمان قوي وعندما يكون الايمان قويا فإن تلك الخصال القبيحة تختفي. وهذا سبب ربط السلفيين لتقدم الامة ونصرتها بما تحدث عنه الكاتب واستغربه.

  • abdou
    الإثنين 21 ماي 2012 - 17:28

    Bravo, Bravo, Bravo…Si seulement des chaines commencent à émettre des programmes de ce genre pour contrecarrer ces fanatiques et ces wahabistes qui ne sèment que la terreur et la haine parmi l'humanité. Bon courage et on attend toujours du nouveau de votre part. Merci hespress.

  • صاحب راي
    الإثنين 21 ماي 2012 - 21:07

    تامل اخي الكريم قصة خلق ادم،الله سبحانه و تعالى كان له ملا اعلى يسبح بحمده و يعبد في كل حين باحسن الطاعات،و لكنه ارتاى في علمه ان يخلق كائنا مختلفا،تكون عبادته حتما اقل من عبادة الملا الاعلى لعصمتهم من الشهوات،قال تعالى اني جاعل في الارض خليفة،فاجابوه بانه قد يفسد فيها و يسفك الدماء،و كلامهم نابع من تجربة سابقة مع خلق اخر،فما معنى الخلافة في الارض التي تحدت عنها الله تعالى، لا بد انها تعني شيئا مختلفا عن العبادة و الا لاكتفى سبحانه بعبادة الملا الاعلى،و لا بد انها تعني شيئا اخر غير الحرب و القتل التي تبهه اليها الملائكة،فادن الخلافة في الارض هي العمران و الحضارة،هي العلوم و الفكر و الفنون و الرياضة،و ليست في الحروب و لو كانت باسم الدين و ليست في التعبد لان التعبد هو دين لربك عليك ولان خلافة الله في الارض هي من صميم التعبد.

  • الباشري
    الثلاثاء 22 ماي 2012 - 04:01

    استغرب لمثل هؤلاء القوم لايهمهم الا الطعن في اخوانهم لما يبقى لك الا القنوات الاسلامية التي يتعلم فيها الناس دينهم برامج للتعليم القران برامج للفتوى برامج في كل المجالات لماذا لا تتكلام على القناة الاولى والتانية وغيرها من قنوات الفساد اقول لك هداك الله للحق

  • سلفي
    الثلاثاء 22 ماي 2012 - 09:15

    التنقية والتربية هما اصلا الدعوة السلفية,السلفيون يشتغلون بدعوة الناس الى التوحيد والى الرجوع الى الاسلام المنقى من شوائب الشركيات والبدع ثم تربية الجيل الصاعد على اسلام الصحابة, هذا المنهج هوسنة محمد صلى الله عليه وسلم الذي دعا للرجوع الى دين ابراهيم عليه السلام ثم ربى اصحابه على التوحيد ودعااليه 10 سنوات بمكة, ثم بعد ذلك بدا بتطبيق الشريعة,لهذا السبب السلفية تشكل خطرا كبيرا على اهل البدع من المتصوفة امثال كاتب المقال,فهو يرى ان السلفيين يشتغلون فقط بتتبع عورات المبتدعة والرد عليهم بالحجة والدليل ولايساهمون في نصرة الامة !!! فياسبحان الله,كيف تتمكن الامة وفيها من يعبدون القبور ويقدسون الاولياء ويذبحون لهم من دون الله ? كيف تتمكن الامة واهل البدع احلوا الحرام وحرموا الحلال,ولعبوا بعقول الاميين?كيف تتمكن الامة وفيها من يعد الحسن والحسين وعلي وعبد القادر الجيلاني…?اليس توحيد العقيدة الاسلامية على منهج الصحابة كفيل بتوحد المسلمين واعادة عزتهم?
    ان اهل السنة والجماعة يدعون الى التوحد على سنة محمد وجماعة المسلمين(السلف الصالح) قبل كل شيء,اما اهل الاختلاف والبدعة فالغاية عندهم تبرر الوسيلة.

  • منصف
    الثلاثاء 22 ماي 2012 - 10:24

    الحمد لله وبعد:
    سبحان الله بدا لي من العنوان أن الموضوع جيد وقيم لكن للأسف أنبأ الرجل على أنه لا يحسن أن يكتب موضوعا رصينا قيما واضحا جليا.
    أنا في الحقيقة لم أفهم بالضبط ماذا يريد أن يقول اللهم إلا الطعن في السلفيين،
    وأنا أقول: من أعظم أسباب النصر والتمكين الاجتماع والألفة لا الشتم والفرقة
    والسلام

  • العربي أبو دعاء
    الثلاثاء 22 ماي 2012 - 10:46

    ان المفقود اليوم بين المسلمين هو التعامل الاسلامي . لم يعد الاسلام وتعاملاته تحكم تصرفاتنا . أما السعي للدنيا فنحن محكومين بقدراتنا ومؤهلاتنا . وكل يصل بحسب اجتهاداته وامكاناته . لقد أصبح الاسلام في واد وأصبح تعامل المسلمين في واد . مما جر علينا كل الويلات وأضر بمستوانا كمسلمين . هاذه هي القطبعة التي نشكو منها . قطيعتنا مع أخلاق الاسلام . أخلاقنا في تدن مستمر وتزداد هبوطا مع مرور الايام والاعوام . ويؤدي المجتمع الاسلامي ضريبة باهضة الثمن جراء هاته القطيعة . شخصية المسلم تعيش في انفصام . فهيئته هيئة المسلم وتعامله في بعد تام عن الاسلام . وبعد عن روحه وجوهره وأهم شيئ فيه . المعاملة . اختفت مظاهر المودة والتواضع والدفع بالتي هي أحسن والصفح والكرم والجود وغيرها من الاخلاق الرفيعة من حياة المسلمين وحلت الضغينة والقطيعة والتكبر والعجرفة والانانية وغيرها من الاخلاق الذميمة فيما بيننا . لابد من مراجعة المسلمين لأحوالهم والعودة الى الاخلاق التي يدعو اليها دينهم لينالوا شرف الدين والدنيا . التعاملات الاسلامية واجبة كما الصلاة والزكاة والصيام والحج . بل من أجل تزكية النفوس فرضت هاذه الاركان .

صوت وصورة
أجانب يتابعون التراويح بمراكش
الخميس 28 مارس 2024 - 00:30 3

أجانب يتابعون التراويح بمراكش

صوت وصورة
خارجون عن القانون | الفقر والقتل
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:30

خارجون عن القانون | الفقر والقتل

صوت وصورة
مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:00

مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية

صوت وصورة
ريمونتادا | رضى بنيس
الأربعاء 27 مارس 2024 - 22:45 1

ريمونتادا | رضى بنيس

صوت وصورة
الحومة | بشرى أهريش
الأربعاء 27 مارس 2024 - 21:30

الحومة | بشرى أهريش

صوت وصورة
احتجاج أساتذة موقوفين
الأربعاء 27 مارس 2024 - 20:30 5

احتجاج أساتذة موقوفين