الحاجة إلى الله

الحاجة إلى الله
الأحد 12 أبريل 2020 - 18:30

هل يتجه العالم إلى الله بعد (كورونا)؟ سؤال يبدو ضروريا، لا سيما بعد ما تعرض له الإنسان عبر العالم من هزات وارتجاجات، أسقطت عنه كل أقنعته التي ظل يفاخر بها، ونزعت عنه كل أسلحته التي ظل يلوح بها في الهواء. لقد بدا الإنسان، مطلق الإنسان في العالم، عاريا من كل شيء، قابعا في مكان قصي، خائفا يرتقب، ينتظر حتفه الذي قد يأتي في أية لحظة.

مع (كورونا) تجلى ضعف هذا الكائن الشقي المسمى إنسانا، وتبدت حيرته وهو يواجه داء لا يرى فاعله، يقتل بالعشرات ويختفي سريعا، ما يعني أن عناصر حياة الإنسان المادية الظاهرة، وقفت عاجزة، وأن كل مقدراته الفكرية والاقتصادية والعسكرية أيضا، لم تسعفه هاهنا، ولم يبق له إلا التطلع إلى السماء، يخاطب خالقها، ويطلب جوده وإحسانه، بكل اللغات والتشوفات والإشراقات الروحية، على اختلافها وتنوع طقوسها، ولكنها في العمق تقول شيئا واحدا، مفاده حاجة هذا الإنسان الضعيف، إلى المصالحة مع ذاته، وافتقاره الشديد إلى مخاطبة كيانه الداخلي الجواني، الذي سرقته منه الحضارة المادية الاستهلاكية، في غفلة عنه، فأردته أسير شهواته ونزواته التي لا تنتهي.

هل يعود العالم إلى الله أخيرا، وبشكل أقوى، بعد (كورونا)؟ هل يعيد ترتيب أولوياته بعد انكشاف الجائحة؟ هل يعيد الاعتبار إلى قيمه الروحية والإنسانية، وإلى أخلاقه ومعانيه، التي استحق بها لقب إنسان؟ هل يتخلى عن غروره الذي لم ينفعه في شيء؟ هل يتخلص من كبريائه وانتفاخه وأنانيته؟ هل يتصالح الكبار مع الصغار، والأغنياء مع الفقراء، والأقوياء مع الضعفاء؟

هل ينتهي قهر الإنسان لأخيه الإنسان، تقتيلا وتجويعا وإذلالا، واحتكارا للخيرات، واستعمارا للأراضي، وسرقة للممتلكات، ما دامت النهاية واحدة، والعجز واحد، ولا شيء يبقى في النهاية الأخيرة، إلا الله؟ ما أحقر هذا الإنسان، وما أضعفه حين ينكشف عاريا، من روحه وقيمه السامية التي تميزه، فلا شيء يبقى حين يجد الجد، بين البشر، إلا التراحم والمحبة والخلق الجميل، ولا شيء يبقى حين ينتهي كل شيء، إلا الله، (كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام)، الحقيقة الوحيدة التي نقرؤها هذه الأيام. نعم، ما أحوجنا إلى الدواء والعلم والبحث عن سبل الخلاص، ولكن، ما أحوجنا إلى الله، قبل ذلك وأثناءه وبعده، درس جميل تعلمناه.

‫تعليقات الزوار

5
  • الزكراتي
    الأحد 12 أبريل 2020 - 21:08

    مقال رائع ينبني في طياته على مفارقة واضحة تتجلى في غرور الانسان و كبريائه و تطلعاته اللامحدودة تجاه اخيه الانسان بعكس ماتجده افقر بكثير وكثير وكثير عل حي او ميت لايرى بالعين المجردة،،، الخ

  • عبد العليم الحليم
    الإثنين 13 أبريل 2020 - 11:41

    تفنيد زعْم

    قال الدكتور تقي الدين الهلالي في كتاب(الطريق الى الله):
    "تَقدم أن أقوى دسيسةيتدرع بها المتهوسون بالدعوة إلى الإلحاد والتعطيل هي
    زعمهم أن الشعوب الأوربيةوالأمريكيةالتي بلغت أوج الرقي في العلم
    والمدنيةوالحضارةوالحرية لم تبلغ ذلك إلابنبد الدين

    وقد بدأت في هدم بنيانهم من الأساس فبيّنت بالرقوم الدقيقةالرسميةمن
    سفارات الأمم الراقيةكالولايات المتحدةوبريطانيا وسويسرا وألمانيا الاتحاديةوالسويد والنرويج

    أن عدد الملحدين في مجموع سكان هذه البلدان..
    إذا جمعت الملحدين فيها لايكاد عددهم يبلغ 1%

    فتهدم الاساس الذي بنَو عليه كذبهم الوقح ومنهم من يزعم أنه بلغ الغايةفي
    العلوم العصريةوالفلسفة.."

    وقال:قال الاستاذ مومنيه في بحث يثبت فيه وجود الخالق:"إن افترضنا بطريقةتعلو عن متناول العقل أن الكون خُلق اتفاقا بلا فاعل مريد مختار،وأن الإتفاقات المتكررة توصلت إلى تكوين رجل،
    فهل يعقل أن الاتفاقات أوالمصادفات تُكوّن كائنا آخر مماثلا له تماما في الشكل الظاهر،ومباينا له في التركيب الداخلي،وهو المرأة
    بقصد عمارة الأرض بالناس وإدامةالنسل فيها.
    قال،أليس يدل هذا وحده على أن في الوجود خالقا مريدا مختارا.."

  • زورو
    الإثنين 13 أبريل 2020 - 13:20

    إلى المعلق 3 – YASSIN
    فعلا الناس سيعودون إلى المعابد والكنائس والمساجد ليحمدوا الله عز وجل على ما فعله المفكرون والعلماء في المختبرات. نحن لا نبخس عمل العماء والباحثون ونثمن جهودهم الجبارة في سبيل إنقاذ البشرية من وباء أو كارثة أو…… بل ديننا الحنيف يحث على طلب العلم والبحث. ولكن ما يجب أن تعلمه هو أن البحث والعلم يعتمدان على معطيات دقيقة تستوجب ظهور وتفشي الوباء أو الحادث ومن ثم دراسة الحلول الممكنة والحسم بالتجارب. وبما أن الانسان في حد ذاته ليس بكامل فإن الحلول تكون هي الاخرى ظرفية ليست بكاملة بمعنى حلول بأعراض جانبية تؤثر على صحة الإنسان المعالج من جراء هذا الوباء على المدى المتوسط أوالبعيد وخير مثال على ما أقول الأدوية العلاجية أو اللقاحات التي تلغيهم منظمة الصحة العالمية عندما ترى أنها تشكل خطرا على صحة الانسان. ولو كان بيد الانسان تدبير هذه الامور بالصيغة الكاملة لكان تنبأ بكل أموره في هذه الدنيا بل حسم في جميع الحلول المرتبطة برزقه ومماته.
    وأخيرا هل بوسعك أن تأتي لنا بحل معظلة (Pi = 3.14) واسأل أهل العلم الذين يعتمدون عليها في جمبع ميادينهم إن وجدوا لها نهاية.

  • بلعيد تزنيت
    الإثنين 13 أبريل 2020 - 22:08

    كل المؤمنين بكل الآلهة في حاجة الى حمايتها كل الآلهة من الله كل الخير والشر من طبيعة الله والعقل هو روح الله به يتميز الربانيون الحقيقيون المنادون بالانسانية وينتصرون للخير نجد في القرآن وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ۗ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا..إذن هذا قضاء لاتغيير لك ونجد ايضا وقضى ربك الا تعبدوا الا إياه إذن كل الالهة التي يعبدها البشر من الله لانه قضى ربك وحكم بذلك …نحن البشر كل البشر نعبد الله إذن لنتعايش مؤمنين وكافرين.

صوت وصورة
حاجي ودمج الحضرة بالجاز
الخميس 28 مارس 2024 - 12:03

حاجي ودمج الحضرة بالجاز

صوت وصورة
أجانب يتابعون التراويح بمراكش
الخميس 28 مارس 2024 - 00:30 3

أجانب يتابعون التراويح بمراكش

صوت وصورة
خارجون عن القانون | الفقر والقتل
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:30

خارجون عن القانون | الفقر والقتل

صوت وصورة
مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:00

مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية

صوت وصورة
ريمونتادا | رضى بنيس
الأربعاء 27 مارس 2024 - 22:45 1

ريمونتادا | رضى بنيس

صوت وصورة
الحومة | بشرى أهريش
الأربعاء 27 مارس 2024 - 21:30

الحومة | بشرى أهريش