الحق في الحلم

الحق في الحلم
الأربعاء 17 يونيو 2009 - 19:42

في المغرب كثيرا ما يحدث أن يجد المواطن نفسه محروما من حقه، لا لشيء سوى لأنه مواطن بسيط يعيش في الظل، لا مال له و لا نفوذ. فالمغرب شأنه شأن كل الدول التي تبحث لها عن موطئ قدم في عالم الديموقراطية و حقوق الإنسان، ما زال يعيش تحت وطأة ممارسات بائدة، تجعله بعيدا كل البعد عن دولة الحق و القانون.


شواهد كثيرة تؤكد هذا الواقع المرير الذي يئن تحت ثقله المغاربة، و يجعلهم يشدون الرحال إلى أرض الله الواسعة بحثا عن أوطان بديلة، وعن آفاق أرحب تستوعب عطشهم للحرية و العدالة و المساواة.


لقد كثر في الآونة الأخيرة الحديث عن أعطاب القضاء المغربي، الذي يرمي الضعفاء بالأحكام السجنية والعقوبات القاسية تحت ذريعة المساس بالاحترام الواجب للملك، في حين يجد بدل العذر ألفا للأثرياء والنافذين، عندما يمسون بالاحترام الواجب للوطن و الحياة و الكرامة الإنسانية. هذا الحديث الذي عرى عن صدأ الآلة القضائية، و حاجتها المستعجلة لإصلاح عميق و شامل، يجعلني أسأل سؤالا بريئا: فإذا كان الإنسان لا يستطيع أن يضمن حتى محاكمة عادلة في وطنه، تنصفه اذا كان صاحب حق، و تدين ظالمه مهما كانت مكانته، فهل من حقه أن يحلم؟


هو ذات الحلم الذي أوصل رجلا من الأقليات، رجلا أسودا اسمه باراك أوباما إلى رئاسة أعظم بلد في العالم، حتى و ان لم يكن في كل تراب أمريكا قبر واحد لأحد أسلافه. إنها عظمة بلد تصالح مع ماضيه العنصري، و فتح ذراعيه للكفاءة دون ميز و لا إقصاء، من أجل التغيير و من أجل الحلم.


نفس السبب الذي يجعلهم متقدمين، هو الذي يجعلنا متخلفين… انه الحق في الحلم.


في أمريكا الناس مطمئنون لنزاهة قضاءهم و عدالتهم، و مطمئنون أن معيار الكفاءة وحده ما سيحدد مستقبلهم، لذلك فهم منصرفون للعمل و الإنتاج و الحلم.


أما في المغرب فالناس خائفون من يوم قد يضطرون فيه للوقوف أمام القاضي، و متيقنون أن الكفاءة لا تعني شيئا أمام القرابة و الولاء، لذلك فهم منصرفون عن العمل و الإنتاج و حالمون بيوم يغادرون فيه أرض الوطن.


حتى أولئك الذين حلموا بأن بإمكانهم أن يشكلوا الاستثناء، و ان ينجحوا في وطنهم المغرب دونما حاجة للرحيل، حبا لأرضه و شجره و صخره و إنسانه و تاريخه… و إيمانا منهم بأنهم مدينين له بالحياة، نجد أن الأبواب توصد في وجوههم و كأنهم نذير شؤم و فأل أسود. وإذا ما أوصلتهم الأقدار إلى تحقيق بعض من طموحهم ضدا على إرادة البشر و النظام، فان ذلك لا يكون إلا بعد أن يكونوا قد نحتوا في الصخر، و بدلوا الغالي و النفيس، و في أحيان كثيرة بعد أن قدموا الكثير من التنازلات… لذلك فإنهم بعد سنوات يعيدون نفس التجربة مع الآخرين، باعتقاد خاطئ ان الناس لم يساعدوهم و تركوهم يحاربون لوحدهم، فحق عليهم اليوم أن يذوقوا ما ذاقوه.


وهكذا نجد أن نفس الوجوه تتكرر في مشهدنا السياسي و الاقتصادي و الثقافي… ما جعل الركود يصيب مفاصل حياتنا، و ما جعل التغيير حلما بعيد المنال، لأنه لا تغيير بنفس الوجوه التي صنعت الأزمة، و لا حلم في ظل مناخ عام يحارب النجاح و الناجحين.


[email protected]

‫تعليقات الزوار

5
  • مغربي أبي
    الأربعاء 17 يونيو 2009 - 19:52

    ليس من الحكمة أن تحلم في بلادنا يا سيدي
    لأن الذين يشجعونك في طفولتك على الحلم بارعون في اغتيال أحلامك
    أوصيك أن تحلم .فقط. بأن يسمح لك أن تحلم
    تصبح على وطن

  • القطمير
    الأربعاء 17 يونيو 2009 - 19:50

    مايتبين من هده الشخابيط المسطرة اعلاه بتوقيع احدهم اسمه الكمري اما حتى مصطفى بزاف عليك هناك مصطفى اتاتورك سبقك باع ما استطاع ان يبيعه وهو يرقد الان في انتظار السؤال..اما انت ايها المغ…عفوا ايها الامريكي لست متأكد هل حصلت على الجنسية على اي لما تحصل عليها ستكون افريقي امريكي وبيني وبينك لا تتنصل من التسمية الرجوع الى الاصل اصل ادا كان لك اصل او مفصل,..الان وبعد ان قطعت الواد ونشفو رجليك وبدأت تصول وتجول انطلاقا من الدولة العظيمة كما تقول اقول الحمد للله لي احساس وحلم وامل ان هدا البلد المغرب وهدا الحلم يكبر ويتجدد كلما رايت امثالك يلغطون خارج هدا الوطن ا تعرف لمادا؟٧…بكل بساطةلان ندر الشؤم ودووا الفأل الاسود قد حلوا عنه ووجدوا وطنا بديلا حيث العدل والمساواة والحرية

  • أمــــال
    الأربعاء 17 يونيو 2009 - 19:48

    سأبدأ تعليقي بالمقطع الأخير من مقالك والذي أعجبني صراحة والذي تقول فيه:” و ما جعل التغيير حلما بعيد المنال، لأنه لا تغيير بنفس الوجوه التي صنعت الأزمة، و لا حلم في ظل مناخ عام يحارب النجاح و الناجحين.”
    لكني قد اختلف معك في مسألة حق الحلم، لأقول لك بان الحلم في وطننا هو الشئ الوحيد المسموح به،وذلك راجع لعدة اعتبارات، منها ان مسألة اعطت للمواطن المغربي الوقت الكافي لممارسة حقه هذا، سواء منه حلم اليقظة أو الحلم أثناء ساعات النوم الطويلة.
    كما أن الحلم عندنا لا يعاقب عليه القانون أيضا لاعتبارين اثنين وهما: الأول أنهم لا يستطيعون ضبط أحلامنا اللامتناهية، واللامحدودة…
    وثانيا لأنها لا تكلفهم شيئا، فهم ليسوا مطالبين بتحقيقها في نهاية المطاف، إذن ليحلم الشعب كما يشاء وأنا شاء…
    أنا شخصيا ، كم حلمت وحلمت وحلمت ، ومن بين الأحلام كان حلم تحقيقها في ارض الوطن، وألا أتزحزح عن أرضه قيد أنملة، فكان لي ما شئت طبعا وهو بقائي فوق هذه الأرض ا لطاهرة، لكن دون تحقيق البقية المشروعة.وقد كنت مصيبا أيها الكاتب ، ولا مست الواقع المعيش حين قلت :”
    حتى أولئك الذين حلموا بأن بإمكانهم أن يشكلوا الاستثناء، و ان ينجحوا في وطنهم المغرب دونما حاجة للرحيل، حبا لأرضه و شجره و صخره و إنسانه و تاريخه… و إيمانا منهم بأنهم مدينين له بالحياة، نجد أن الأبواب توصد في وجوههم و كأنهم نذير شؤم و فأل أسود.”
    فعلا مرارا احسسنا بأن الوطن يعق ابناءه البررة الذين لا يريدون له بديلا مهما صار…
    لكن اخيرا ، احمد الله مرارا على ان احلامنا لنا وحدنا ليس لهم حق اقتحامها والتدخل فيها ، ويبق هذا هو الحق الوحيد لنا في هذا الوطن لايشاركوننا فيه ولا يتدخلون ، او يحدون من طموحات احلامنا ،ولا يضعون رقابة ، والا كانت كاثة، نعم كارثة فعلية لو انهم كشفوا عن احلامنا!!!

  • APRESTOUTQUOI
    الأربعاء 17 يونيو 2009 - 19:46

    أيها الحالمون لاتبحثوا عن تفسير لأحلامكم لأن الحلم مهما تناوله العلماء بالبحث لا يعدو أن يكون حلما. إذا حلمتم وأنتم نيام حاولوا الغوص في نومكم ليل نهار ولا تفتحوا أعينكم حتى لا يضيع الحلم. فأحلام اليقظة لم تعد ممكنة نظرا لما نشاهده من كوابيس ليل نهار على شاشات التلفزة والأنترنيت وعلى صفحات الجرائد والمجلات. أصبحنا نشاهد القتل بالجملة في كل يوم دون أن نأبه للضحايا أو ندعو لهم بالرحمة. أصبحنا نشاهد الفساد في الأرض أشكالا وألوانا ولا نجرؤ حتى على قول اللهم هذا منكر.هل استطاع المفسرون شرح الواقع المعاش ليجرؤوا على تفسير الأحلام؟

  • محمد أيوب
    الأربعاء 17 يونيو 2009 - 19:44

    هناك فرق شاسع بيننا وبينهم حتى في الحلم فما بالك بالواقع، حكى لي صديق قضى بعض الوقت في امريكا عندما سالته وكنا باحد دواوير العروبية: هل يوجد مثل هذا المنظر الكئيب هناك؟ اجابني: نعم، ولكن في كتب التاريخ فقط، اما الواقع فشيء آخر تماما…كل البوادي عندهم مجهزة بالمدارس والمستوصفات والطرقات والماء والكهرباء وكافة البنية التحتية اللازمة…نعم ان المناصب عندهم يصلها اصحابها بالكفاءة، والكفاءة فقط، ونادرا ما يحدث غير ذلك واذا حدث وعلمت به الصحافة فالويل لمن تطاله السن الصحف بمثل ذلك…وزراؤهم يمرون عبر لجان بالبرلمان قبل ان يتقلدوا مناصب المسؤولية، هم وكبار الموظفين، اما عندنا فيكفي ان تنتمي الى عائلة ما او لك ثراء مالي لا فكري لتحتل المنصب الذي ترغب فيه انت لا المنصب الذي يناسب كفاءتك…اذا خالف احدهم قانون السير فان الشرطي يقوم بكامل واجبه نحو المخالف من غير ان يساله من يكون؟ اما عندنا فالعكس هو الصحيح: الويل للشرطي او الدركي الذي يقرر تطبيق القانون على علية القوم وابنائهم واحفادهم وربما حتى خدمهم عندنا…هناك الكل يحترم دوره وفي مختلف المصالح والخدمات…اما هنا عندنا فان علية القوم يقضون مصالحهم عبر الهاتف…بل ان مصالحهم وخدماتهم هي التي تقصدهم حتى لا يعانوا مشقة الانتظار كما نفعل نحن”الاوباش” وابناؤنا…اعتقد انه لو قررت اوروبا، ودول الغرب عامة،فتح ابوابها بدون تاشيرة فان اغلبنا سيقرر الهجرة، وربما ستتبعنا حكومتنا لانها لن تجد من تحكمه…هذا ما قاله لي صديق، وقد يكون محقا فيما ذهب اليه وقد يكون لا… الحق في الحلم هو الحق الوحيد ربما الذي لا يملك اصحاب الحال عندنا منعنا من ممارسته ما دمنا خارج المعتقلات، اما اذا كنا داخلها، لاقدر الله، فانهم سيحرموننا حتى من الحلم لانهم لن يتركونا ننام في سلام… هناك لا يرسلون اولادهم للمدارس الخصوصية او مدارس البعثات الاجنبية حتى ان وجدت، فالمدرسة العمومية عندهم مجهزة وتتوفر على كل ما يناسب ممارسة العمل التربوي المفيد والمنتج…هناك لا يفكرون فيما سيفعلونه بعد تخرجهم بل ينصرفون الى التعلم والبحث والتحصيل لتكون لكل منهم الكفاءة التي تؤهله لشغل اي منصب مهما علا…هناك لا يرسلون الى بيت المسؤول الخضر والفواكه والسمك واللحم بالمجان…هناك الكل يؤدي الضرائب وباقي الواجبات التي تفرضها المواطنة…هناك توجد الثقة في الساهرين على تطبيق القانون من شرطة وعسكر وقضاء وادارة وغيرها…هناك لا توجد اماكن محذورة على البعض دون الآخر…هناك وهناك وهناك… فياليتني كنت هناك رغم ما يحفل وطني من خيرات جمة حباه الله بها لكن الاستفادة منها غير متساوية بين الجميع لذلك فضلت لو كنت هناك وليس هنا…فهل انا محق في امنيتي ام لا؟

صوت وصورة
شراكة "تيبو أفريقيا“ وLG
الجمعة 29 مارس 2024 - 11:43 1

شراكة "تيبو أفريقيا“ وLG

صوت وصورة
احتفاء برابحة الحيمر في طنجة
الجمعة 29 مارس 2024 - 10:03

احتفاء برابحة الحيمر في طنجة

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30 4

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 3

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 4

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 11

تقنين التنقل بالتطبيقات