الحكومة الإسلامية "الأمريكية" !!

الحكومة الإسلامية "الأمريكية" !!
الجمعة 16 مارس 2012 - 13:29

منذ الإرهاصات الأولى لبزوغ حكومة الإسلاميين ، والخصوم التاريخيون لهذا المكون يتململون يمينا وشمالا ، يعدون عُدَد المعركة ، للإيقاع بهم في المواجهة المباشرة مع الشعب وقواه الحية . ولَمَّا يستقر بهم المقام بعدُ في ميدان التسيير، وحقل التدبير . فاختاروا أن يوجهوا “الضربة القاضية ” لهذا المارد المنطلق من قمقمه قبل أن يكتسح الساحة بمشاريعه الطموحة الصادقة ، وهم يعلمون جيدا أنها كذلك طموحة وصادقة ؛ فيسقط في أيديهم ، ويفضح تدبيرهم المنافق ، وتسييرهم الأناني ، وحكمهم الغاشم ، الذي جثموا به على رقاب البلاد والعباد لعقود من الزمن.

فالقوى” التقدمية جدا ” و” الليبرالية جدا” و” المستقلة جدا” و”النقابية جدا”و “النسوية جدا”و “والحقوقية جدا” وهَلُمَّ “جدا”..الكل يتوحد في هذه الأيام لينقض على هذا “القادم الجديد” قبل أن يتربع على عرش الحكم ، فيستحوذ على قلوب الناس لعقود وأجيال قادمة. وهذا بالضبط ما كانت تخشاه الأنظمة الاستبدادية الشمولية التي تحكمت في رقاب العباد لأجيال ، وكانت تبدع في تزوير الانتخابات ، وتتفنن في وضع التقطيعات والخرائط العجيبة التي تضمن استمراريتها، واستمرار سياساتها الهجينة ، وتحول دون صعود الإسلاميين . لأنها كانت تعلم – علم اليقين وحقه -أن صعودهم يعني زوالها ، أو على الأقل زوال سياساتها الظالمة ، التي تحكمت بها في رقاب العباد ، و”حلبت” بها خيرات البلاد.و هو الشيء ذاته الذي كان يخشاه الساسة الأمريكيون قبل أن يقتنعوا أن الإسلاميين ، طوائف وفئات ، وأن ثمة فيهم من يصلح شريكا لها في المصالح ، حريصا عليها من عبث الرافضين ، ونقمة الغاضبين . كما اقتنعت أن الإسلاميين الذين قبلوا ولوج غمار اللعبة ، تحت سقف “الإذعان لكل الالتزامات الدولية ” المُبْرَمة ، واقتنعوا بسلوك سبيل الدمقرطة والتحديث ؛ لا يمكن إلا أن يكونوا “ليبراليين ” بمسوح ديني طفيف وغير “متشدد” ! ، كما لا يمكن –أبدا-أن يجاوزوا الممارسات الميدانية للطقوس التعبدية الوجدانية “البسيطة”، إلى المواقف الراديكالية المتشددة التي تؤطر العقليات السياسية ، والفكرية ، والإيديولوجية ، للإسلاميين “الراديكاليين” إزاء “العدو الامريكي”(حملة التيار السلفي المصري ضد “المعونات الامريكية ” على سبيل المثال) . مما يطمئن “ماما أمريكا” على مصالحها في البلدان التي سيتولى فيها هذا الصنف من الإسلاميين الحكم ، والذي لن يشكل أي خطر على الإنجازات “الباهرة” التي حققتها الحكومات “المممركة” السابقة في مجال الحريات ، والحقوق ، والمرأة ، والعلاقات الخارجية مع أمريكا ومع إسرائيل حتى ، مما لا زال يشكل طابوها ، وخطا أحمر عند طوائف من الإسلاميين “الراديكاليين” المناهضين للأمركة ، بما هي ثقافة ، وحضارة ، وسياسة ، ومخططات ، واستراتيجيات ، وعسكرة …

إن المناوئين لهذه التجربة الفتية التي يشهدها المغرب الحديث ، يعلمون جيدا أنها تجربة ستجد لها أنصارا من الخارج قبل الداخل ( الترحيب الامريكي المنقطع النظير بنجاح التجربة المغربية وما تلاه من زيارة كلينتون وملاقاتها بالأحضان من طرف المسؤولين المغاربة). لأنها ” نصيحة ” أمريكية للأنظمة العربية منذ وقت طويل . أخذت بها طائفة من هذه الأنظمة ؛ فسمحت لهذا المكون أن “يزاحمها” في غمار التسيير والحكم ، وإن كان ذلك بقَدٍَر ، ووفق خطوط حمراء وأجندات متوافق حولها . فكان من ثمار العمل بهذه “النصيحة” ، “نجاة” هذه الأنظمة من لهيب “الربيع الشعبي الديموقراطي ” . أما الأنظمة التي رفضت هذه (النصيحة) بذريعة قدسية القرار الداخلي ، وردتها على “ماما أمريكا” ، وواصلت تضييقها على الإسلاميين المعتدلين ؛ فقد كان جزاء “عقوقها “أنْ حَلَّ عليها طوفان “الربيع الشعبي الديموقراطي ” ، فَفُِرضَت على أنقاض كراسيها المتداعية . في حين ، جنى ثمارها من احتضنها بوعي ، و انخرط فيها بحنكة وتبصر .

إن الحقيقة التي لا تريد طائفة من المناوئين للإسلاميين أن تعترف بها هي أن “الربيع الشعبي” الجارف الذي أسقط رؤوس الاستبداد في تونس وليبيا ومصر و اليمن ، والآن في سوريا لم يكن إلا ربيعا إسلاميا بامتياز .فباسم الله بدأ وبحمده انتهى . ورغم رفض العديد من الإسلاميين ادعاء هذا الفضل -تواضعا- ، ورد نجاح الثورة إلى الشعوب العربية وكل مكوناتها الحية بمختلف تلويناتها وأطيافها، إلا أن الواقع ينضح بهذه الحقيقة الناصعة التي لا ينكرها إلا جاحد، والتي مفادها أن الفضل – كل الفضل- في نجاح هذه الثورات يعود إلى المشاركة الفاعلة والوازنة للمكون الإسلامي .فالعبرة – في هذه الحالة ( ! ) – بالمآلات . ولقد كان مآل هذه الثورات صعود الإسلاميين في كل البلاد التي عرفت نجاح الثورة . كما سيكون ذات المآل في كل البلاد التي ستعرف الثورة . وبـ”المخالفة” ، لن نبالغ أبدا إذا قلنا:” لن تنجح أي ثورة يغيب عنها الإسلاميون. ولولا هذه المشاركة لانتهى الأمر بهذه الثورات كما انتهى بها في الماضي ؛ زوبعة في فنجان ، وجعجعة بلا طحين !! ” …

‫تعليقات الزوار

6
  • التقدمي
    الجمعة 16 مارس 2012 - 13:53

    هل المهزلة السابقة نزيهة كي تدعي ما تقول!!!؟
    اقول ان هدا الحزب(المتأسلم) وغيره من الاحزاب التي تؤثث المشهد السياسي للمخزن تسوق الاوهام للمواطن .
    والله ان من يحكم لا يعرفه احد من الشعب
    العدالة والتنمية جيء بها لامتصاص غضب 20 فبراير ومعها الشعب المسحوق لا اقل ولا اكثر.
    فالمرجو إعادة صياغة ماتقول و تحرى الدقة و الموضوعية لأن التاريخ له مزبلة.أرجو النشر

  • يساري قديم
    الجمعة 16 مارس 2012 - 15:44

    تبارك الله عليك وعلى التواضع ديالك … سييييييير آ وليدي سير !

  • الاسم عاش و مولاه مات
    الجمعة 16 مارس 2012 - 15:49

    هادي مسائل عادية جدا جدا وابينتنا غير بحر واحد ماشي جوج و منين كيكون الجزر فامريكا طبيعي كيلحق المد على خوتنا هنا و عاشت امريكا

    و جمعة مباركة

  • عابر سبيل
    الجمعة 16 مارس 2012 - 16:50

    في الحقيقة لا أجد أي تعريف دقيق للإسلاميين وكمسلم مقتنع أن المجتمع لن يصلح إلا بتطبيق الإسلام وشرائعه وليس مجرد وصول متأسلمين لسدة الحكم, فكيف نعتبر شخص أو حكومة أنها إسلامية وهي لاتتكلم عن الإسلام أو حتى تشير لنيتها تطبيقه بعد عدة سنوات؟!
    العلمانيون كالأورام السرطانية الخبيثة تحترف الكذب والنفاق وتحارب الإسلام بشكل وقح دون حياء أو خجل, لكنهم إن فضحوا أشياء إقترفها المتأسلمين فلا ينبغي تكذيب كل شيئ.
    حسب متابعتي للإسلاميين منذ سنوات فهم حقا يستغلون حب الناس لدينهم للصعود على أكاتفهم للسلطة, والإسلام كدين شامل وأوامر في القرآن والسنة هو آخر ما يعملون لتطبيقه حتى في المستقبل البعيد وهذا حسب تصريحاتهم الصريحة التي تتبرأ من شريعة الله وكأنها رجس من الشيطان.
    إن كان المتأسلمين يخافون من الضغوط الداخلية والدولية وأمريكا وأوروبا فهذا يعني أنهم يخشون أعداء الإسلام أكثر من خشيتهم الله تعالى وهذا يقدح في صدقهم وإيمانهم, ورضى مادام هيلاري والنصارى عليهم دليل آخر.
    أعطوني تصريح واحد فقط لمسؤول متأسلم وصل للسلطة عن طريق اللعبة الإنتخابية وقال أننا حاليا لا نستطيع تطبيق الأسلام كاملا لكننا ننوي ذلك!

  • abdoullah najib
    الأحد 18 مارس 2012 - 12:02

    à certains, je dis: reliser cet article, plusieurs fois s'il le faut, et réfléchissez un peu, et réalisez la genèse de l'histoire lointaine et contemporaine, avant de critiquer

    quand aux malades boulversés par les dérnières évoulutions, ils feront mieux de se taire et de se chercher des soins

    et à l'écrivain, je dis:bravo

  • الطريق
    الإثنين 19 مارس 2012 - 12:10

    " لن ترضي عنك اليهود و لا النصارى حتى تتبع ملتهم"

صوت وصورة
شراكة "تيبو أفريقيا“ وLG
الجمعة 29 مارس 2024 - 11:43

شراكة "تيبو أفريقيا“ وLG

صوت وصورة
احتفاء برابحة الحيمر في طنجة
الجمعة 29 مارس 2024 - 10:03

احتفاء برابحة الحيمر في طنجة

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30 3

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 3

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 4

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 11

تقنين التنقل بالتطبيقات