دفع “ضباب” واشنطن بشأن الصحراء المغربية مصالح المملكة إلى الاعتماد على لوبيات ضغط دولية تنشط داخل مؤسسات أمريكية، من أجل فهم أكبر لطبيعة تعاطي الإدارة الأمريكية مع الملف والتأثير على مساره. وقد عرف هذا التوجه انتعاشا كبيرا خلال فترة حكم الجمهوريين، حيث كانت المملكة تعتمد على لوبيات ضغط من أجل استمالة المواقف وتحقيق أهداف إستراتيجية خاصة في ما يتعلق بملف الصّحراء.
وكانت وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي المغربية قد أنهت عقدها، الذي تبلغ قيمته 75 ألف دولار شهريًا مع شركة JPC Strategies المملوكة للجمهوريين في 17 يناير الماضي، وفقًا لما نقله موقع “Foreignlobby” الذي يوجد مقرّه في واشنطن. وتأسست شركة JPC Strategies، التي تعمل باسم Gentium Strategies، على يد جيمس كريستوفرسون، نائب السناتور تيد كروز (جمهوري من تكساس).
واتجه المغرب لأول مرة إلى خدمات JPC في يناير 2018، بعد فترة وجيزة من الانفصال عن “جماعات الضغط الديمقراطية” في أعقاب انتخاب الرئيس دونالد ترامب. في السابق، كان يقود حملة التأثير على المؤسسات الأمريكية المركز المغربي الأمريكي للسياسات، ورئيسه إد جابرييل، وهو سفير أمريكي سابق في المغرب في عهد الرئيس بيل كلينتون، وقد كان مستشارًا لحملة هيلاري كلينتون الرئاسية لعام 2016.
وتأتي عمليات إنهاء خدمات جماعات الضغط بعد أن حقق المغرب انتصارا دبلوماسيا كبيرا في الأسابيع الأخيرة، بعد الاعتراف الأمريكي بالسيادة المغربية على الصحراء؛ بينما عملت الرباط على تطبيع العلاقات مع إسرائيل. ولطالما ضغطت الرباط على واشنطن وعواصم أجنبية أخرى لتبني خطة الحكم الذاتي في الصحراء المغربية، بدلاً من “تنظيم استفتاء أو الانفصال”.
ويشير Foreignlobby إلى أن جماعات الضغط الأمريكية التابعة للمملكة استطاعت، في عام 2015، الضغط على الكونغرس الأمريكي من أجل الموافقة على إرسال مساعدات مالية كبيرة إلى المغرب اشتملت منطقة الصحراء؛ مما يوفر اعترافا فعليا بمغربية الصحراء. وقد ذهبت إدارة ترامب، في دجنبر 2020، إلى أبعد من ذلك، ووعدت بتشجيع التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الصحراء المغربية وفتح قنصلية في الداخلة.
ويكشف المصدر الأمريكي أن “عقد سفارة المغرب في واشنطن مع شركة ثيرد سيركل لا يزال ساريا ويصل إلى 40 ألف دولار شهريًا. يرأس هذه الشركة ريتشارد سموتكين، وهو صديق قديم لسكوت برويت الذي رتب رحلة مثيرة للجدل إلى المغرب لمدير وكالة حماية البيئة السابق”.
في حين أن الرئيس جو بايدن لم يعلق بعد على مسألة الصحراء المغربية، فإن إدارته تراجع عددًا من القرارات المتعلقة بسياسة الشرق الأوسط التي اتخذت في الأيام الأخيرة لإدارة ترامب. وفي الأسبوع الماضي، وقع 27 عضوًا في مجلس الشيوخ على رسالة تطالب بايدن بالتراجع عن موقف سلفه في الادارة الأمريكية؛ بينما وصفت مصادر هذه الخطوة بأنها “بدون تأثير حقيقي”.
وقال جان أبي نادر، المدير السابق للمركز المغربي الأمريكي للتجارة والاستثمار في واشنطن، إن المغرب بحاجة إلى التعامل مع الإدارة الجديدة، واصفًا الصفقة التي تم التفاوض عليها في عهد ترامب بأنها “مجرد بداية”.
وأضاف، في حديث مع موقع “فورين لوبي”، أن “المغرب أمامه خيارات عديدة ليحتل مكانه على أجندة إدارة بايدن لسياسة شمال إفريقيا: إيجاد نهج تعاوني لحل سياسي لقضية الصحراء من خلال موقف أمريكي استباقي في مجلس الأمن الدولي؛ الإصرار على أن تحترم حكومة الولايات المتحدة التزام ترامب، أو الدفع بقبول مقترح الحكم الذاتي الذي يقترحه المغرب”.