الشباب والعتبة وكلفة اللاديمقراطية !!!

الشباب والعتبة وكلفة اللاديمقراطية !!!
السبت 20 فبراير 2016 - 13:43

في مثل مجتمعاتنا التي تقتات على فطريات الإشاعة؛ وتنمو على ثقافة الأخبار عوض ثقافة الرؤى والأفكار ؛ وتتمط جاهزية الأحكام عوض تشغيل ملكات التحري والبحث والاستفسار عن السياقات ، وتتسع دوائر التعتيم حول ضبابية الاختلافات ؛ يقدم لنا المشهد السياسي في ظل هذه التبيئة الملغومة ، عنصرين من تفاصيله الهامة في أفق الانتخابات التشريعية 2016 معطيين ؛ أولاهما فورة النقاش حول ” اللائحة الوطنية للشباب ” بكثير من التحوير والتحامل والتدجين والنفخ والانزلاق لجعل مرد القضية صراع بين النساء والشباب حول ” وزيعة ما” تهم ”مكاسب ريعية”؛ هذا النقاش الذي كانت جل المنابرالإعلامية تشكل صرحا له تغيب عنه السؤال الذي لم يطرحه أي ناقل(بحسن نية أو سوء نية) للمعلومة المسربة من المشروع الذي تقدمت به وزارة الداخلية والذي يفيد اسقاط اللائحة المتعلقة بالشباب.

ويعاد اجترار هاته الدفوعات في جدوى الإلغاء، النقاش الذي صاحب إقرار اللائحة الوطنية للشباب في استحقاقات 2011 من لدن بعض الفاعلين السياسيين ، مفادها أن النظام الحصص غير دستوري لأنه يضر بمبدأ المساواة بين الناس كما هو منصوص عليه في الدستور، كما أن تأسيس حصة للشباب قد يقود إلى اختيار غير الأكفاء على حساب المرشحين الآخرين، ويؤكد أن الخيارات يجب أن تكون على أساس الكفاءة، وأن الحل الأنجح حسب رأيهم هو مساندة الشباب عن طريق تعزيز العملية الديمقراطية داخل الأحزاب السياسية.

واخذا بعين الاعتبار هاته الطروحات ،بيد أن السؤال المحوري ذو الصلة بالإلغاء الذي يستوجب الإضاءة، من المستفيد الأول من حذف هذا المكتسب القانوني الذي تؤسس له التضمينات الدستورية في الفصل 33 ؟! هل المستفيد الدولة ؟ أم الشعب ؟ أم الأحزاب الوطنية ؟ أم الأحزاب التي لا تستطيع أن تصل العتبة فكيف لها أن تصل إلى إضافة مقاعد من اللائحة الوطنية ؟! اللائحة الوطنية للشباب ليست معركة للتموقع كما يحاول الكثير التبخيس من منتوج أدائها التشريعي وأدوارها الجوهرية في تجويد ذلك ؛ والحالة هنا تقيس جل البرلمانيين الشباب من جل الفرق البرلمانية ؛ كما يشير إلى ذلك جل المتتبعين والباحثين في المجال … إنها معركة بين تقاطبي الديمقراطية وبين اللاديمقراطية تحاول قوى تحكمية وأخرى تلعب دور الفزاعات البئيسة ترهبها مواقع الشباب وترافعاتها لأجل دمقرطة مفاصل السياسات العمومية في الغرفة التشريعية ؛ على اعتبار أنها لائحة غير متحكم فيها ؛ وإن وجودها هو تقوية للأدوار الرقابية والتشريعية والتمثيلية وان حذفها هو اضعاف للديمقراطية وللوسائط الديمقراطية و لدمقرطة المجتمع المغربي …

واما المعطى الثاني فيتعلق الأمر ب ” العتبة ” ولعل تفكيك السؤال الاول بمنهجية سليمة يرتبط بما قد تقدمه الاجوبة الحقيقية عن : لما تدافع الأحزاب المصنعة لبلقنة المشهد الحزبي عن إسقاط العتبة ؟! إنه نفس البناء ولنفس الدوافع تحاول استنبات آليات وقائية قصد مزيد من التفتيت للخريطة الحزبية بعيدا عن أي تقاطب إيديولوجي وسياسي يمكن أن تفرزه الاستحقاقات الانتخابية ؛ ليؤدي الشعب والمجتمع فاتورة التعطيل التنموي في مشاهد البلقنة المفرزة ؛ حكومة هجينة ومعارضة متباينة ؛ تستنزف الزمن السياسي في التوافق حول المنهجيات عوض تحمل المسؤوليات في استكمال المشروع المجتمعي الذي يستحق انتظارات المغاربة !!!

إن مسألة طمس مكتسبات الشباب تشوبها مجموعة من المجازفات ، خصوصا وأن قضية الشباب اكتسبت أبعادا متداخلة يتقاطع فيها الإجتماعي بالثقافي والسياسي بالتنموي، حيث تصبح مقاربة قضية الشباب المغربي والمشاركة بشكل أفقي في هذه المجالات المذكورة آنفا، مدخلا قد يتيح إمكانية فهم مدى تموقع الشباب في المشاركة في تدبيرالسياسات العمومية .

إذا كان تشبيب القيادات السياسية والأحزاب، يعتبر إحدى رهانات تأهيل الحياة السياسية المغربية، فإن تراكم الأزمنة التنظيمية والأجيال داخل الأحزاب، وضعف تداول النخب والتوجس من فئة الشباب المتسمة بالسرعة في قيادة التغيير والتمرد ، تجعل من رهان التشبيب رهانا صعبا، رغم الإرادات المعلنة ، اتجاه تمثيلية الشباب، ورغم ما يبدو إجماعا من الناحية الشكلية في خطابات الفاعلين الحزبيين حول وظائف والادوار التي يمكن للشباب أن يقودها لأجل تجويد الآداء الحزبي والنيابي.

إن تمكين الشباب من اليات التميز الإيجابي(نظام الحصص أو الكوطا) تعد أحد أهم ميكانيزمات دينامية التغيير السياسي والحركية التنموية عموما في المجتمعات التي تتميز ببنية ديموغرافية شابة كالمغرب،حيث شكل الشباب مؤهلا ثمينا بالنسبة للبلاد وفرصتها نحو المستقبل، ذلك أنه ما سبق أن كان ارتباط المستقبل بالشباب أكثر دلالة وبعدا كما هو الحال عليه الآن بالمغرب.

*باحثة في قضايا الشباب والمجتمع المدني

‫تعليقات الزوار

7
  • امازيغ
    السبت 20 فبراير 2016 - 15:37

    تحدتوا عن اللائحة الوطنية للشباب وفجاءة وجدنا ابناء الاعيان يتوارثون المقاعد كالعادة…..لا تغيير ……مادام لم يسن قانون يمنع الترشح لفترتين فقط وممنوع التوريت في كل المجالات فلا لائحة ولا نقاش

  • محمد أيوب
    السبت 20 فبراير 2016 - 17:30

    الساحة هي الفيصل:
    "ان تمكين الشباب من اليات التميز الإيجابي..تعد أحد أهم ميكانيزمات دينامية التغيير السياسي والحركية التنموية عموما في المجتمعات التي تتميز ببنية ديموغرافية شابة كالمغرب.."..لا ياأخية..من يريد دخول السياسة فان الساحة هي الفيصل وليس انتظار الريع السياسي الذي يجود به المخزن..وعلى الدكاكين السياسية (الأحزاب)ومعها توابعها من النقابات الفاشلة كلها أن تضع شبابها ونساءها على رأس قوائمها ان هي أرادت فعلا تشبيب قبة"البار لمان"وتأنيث فضائه..التغيير الحقيقي لا يجب أن يكون مصدره الريع،فالريع لا يمكن أن يغير واقع الناس لانه ببساطة يشيع الفساد والافساد..وعلى الدولة أن تفرض على لوائح دكاكينها السياسية والنقابية نسبة معينة من الشباب والنساء وليس لوائح خاصة بهذه الفئات من المجتمع..لماذا لا تكون هناك لائحة للمتقاعدين مثلا وأخرى لذوي الاحتياجات الخاصة خاصة وأن هاتين الفئتين هما أحوج ما يكون لهذه المقاعد؟ان تبريرك لوجود لائحة الشباب ما هو الا مسايرة لسياسة الريع..ونفس هذا ينطبق على لا ئحة النساء.وانا مع رفع العبة الى 10بالمئة أو أكثر للقضاء على البلقنة المفضوحة والتي يقتات منها الفاسدون.

  • مغربي من واشنطن
    السبت 20 فبراير 2016 - 18:57

    الأخت رقية أشمال كما عهدناها دائما في ريادة المدافعين عن قضايا الشباب وكذا النساء، أشد على يديك بحرارة وأتمنى أن أراك في البرلمان المقبل ضمن الكوتا النسائية

  • العلوي مولاي ادريس
    الأحد 21 فبراير 2016 - 20:41

    الأخت المناضلة سأطلب منك طلبا وأرجو أن تقبليه لتكوني المثال الحي ولا تستفيدي من اللائحة الوطنية ولتترشحي بالمباشر ودعي الناخب ليقول كلمته، ننتظرك في الاستحقاقات المقبلة.

  • mohammad
    الأحد 21 فبراير 2016 - 21:05

    ا ن ما يعتبره البعض انجازا للشباب من حصحصة التمثيل السياسي هومجرد ريع سياسي لا غير واعتقد ان لا وجود لهذة البدعة المغربية بامتياز اي مثيل لها في الديمقراطيات سواء كانت ناشئة او عريقة ان الابقاء علي هذا الريع السياسي هو ترسيخ لاستمرار بعض العائلات في الهيمنة والتسلط علي تدبير الشان العام وكان الامهات المغربيات عقيمات لا تلدن النبغاء والمتميزين علميا وفكريا ان المغاربة ام يعودوا قادرين علي سماع بعض الاسماء التي ارتبطت بالشان العام لسنين وكفانا علي الشباب وتوهيمه بما لن يكون في مكنته ما دام غير مسنود بقوي المال والنفوذ فهل حان الوقت للقطع مع هذه الممارسات البالية التي لم تعد مقبولة مهما تفنن المدافعون في ايجا د المسوغات..

  • مغربي
    الأحد 21 فبراير 2016 - 22:53

    الأخت رقية أنت تعلمين أن الكوطا ليست من الديمقراطية في شيئ، وأنها مرتبطة بتجارب الانتقال الديمقراطي تعطى فيها فرص استثنائية لترقية مشاركة الشباب والنساء. وبالتالي ينبغي على لهؤلاء أن لا يستلذوا هذه الأعطيات السياسية "الباردة" السهلة لأنها تستحيل إلى نوع من الريع السياسي الذي يغتال الديمقراطية ويغتصبها ويقلب أساس العمل بها إلى عكسه تماما. والكوطا من ناحية لا يقبلها عقل سليم ولا منطق فهي قد تعطي التمثيلية لأناس غير أكفاء ومعها تستشري الممارسات الزبونية والإلتوائية التي تحاربها الديمقراطية أصلا. فالأحرى بك أن تطرحين فكرة التخلي عن هذا الاستثناء الذي يضرب الديمقراطية في الصميم ويفتح ابواب الريع على مصراعيه.

  • Hissouf
    الإثنين 22 فبراير 2016 - 03:32

    من أجل الانخراط في السياسة بطريقة فعالة، يجب على الشباب أن يتعرف على النظام السياسي والإجراءات السياسية المعمول بها والقضايا السياسية الساخنة وحقائق أخرى داخل وحول النظام السياسي المغربي. يجب عليهم أن يُبْدوا على انخراط سياسي حقيقي. أظن أن شبابنا في المغرب يجب أن ينخرط بجدية في العمل السياسي وأن يقطع الطريق أمام سماسرة السياسة الذين يورثون مقاعدهم في البرلمان لأقاربهم المقربين في إطار ريع سياسي نعرف من وراءه.
    وللتأكيد على أهمية دور الشباب، أسوق هنا ترجمتي لقولة قالها روبرت كينيدي:
    "جوابنا حول قضية بعث الأمل في العالم، هو الاعتماد على الشباب. إن الوحشية والعقبات في هذا الكوكب المتغير بسرعة لن تتغير باعتماد العقائد والشعارات البالية. حركية هذا العالم لن يقوم بها أولائك الذين يتمسكون بالحاضر لأن الحاضر قد مات وانتهى، ولا الذين يفضلون وهم الإستقرار عوض الإثارة التي يجلبها ركوب المخاطر. بل إن حركية هذا العالم تتطلب صفات الشباب: ليس فترة من الوقت بل انفعال ذهني، إرادة تلقائية، نوع من الخيال، غلبة الشجاعة على التقهقر، اشتهاء المغامرة عوض ركوب السهل".

    د. عبداللطيف هسوف / فرجينيا-أمريكا.

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30 1

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 2

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 3

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 11

تقنين التنقل بالتطبيقات

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02 6

وزير النقل وامتحان السياقة