اللجنة الموضوعاتية حول الأمن الغذائي تعلن الخلاصات بعد عيد الأضحى

اللجنة الموضوعاتية حول الأمن الغذائي تعلن الخلاصات بعد عيد الأضحى
صورة: و.م.ع
الجمعة 8 يوليوز 2022 - 01:00

السيادة والأمن الغذائي بين تحديات الظرفية العالمية ورهانات الأمن الإستراتيجي، كان هذا محور نقاش بين برلمانيين ومسؤولين في مختلف القطاعات وخبراء دوليين بمجلس المستشارين، أمس الخميس في الرباط؛ وذلك في إطار ختام أشغال اللجنة الموضوعاتية المؤقتة حول الأمن الغذائي بالمجلس ذاته، ومناسبة مهمة لتعميق النقاش في موضوع السيادة والأمن الغذائي في سياق ارتباطه بالأمن الإستراتيجي.

وأكد رئيس اللجنة المهدي عثمون، في تصريح لهسبريس على هامش الندوة، أن التقرير المتعلق بعمل اللجنة، والذي يهم الخلاصات التي توصل إليها النواب معززة بما خلصت إليه الندوة، سيتم عرضه في جلسة عامة من المرتقب برمجتها بين 18 و19 يوليوز الجاري؛ أي بعد أسبوع من الاحتفال بعيد الأضحى.

النعم ميارة، رئيس مجلس المستشارين، أكد أن الندوة تنعقد في سياق عالمي صعب ومعقد، يتصدر فيه موضوع السيادة والأمن الغذائي الأجندات الوطنية والدولية، خصوصا أن العالم يواجه أزمة تضخم غير مسبوقة منذ سنوات وحالة من الشك وعدم اليقين في أسواق الغذاء والطاقة وسلاسل اللوجيستيك والتوريد. كما يلاحظ وجود ارتفاع كبير في الطلب العالمي للغذاء وتوجه مجموعة من الدول إلى تقييد تصدير المواد الأساسية؛ كالقمح والأرز والسكر والزيوت وبعض المواد الأولية الأخرى الخاصة بالصناعات الغذائية.

وأورد المتحدث أن مجموعة من التقارير والأبحاث الدولية خلصت إلى أن الأسباب الرئيسية لهذه الوضعية الصعبة تتعلق أولا باستمرار تداعيات وباء “كوفيدـ 19” بصفة عامة وسياسة صفر كوفيد بالصين، حيث إن منظومة الإمداد العالمي ما زالت لم تستطع الرجوع الى مستويات ما قبل الجائحة، ومواجهة العرض العالمي للغذاء لصعوبات كبيرة لضمان التعافي والقدرة على بلوغ مستويات أعلى من الطلب العالمي.

وفي هذا السياق، أشار إلى الارتفاع الكبير في أسعار الطاقة العالمية التي تضاعفت في السنة الأخيرة، والتي تشكل السبب المباشر في حالة التضخم التي يعرفها العالم حاليا، خصوصا في ظل الارتفاع الكبير في تكلفة اللوجيستيك البحري بمستويات تتعدى 500 في المائة في بعض الحالات، مشيرا إلى أن هذا الوضع قد ضاعف أسعار مجموعة من المواد الأساسية وخلق ارتباكا في منظومة سلاسل القيمة الغذائية العالمية.

أما السبب الثالث، أضاف ميارة، فهو الحرب بأوكرانيا التي تعتبر كذلك أحد أسباب تفاقم أزمة الأمن الغذائي بالعالم؛ وذلك للمكانة المهمة لروسيا وأوكرانيا في أسواق الغذاء العالمية، خاصة أن البلدين يعتبران منتجان رئيسيان للقمح والشعير والذرة، كما يساهمان بنحو 12 في المائة من صادرات بذور اللفت عالميا، و10 في المائة من بذور دوار الشمس. والوضع مرشح للتفاقم في ظل عدم اتضاح الصورة في قدرات أوكرانيا على ضمان تعافي منظومتها الفلاحية بفعل استمرار حالة الحرب وإغلاق الموانئ الرئيسية بالبلاد.

وقال المسؤول ذاته إن التغير المناخي يشكل تهديدا مضاعفا للمنظومة العالمية للأمن الغذائي، فمنذ أوائل التسعينيات تضاعفت أعداد الكوارث المرتبطة بالتغير المناخي؛ وهو ما نتج عنه انخفاض إنتاجية المحاصيل الأساسية، وساهم في ارتفاع أسعار المواد الغذائية وانخفاض الدخل وعدم الاستقرار، بجانب دخول مجموعة من الدول الأوروبية والمتوسطية في حالة من الجفاف تنذر بإشكالات أكثر تعقيدا على مستويات الإنتاجية الفلاحية.

وتابع ميارة: “نواجه مأزقا غذائيا هيكليا، والعالم يقف عند منعطف حاسم، يحتم على الجميع التفكير في انبثاق أجندة عالمية جديدة للسيادة والأمن الغذائي وبناء نماذج وطنية فعالة لضمان الإمدادات اللازمة للغذاء بشكل عادل ومنصف. ونحن مدعوون إلى ابتكار أساليب جديدة لمواجهة هذه الأزمة والابتعاد عن الشعارات في تعاملنا مع هذا الموضوع، خاصة أن السيادة والأمن الغذائي يشكلان اليوم أحد المرتكزات الرئيسية للأمن الإستراتيجي الوطني والدولي ومحددا أساسيا لبناء منظومة مستدامة لصناعة الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي”.

وأوضح رئيس الغرفة الثانية أن رهان السيادة والأمن الغذائي لا ينحصر في السياسات الوطنية، بل إن النجاح فيه يمر بالأساس عبر تقوية التعاون الثنائي بين الدول ومن خلال اعتماد نظام متعدد الأطراف يساهم في الدفاع عن المصالح ويطور أسلوبا عالميا جديدا للتعاون من أجل الوصول إلى عالم بدون جياع.

وفي هذا الإطار، دعا إلى تسريع مسار تنفيذ أهداف التنمية المستدامة المتعلقة بالأمن الغذائي وتعزيز تمويل منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة “الفاو” وبرنامج الغذاء العالمي ليطلعوا بمكانة أكبر في مواجهة المأزق الغذائي الذي يعيشه العالم.

كما أوصى بالتفكير في بلورة منصة عالمية لتبادل الممارسات الفضلى في المجال الزراعي والغذائي والمساهمة الجماعية الناجعة في المسار المفتوح لإصلاح منظمة التجارة العالمية، خاصة فيما يتعلق بالإشكالات المرتبطة باستئناف المفاوضات الفلاحية وضرورة دعم قدرات التخزين العمومي من أجل الأمن الغذائي وتعزيز الممارسات الخاصة بتقوية الشفافية الفلاحية على مستوى دعم الاستثمار.

ودعا إلى التفكير في إمكانية إحداث “تجمع برلماني دولي للأمن الغذائي”(Food Security Parlementary Caucus) ، يشكل إطارا مؤسساتيا برلمانيا للترافع المشترك حول تقوية الممارسات التشريعية والمؤسساتية بالعالم، وتجمعا حاملا لهموم الشعوب وتطلعاتها من أجل نظام عالمي جديد للعدالة الغذائية يشكل مدخلا أساسيا لتقوية السلم والأمن والاستقرار العالمي.

وفي هذا الصدد، استحضر خطاب الملك محمد السادس إلى قمة قادة الدول ورؤساء الحكومات حول التصحر والتدبير المستدام للأراضي التي انعقدت شهر ماي الماضي بأبيدجان، حيث أكد العاهل المغربي أنه قد أصبح “الأمن الغذائي والأمن الإنساني، والأمن بوجه عام، إلى جانب الأمن البيئي، موضوعا على المحك؛ “فكل أرض تهجرها الحياة يستوطنها انعدام الأمن. وكما نرى اليوم، فالمناطق المعروفة بتدهور ظروفها البيئية بشكل بالغ، هي في الغالب، المناطق نفسها التي تندلع فيها الصراعات والنزاعات، ويضطر فيها السكان إلى النزوح والهجرة، وتسعى الجماعات الإرهابية والانفصالية إلى التسلل إليها”.

ومن جهته، أكد المهدي عثمون، رئيس اللجنة الموضوعاتية المؤقتة حول الأمن الغذائي بمجلس المستشارين، بأن الغرفة الثانية تفاعلت بشكل سريع مع هذه التوجيهات الملكية ومع هذه الرؤية الإستراتيجية للمغرب، حيث سبق أن نظم المجلس تحت إشراف الملك وبتعاون مع رابطة مجالس الشيوخ والشورى والمجالس المماثلة في إفريقيا والعالم العربي بتاريخ 31 أكتوبر وفاتح نونبر 2019 ندوة دولية حول موضوع “البرلمانات ورهانات الأمن الغذائي”، كما بادر إلى إحداث اللجنة الموضوعاتية حول ملف الأمن الغذائي.

وأورد أن هذه اللجنة استطاعت في ظرف قياسي بفضل انسجام مكوناتها بلورة مشروع تقرير عام، مبني على تشخيص موضوعي وبحياد تام لوضعية مختلف السلاسل ذات الصلة بالإنتاج والتوزيع والتسويق. كما وقفت اللجنة على مختلف المخططات القطاعية الإستراتيجية المعتمدة بالمغرب ذات الصلة بالأمن الغذائي؛ من قبيل مخطط المغرب الأخضر ومخطط الجيل الأخضر ومخطط أليوتيس وغيرها، ولم يفتها الوقوف عند قطاع الصناعة الغذائية وكل القطاعات والسلاسل ذات الصلة.

ولمعاينة واقع المنظومة ذات العلاقة بالأمن الغذائي إنتاجا وتوزيعا، قال عثمون إن اللجنة قامت بزيارات ميدانية عديدة، وعقدت العديد من جلسات الاستماع مع كافة المتدخلين من مسؤولي القطاعات الحكومية والمؤسسات والشركات في القطاع العام والخاص الذين أمدوا اللجنة بكافة المعطيات والتوضيحات.

“إيمانا من اللجنة بأهمية تبادل الخبرات والتجارب، قامت بزيارة عمل إلى الجمهورية الإيطالية الصديقة، حيث تمكنت من الاطلاع على النموذج الإيطالي في شموليته وفي مختلف مجالاته، والذي يعد من أحد النماذج الرائدة في العالم”، أضاف المتحدث.

ومن جهة أخرى، قامت اللجنة الموضوعاتية المؤقتة حول الأمن الغذائي ببلورة لوحة مفاتيح لتجميع كل المؤشرات الوطنية الخاصة بالأمن الغذائي وتحليلها وتتبع الحاجيات بأفق استباقي ومستقبلي. كما قامت بدراسة الهيكلة المؤسساتية والمنظومة التشريعية ذات الصلة بالأمن الغذائي، وهي كلها مرجعيات مكنت اللجنة من بلورة مشاريع توصيات واقتراحات ستعرض بعد استكمال اللجنة لعملها على القنوات المؤسساتية للمجلس طبقا للنظام الداخلي.

‫تعليقات الزوار

1
  • مستغرب مروكي
    الجمعة 8 يوليوز 2022 - 01:32

    هناك مشكلة اخطر من الأمن الغذائي و هي نقص المياه في المغرب، كنت دائما أطالب للسنوات بإنشاء محطات تحلية المياه البحرية في كل المدن الساحلية حرام عليكم المغرب عبارة عن نصف جزيرة و لا تستغل المياه البحرية و ننتظر مصير ملايين المغاربة بنزول الأمطار السنة المقبلة. نسبة المياه الجوفية في المغرب أصبحت قليلة جدا و الأمطار في السنوات الأخيرة قليلة نسبة ملئ السدود أصبحت منعدمة.

صوت وصورة
شراكة "تيبو أفريقيا“ وLG
الجمعة 29 مارس 2024 - 11:43 1

شراكة "تيبو أفريقيا“ وLG

صوت وصورة
احتفاء برابحة الحيمر في طنجة
الجمعة 29 مارس 2024 - 10:03

احتفاء برابحة الحيمر في طنجة

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30 4

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 3

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 4

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 11

تقنين التنقل بالتطبيقات