"المتسلقون"!!

"المتسلقون"!!
الجمعة 9 مارس 2012 - 18:45

“المتسلقون” هم طائفة استشرى تواجدها في السياسة والإعلام و النقابة والقضاء والتعليم والصحة وحيثما وجدت “المَرْقَة ” وكثرت “الحَبَّة” !! ؛ فاحتلت كل المنابر ، والمواقع ، والهيئات ، والتنظيمات… تتكاثر –كما الفطر- في كل الربوع ، وإليها يعود الوزر –كل الوزر- فيما آلت إليه أوضاع البلاد والعباد من الترهل والاهتراء الذي لم يسبق لبلد المغرب الحبيب أن شهده في سالف عصوره .

و”المتسلقون” هم”كائنات” تجيد اعتلاء المناصب ، والكراسي ، والمسؤوليات ، والمهام ، باعتماد وسائل الخداع ، والمخادعة ، والغش ، والزبونية ، وحركات “البلحسة ” ، والترامي على الأعتاب . فتمكنت – أيما تمكن- من خريطة المناصب العليا للبلاد تدبرها وفق ما يملي عليها ضميرها الخائب ، لا ما يلزمها به القانون ، ويدعوها إليه من بحَّت أصواتهم بالاحتجاج ، والاستنكار.

فـ”الربيع الشعبي” لم يثُرْ ثورته المجيدة إلا على سياسات من سقطوا- عمداً- على المناصب ، والكراسي ، من بطون أمهاتهم ؛ فتقلدوا المهمات العظام بـ”شهادة الميلاد الرئاسي” لا بـ”شهادة” من كابد العلم والتعلم ، وواصل الليل بالنهار ، وانتهت به سِنِّي البحث والمجاهدة في محراب المعرفة والعلم إلى الشارع يستجدي هذه “الكائنات” بشغل منصب يستر به “جوعته” ، ويلم به حاله ، أو يحرق – دونه – ذاته على عتبة محاريبهم “المهزوزة”، ليترك رماد ما تبقى من أنين المعاناة تذروه رياح هبت لتربت على أكتاف خارت قواها من وقع الظلم والاستبداد و”الحكرة ” التي لا تنتهي…

لقد وعدَنا “الحاكمون الجدد” أن يقضوا على الفساد ومظاهره . وصرح رئيس الحكومة –مؤخرا- أن عهد الزبونية ، والمحسوبية ، و”باك صاحبي” الذي يرافق تولي المناصب في المغرب ، قد ولى إلى غير رجعة ؛ لكنه لم يشر ح لنا كيف سيقضي على هذه الآفة الهالكة المهلكة ، كما لم يشرح لنا كيف سيحد من ظاهرة “التسلق” التي تنطلق من مواقع القرار ، ويحميها “الكبار” ؟ !!!.

نعم ، قد ينجح ابن كيران وحكومته في تقديم النموذج الرائع والجميل للحكام الذين يخافون الله في أنفسهم ويخافونه في محكوميهم ، وهذا ما لا نشك فيه البتة . فميزة الإسلاميين وتميزهم ، وسر نجاحهم في أكثر من بلد ؛ هو صدقهم ، و”بياض أيديهم” ، ونقاء سرائرهم ، وتورعهم عن الحرام و أكله . وهي الحقيقة التي نشهد بها ، ويشهد بها كل منصف نزيه ، ولا ينكرها إلا جاحد. وما الإشارات التي أطل بها علينا وزراء العدالة والتنمية من أمثال الرميد والعثماني و الخلفي و الداودي و الرباح ، و الحقاوي،…والتي لمس فيها المغاربة –لأول مرة- تواضع الحاكم ، وزهده ، وصدقه ، كما أيقنوا من خلالها أن نموذج الحاكم “المثالي” الذي يُحبه شعبُه ، ويُحب شعبَه ، و الذي قرأوا عنه في كتب تراثهم ؛ ممكن أن يتكرر نظيره ، وخير منه في عصرٍ موسوم بالتكبر ،والنفاق ، والمخادعة ، و”اتشلهيب” ..

قلت : وما هذه الإشارات إلا عناوين ناصعة ومشرِّفة لقوم لم يستهويهم الكرسي ، ولم يشغلهم المنصب ، عن الحفاظ على “صباغتهم” ، والارتكان إلى حضرة الشعب الذي أكسبهم ثقته ، وأعلاهم منصب الحكم عليهم ، وقبل الاحتكام إلى سياستهم في قيادة السفينة نيابة عنهم ؛ فلم يخذلوه ولن يخذلوه أبدا . وهذا يقيننا فيهم ، نحسبهم كذلك ، والله حسيبهم.

نعم ..كل هذا جميل ، ولكن التغني بالحكامة الجيدة ، ومحاربة الفساد ، والضرب على أيدي المفسدين لا يكفي كيما نضمن لأحفادنا ألا يكونوا –كما نحن- ضحايا هذه “الكائنات” . ولكن اللازم هو إيقاف صنبور “التسلق” الذي أفسد إداراتنا ، ومحاكمنا ، ومؤسساتنا ، وبرلماننا ، وحكوماتنا …بقرارات سياسية جريئة ، وبالتفعيل الصارم للقوانين التي تحمي مبدأ ” تكافؤ الفرص” ؛ في الوظائف ، والمسؤوليات ، والمهام ،..حتى لا يكون لابن الوزير أي فضل على ابن الغفير إلا بالكفاءة المؤهِّلة ، والأهلية الكُفأة.

إن الذي ينقص حكومة ابن كيران ليس هو تقديم النموذج الأمثل في ” النزاهة الشخصية ” ، وسلامة الصدر واليد ، والصدق مع الشعب (على أهميته) ،ولكن الذي ينقصها هو الإرادة السياسية الحقيقية في محاربة الفساد والمفسدين ، أو على الأقل في فضحهم ، والتحذير منهم ، وتعبئة الرأي العام ضدهم كيفما كانت رتبهم ، ونياشينهم ؛ دون محاباة ولا تحيز ، مع الاعتذار إلى الشعب مما يصنعون ، والوضوح معه في عرض ملفاتهم ، وعدم الاكتفاء بضرب صغارهم ، وغض الطرف عن كبارهم.

أما إذا اعترضهم الحائط ، وحال بينهم وبين الإصلاح حائل ، فليس أمامهم إلا أن يضعوا “مفاتيح” الحكم على الطاولة ، ويصارحوا الشعب أنهم عاجزون عن الوفاء بالعهد الذي قطعوه معه ، ويتنحَّوْا في هدوء ، ولَمَّا تتلوث أيديهم بالظلم ، وتَنْشَدَّ أفئدتهم إلى “رخاء” الكراسي ؛ فَيَعِزَّ عليهم فراقها ، حتى يَخِرَّ عليهم السقف ، ويتساقط كبرياؤهم في لجج الرفض ؛ فيخسروا دنياهم وآخرتهم…

‫تعليقات الزوار

3
  • ابن طنجة
    السبت 10 مارس 2012 - 20:16

    الفساد جرثومة خبيثة في كيان مجتمعنا امرضت الكبير و الصغير و اعيت السقيم و السليم لا يقضي عليها الا التطهير و التعقيم من جذورها

  • bahja
    السبت 10 مارس 2012 - 23:27

    تقول يارجل وكأنك متيقن: "ولكن الذي ينقصها هو الإرادة السياسية الحقيقية في محاربة الفساد والمفسدين"!!!!
    ما هاذا الحكم المتسرع والحكم الجائر والظالم للنوايا ؟؟ وعلى أي شيء بنيته؟؟ وهل مثلك من سيحدد للحكومة كيف تحارب الفساد؟؟ ومن أين تبدأ؟؟ تم ألا تؤمن بمبدأ بالتدرج في مباشرة أي ملف؟؟ ثم أوليس الإستعجال هو ما يخرب أي خطوة حتى وإن كانت صادقة وأهلها نظيفي اليد بتعبيرك؟؟
    الحصول: لا حول ولا قوة إلا بالله!!!

  • لمهيولي
    السبت 10 مارس 2012 - 23:35

    حقيقة أن الحكومة الجديدة وجدت أمامها عقبات كأداء،وهي لاتدخر جهدا لإصلاح مافسد لعقود من الزمن.إنها تسلك الآن الوجهة الصحيحة حتى وإن كان عملها بطيئا ولا يرقى إلى ماكان مأمولا منها.نعم هناك بعض التحسن نلمسه هنا وهناك وكما يقول المثل أول الغيث قطرة فلننتظر ماستأتي به الأيام ولا نتسرع في أحكام مسبقة، فحتى لاقدر الله لم تحقق الحكومة مانصبو إليه، فلنعتبر بنزاهة أعضائها ولنمنحهم الزمان الكافي للإصلاح فما أفسد لسنوات يصلح في سنوات.

صوت وصورة
الأمطار تنعش الفلاحة
الخميس 28 مارس 2024 - 13:12 2

الأمطار تنعش الفلاحة

صوت وصورة
حاجي ودمج الحضرة بالجاز
الخميس 28 مارس 2024 - 12:03

حاجي ودمج الحضرة بالجاز

صوت وصورة
أجانب يتابعون التراويح بمراكش
الخميس 28 مارس 2024 - 00:30 3

أجانب يتابعون التراويح بمراكش

صوت وصورة
خارجون عن القانون | الفقر والقتل
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:30

خارجون عن القانون | الفقر والقتل

صوت وصورة
مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:00

مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية

صوت وصورة
ريمونتادا | رضى بنيس
الأربعاء 27 مارس 2024 - 22:45 1

ريمونتادا | رضى بنيس