بعد عقد من تأسيسه .. "سيودادانوس" يهز المشهد الإسباني

خلخل صعود حزب “سيودادانوس”، حديث النشأة، لاسيما بعد الانتخابات البلدية والجهوية التي جرت يوم 24 مايو الماضي، المشهد السياسي بإسبانيا، الذي هيمنت عليه الثنائية الحزبية منذ نحو أربعة عقود.

وقدم حزب “سيودادانوس”، الذي ظل إلى حين مقتصرا على كتالونيا، أول “خارطة طريق” سياسية له يوم 7 يونيو 2005 قبل تأسيسه رسميا في 2006 من قبل مجموعة من المثقفين ردا على التيار القومي بهذه الجهة الواقعة شمال شرق إسبانيا.

وتوفق هذا الحزب الجديد الصاعد في امتداده فوق جميع التراب الإسباني، وأضحى بالتالي بديلا جديا للناخبين الذين خابت آمالهم في الأحزاب التقليدية، الحزب الشعبي (الحاكم) والحزب الاشتراكي العمالي الإسباني (معارض).

وباتت هذه الهيئة السياسية الليبرالية الاجتماعية، التي يتزعمها المحامي الشاب ألبرت ريفيرا (36 سنة)، رقما أساسيا في معادلة التحالفات لتشكيل حكومات مختلف الجهات بإسبانيا.

فبعد النتائج الملحوظة التي حصل عليها في انتخابات 24 مايو الماضي، أضحى “سيوددانوس”، الذي يعارض بشدة استقلال كتالونيا، القوة السياسية الثالثة في إسبانيا من حيث عدد الأصوات، وراء الأحزاب الإسبانية الكبرى التي تراجع وزنها وفقدت الناخبين.

ووضع الصعود الهائل لسيودادانوس وبوديموس حدا لهيمنة الثنائية الحزبية على السياسة الإسبانية منذ نهاية نظام فرانكو وعودة الديمقراطية قبل 40 سنة، كما عكس صعود قوى مناهضة للتقشف وتستوحي مطالبها من حركة “الغاضبين”.

وهكذا، أضحى هذا الحزب الجديد، الذي عزز حضوره في 11 برلمانا جهويا، شريكا أساسيا في تحالفات الحزبين التقليديين، الحزب الشعبي والحزب الاشتراكي العمالي الإسباني، اللذان يبحثان عن تحالفات قوية قبيل أشهر من الانتخابات العامة التي ستكون حاسمة للمستقبل السياسي لهذا البلد الإيبيري.

ويقوم مشروع هذا الحزب الشاب، الذي قدمه نائبان عنه في البرلمان الأوروبي، على مجموعة من المقترحات الملموسة للغاية، وذات طابع ليبرالي واضح.

ومن بين مقترحات هذا الحزب البارزة، دعوته على وجه الخصوص لإحداث عقد عمل غير محدد المدة، يتلاءم وحقوق النمو بحسب المدة، ومنح مساعدات عمومية للعمال الذين يتلقون الأجر الأدنى، وأعادة تكوين العاطلين عن العمل لمدد طويلة، ومنح علاوات للشركات التي تشغلهم بعد إنهائهم تكوينهم.

وبالنسبة سيوددانوس، فإن القضاء على البيروقراطية الإدارية وتبسيط إجراءات ومساطر إنشاء المقاولات الصغرى والمتوسطة يبقى الأساس لفتح السوق على مزيد من التنافسية وجذب الرساميل الأجنبية.

ويدعو سيوددانوس، المدافع الشرس عن أوروبا موحدة، لدعم سياسي أوروبي أكبر لأوروبا فيدرالية، مشددا على أنه يتعين على بلدان جنوب منطقة الأورو الانخراط بجدية في وضع أجندة للإصلاحات الهيكلية، ويتوجب على بلدان الشمال إظهار مزيد من التضامن المالي مع هذه الإصلاحات.

ولم يعد حزب ألبرت ريفيرا هيئة سياسية صغيرة كما كان عليه يوم تأسيسه قبل نحو عقد من الزمن، بعد تضاعف عدد أعضائه عشرة مرات ليبلغ 25 ألف منخرط. وبدأ “سيوددانوس”، الذي لديه اليوم نحو مائة ألف من الأنصار والمتعاطفين، يكتسح الميدان ويعزز صعوده التاريخي، محلحلا اللعبة السياسية في بلد هيمنت عليه الثنائية الحزبية طيلة نحو أربعين سنة.

*و.م.ع