بناصر بوعياد .. مغربيّ يحرص على أمن رُبع مليُون شخص في هولندا

بناصر بوعياد .. مغربيّ يحرص على أمن رُبع مليُون شخص في هولندا
الجمعة 1 يوليوز 2016 - 22:35

بأصفاد على جانب خصره الأيسر ومسدّس ملتصق بجانبه الأيمن؛ يلج بناصر بوعياد مقرّ المنطقة الأمنيّة لـ”أمستردام الغربيّة” كلّ صباح، وينأى عن العتاد المذكور حين يستهلّ ممارسة اشتغالاته بتواصل مباشر مع عناصر الشرطة المنتمية إلى هذا المرفق الملزم بإنفاذ القوانين، ثمّ يصغي طيلة اليوم لعموم لرسائل المتبادلة لاسلكيا على مستوى باقي مراكز الأمن في المنطقة عينها؛ بينما يواظب على إمساك قلم حبر يخطّ به ملاحظاته وتوجيهاته في أوراق متوسّطة على سطح مكتبه البسيط..إنّها الانشغالات الدائمة التي لا يغادرها بناصر إلاّ لكي يعود إليها على مدار الساعَة.

هجرة من الريف

ولد بناصر بوعياد سنة 1971 بأقاصي الشمال الشرقي للمغرب، وتحديدا ببلدة بني خنوس الريفيّة التي تقع في ضواحي مدينة تارجيست من إقليم الحسيمة؛ وبالفضاء الجغرافيّ عينه نما ونهل من ثقافته المغربيّة الأمازيغيّة الأمّ طيلة السنوات الخمس الأولى من عمره.

اختارت أسرة بوعياد الانخراط في تجربة هجرة قادتها صوب الديار الهولنديّة، ما جعل بناصر يواكب هذا التحوّل الذي جعل نواته المجتمعيّة الصغيرة تنتقل نحو القارّة الأوروبيّة، فكان منه أن لازم العيش في مدينة أمستردام ومحيطها، استقرارا، من أواخر سنوات سبعينيات القرن الماضي إلى الحين.

اندماج سلس

يعود بناصر إلى ما تحتفظ به ذاكرته من تفاصيل الأعوام الأولى لاستقراره الطفوليّ بهولندا، كي يحسم بأن اندماجه في المجتمع الذي وفد عليه كان سلسا.. وبخصوص ذلك يقول: “كنت صغير السنّ وقابلا للتعلّم من بيئتي الأسريّة ومحيطي الاجتماعيّ، ما سهّل عليّ بقيّة مراحل حياتي”.

تدرّج بوعياد بسهولة بين أطوار التعليم الابتدائي والإعداديّ والثانويّ في أمستردام، إلى أن تحصّل على الباكلوريا بحلول أوائل عقد التسعينيات المختتم للألفيّة الماضيّة.. ويعلق بناصر على هذا الشوط العمريّ بتأكيده أن عيشه في أمستردام مكنه من “الوعي بمناخ الحريّة والانفتاح الباعث على الجدّ”، ويسترسل: “كانت الأمور جيّدة في غياب أي صعوبات تذكر.. كان مناخ العيش بهولندا حينها أجود بكثير مما هو الحال عليه الآن”.

تجربة بوليسيّة

شاء بناصر بوعياد، سنة 1993، أن يرتبط بعطاءات رجال الشرطة ونسائها، بعدما أفلح في عبور مباراة القبول باقتدار، وخضع طيلة شهور إلى برنامج التكوين الممكّن من مهارات التعاطي نظريا وعمليا مع عوالم الإجرام، قبل أن يلتحق بأرض الميدان من خلال التواجد في شوارع أمستردام.

“خضعت لتداريب إضافيّة ممكّنة من مدارك علميّة أكاديميّة ذات صلة بتخصصي المهنيّ، كما لقيت تأطيرا من ذوي خبرات في إيجاد المبحوث عنهم، زيادة على صقل مهارات في الشرطة القضائيّة وتخصصات أخرى”، يقول بوعياد، قبل أن يضيف: “كانت الدراسة الأساسية في معهد الشرطة من سنتين، بينما التدريب استغرق 6 أشهر، ثمّ عدت إلى أكاديميّة البوليس لـ12 أسبوعا إضافيا قبل تعييني في أمستردام”.

رئاسة منطقة أمنيّة

نجح الشاب الأربعيني الهولندي ذو الأصول المغربيّة، من خلال مساره المهنيّ الناجح في صفوف شرطة الهولنديّة، في الظفر برئاسة منطقة أمنيّة مهمّة ابتداء من العام 2015؛ فأصبح بناصر بوعياد رئيس شرطة أمستردام الغربيّة التي تتحمّل مسؤولية التعاطي مع القضايا الأمنيّة لـ250 ألف نسمة تتشكّل منهم ساكنة الفضاء الجغرافي المذكور، وهي التي ترتبط بـ184 جنسيّة، من بينها قرابة 40 ألف من ذوي الأصول المغربيّة.

لا يتردّد بوعياد في التعبير عن رضاه عن المسار المهنيّ الذي اختاره لنفسه، وكذا المكانة المتقدّمة التي حازها في تراتبيّة جهاز الشرطة الذي ينتمي إليه، قبل أن يستدرك: “صحيح أنني مرتاح مهنيا، ولولا ذلك لما راكمت ما يقارب ربع قرن من العطاء في هذه المهنة التي تبقى صعبة، لكنّي لا أضع مخططات لما أريد أن أغدو مستقبلا. ومقابل ذلك أحمد الله كثيرا على التوفيق الذي لازمني حتّى أصبحت أوّل رئيس لمنطقة أمنيّة في هولندا يتحدّر من أصل مغربيّ. كما أودّ أن أشكر كل العناصر الأمنيّة التي تواكب إستراتيجيّتي الأمنيّة لتحقيق السلام في منطقة أمستردام الغربيّة”.

تعاون مع المغاربة

“أفراد الجاليّة المغربيّة بهولندا يحسون بثقة أكبر في الشرطة حين يتعاملون مع عنصر يشاركهم الانتماء نفسه إلى الوطن الأمّ، وذلك لكونه مدركا لتعابيرهم اللغويّة وتمثلاتهم الثقافيّة” يقول بناصر بوعياد، ثم يضيف: “من جهة أخرى؛ تبقى الجريمة فعلا يستوجب تفعيل المساطر القضائيّة المفضيّة إلى محاكمة تنتج القرار المناسب، ولا دخل للانتماءات في هذا التعاطي بالمرّة، ولا يمكن أن يُبصم على أي تعاون بهذا الصدد”.

يتصدّر الهولندي المغربيّ عينه، طيلة السنوات الـ11 المنصرمة، المسؤوليّة من جانب الأراضي المنخفضة على برنامج لامّ للرباط وأمستردام بخصوص عطاءات جهازي الشرطة في البلدين.. ويعلق بوعياد على هذا المعطَى بالتنصيص على أن “التعاون بين المؤسستين الأمنيّتين للمملكتين يسير بشكل جيّد من خلال تركيزه على تبادل المعرفة والمعطيات على الصعيدين المركزيّين”، ويزيد: “أتنقل نحو المغرب مثلما استقبل إخواني الأمنيّين المغاربة بما يخوّله لي موقعي كمدير لبرنامج التعاون بين شرطتَي المغرب وهولندا .. وأنا راض عما تحقق من ثمار على أساس هذا الاجتهاد المتبادل بين الطرفين”.

ثبات حتّى النهاية

يرى بناصر بوعياد أن سير الحياة لا يمكن أن يكون إلاّ مثيلا لمخطاط دقات القلب وما يضمّه من منحنيات متصاعدة وأخرى منحدرة، فلولا ذلك لجرَى الإقرار بالوقوف أمام حالة وفاة يقف إثرها العيش والمبتغيات منه .. و”ابن الريف” ينظر إلى الكبوات التي تعترض المسارات بمثابة حوافز على النهوض من أجل إكمال المشاوير المستهلّة، مع إمكانيات إخضاعها لتعديلات مفيدة.

“بناء على تجربتي الحياتيّة التي وصلت إلى ما بعد ربيعها الـ46 أوصي كل الشباب الراغبين في التأسيس لنجاحاتهم، سواء ببيئتهم الأصليّة أو وسط بلدان الهجرة، أن ينبذوا اليأس ويبحثوا عن تقويّة الثقة في أنفسهم.. ينبغي أن يحرصوا على التعلّم بجدّ، وأن يذللوا الصعوبات التي قد تلاقيهم في كل المناحي.. كما عليهم أن يتوفروا على ذاكرة قويّة يستثمرونها في الثبات على أحلامهم حتّى التحقق، مع المواظبة على الإحاطة بها تجنّبا لإصابتها بالتلف”، يختم بناصر بوعياد.

‫تعليقات الزوار

12
  • علولة
    الجمعة 1 يوليوز 2016 - 22:46

    الشرطة بهولاندا فلاحة فقط في إعطاء المخالفات للمواطن لا اقل ولا اكثر اما عن ما قاله الكاتب
    ان لم تأمن نفسك بنفسك اصبحت حديث الاسبوع

  • UN FRANCOMAROCAIN
    الجمعة 1 يوليوز 2016 - 23:14

    كل أسلاك الشرطة بأوربا تعج بموظفين من أصول مغربية.
    قد نلبس أزياء بلدان الإقامة التي أصبحت بلداننا لكن ولاءنا و حبنا للمغرب لاشك ولا نقاش فيه.
    تفصلني أيام معدودة على زيارة مغربي الحبيب.

  • المغربي الوفي
    الجمعة 1 يوليوز 2016 - 23:38

    العز إلى المغربة العالم بدون استثناء دائما رجال العز هذا مغربي يستحق الاءفتخار والتشجيع الله يعونك في مصارك المهني في سلك الشرطة الهولندية الله يعونك خويا

  • بلال امستردام
    السبت 2 يوليوز 2016 - 00:46

    صحيح الشرطة الهولندية فلاحة، لكن الشرطة من اصل مغربي ابطال واذكياء. بل اكثر من ذالك هم افضل من الشرطة الالمانية. واهل مكة ادرى بشعابها. وتحية لاخ بناصر والله الموفق.

  • Aziz
    السبت 2 يوليوز 2016 - 02:44

    كوني مغربي، افتخر ان اسمع عن ابناء بلدي متفوقين في عملهم ومخلصين هذا يسعدني جدا،أما من يقول ان اوربا او هولندا فالحة في اعطاء المخلفات انا لا اتفق معك اخي ،فهذه الدول لديها قوانين صارمة ومنطقية تجعل البلاد يتقدم للأمام وتربية ابناء بلده ولا تنسی هم لا يضلمون في المخلفات كما يحدث في بعض البلدان ، اتمنی لك التوفيق وكل النجاح انشاء الله في مسيرتك المهنية والاسرية

  • الهلالي
    السبت 2 يوليوز 2016 - 03:02

    الشرطة الهولندية هي الحكومة ولها جميع الصلاحيات ولا أحد يسيرها من الفوق سوى القانون ويعتبر أفضل جهاز أمني على الصعيد الأروبي الدقة في العمل ولا يضلم عندها أحد تسير البلد بكفاءة عالية ومنهم عدد كبير من المغاربة في مختلف التخصصات ويشهد لهم على ذالك لا توجد مدينة بهولندا بدون شرطة مغربية

  • B.m
    السبت 2 يوليوز 2016 - 06:07

    السلام عليكم سبحان الله أنا مقيم بفرنسا وتجولت عدة مرات بالسيارة في هولندا وألمانيا وبلجيكا والله لم آري الشرطة بتاتا في الطريق وهذه الدول آمنة ولا احد يتعدى عليك اما في المغرب فالشرطة تراها في كل زاوية والأمن متدهور والأجرام بكثرة ولم افهم شئ اما امثال بعياد فهم بكثرة في اوروبا ونتمنى له التوفيق في عمله والله المستعان وشكرا لهسبريس  

  • كريمة
    السبت 2 يوليوز 2016 - 08:55

    الى الاخ 1 – علولة و B.m -7
    كلامكما صحيح
    اقول دائما سبب المصائب و الشر والاجرام في المغرب هم النساء
    بمعنى ان المراة التي لا تربي طفلا جيدا لا تضمن لبلدك مستقبلا جيدا
    وهذا هو سبب كثرة الاجرام و الفساد في المغرب انا امراة واعي جيدا ما اقول هذا الطفل سيصبح كاتبا اماما وزيرا عاطلا …… واذا رايت اخلاقه فاسدة فاعلم ان امه فاسدة و هي التي شجعته على الفساد

  • قيشوحي
    السبت 2 يوليوز 2016 - 09:08

    حينما يحترم القانون ويطبق 100% فالامن والطمئنينة تكون اوتوماتيكيا

  • محافظ
    السبت 2 يوليوز 2016 - 09:36

    تحية للأخ بناصر على تفوقه في مساره المهني،و المجسد للفئة الناجحة في ديار المهجر..صراحة. مغاربة العالم دائما ما يكونون في المستوى عندما يتقلدون مناصب المسؤولية و القرار في المهجر..

  • مغربي من الخارج
    السبت 2 يوليوز 2016 - 10:14

    ردا على رقم 8 اقول: لكن وماذا اذا كانت المراة جاهلة..كما نقول داءما، فاقد الشيء لا يعطيه. ويجب على الدولة والمجتمع والوالدين طبعا ان يقوموا بتعليم وتوعية المغاربة عامة وليس المراة فقط. واخيرا انت على حق فقط اريد ان اقول هناك سبب جهل المراة ويجب علينا ان نزيله بالعلم والمعرفة. واستسمح اذا اسات لاحد. تقبل الله منا ومنكم رمضان.

  • ناشط هولندي
    السبت 2 يوليوز 2016 - 10:41

    ههههه الشرطة الهولندية هي الحكومة، طيب لماذا فلديرس العنصري يهين ويكذب على المغاربة امام الحكومة والحكومة لا تحرك ساكنا. ولماذا القانون الهولندي لم يعاقب من يسب الرسول ص. لو سب احد غير المسلمين لقامت الحكومة والاعلام المظلل ينبح ليلا ونهارا… الشرطة من اصل هولندي فشلت، ولذالك تراهم يقومون في الاعلام بحملة من اجل مشاركة المغاربة في الشرطة، فاتكم القطار. اولا يجب عليكم ان تعودوا الى رشدكم وان تببتعدوا عن العنصرية. واخيرا انا لا اعمم واعلم ان هناك هولنديين احرار ضد العنصرية.

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30 1

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 2

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 3

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 11

تقنين التنقل بالتطبيقات

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02 6

وزير النقل وامتحان السياقة