تحالف الفقر وندرة حطب تدفئة الأجسام ينهك "زاوية عبد السلام"

تحالف الفقر وندرة حطب تدفئة الأجسام ينهك "زاوية عبد السلام"
الإثنين 28 يناير 2019 - 07:00

في قلب جبال الأطلس المتوسط تجثم قرية زاوية سيدي عبد السلام ضواحي مدينة إفران، البالغ عدد سكانها زهاء 2000 نسمة. قرية رغم قربها من هذه المدينة، التي تعد عاصمة المغرب السياحية خلال فصل الشتاء، فإنها تعاني التهميش، حيث تتفاقم محنة قاطني هذه البلدة الجبلية خلال هذه الفترة، حين يتحالف الفقر وصقيع البرد وندرة حطب التدفئة للفتك والتنكيل بها تنكيلا.

الحطب قبل الخبز

“سكان زاوية سيدي عبد السلام، التابعة لجماعة تيزكيت، يئنون تحت وطأة البرد في هذه الفترة من السنة، حيث تصبح الحياة عندنا صعبة للغاية”، يقول أنوار خثري، الذي يتابع دراسته الجامعية بمدينة فاس، مبرزا في حديث لهسبريس أن معظم أهالي هذه القرية هم في وضعية هشة بسب اعتمادهم على الفلاحة المعاشية.

وأضاف هذا الشاب أن قرية زاوية سيدي عبد السلام رغم قربها من الغابات إلا أنها تعاني كثيرا في الحصول على حطب التدفئة بفعل الحصار المضروب عليها من طرف مصالح المياه والغابات التي تمنع الساكنة المحلية، ليس فقط من قطع الأشجار، ولكن أيضا من جمع الحطب اليابس عكس ما كان معمولا به خلال السنوات الماضية.

وأشار المتحدث، الذي كان من سكان هذه القرية القلائل الذين فضلوا القيام بجولة بدروب بلدته وتحدي موجة البرد القارس خلال زيارة هسبريس، إلى أن قاطني زاوية سيدي عبد السلام يعيشون معاناة حقيقية خلال فصل الشتاء مع البرد وسقوط الثلوج، مؤكدا أنهم يفكرون في توفير حطب التدفئة قبل التفكير في توفير الخبز.

من جانبه، أبرز جواد باديس، تقني فلاحي عاطل عن العمل، أنه يجد نفسه مضطرا في مثل هذه الفترة من السنة لمساعدة أسرته في توفير الحطب، معبرا عن غضبه، وهو يتحدث لهسبريس، من ارتفاع سعر حطب التدفئة بفعل المضاربات، مؤكدا أن ثمنه المرتفع، الذي يناهز 1400 درهم للطن الواحد، فوق طاقة شريحة واسعة من ساكنة المنطقة.

“حين تنظر إلى الحطب وهو يحترق داخل فرن التدفئة، تأخذك الصدمة وأنت تراقب أموالك تحترق وتتصاعد مع الدخان”، يقول باديس الذي دعا إلى ضرورة التفكير في حلول عملية لمساعدة ساكنة زاوية سدي عبد السلام على تجاوز محنتها في مواجهة متاعب برد الشتاء.

بدائل مفقودة أو باهظة الثمن

“أنا متقاعد، ولا يمكنني توفير الحطب الكافي لتغطية احتياجات فصل الشتاء الطويل، وهناك ناس يوجدون في حالة اجتماعية أصعب، يئنون تحت وطأة البرد القارس داخل بيوتهم في صمت”، يقول فجر بوعزة، موردا أن ساكنة زاوية سيدي عبد السلام تعيش بين مطرقة حارس الغابة وسندان غلاء حطب التدفئة الذي يتم اقتناؤه من مدينتي أزرو وإفران.

وأردف بوعزة، الذي أكد لهسبريس أن الأسرة الواحدة تحتاج إلى حوالي قنطارين من حطب التدفئة كل يوم، أن من واجب الدولة التدخل لدعم الناس الفقراء بقريته، وحمايتهم من الأمراض الناجمة عن تعرضهم للبرد القارس، مطالبا بالسماح للساكنة المحلية بالاستفادة من جمع الحطب اليابس من غابات المنطقة عوض بيعه لأشخاص غرباء.

“نشتري الحطب بثمن مرتفع من مناطق عدة، من بينها خنيفرة وأزيلال، قبل القيام بتقطيعه إلى قطع صغيرة”، يقول حسن أجيدار، بائع حطب التدفئة بمدينة إفران، الذي أكد لهسبريس أن ثمن هذه المادة عرف ارتفاعا قياسيا خلال الموسم الجاري مقارنة مع سابقيه، حيث انتقل سعر الطن الواحد من 900 درهم إلى 1200 درهم.

وأرجع أجيدار ذلك إلى توقف الدولة عن الترخيص للأشخاص الذاتيين بتقطيع الأشجار وإعادة بيعها لتجار الحطب، والترخيص في المقابل للمقاولات.

من جهته، أشار حسام أبدو، فاعل جمعوي بإقليم إفران، إلى أن حطب التدفئة مشكل يؤرق ساكنة المنطقة بصفة عامة، موضحا لهسبريس أن توفير هذه المادة يصطدم بإكراه المحافظة على الموروث الثقافي والبيئي، المتمثل في غابات الإقليم، والإكراه الاقتصادي والاجتماعي لفئة عريضة من الساكنة التي ليس لها الإمكانيات المادية للاستغناء عنها.

“لا يوجد بديل، أو إنه باهظ التكلفة”، يقول أبدو الذي طالب الجهات المعنية بالبحث عن حلول أخرى لتدفئة السكان، وللمحافظة على غابات المنطقة، عبر الاشتغال على “فيتور” الزيتون، وتخفيض سعر الكهرباء خلال فصل الشتاء، وتوفير الحطب الإيكولوجي المصنع، ودعم ساكنة الهامش في الحصول على أفران للتدفئة مقتصدة في استهلاك الطاقة.

‫تعليقات الزوار

7
  • Ali bakawi
    الإثنين 28 يناير 2019 - 07:23

    Good day.it sad to see those poor people suffer in this cold and the Government does not do anything about it.lets all put our habd together and help with what we ca.I can help to some how if Hespress have a link or contact of any of those in need there.Thanks and I hope all brothers from inside Morocco or outside get together

  • بوعيون
    الإثنين 28 يناير 2019 - 08:14

    متى تفكر الحكومة والسلطات الى وقف كل سنة معانات الناس من البرد القارس وايضا وقف اجتثات الاشجار النادرة والتي يلتجؤ اليها السكان وعصابات التهريب لبيعها باثمان خيالية للسكان . ماذا ستخسر الدولة بتوفير الدفئ لسكان الجبال والمناطق الباردة والذي يقومون طوال السنة بجمع الحطب والاشجار ليتم الاحتفاظ بها الى حين وصول فصلي الخريف والشتاء . هناك بلدان وحكومات وجدت حلول لسكان الجبال والمناطق النائية خلال الفصل البارد بطرق حديثة وغير مكلفة فما على مسؤولون سوى الاهتمام بهذا الجانب حتى لا يتم قطع الاشجار وايضا لكي لا يعاني ابناءهم من التوقف عن الدراسة ومن الامراض التي تلحق بهم من جراء غياب التدفئة . لنفكر اذن في المواطنين هناك وايضا في الحفاظ على البيئة وعلى الاشجار التي اصبحت تعد رئة المواطن تمنحه الصحة والحياة

  • دمحم
    الإثنين 28 يناير 2019 - 09:27

    جل الدول تريد إخلاء البوادي و تهجير أهلها إلى المدن و هو ما يشجع الصفيح و الفقر و التهميش و الفراشة و انخفاض الأجر في المدن و من بعد ذلك يشرد الفقير مرة أخرى باسم الصفيح فيهدم مقره و يهاجر المسكين إلى مكان آخر و يبني أين يدخل فبعد أداء الرشوة يسمح له بالبقاء ثم يرحل من جديد وووو على الحكومة أن تنظر في هذا قبل قطع الأشجار وووو

  • ولد الشعب
    الإثنين 28 يناير 2019 - 09:51

    استغرب كل الاستغراب للمعادلات التي تنتهجها الدولة في تسيير شؤون المواطنين ..ف بنفس طريقة تعاطي الدولة مع قضية انتاج الخمور وتعاطيعها في المغرب بحيث تعطي الرخص لانتاج الخمر في الوقت الذي يتم القاء القبض على مستعمله …بنفس العقلية في ما يخص حطب التدفئة ف المسؤولين اصحاب البطون المنتفخة والذين ينعمون بجو الرباط الدافى لا يولون اي اهتمام بسكان المناطق الباردة فكيف يعقل ان تقوم الدولة بدعايات تطالب من خلالها بالمحافظة على الثروة الغابوية وبالتالي تمنع السكان اصحاب الارض الحقيقيين من الإستفادة من ثرواتهم الطبيعية بينما تقوم هي(الدولة) بتفويت رخص الاستغلال للاغنياء من أصحاب المقاولات بهذا الميدان بالتالي التلاعب بالاسعار لتصل مستويات يستحيل على مواطن المرتفعات توفيرها
    انا ارى ان الحل هو تخفيض فاتورة الكهرباء في فصل الشتاء بنفس قيمة ثمن حطب التدفئة ..بهذا نكون قد حافظنا على البيئة وقمنا باستغلال الكهرباء مادامت الدولة تتجه نحو الطاقة البديلة

  • حطاب
    الإثنين 28 يناير 2019 - 10:20

    مازال بعض الدول تتسخن على الحطب؟؟؟؟ في حين دول اخرى اوصلت الغاز للقرى والجبال بأنابيب وشعبها لا زال بسخط عليهاعجيب امر هاته الدول لا تهتم لشعوبها همها النهب والسرقة اما الشعب يجيب حطب الغابة باش يدوز الشتاء ولا يمشي يحرق راسو.

  • الداية نورالدين
    الإثنين 28 يناير 2019 - 12:27

    كل إنسان له قيمته بالرغم من مقدار فائدته في الحياة، ومن لديه كرامة حقيقية، يعطيها لغيره في كل الأشياء.

  • وطني يا وطني
    الإثنين 28 يناير 2019 - 12:58

    الإهمال من الحكومات المتعاقبة حتى يومنا هذا وليس وليد اليوم، لكن أليس هناك جماعة ومرشحون؟ أين هم الآن ؟؟؟ كذلك ثمة مدينة تقطنها ألفي نسمة حطبوا الأشجار ولم يغرسوا أخرى عوضها لولا حارس الغابة لبقيت ارضا بلقعا لا عشب ولا شجر، نحرق الغابة للتدفئة هي خبز اليوم جوع الغذ ، ولا أحد يستعمل عقله لا من المسؤولين ولا من المواطنين.

صوت وصورة
حملة ضد العربات المجرورة
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 11:41 9

حملة ضد العربات المجرورة

صوت وصورة
جدل فيديو “المواعدة العمياء”
الإثنين 15 أبريل 2024 - 23:42 8

جدل فيديو “المواعدة العمياء”

صوت وصورة
"منتخب الفوتسال" يدك شباك زامبيا
الإثنين 15 أبريل 2024 - 23:15

"منتخب الفوتسال" يدك شباك زامبيا

صوت وصورة
بيع العقار في طور الإنجاز
الإثنين 15 أبريل 2024 - 17:08 4

بيع العقار في طور الإنجاز

صوت وصورة
مستفيدة من تأمين الرحمة
الإثنين 15 أبريل 2024 - 16:35

مستفيدة من تأمين الرحمة

صوت وصورة
مع ضحايا أكبر عملية نصب للتهجير
الإثنين 15 أبريل 2024 - 16:28 8

مع ضحايا أكبر عملية نصب للتهجير