تعميم الحماية الاجتماعية ضرورة ملحة

تعميم الحماية الاجتماعية ضرورة ملحة
الأربعاء 22 أبريل 2020 - 20:40

مع اجتياح فيروس كورونا احتل موضوعا الحماية الصحية والاجتماعية مكان الصدارة. وأصبح الجميع مقتنعا بأهمية أبعادهما الصحية والاجتماعية والاقتصادية. وبالرجوع إلى قانون الشغل وقوانين الحماية الاجتماعية، نجد العديد من الاتفاقيات والقوانين التي تنظم هذين المجالين، ومنها الاتفاقية الدولية رقم 187 في شأن إستراتيجية السلامة والصحة المهنيتين الصادرة في 31 ماي 2006 والتي صادق عليها المغرب بظهير 1-13 – 59 بتاريخ 17-06 -2013.

والاتفاقية الدولية رقم 102 في شأن المعايير الدنيا للضمان الاجتماعي الصادرة في 4 يونيو 1952 والتي صادق عليها المغرب بظهير 1-13- 28 بتاريخ 13 مارس 2013 والمتضمنة في اتفاق 26 أبريل 2011. الموقع بين الحكومة والنقابات وأرباب العمل علماً أن الحكومة لم تقم بوضع وثائق التصديق لدى منظمة العمل الدولية إلا خلال انعقاد مؤتمرها الأخير بتاريخ 14 – 06- 2019.

وقد نص دستور فاتح يوليوز 2011 في تصديره على: (جعل الاتفاقيات الدولية، كما صادق عليها المغرب، وفي نطاق أحكام الدستور، قوانين المملكة وهويتها الوطنية الراسخة، تسمو، فور نشرها، على التشريعات الوطنية، والعمل على ملاءمة هذه التشريعات، مع ما تتطلبه تلك المصادقة).

كما نص في بداية الفصل31 منه على” (تعمل الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات على أن

تعبئة كل الوسائل المتاحة، لنشر أسباب استفادة المواطنات والمواطنين على قدم المساواة، من الحق في:

– العلاج والعناية الصحية؛

– الحماية الاجتماعية والتغطية الصحية والتضامن التعاضدي أو المنظم من لدن الدولة).

وبالنسبة لقانون الشغل فيما يخص حماية صحة الأجراء، فمنذ بداية الاستقلال، صدر ظهير 8 يوليوز 1957 بشأن تنظيم المصالح الطبية للشغل.

وعند التوافق على مدونة الشغل تم إحداث باب خاص بحفظ صحة الأجراء وسلامتهم بدءاً من المادة 281 إلى المادة 344 تضمن ما يجب القيام به لهذه الغاية بما فيها إحداث المصالح الطبية للشغل بكل مقاولة تشغل أزيد من خمسين أجيرا، وبشكل مشترك بالنسبة للمقاولات التي تشغل عددا أقل من خمسين أجيرا، أو التي تصنع موادَّ تضر بصحة العمال. وإحداث لجان الصحة والسلامة بنسبة للمقاولات التي تشغل أكثر من خمسين أجيرا، إحداث مجلس طب الشغل والوقاية من المخاطر المهنية المتكون من ممثلين عن الحكومة والنقابات وأرباب العمل. يضاف إلى ذلك مواد المدونة ذات العلاقة بالموضوع وبالأخص التي تعني الأعوان المكلفين بتفتيش الشغل لكونهم معنيين بالسهر على تطبيق القانون.

– وعلى إثر أحداث معمل روزامور بالدار البيضاء سنة 2004 تم إحداث المعهد الوطني لظروف الحياة المهنية بالعمل بتعليمات ملكية.

-وبالنسبة للحماية الاجتماعية فقد تم إصدار العديد من القوانين والآليات التي تنظم هذا المجال ومنها :

* الظهير الشريف بمثابة قانون رقم 184-72-1 الصادر 27 يوليوز 1972 حول نظام الضمان الاجتماعي.

* القانون 65-00 بمثابة مدونة التغطية الصحية الصادر بتاريخ 3 دجنبر 2002.

* القانون 12- 18 المتعلق بالتعويض عن حوادث الشغل الصادر بتاريخ 29 دجنبر 2014.

* القانون رقم 14-03 المتعلق بالتعويض عن فقدان الشغل الصادر في 11 نونبر 2014 والذي يحتاج إلى مراجعة شاملة.

* القانون 15- 98 المتعلق بنظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض الخاص بفئات المهنيين والعمال المستقلين والأشخاص غير الأجراء الذين يزاولون نشاطاً خاصاً الصادر بتاريخ 23 يونيو 2017.

* القانون 15-99 المتعلق بإحداث نظام المعاشات لفائدة فئات المهنيين والعمال المستقلين والأشخاص غير الأجراء الذين يزاولون نشاطا خاصا الصادر في 5 ديسمبر 2017.

* المرسوم رقم 763-19-2 الصادر في 3 أكتوبر 2019 المتعلق بتطبيق القانون 15- 98 و القانون 15- 99.

* المرسوم رقم 2- 19-719 بتاريخ 3 أكتوبر 2019 بشأن القابلات ومهنيي الصحة.

* المرسوم رقم 2-1-769 بتاريخ 3 أكتوبر 2019 بشأن العدول.

ولكون موضوعنا يتعلق بتعميم الحماية لن تناول ما يتعلق بالقطاع العام الذي يحتاج إلى مراجعة جذرية والى الانسجام.

– ومن خلال استعراضنا لهذه القوانين يتبين أن هناك مجهوداً في إصدار القوانين، غير أن هناك نقصاً كبيراً فيما يتعلق بالتطبيق ويتمثل ذلك بالأخص في :

* عدم تعميم التصريحات في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي على جميع الأجراء حيث يصل عدد الأجراء المصرح بهم إلى 3.250.000 و هناك نسبة كبيرة من الأجراء غير مصرح بهم جلهم ينتمون الى قطاع الفلاحة والبناء والنقل بمختلف مكوناته وعمال المقاهي والمطاعم وغيرها، يضاف إلى ذلك أن جل التصريحات غير سليمة.

* عدم الإسراع بتمديد التغطية الصحية والتقاعد على المهنيين غير الأجراء والعاملين لحسابهم الخاص حيث يلاحظ أن هذه العملية تسير ببطء وبالأخص في القطاعات الواسعة التي يوجد فيها عدد كبير من المهنيين وحتى بالنسبة لما تم القيام به في شأن القوابل والعدول. حيث تم إصدار المرسومين الخاصين بهاتين الفئتين إلا أن عدد الذين استجابوا للعدول لم تتجاوز 153 من أصل 2200، في حين لم تتم الاستجابة بالنسبة للقابلات.

* عدم تعميم المساعدة الطبية (راميد) على المستحقين حيث تبين بعد اجتياح جائحة كورونا، أن نسبة كبيرة من المواطنين لا يتوفرون على البطاقات التي تخول لهم الاستفادة من هذا الحق.

وحسب الإحصائيات الصادرة عن المندوبية السامية للتخطيط لسنة 2019 فإن عدد السكان النشيطين هو 10,975,000 وعدد الأجراء منهم هو 5,499,000 بنسبة 50,1 بالمئة وعدد المهنيين غير الأجراء هو 5,476,000 بنسبة 49,9 بالمئة. وبذلك يتبين حجم الاختلالات سواء بالنسبة للأجراء وبالنسبة للمهنيين العاملين لحسابهم الخاص.

وكان من الممكن لو تم تعميم التصريحات في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي على جميع الأجراء وتمديد التغطية الصحية والتقاعد على المهنيين غير الإجراء والعاملين لحسابهم الخاص أن يساعد في الإسراع بتعميم الاستفادة من نظام الحماية الصحية الراميد على جميع المستحقين دون صعوبة والتي يتطلب متابعة الخطوات قصد تمتيعهم بالحماية الاجتماعية، وهو ما يستدعي ضرورة التوحيد والتكامل بين جميع أنظمة الحماية الاجتماعية في أفق بداية العمل بالسجل الاجتماعي المشترك.

ومن هنا تأتي أهمية الصندوق الخاص الذي أحدث بتعليمات ملكية لتدارك الاختلالات التي يعرفها هذا المجال في هذه الظرفية الدقيقة في انتظار الإسراع بالعمل من أجل تطبيق القانون بما يحمي حقوق الجميع.

‫تعليقات الزوار

10
  • ابن طنجة
    الأربعاء 22 أبريل 2020 - 21:14

    موضوع في غاية الاهمية تناول فيه الكاتب المحترم حقوق المواطن ونسي واجباته تجاه الدولة فالمزاطن له حقوق لكن أيضا له واجبات اذا كان الدستور ينص ان على الدولة الحق في العلاج والعناية الصحية والتغطية الاجتماعية فعلى المواطن أي المشغل واجب أداء الضمان الاجتماعي لأجيره الذي يشتغل عنده في شركته لفائدة صندوق الضمان التجتماعي فعندما يطالب المواطن الدولة بمستشفى وعلاج جيد ويشتكي مز ضعف المنظومة الصحية في بلاده فعليه ايضا واجب الانخراط في اداء رسوم ضمانه الاجتماعي فكل دول اوروبا وبريطانيا والولايات المتحدة تلزم كل ارباب الشركات او المهن الحرة واجب تسجيل عمالهم في صندوق الضمان لكي يحدث توازن اجتماعي أما عندنا في المغرب هناك اختلالات جسيمة في هذا الموضوع وخاصة في قطاع الخدمات كالفنادق والمخابز والمقاهي والمطاعم اصحابها يكدسون الامواا لانهم لا يؤدون أي ضريبة او فلس لصندوق الظمان الاجتماعي للاجراء أما في ألولايات المتحدة الامريكية فالولوح الى العلاج في المستشفى العمومي يتطلب ان يكون المواطن غير عاطل عن العمل اي يشتغل ومصرح في الضمان الاجتماعي

  • فريد
    الخميس 23 أبريل 2020 - 06:26

    المغرب لايُسَيَّرُ بالقوانين سواء تلك التي صادق عليها في نطاق المؤسسات الدولية أو تلك التي فرخها البرلمان ،إذ غالبا ما لا تكون هناك قوانين مؤطرة لها أي لا يكون هناك قانون يحدد مَن متى كيف تطبق هاته القوانين ،ولهذا تبقى التعليمات الفوقية فوق كل القوانين. 42% من المغاربة يشتغلون في القطاع غير المهيكل أي لا يدفعون درهما واحدا كضريبة زد عليهم العدد الكبير من الشركات التي تستفيد من الإعفاء الضريبي أو تتهرب من دفع الضرائب كليا أو جزئيا ولهذا لتعميم التغطية الإجتماعية على الدولة أن تطبق القانون وتسد الطريق على العشوائية من أراد إمتهان حرفة حرة عليه الحصول على الرخص اللازمة لذلك ودفع أقساط الحماية الإجتماعية ،كيف يعقل أن العدول الذي يجني من عمله أرباحا طائلة يرفض التسجيل في الضمان الإجتماعي؟ لِنُحدث ألبو لمثل هاته الحرف ولايعترف إلا بمن كان مسجلا فيه، ومثل هؤلاء حصلوا على المساعدة من صندوق الجائحة فهل هذا معقول؟ مشكل المغرب هو أن المخزن لا يريد عصرنة البلاد وجعلها دولة قوانين ولكن يصر على إبقائها في العصور الوسطى حيث السلطة المطلقة للسيد والأعيان والحاشية .

  • ص.ع . فاس
    الخميس 23 أبريل 2020 - 21:05

    كما اوضح الكاتب سي الرماح
    في مقاله ، فان المغرب يشهد من الناحية القانونية المتعلقة بالحماية الصحية والاجتماعية اشباعا يغطي سائر هذه المجالات، (قوانين مراسيم، اتفاقيات دولية) غير ان تطبيق هذه الترسانة القانونية يجب ان تصاحبه غرامات كبيرة وعقوبات على المخالفين تصل الى حد عقوبات سالبة للحرية، لان التلاعب في الحق الاجتماعي للاجراء هو ضياع لحاضرهم ومستقبلهم، وتضييع لموارد مهمة على وطننا،

  • أحمد
    الخميس 23 أبريل 2020 - 22:57

    وفق بشكل كبير كاتب المقال أولا من حيث الظرفية ألتي طرح فيها الموضوع وكذلك بالسرد التشريعي والقانوني الدولي والوطني وكما جاء في الغرض فهنالك تخمة من النصوص القانونية والتشريعية والاشكال الحقيقي هو في إنزال هذه القوانين إلى مرحلة التطبيق على أرض الواقع اعتقد أنه بعد هذه الوضعية الاقتصادية والاجتماعية ألتي خلقها هذا الوباء دوليا و وطنيا لم يعد من المقبول ان تستمر الوضعية على ما كانت عليه سابقا وعلى الدولة اليوم مسؤولية كبيرة في تفعيل القوانين والتشريعات بهذا الخصوص ونحن في حاجة لانزال مضمون المسؤولة الاجتماعية للمقاولة وإعطاء الأسبقية لتعليم والصحة وتعزيز دور الدولة الاجتماعية من خلال عدم تسليع الخدمات العمومية.

  • ع - ص - فاس
    الجمعة 24 أبريل 2020 - 10:21

    ان الترسانة القانونية التي تطرق اليها الاستاذ الكريم لا تعطي الدليل على كون الطبقة العاملة تتمتع بالحماية الاجتماعية والتغطية الصحية وظروف السلامة المهنية في العمل، والسبب راجع بالاساس الى ضعف الاجراءات التاديبية التي تحملها مدونة الشغل وقانون الضمان الاجتماعي ولعلاج هذا الخلل يتعين تشديد الغرامات ومضاعفتها ليكون كل مخل بالقانون عبرة لغيره، ولضمان تمتع الاجراء بهذه الحماية

  • maroc2000
    الجمعة 24 أبريل 2020 - 13:39

    سيد عبد الرحيم الرماح _ الحماية الاجتماعية للاشخاص غير القادرين على العمل البتة _ البتة _ و لا يخطر ببالهم التسول _ هل تريد امثلة ؟ المعوقون و المكفوفون ولن افذلك الكلام الرخيص و المجاني و اقول ذوو الاحتياجات الخاصة ….. ام ان هؤلاء لا يدخلون ضمن نطاق عملك و تفكيرك و مقالاتك ؟
    اغلبنا لديه امراض مزمنة + فقر + الضعف + الحجر الصحي _ يا سلام عليك يا بلد ! حسبنا الله و نعم الوكيل !
    صدق من قال _ لا كرامة لأمة لا ترعى ضعفاءها.

  • amateur
    السبت 25 أبريل 2020 - 04:41

    من اسباب فشل الدولة في مجال الحماية الاجتماعية هو عدم تطبيق الترسانة القانونية التي يتوفر عليها سواء تعلق الامر اتجاه ارباب المقاولات المتلاعبين بالتصريح لصندوق الضمان الاجتماعي او تنظيم القطاعات الغير المهيكلة، و عوض اصدار قانون سالب للحريات اتجاه المضربين يجب العمل على تطبيق المدونة رغم ما يشوبها من اختلالات.
    ان تفعيل الحماية الاجتماعية سيكون له دور فعال في تحسين المنظومة الصحية
    و كذا تفعيل السلم الاجتماعي.

  • ايوب
    السبت 25 أبريل 2020 - 15:01

    قمة العبث أن لا يتم تعميم الحماية الاجتماعية على جميع الاجراء وعلى المهنيين العاملين لحسابه الخاص وان لا يتم تعميم الاستفادة من نظام الرميد على جميع المستحقين بعد ما استخلصناه جائحة من جائحة كورونا

  • جاد
    السبت 25 أبريل 2020 - 17:39

    المستعجل حاليا هو ان يتم العمل على تطبيق مقتضيات مدونة الشغل وقانون الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وهو امر قابل للتطبيق على ارض الواقع إذا ما توفرت الجدية لذى الجهات المعنية وإذا ما قامت الجهات المسؤولة بما يجب عليها ان تقوم به

  • فاعل جمعوي
    السبت 25 أبريل 2020 - 18:42

    أكدت جائحة كورونا على ضرورة الإسراع بالعمل على تعميم الحماية الاجتماعيةوالتغطية الصحية وفق ما نص عليه الفصل 31 من الدستور وكان من الممكن أن يتم ذلك خلال الراحل السابقة غير أنه مع الأسف لم يتم وهو ما يتطلب تداركه

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30 1

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 2

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 3

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 11

تقنين التنقل بالتطبيقات

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02 6

وزير النقل وامتحان السياقة