تفويت ملف "الأساتذة المتدربين" إلى الداخلية

تفويت ملف "الأساتذة المتدربين" إلى الداخلية
الأربعاء 27 يناير 2016 - 13:46

بعد توقيع رئيس الحكومة على بياض للمخزن، في شخص وزير الداخلية معلنا إعفاء الأجهزة الأمنية التي “أكرمت” الأساتذة المتدربين في أول خميس سنة 2016 من كل متابعة، ومعلنا تحمله المسؤولية السياسية مع وقف التنفيذ، جاء لقاء والي الرباط مع ممثلي الأساتذة المتدربين عشية مسيرة 2016.01.24 لتؤكد سحب الملف من يد رئيس الحكومة، وليس الحكومة في إشارة دالة أن صاحب القرار الحقيقي في البلاد هو حكومة الظل حتى في قضايا قد تكون بسيطة، لكي يترسخ في الوعي المجتمعي أن المؤسسات المنتخبة مهما سمت لا اعتبار لها في منظومة المخزن إلا تزيين الواجهة الخارجية تسويقا لصورة الاستثناء المغربي المزعوم، وأن ما يسوق من توسيع صلاحيات رئيس الحكومة وهْم من أوهام الإصلاح المخزني.

إن العيب ليس في اجتماع والي الرباط مع ممثلي الأساتذة المتدربين، لو ظل اللقاء والاجتماع في حدود الاختصاص ومناقشة موضوع المسيرة تبليغا بقرار المنع أو إقرارا باحترام الحق في التظاهر وتعاونا على توفير شروط سلمية المسيرة والحفاظ على الأرواح والممتلكات، لكن أن يستحيل الاجتماع لقاءا للحوار بحثا عن حلول للقضية فهذا تعدٍّ سافر على الاختصاص وتغوُّلٌ لجهاز يُفترض فيه أن يشتغل تحت سلطة الحكومة لا فوقها، وإلا ما المانع من مباشرة الحكومة من خلال وزير التربية الوطنية الموقع على المرسومين أو من خلال وزير الوظيفة العمومية المعني بالتوظيف؟ ثم كيف يُفسر حضور النقابات الأكثر تمثيلية هذا اللقاء، هل هو حضور إشهادي أم اقتراحي؟

لقد أعاد إشراف وزارة الداخلية في شخص والي الرباط على ملف الطلبة الأساتذة عقارب الساعة السياسية إلى الوراء يوم كان الصدر الأعظم للمخزن الراحل إدريس البصري يشرف على جلسات الحوار الاجتماعي، بل إنه بهذه الصفة حضر مؤتمر “ك.د.ش” سنة 1997 وألقى كلمة في المؤتمرين. ترى كيف استساغ خطابه المناضلون الذين يرون فيه عصا المخزن واستبداده، حيث لا كلمة ولا قرار يعلو كلمته أو قراره، وأما الحكومة بوزرائها مهما كانت انتماءاتهم السياسية ومشاربهم الإيديولوجية فهم موظفون سامون لدى المخزن ينفذون التعليمات ليس إلا؟

اليوم، وعلى بعد شهور من نهاية ولاية الحكومة التي جاءت تحت ضغط الشارع ومطالبته بالإصلاح والتغيير والقطع مع التحكم والهيمنة، وفي الوقت الذي كان يفترض تحقيق نوع من الاختراق في جدار الاستبداد، تأبى الحكومة دستور2011 إلا أن تركن لإرادة المخزن وتتنكر لمطالب الشعب وتطلعه لدمقرطة الحياة السياسية وتجحد تضحيات الحراك الاجتماعي؛ ركون ورضوخ يؤشر لنجاح المخزن في الالتفاف على مطالب التغيير واستعادته لزمام المبادرة واسترداد ما بدا أنه تجاوب مع نبض الشارع من جهة، وفي قدرته على “ترويض” القوى السياسية مهما تنوعت مرجعياتها من جهة ثانية،. السؤال: ما سر قوة المخزن وقدرته على الاستمرار في الهيمنة على مفاصل الحياة السياسية؟ كيف يفسر تعايش مكونات النسق السياسي الرسمي مع الأعطاب التي لم تعد خافية على عموم الشعب؟ لماذا تستغشي هذه المكونات ثيابها الحزبية وتبتلع ألسنتها وهي ترى أعراض أمراض سياسية مزمنة تهدد الاستقرار المجتمعي وتنذر بأفق مظلم للبلاد؟ أليست قوة المخزن في وهن مكونات النسق السياسي الرسمي وتآكلها الداخلي تطاحنا على الزعامات وإقصاء للفضلاء؟

ملف الأساتذة المتدربين يتدحرج بوتيرة متحكم فيها شغلا للوقت المطلوب للرأي العام وتحقيقا لأهداف معلومة، في انتظار دخول المخزن على الخط في الوقت بدل الضائع من خلال بوابة “تنفيذا للتعليمات” ويضع حدا للملف/القضية قبل فوات الأوان، فيسجل المخزن الهدف الذهبي ويسجل التاريخ على التدبير الحكومي غياب الرؤية والقدرة على المبادرة. وإلا ماذا كان سيقع لو أن رئيس الحكومة بدل إصدار الأيمان الغليظة بعدم سحب المرسومين أن يجمدهما إلى حين؟ وماذا كان سيقع لو تم تنزيل المرسومين بتدرج استجابة لحاجيات الوزارة من نساء ورجال التعليم؟ وهل مسلسل الإصلاح عرف طريقه إلى التطبيق ما عدا قرار فصل التكوين عن التوظيف؟ ولماذا تُعطل الحكومة العمل بمبدأ التدرج في تنزيل الإصلاح كلما تعلق الأمر بالفئات الاجتماعية الهشة، أم أنها الانتقائية تفاديا للأدغال المحصنة من طرف الدناصير والتماسيح والعفاريت المشمولين بقرار “عفا الله عما سلف”؟

‫تعليقات الزوار

8
  • حسن
    الأربعاء 27 يناير 2016 - 15:10

    فعلا يا أستاذ ، لقد أصبتم عين الحقيقة التي مفادها أن من يحكم في هذا البلد هو حكومة الظل و ليست الحكومة المنتخبة والتي كيفما لونها لا يسعها إلا أن تبارك و تقول سمعنا و أطعنا …

  • سعيد
    الأربعاء 27 يناير 2016 - 17:04

    كلام صائب مليون في المئة في بلدنا الحبيب الداخلية هي الامر والناهي مثال على ذلك عندما يفتح مسجدا ويعلن عن توظيف امام ان صح التوظيف فان من يقرر هي ام الوزارات وليس وزارة التوفيق .اقول لاخواني الاساتذة اصمدوا اصمدوا فهؤلاء السوؤلين يراهنون على عامل الزمن كما فعلوا مع الاساتذة حملة الشواهد.تحية نضالية لكل الشرفاء ودعوة الى النقابات والمعيات الحقوقية الى الى الوقوف بجانبكم

  • moha
    الأربعاء 27 يناير 2016 - 17:07

    كلام صادق.أحب قراءة مقالاتكم يا أستاذ.بارك الله في فهمكم وعلمكم.

  • عادل
    الأربعاء 27 يناير 2016 - 17:20

    تساءل صاحب المقال: ما سر قوة المخزن وقدرته على الاستمرار في الهيمنة على مفاصل الحياة السياسية؟ كيف يفسر تعايش مكونات النسق السياسي الرسمي مع الأعطاب التي لم تعد خافية على عموم الشعب؟ لماذا تستغشي هذه المكونات ثيابها الحزبية وتبتلع ألسنتها وهي ترى أعراض أمراض سياسية مزمنة تهدد الاستقرار المجتمعي وتنذر بأفق مظلم للبلاد؟
    و الجواب في تقديري في عقلية الفاعل السياسي الذي يجعل من صراعه مع خصمه في الميدان اولوية عوض جمع الجهود للحد من تغول السلطة

  • تأبط خيرا
    الأربعاء 27 يناير 2016 - 21:58

    لم يساند الاساتذة أول الامر احد ، لكن بعد أن حمى الوطيس طفت هيئات على السطح كالفطريات الطفيلية في محاولة للركوب على القضية وجعل الاساتذة حطبا للتأجيج ;; من هذه الهيئات من تتمنى ان لا يجد ملف الاساتذة حلا ، بل ويؤرقها أن يطو الملف نهائيا، لان طيه يفسد عليها استغلال القضية ويحجّم ظهورها على الساحة ، فالفاشلون والمسرنمون لايرجون غير الفوضى للصيد في الماء العكر.
    فمن له حسابات سياسية خاصة ويدعي أنه قوة ، ورقم في معادلة يصعب تجاوزه ،فعليه أن يحلها بنفسه ولا يتخفى في أسمال الدروشة ليأكل الثوم بأفواه الآخرين وهم غافلون لأن هذه انتهازية وجبن .

  • مفيد أبو الغار
    الخميس 28 يناير 2016 - 10:51

    الحكومة الحقيقية هي حكومة المخزن ، أما بنكيران وجوقته فليسوا سوى كراكيز لتصريف الأعمال المرسومة مسبقا لا غير

  • MOHAMMED
    الخميس 28 يناير 2016 - 13:40

    ملف الأساتذة المتدربين يتدحرج بوتيرة متحكم فيها شغلا للوقت المطلوب للرأي العام وتحقيقا لأهداف معلومة، في انتظار دخول المخزن على الخط في الوقت بدل الضائع من خلال بوابة "تنفيذا للتعليمات" ويضع حدا للملف/القضية قبل فوات الأوان، فيسجل المخزن الهدف الذهبي ويسجل التاريخ على التدبير الحكومي غياب الرؤية والقدرة على المبادرة.

  • متتبع
    الخميس 28 يناير 2016 - 14:39

    أظن أن اللقاء الذي أجراه السيد الوالي مع الطلبة المتدربين انحصر موضوعه على مسيرة 24 يناير لا أقل و لا أكثر…….لذلك ، فموضوع المرسومين لا زال بين يدي الحكومة . بالنسبة ليوم الخميس الأسود الذي تتحدثون عنه باستمرار في مقالاتكم نطلب الله عزوجل أن يحفظنا منه …….فهذا اليوم لا وجود له إلا في مخيلة البعض من الذين يتحاملون على هذه الحكومة ……
    أعتبر أن الخميس الأسود الوحيد و الأوحد الذي عرفه العالم كما يعلم الجميع هو يوم الخميس 24 أكتوبر 1929 يذكرنا ب: الاضطرابات المالية التي شهدتها الأسواق في تلك الفترة، وانهيار في البورصة لا سابق له في الولايات المتحدة أدت إلى عمليات إفلاس وبطالة معممة عبر الدول الصناعية.
    وانطلقت الأزمة يوم الخميس الرابع والعشرين من أكتوبر 1929 في بورصة نيويورك بعدما طرح 13 مليون سهم في السوق لكن الأسعار انهارت بسبب غياب مشترين. وانتشر الذعر وهرع المستثمرون.
    تحياتي

صوت وصورة
شراكة "تيبو أفريقيا“ وLG
الجمعة 29 مارس 2024 - 11:43 1

شراكة "تيبو أفريقيا“ وLG

صوت وصورة
احتفاء برابحة الحيمر في طنجة
الجمعة 29 مارس 2024 - 10:03

احتفاء برابحة الحيمر في طنجة

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30 3

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 3

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 4

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 11

تقنين التنقل بالتطبيقات