حديث في "باب دارنا"

حديث في "باب دارنا"
الإثنين 23 دجنبر 2019 - 23:59

بمساندة ودعم عدد من جمعيات المجتمع المدني، نظم بعض مغاربة العالم، ضحايا ما أصبح يعرف بقضية “باب دارنا”، وقفة احتجاجية أمام البرلمان، صباح الأحد 22 من شهر دجنبر الجاري، ناشدوا من خلالها جلالة الملك محمد السادس أيده الله، بالتدخل في قضيتهم وإنصافهم لاسترجاع حقوقهم المالية المسلوبة، وهذه القضية، التي تعد أكبر عملية نصب واحتيال في تاريخ العقار بالمغرب بالنظر إلى قيمة المبالغ المستولى عليها وقياسا لعدد الضحايا، لا يمكن الخوص في تفاصيلها وحيثياتها، احتراما لسلطة القضاء، الذي يتحمل مسؤولية مزدوجة، أولها: معاقبة كل من أثبت البحث تورطه في القضية، بما يتناسب وجسامة الأفعال المرتكبة، وتداعياتها على المجتمع وعلى الأمن القانوني العقاري، وثانيها: إنصاف الضحايا، بشكل يسمح باسترجاعهم لحقوقهم المالية المسلوبة التي تقدر بالملايير، لكن، في الآن نفسه، وبعيدا عن نطاق القانون وسلطة القضاء، فما وقع، يشكل مرآة عاكسـة لما يعرفه عالم العقار، من مشاهد التهور والعبث، من قبل “بعض مافيات العقار” التي تعيث في الأرض طمعا وجشعا، سعيا وراء جني الأرباح ومراكمة الثروات، في ظل “بيئة محفزة”، تسمح بالتطاول على القانون وانتهاك الحقوق، والنتيجة نعاينها في مدننا، التي استسلمت قسرا لواقع “الإسمنت المسلح”، بشكل يجعلها مدنا بئيسة فاقدة للحياة، تحتضن بين ظهرانيها، “إقامات سكنية” تناسلت وتتناسل كالفطريات، معظمها يفتقد لشروط الحياة (فضاءات خضراء، مساجد، أسواق، مدارس، ملاعب قرب، دور ثقافة، نقل، مراكز صحية …)، يتحكم فيها هاجس الربح والخسارة، بدل الحرص على الارتقاء بالمدن وتجويد حياة المواطن.

ما حدث، يفرض “توجيه البوصلة” نحو ما يجري في سوق العقار، الذي أضحى ملاذا آمنا، لبعض المافيات، التي لا تجيد إلا “الحلب” و”السلب”، بعيدا عن “حس المواطنة” و”احترام كرامة المواطن”، والإسهام في “بناء مدن جذابة مفعمة بالحياة”، وهو واقع مقلق، يفرض تطبيق القانون، حرصا على الأمن القانون العقاري، وحماية لحقوق “المواطنين”/”المستهلكين”، في علاقات تعاقدية، تصب بشكل كلي في صالح المنعشين العقاريين، وفي هذا الصدد، وبقدر ما ندين كل من يمس بالأمن القانوني والاجتماعي والاقتصادي، وكل من يعبث بشكل مستدام بالأنسجة الحضرية، ويعمق من أزمات المدن التي استسلمت قسرا لجبروت سلطة المال، بقدر ما ننوه، بكل الممارسات “المواطنة” في العقار والمال والأعمال، التي تتحكم فيها هواجس خدمة الوطن، والإسهام الجماعي في رقيه وازدهاره، بعيدا عن مفردات “الجشع” و”الطمع”، ونختم بالقول، إذا كانت الآمال معقودة على “النموذج التنموي المرتقب”، لتصحيح مسارات التنمية وما تخللها من أعطاب ومشكلات، وإعطاء دينامية تنموية جديدة، تعيد الاعتبار إلى عدد من المجالات الغارقة في أوحال الهشاشة والإقصاء، وترتقي بمستوى عيش المواطنات والمواطنين، فإن كسب هذا الرهان، يقتضي إعادة الهيبة لسلطة القانون، والتطبيق الصارم لمبدأ “ربط المسؤولية بالمحاسبة”، وتعقب الفاسدين ومحاصرة العابثين، الذين يصرون على الصعود والارتقاء على أكتاف الوطن وسواعد المواطنين، حتى لا نخلف الموعد مع “التنمية” ونلجأ عقبها، إلى “تنمية التنمية المشلولة”…

‫تعليقات الزوار

1
  • ابن البادية
    الثلاثاء 24 دجنبر 2019 - 15:18

    يجب تعديل قانون الحقوق العينية الذي أصدر حديثا لأنه يعطي غطاء قانونيا لعصابات العقار. لقد خرج علينا الرميد في البرلمان ينصحنا بالتحقق كل 4 سنوات من أن عقاراتنا بما فيها المنازل التى نقطنها لا زالت محفظة بأسماءنا . عن أي أمن عقاري يتحدثون؟ الحكومة لا تريد أن يشعر المواطن بالأمان. و القانون المشؤوم خير دليل على ذلك. ما فائدة التحفيظ و أداء رسوم التحفيظ ؟ من وضع هذا القانون ماذا يريد من ورائه ياترى ؟؟

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30 1

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 2

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 3

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 11

تقنين التنقل بالتطبيقات

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02 6

وزير النقل وامتحان السياقة