حقوقيون ينتقدون التساهل مع جرائم اغتصاب القاصرين في المغرب

حقوقيون ينتقدون التساهل مع جرائم اغتصاب القاصرين في المغرب
الجمعة 23 نونبر 2018 - 22:55

حظي اغتصاب القاصرين بالحيز الأكبر في مداخلات المشاركين في ندوة نظمتها الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، مساء اليوم الجمعة، حول العنف الجنسي، لكون هذه الفئة الأكثر هشاشة ضمن ضحايا الاعتداءات الجنسية.

وأجمع المشاركون، خلال الندوة التي انعقدت تحت عنوان “العنف الجنسي.. انتهاك جسيم لحقوق الإنسان”، على أنّ مغتصبي القاصرين في المغرب يُعامَلون بكثير من التساهل، ولا ينالون العقوبة الملائمة لجرائمهم، وهو ما يشجعّ على استفحال ظاهرة اغتصاب القاصرين.

أسباب انتشار اغتصاب القاصرين

رشيد آيت بالعربي، المحامي بهيئة القنيطرة، قدّم في مستهل مداخلته بعض الأرقام حول العنف الجنسي ضد القاصرين، بناء على دراسة قام بها ما بين 2009 و2011 بالقنيطرة، تعبّر نتائجها عن مدى انتشار الاعتداءات الجنسية على القاصرين.

ففي سنة 2009 بلغ عدد الملفات المسجلة لدى غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف بالقنيطرة 531 ملفا، منها 116 ملفا تتعلق بالاعتداءات الجنسية على القاصرين. وفي سنة 2010 بلغ عدد الملفات لدى الغرفة ذاتها 484 ملفا، منها 101 ملف تتعلق بالاعتداءات الجنسية على القاصرين.

وعبّر رشيد آيت بالعربي عن ارتياحه للأحكام الصادرة عن غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف بالقنيطرة ضد مغتصبي الأطفال خلال الفترة التي شملتها دراسته، معتبرا أنها “كانت حالة فريدة” ضمن باقي محاكم المملكة. غير أنه انتقد الأحكام الصادرة في محاكم أخرى، معتبرا أنها مخففة ولا تلائم طبيعة الجرائم المتعلقة بالاعتداءات الجنسية.

وحسب المعطيات الرقمية التي قدمها آيت بالعربي، فإن مجموع الأحكام التي صدرت فيها أحكام بالحبس أو السجن النافذ ضد مغتصبي الأطفال سنة 2009 وصل إلى 80 ملفا، بنسبة 68 في المائة من مجموع الملفات الـ116. وفي سنة 2010 بلغ عدد الملفات المحكوم فيها على المتورطين في اغتصاب الأطفال بالعقوبة نفسها 72 ملفا، بنسبة 71 في المائة.

واعتبر آيت بالعربي أن السبب الرئيس لاستمرار انتشار ظاهرة الاعتداءات الجنسية على القاصرين في المغرب يتشكل من مثلث يمثل أضلاعه الثلاثة الشرطة القضائية والقضاء والقانون، داعيا الجهتين الأوليْين إلى تطوير عملهما في تعاطيهما مع ضحايا الاعتداءات الجنسية على القاصرين، والضرب بيد من حديد على المتورطين في هذه الجرائم.

وفي هذا الإطار، قال المتحدث ذاته إن على الشرطة القضائية أن تتعامل مع القاصرين ضحايا الاغتصاب معاملة خاصة أثناء البحث التمهيدي، تراعي سنّهم ووضعيتهم النفسية الهشة، مضيفا أن “هذه المقاربة تغيب في كثير من الأحيان، حيث يتم التعامل مع القاصر ضحية الاعتداء الجنسي كما يتم التعامل مع أفراد العصابات الإجرامية”.

وأوضح أنّ هذه المقاربة تضيّع في كثير من الأحيان حقوق الضحايا، وتحُول دون إنزال العقاب على المتهم، الذي يملك أدوات المناورة للتستر على جريمته، في حين أن القاصر يجد نفسه عاجزا عن إثبات جريمة الاعتداء الجنسي في حقه، بسبب عدم توفير الجوّ الملائم له أثناء الاستماع إليه من طرف الشرطة القضائية.

وانتقد آيت بالعربي محاولات إبرام الصلح التي تقوم بها الشرطة القضائية بين مرتكبي الاعتداءات الجنسية على القاصرين وبين ضحاياهم، قائلا إن هذا الأمر “يخرج عن نطاق عمل الشرطة القضائية ولا ينبغي لها أن تقوم به، بل عليها أن تحيل كل الشكايات على النيابة العامة لتقول كلمتها، باعتبارها الجهة المخوّل لها الفصل في مثل هذه القضايا”.

وعاد آيت بالعربي إلى قضية مغتصب الأطفال الإسباني دانييل كالفان، التي خلفت ضجّة كبيرة بعد اكتشاف اغتصابه 12 طفلا وطفلة بمدينة القنيطرة، مشيرا إلى أن عدد الضحايا ما كان ليصل إلى هذا الرقم لو لم تسْعَ الضابطة القضائية إلى إقامة الصلح بين هذا “البيدوفيل” الإسباني وضحيته الأولى الطفلة سناء سنة 2006.

“حين قدَّمت الطفلة سناء بمعية أختها الكبرى شكاية ضد مغتصبها، اتصلت الشرطة القضائية بدانييل كالفان، وأقنعت الضحية بإجراء صلح معه، مقابل زواج عبارة عن وثيقة حررها المغتصب بخط يده، يعلن فيها قبوله الزواج بضحيته”، يقول آيت بالعربي، مضيفا “لو تم الاستماع إلى الطرفين، وقُدم المتهم إلى المحكمة ما كنّا سنصل إلى فاجعة اغتصاب 12 طفلا، وهو الرقم الذي قدمته الشرطة، بينما العدد أكبر بكثير”.

ودعا المتحدث ذاته الشرطة القضائية إلى إحالة كل الشكايات التي ترد عليها من طرف ضحايا الاعتداءات الجنسية على النيابة العامة، وعدم المبادرة بإقامة أي صلح بين الضحايا والمعتدين. كما دعا القضاة الذين ينظرون في هذه الملفات إلى إنزال عقوبات ملائمة لجرائم اغتصاب القاصرين.

وقال آيت بالعربي إن من غير المقبول أن تصدر محكمة عقوبة ملائمة لجريمة اغتصاب قاصر في مدينة معينة، وفي مدينة أخرى تصدر المحكمة حكما مخففا في قضية بنفس الحيثيات والوقائع. وأشار في هذا الإطار إلى حُكم صدر عن محكمة الاستئناف بأكادير في قضية تتعلق باغتصاب نتج عنه حمل تورط فيها “مقدم”، مضيفا أن العقوبة المحكوم بها على المتهم لم تتجاوز عاما موقوف التنفيذ، في حين أن قضايا مثل هذه تصدر في حق المتورطين فيها عقوبات أقسى في محاكم بمدن أخرى.

وأضاف “هذا التساهل مع مقترفي الاعتداءات الجنسية على القاصرين يشجع على استفحال هذا النوع من الجرائم، ويشكل وجها من أوجه الإفلات من العقاب”، داعيا القضاة والشرطة القضائية إلى “التعامل بجدّية مطلقة مع ملفات ضحايا الاعتداءات الجنسية، بُغية الوصول إلى إدانة المتهم عوض الحكم ببراءته”.

وبخصوص الحماية القانونية لضحايا الاعتداءات الجنسية على القاصرين، قال آيت بالعربي إن المنظومة القانونية المغربية “لا تضمن الحماية لضحايا هذا النوع من الجرائم، رغم مصادقة المغرب على الاتفاقية الأممية لحقوق الطفل، والبروتوكولين المتعلقين بها”، مضيفا “لا نجد في المنظومة الجنائية والقانونية الوطنية أثرا لهذه الاتفاقية”.

غياب الإرادة السياسية

من جهته، انتقد عمر أربيب، رئيس فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بمراكش، عدم توفير ما يكفي من العناية لضحايا العنف الجنسي، مشيرا إلى أن خلايا الاستماع إلى ضحايا العنف ضد النساء في المستشفيات ينحصر دورها فقط الاستماع إلى الضحايا، وأنها لا تتوفر على ذوي الاختصاص من أطباء نفسانيين لمواكبة الضحايا.

وعزا المتحدث ذاته عدم توفير أطر متخصصة للاستماع إلى الضحايا إلى “غياب الإرادة السياسية”، مشيرا إلى أن فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان في مراكش يتعامل مع طبيبين أخصائيين لمواكبة ضحايا العنف الجنسي، يشتغلان مع الفرع بشكل تطوعي، علما أن إرجاع الوضعية النفسية لضحية الاعتداء الجنسي، يوضح المتحدث ذاته، يتطلب سنتين على الأقل من العلاج والمواكبة.

وفي هذا الإطار أوضحت أمينة بركاش، الأخصائية النفسية، أن نفسية الأطفال ضحايا الاعتداءات الجنسية تنهار، إذ يفقدون الثقة في الراشدين وفي المجتمع، مشيرة إلى أن ما يفاقم وضعيتهم النفسية هو أنهم لا يجدون جهة تحميهم، “فحين يذهب الطفل ضحية الاعتداء الجنسي إلى المدرسة وهو في حالة نفسية سيئة، يتم تعنيفه، مما يسبب له حرمانا من كل ما هو إنساني”، تضيف بركاش، مشيرة إلى واحد من أنواع العنف الجنسي الذي ما زال يشكل “طابوها” في المجتمع المغربي، وهو زنا المحارم. وأوضحت أن هذا النوع من العنف الجنسي “يجعل الضحية يشعر برعب لا ينتهي، لأنه يعيش ويرى يوميا الشخص الذي مارس أو يمارس عليه هذا العنف، الذي تحاول الأسرة إخفاءه وإن كانت على علم به، وهو ما يدفع الضحية إلى العزلة والاكتئاب، أو يقع في شراك الدعارة”.

‫تعليقات الزوار

8
  • سلام الصويري
    الجمعة 23 نونبر 2018 - 23:11

    في هذا البلد جراءم الاغتصاب والعنف والغش والتزوير من اصحاب السوابق ونهب الاموال العامة والفساد الكبير من ذوي أهل النفوذ ورموز القوة السياسية والسلطوية من لوبي الفساد لا تصدر في حقهم عقوبات صارمة ورادعة مما شجع كل هذه الافعال الاجرامية وساعد على تفشيها بشكل رهيب .

  • اشباه المناضلين
    الجمعة 23 نونبر 2018 - 23:23

    و بماذا سيفيدنا الانتقاد يجب على هذه الهيئات ان تناضل من اجل اجراج قانون اعدام كل مغتصب كيفما كان حاله و لا تأخدهم به رأفة فجل المغاربة اما اغتصبوا او تعرضوا لمحاولات الاغتصاب اما من دوي القربى او من الجيران او من الشارع او داخل المؤسسات التعليمية اللائحة طويلة و لا يمكن جرد كل الحيوانات و المجالات التي تنتمي لها هذه المخلوقات التي تساهم في تخريب و تكسير نفسية ابنائنا في عفلة منا لقد حان الوقت لتنقية المجتمع من هؤلاء الاوباش و هؤلاء الذئاب البشرية باصدار قانون الاعدام و كفانا تساهلا معهم و ايجاد تبريرات لفعلاتهم

  • مواطن
    الجمعة 23 نونبر 2018 - 23:35

    حسبنا الله فيكم يا جمعيات الغي والضلال معرفنا منين نشدكوم مرة لا للاعدام لا الاعمال الشاقة لا للحبس الانفرادي لا لتطبيق الشرع الله ياخد فيكم الحق،فانتم راس الفتنة فى هذا البلد الامن حسبنا اله ونعم الوكيل فيكم

  • karim
    السبت 24 نونبر 2018 - 07:18

    et qoui de ceux qui ont violer lla richesse de maroc ?

  • متتبع
    السبت 24 نونبر 2018 - 09:45

    تجد في الغرب ما يسمى "خلية التفكير".think-tank.تعمل في خفاء ولا تعرفها الا من خلال مقالاتها الاكاديمية ولها تاثير كبير على الا ختيارات جيوسياسية والمستقبلية في البلد وفي خارجه.واغلب اعضاءها اهل علم واكادميون واصحاب حكمة وروية.وهدفه الاسمى الدفاع عن مصالح وطنه ووحدته.عكس مانراه في وطننا الحبيب كل من ليس له شغل قار يجمع نفر(9 فاقل)ليكون جمعية ليقتات منها.موهما انه يدافع عن مصالح الناس.بكثرة الاحتجاج والوقوف امام البرلمان الذي اصبح حاءط مبكى لكل من هب ودب.والشيء الذي يوحد كل هؤلاء هو مشاكسة ومعاكسة الدولة.ولله المشتكى

  • عجيب
    السبت 24 نونبر 2018 - 09:52

    هل لاحظتم علم أو شعار المثلية الجنسية فوق الطاولة……عقوبات اغتصاب الأطفال لا تحتاج ال كثير من الكلام بل إلى ساعة زمن من المشرع لصياغتها وساعة من البرلمان للمصادقة عليها ويوم لتدخل حيز التطبيق….المشكلة اكبر من ذلك هو أن المسؤولون منشغلون عن هموم المجتمع بأشياء أخرى وليذهب رجل المستقبل إلى الجحيم….

  • محامي
    السبت 24 نونبر 2018 - 10:31

    شكرا للجمعية المغربية لحقوق الانسان جمعية قوية وله اعضاء جد رائعون كالاستاد عمر اربيب والاستاد الجامعي ابو غازي والكتير …..
    دامت الجمعية قوية ووفية لهموم الشعب المغربي

  • واحد من الناس
    السبت 24 نونبر 2018 - 10:56

    الدكتورة بركاش طبيبة نفسية مشهورة ومقتدر في مدينة تطوان وهي كانت قد درست في سويسرا وقد سمعت أنها تعرضت لحادثة قطار عندما كانت طالبة هنالك , حيث تم تغريمها بسبب أنها فقدت ساقها , ورغم ذلك فهي نشيطة جدا وتسافر وتشارك الندوات , وهي تعتمد على التحليل النفسي وطريقتها فعالة جدا في العلاج النفسي حيث يشعر المتعالج أنه ليس في حاجة لتكرار الحصص , مجرد قرائة الفقرة الأخيرة من التقرير ستجد ما قالته بركاش حين تدافع عن القاصر ضحية الإعتداء الجنسي وهي قد أحست به حيث لا أحد إكترث له بكل معنى الإنسانية , فقط الناس تكتفي برغبة الإنتقام من الجاني والنظر للضحية بالأعين من كل الجوانب وكأنه جاء من كوكب آخر مما يزيد من إستفحال حالته المنهارة

صوت وصورة
أجانب يتابعون التراويح بمراكش
الخميس 28 مارس 2024 - 00:30 3

أجانب يتابعون التراويح بمراكش

صوت وصورة
خارجون عن القانون | الفقر والقتل
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:30

خارجون عن القانون | الفقر والقتل

صوت وصورة
مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:00

مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية

صوت وصورة
ريمونتادا | رضى بنيس
الأربعاء 27 مارس 2024 - 22:45 1

ريمونتادا | رضى بنيس

صوت وصورة
الحومة | بشرى أهريش
الأربعاء 27 مارس 2024 - 21:30

الحومة | بشرى أهريش

صوت وصورة
احتجاج أساتذة موقوفين
الأربعاء 27 مارس 2024 - 20:30 5

احتجاج أساتذة موقوفين