جعلَ الأستاذ بجامعة شيكاغو، روجر مايرسون، تحقيق الديمقراطية رهينًا بتكريس التعددية الحزبية والتوزيع الجيد للسلط بين السلطات المركزية والمحلية. ذاهبًا إلَى أنَّ الترجمة الناجعة للمبدأين في الممارسة السياسية على المُستوى المحلي، من شأنها أنْ تكرسَ مبادئ المحاسبة والحكامة والشفافية باعتبارها أسس البناء الديمقراطي السليم.
الباحث الحائز على جائزة نوبل في الاقتصاد، أوضحَ يوم الأربعاء بالرباط، أن التجربة التاريخية أثبتت في كثير من الحالات أن ترسيخ الديمقراطية في المجتمعات الغربية مر عبر منح الجماعات المحلية سلطات أوسع، داعيا مختلف الأطراف والمنظمات الدولية إلى دعم الديمقراطيات الناشئة في انتهاج هذا المسار الذي أثبت فعاليته في القطع مع الاستبداد السياسي.
على صعيدٍ آخر، تطرقَ مايرسُون إلى النقص الحاصل في البحث الأكاديمي المعني برصد وتقييم التجارب الديمقراطية على المستوى اللامركزي، حاثا منظمة المدن المتحدة والحكومات المحلية والمنظمات الأخرى المماثلة إلى تشجيع البحث العلمي في هذا المجال لأهميته في توفير إطار نظري وعملي يسهم في إنجاح هذه التجارب.
من جانبه، قال رئيس منظمة المدن المتحدة والحكومات المحلية فرع إفريقيا، وعمدة مدينة دكار، خليفة أبو بكر سال، إن “القارة الإفريقية في حاجة إلى تبني أساليب جديدة في التدبير والحكامة تتماشى مع الواقع السياسي والاجتماعي والثقافي الإفريقي”.
في النطاق ذاته، شدد أبو بكر على ضرورة جعل “الجماعات الترابية قاطرات للتنمية، وخلق إطارات استثمارية مبتكرة وناجعة، تتجاوز الشراكات التقليدية واتفاقات التوأمة، فضلا عن دعم المبادرة الحرة والانفتاح على التجارب الدولية في مجال تدبير الشأن المحلي”. كما حث على منح “السلطات المحلية في القارة صلاحيات أوسع وتعزيز استقلالها المادي والمعنوي وصلاحياتها التعاقدية مع الأطراف الخارجية”.
أمَّا عمدة مدينة برشلونة، تشافي ترياس، فربطَ تعزيز مصداقية السلطات المحلية وكسب ثقة الناخبين، بِملامسة احتياجات الساكنة عن قرب، ومواكبتها سيما في ظل الأوضاع الصعبة التي فرضتها الأزمة الاقتصادية العالمية.
ترياس سار أيضًا إلى القول إنَّ مدينة برشلونة نجحت في تحقيق قدر كبير من التعايش والانسجام بين أفرادها، وتمكنت من استيعاب موجات الهجرة المكثفة التي توالت عليها في العقدين الأخيرين.
في غضون ذلك، رأى أندريس بيبالغس، المفوض الأوروبي للتنمية، أنَّ السلطات المحلية تتمتع بسلطات “إيجابية”، بيد أنها لا تزالُ تعاني من مشكلين جوهريين يتجسدان في عدم كفاية الموارد، وعدم استدامتها، موضحًا أن الاتحاد الأوروبي قام بعدة مبادرات لدعم التجربة اللامركزية في الديمقراطيات الناشئة.
حريٌّ بالذكر، أنَّ قمة الرباط المنظمة تحت شعار “تصور المجتمع..بناء الديمقراطية”، التي يشاركُ فيها ضيوف من أزيد من 120 دولة عبر العالم، تناقش محاور ذات صلة بإسهام المجالس المحليَّة إلى جانب حكومات المركز فِي التدبير تحسين جودة حياة المواطنين.
