رسالة مفتوحة الى عبد الحميد أمين

رسالة مفتوحة الى عبد الحميد أمين
الإثنين 9 أبريل 2012 - 13:47

الرفيق أمين:

لقد اخترت أن أناقش معك بعض القضايا النقابية، وخاصة التطورات الأخيرة داخل الاتحاد المغربي للشغل، من خلال هذه الرسالة المفتوحة لسببين اثنين:

– السبب الأول: إني متأكد أنك مقتنع أن مواقفي/كتاباتي حول الاتحاد المغربي للشغل سواء الآن أو قبل الآن غير محكومة بخلفية “التشفي” أو الطعن من الخلف. وأسجل بالمناسبة تضامني معك ومع باقي ضحايا البيروقراطية؛

– السبب الثاني: اقتناعي بجدوى إشراك كافة المناضلين في متابعة النقاش، خاصة وما لذلك من أثر إيجابي على مستوى التصدي للبيروقراطية أينما وجدت.

لماذا أنت بالضبط؟

إنه لا يخفى الدور المحوري الذي تقوم به على مستويات متعددة، ومنها بالخصوص النقابية والسياسية. وإذ أخاطبك أنت، فإني أخاطب عقلا حاضرا وراء العديد من المبادرات ومبدعا لها، بل عقلا منظما ومؤطرا لتوجه سياسي ونقابي، من حق الجميع (أقصد الجميع المناضل) مناقشته و انتقاده و”مساءلته”.

الرفيق أمين:

إن التوافق (compromis) الذي يمكن احترامه، كان نقابيا أو سياسيا، هو التوافق بين طرفين أو أطراف مناضلة. وأي توافق مع أطراف غير مناضلة (أقصد البيروقراطية) لن يكون إلا مجازفة معروفة النتائج قبلا، خاصة إذا كان هذا التوافق من موقع ضعف. وهي حالة المؤتمر الأخير للاتحاد المغربي للشغل. فمهما تكن المكتسبات التي قد تبدو نتاجا لتوافق مع أطراف غير مناضلة، يمكن الإجهاز عليها، خاصة إذا كانت غير محصنة نضاليا. فالأطراف غير المناضلة تعي بدورها رهانات الصراع والحسابات القائمة. ولا يمكن أن تحول “القوانين” أو “الضوابط” أو حتى “التزاماتها” دون تحقيق أهدافها الانتهازية..

والخطير في التوافق مع الأطراف غير المناضلة، وفي ظل أية شروط، هو “تبييض” جرائمها ومنحها فرص استجماع قوتها وتنظيم نفسها.. وقد يفقد، أي التوافق، الفضح المتأخر لتجاوزاتها مصداقيته. مما يستدعي تقديم النقد الذاتي وبروح نضالية عالية.

الرفيق أمين:

إن مصلحة النقابيين والطبقة العاملة بالخصوص، وفي أي قطاع، ليست في قيادة النقابة أو في تقاسم قيادتها. إن مصلحتهم في التنظيم وفي تسييد توجه عمالي كفاحي داخل النقابة قادر على انتزاع المكتسبات وصيانتها (حتى داخل نقابة رجعية)، في ارتباط طبعا مع الهيئات السياسية المناضلة، أو في ارتباط في الحالات المتقدمة مع الحزب البروليتاري.

وخدمة هذه المصلحة لا تترك مجالا للتوافق. بل العكس، أي الصراع المتواصل. مما يعني الاستعداد والتعبئة لمواجهة البيروقراطية دائما وأبدا.

لقد كنتم تناضلون داخل الاتحاد المغربي للشغل ومن خارج قيادته (القيادة الحديدية للزعيم التاريخي المحجوب بن الصديق)، أي الأمانة الوطنية، فهل حال ذلك دون ارتباطكم بالعمال والقواعد النقابية؟ أذكر كم عاكسنا البيروقراطية وبلطجيتها إبان مناسبات فاتح ماي، ماذا عن هذه المناسبة هذه السنة؟

الرفيق أمين:

إنه ليس في البيروقراطية “أملس”. وأي رهان على البيروقراطي “زيد” أو البيروقراطي “عمرو” من شأنه التشويش على التوجه النقابي المكافح وخلط الأوراق، وبالتالي تكريس منطق التوافق الذي يخدم البيروقراطية.

ولأن البيروقراطية موجهة ومدعومة من طرف النظام، فلا يمكن إلا أن تساير هذا الأخير في مشاريعه الطبقية التصفوية وأن تعزز موقعه في الصراع الطبقي..

وأي توافق/تواطؤ مستقبلي مع البيروقراطية سيطعن من الخلف “التوجه النقابي الديمقراطي” رغم أنه سيفضح أوهام الاقتصار على المواجهة النقابية للبيروقراطية، بل سيطعن الطبقة العاملة في ظهرها وأيضا في صدرها، وسيمنح للبيروقراطية سلطة الوصاية المطلقة على النقابة وتبرئة الذمة بشأن الجرائم المالية التي زكمت رائحتها الأنوف داخل الاتحاد المغربي للشغل وبشأن أشكال الامتثال للتعليمات، في علاقة ذلك بالمعارك العمالية (تكسير الإضرابات ورفع وتوقيف الاعتصامات…) أو بالحوارات الماراطونية المغشوشة، آخرها حوار 26 أبريل 2011…

الرفيق أمين:

إن مواجهة البيروقراطية لا يعني فقط أو بالضرورة التصدي لهذه الأخيرة رأسا أو تشخيصها (ربطها بالأشخاص) أو معاكستها داخل هذه النقابة أو تلك. إن المطلوب الى جانب الحضور النضالي داخل النقابة، العمل أيضا داخل الساحة السياسية وتقوية الذات السياسية المناضلة. لأن المعركة في آخر المطاف معركة سياسية. علما أن هزم البيروقراطية، أينما وجدت، رهين بهزم النظام…

الرفيق أمين:

كتبتم “إننا نأمل أن تتصرف الحكومة برزانة وحكمة في التعاطي مع الأزمة الحالية، والتي ما زلنا نناضل من أجل تجاوزها على أسس سليمة” (رسالتكم الى رئيس الحكومة والى السيدة والسادة الوزراء حسب تعبيركم)، وتقصدون “التزام الحياد بشأن النزاع الحالي داخل الاتحاد المغربي للشغل”. هل تعتقدون أن الحكومة الحالية تتوفر على “غرام” واحد من “الرزانة والحكمة”؟ هل تنتظرون “حياد” الحكومة الحالية؟ ماذا تقصدون ب”الأسس السليمة لتجاوز الأزمة الحالية”؟ هل يعني ذلك “التوافق” مرة أخرى؟

إن الحكومة الحالية لن “تتصرف برزانة وحكمة” (فاقد الشيء لا يعطيه). ولن يحرجها ذلك داخل المغرب أو خارجه. كما لم يحرجها القمع المتواصل والمفضوح لنضالات الجماهير الشعبية والتردي الفظيع للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والأعداد الكبيرة للمعتقلين السياسيين والمضربين عن الطعام منهم…

إنها فرصة الحكومة، فرصة النظام، لتصفية حساباته وللتشفي أيضا…

إنهم يستهدفون حركة 20 فبراير (الآن) بشكل خاص والفعل النضالي (السياسي والنقابي) بشكل عام. فقد يعانقون الشيطان من أجل ذلك. ألم يعانقوا جماعة “العدل والإحسان”؟

الرفيق أمين:

أتمنى ألا ترميني بتهمة “عدم الفهم في النقابة” أو “صاحب الكلام الفارغ والممارسات الهدامة”. وأتمنى بالمقابل أن تتفاعل مع الأفكار المطروحة، وخاصة الانتقادات الموجهة إليك.
ملاحظة 1: من “إيجابيات” أو ربما “سلبيات” هذه الرسالة تنبيه البيروقراطية الى وجود من يسعى من مواقع سياسية وإيديولوجية أخرى الى فضح البيروقراطية ومحاربتها وليس فقط أمين وغامري والإدريسي والفناتسة وأديب..

ملاحظة 2: التصدي السياسي للبيروقراطية يفرض استحضار كافة أعشاشها/أوكارها. فقد تختلف ألوانها، لكن طعمها واحد، طعما مرا..

‫تعليقات الزوار

7
  • يونس
    الإثنين 9 أبريل 2012 - 14:46

    مع كامل التضامن مع الاستاذ أمين ورفاقه المناضلين,

  • حسن
    الإثنين 9 أبريل 2012 - 15:42

    لقد أعجبني تحليلك للتوافق بين الديمقراطيين و البيروقراطيين لكني أجد قولك :
    " إنهم يستهدفون حركة 20 فبراير (الآن) بشكل خاص والفعل النضالي (السياسي والنقابي) بشكل عام. فقد يعانقون الشيطان من أجل ذلك. ألم يعانقوا جماعة "العدل والإحسان"؟ "
    فيه من المبالغات ما يكذبه الواقع، إذا افترضنا أن "العناق" حصل فعلاً بين الجماعة و النظام (وأظنك تشير إلى الانسحاب من 20 فبراير) فما دليلك أو لنقل ما المقابل الذي جنته الجماعة من هذا العناق الذي تدعيه …
    بالعكس، فالجماعة كانت و ما تزال (خصوصاً بعد 25/مارس) رقما يستعصي على النظام وأملاً كبيرً لهذا الشعب المقهور

  • تامر
    الإثنين 9 أبريل 2012 - 16:01

    السيد امين و كل مناضل تفهم رسالتك حتما لانها صيغت بعبقرية و بدرجة حسن

    جدا

    شكرا السيد حسن احراث

  • SAAD
    الثلاثاء 10 أبريل 2012 - 02:08

    الرفيق أمين:
    أتمنى ألا ترميني بتهمة "عدم الفهم في النقابة" أو "صاحب الكلام الفارغ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟.
    وأتمنى بالمقابل أن تتفاعل مع الأفكار المطروحة،؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
    وخاصة الانتقادات الموجهة إليك؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
    هل تعتقدون أن الحكومة الحالية تتوفر على "غرام" واحد من "الرزانة والحكمة"؟؟؟؟؟؟
    إنهم يستهدفون حركة 20 فبراير (الآن)؟؟؟ بشكل خاص والفعل النضالي (السياسي والنقابي) بشكل عام. من؟؟؟؟؟؟؟؟ فقد يعانقون الشيطان من أجل ذلك. ألم يعانقوا جماعة "العدل والإحسان"؟ من؟؟؟؟؟؟
    الرفيق أمين
    وأتمنى بالمقابل أن تتفاعل مع الأفكار المطروحة،؟؟؟؟؟؟
    وأين هي هذه الأفكار؟؟؟؟ اللهم علمنا

  • Jaouad
    الثلاثاء 10 أبريل 2012 - 18:00

    السلامة ياربي. الحمد لله الذي عافانا. لا يبدأ كلامه بالسلام عليكم ولا حتى كتحية يستخدمها المغاربة وإن لم يكونو متدينين. هذا إن دل على شيء فإنما يدل على حقد الشيوعيين الدفين للإسلام والمسلمين رغم أن الإسلام خيره عْلِيهُمْ وعلى ولادهم والحمد لله. بقاو ملاهيين في النقابات وفالتطاول على المقدسات حتى تجي الموت على غفلة وتلقاوا رصيدكم فارغ عند الله.

  • mohamed boulaich
    الأربعاء 11 أبريل 2012 - 12:13

    رسالة واضحة وصريحة رفيقي حسن أتفق مع مجمل ما ورد فيها … ولكني أتساءل : لماذا سكت على كل هذا لمدة سنوات طوال وأنت تعاين ذاك الحلف غير المقدس بين قادة النهج والقيادة البيروقراطية ، وذاك الصمت المريب على الأخطاء التنظيمية (عدم عقد مؤتمر الجامعة الوطنية للتعليم منذ 17 عاما مثلا) والسياسية (التواطؤ مع الباطرونا ) ما دامت البيروقراطية تطلق اليد في بعض المناطق كالرباط !! أتمنى أن تكون بخير .

  • hisham77
    الأربعاء 11 أبريل 2012 - 12:34

    روسيا معقل الشيوعية والاشتراكية تعتبر من بين افقر دول أوروبا، رغم عراقتها وتاريخها وقوتها العسكرية ( المترهلة)…. روسيا طلقت كل ماله علاقة بالاشتراكية والشيوعية، حتى الصين نجحت لأنها طبقت نظاما اشتراكيا ( مغموسا بالليبرالية واقتصاد السوق)… ورغم هذا شعبها مطحون بالفقر….
    ألم يتعلم هؤلاء الشيوعيون أن زمن الستينات والسبعينات قد ولى إلى غير رجعة!!!!
    بربكم اذكروا لي دولة واحدة في هذا العالم نجحت في تحقيق هذا الحلم الاشتراكي للطبقة العاملة !!!!!!!!!!!! بل إن التاريخ يسجل أن أكبر الاقطاعيين الذين راكموا الثروات هم من صموا آذان الناس بأنهم ( حماة) المال العام والمدافعين عن حقوق العمال….
    في المغرب من الرفاق اليوم من بات يسيطر على أراض شاسعة دون وجه حق ويريد المزيد والمزيد، حتى أن أحد هولاء الرفاق يسمى اليوم عبدالواحد الاراضي لكثرة امتلكاه لأراضي الدولة….. بالله عليكم أي رفاق وأي نضال وأي ضحك على ذقون الشعب…..
    المسألة عبارة عن رفاق اغتنوا من تجارة " النضال" وآخرون فاتهم القطار فيريدون اللحاق به….. ( أليس العماري من كبار مناضلي اليسار الماركسي اللينيني !!!!!!

صوت وصورة
أجانب يتابعون التراويح بمراكش
الخميس 28 مارس 2024 - 00:30 1

أجانب يتابعون التراويح بمراكش

صوت وصورة
خارجون عن القانون | الفقر والقتل
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:30

خارجون عن القانون | الفقر والقتل

صوت وصورة
مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:00

مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية

صوت وصورة
ريمونتادا | رضى بنيس
الأربعاء 27 مارس 2024 - 22:45 1

ريمونتادا | رضى بنيس

صوت وصورة
الحومة | بشرى أهريش
الأربعاء 27 مارس 2024 - 21:30

الحومة | بشرى أهريش

صوت وصورة
احتجاج أساتذة موقوفين
الأربعاء 27 مارس 2024 - 20:30 5

احتجاج أساتذة موقوفين