رواية "المتشرد" ـ24ـ استعادة الكتاب أخيرا والتخطيط للعودة إلى طنجة"

رواية "المتشرد" ـ24ـ استعادة الكتاب أخيرا والتخطيط للعودة إلى طنجة"
الإثنين 18 ماي 2020 - 17:30

بعد حوالي نصف ساعة كان الخبر قد انتشر على مواقع لندن الإخبارية الإلكترونية. آلفي واحد من أكبر النصابين وقد قبض عليه مؤخرا لأنه باع لوحة مزورة لشخص ما. ننظر أنا وشروق إلى بعضنا البعض غير مصدّقين. لقد نجونا من أسئلة كثيرة لأننا نفذنا بجلدنا قبل القبض على آلفي بدقائق. من الواضح أنهم كانوا يتربصون به أو أن إخبارية أعلمتهم بمكان وجوده، ونحن كنا معه لحظتها بالصدفة. في كلّ الأحوال كان الحظ إلى جانبنا فنجونا، وعلينا استثمار هذا إلى أقصى حدّ.

أطل من نافذة الغرفة فلا أجد أمامي سوى الضباب. هو واحد من مساءات لندن التي إذا أخرجت يدك فيها لم تكد تراها. الضباب هو سلطان المكان.

قلت لشروق أن أفضل وقت لاستعادة الكتاب هو الآن، أو يضيع منا إلى الأبد، لأن الشرطة بالتأكيد ستأتي وستقلب بيت آلفي رأسا على عقب، وغالبا ستحجز على كل شيء لإجراء بحوثها.. أم تراها فعلا قد طوقت المكان؟

لا حلّ أمامي سوى اختبار ذلك بنفسي. تتمنى لي شروق التوفيق وفي ملامحها كثيرُ تردّد. أغطي وجهي بقناع بدائي صنعته للتوّ من أحد جواربي وأنا بالكاد أرى ما أمامي. هذا الضباب سيكون نعمة أو نقمة عليّ.

نصحتني شروق أن أقصد ظهر المنزل لأن نمط المنازل الغربية في الغالب يتميز بوجود باب مطبخ في الخلف.

أقفز على السور القصير فلا أسمع أو أرى شيئا. يبدو أن التحقيق هو أول خطوة قبل أن تنتقل الشرطة إلى المنزل، خاصة – كما قالت شروق – أن مسألة تطويق أو تفتيش منازل المتهمين تأخذ وقتا طويلا لديهم كي يحصلوا على إذن بذلك.

فعلا، هاهو باب المطبخ الزجاجي أمامي. أأكسره أم أحاول فتحه؟ الآن جاء الدور على عماد ابن الشارع ليمارس واحدة من مهاراته التي كاد ينساها. أدسّ دبوسا في مكان المفتاح وأعالج الباب بهدوء فأسمع صوت التكّة المريحة. لقد انفتح الباب.

أدخل بكل هدوء وحرص وأنا أتلمس المكان محاولا أن أخترق حُجُب الظلام بعيني المجردتين لكن هيهات. أستعين بمصباح هاتفي الصغير، فأجدني أخيرا أمام غرفة الجلوس حيث احتجزني ألفي. على ضوء الهاتف الشاحب أرى، أخيرا، كتابنا هناك.

ألتقط أنفاسي وأنا أنظر إليه وكأنه حبيب فارقني منذ سنوات. بكل حب وعناية أحمله وأضعه تحت سترتي ثم أخرج محاولا ألا أرتكب أي هفوة. أعرف أن الأخطاء لا تقع إلا في اللحظات الأخيرة، حين تعتقد أنك قد اجتزت مرحلة الخطر أو كدت.

أقفل الباب من جديد بالدبوس كي لا يبدو هناك أي آثار اقتحام. إن كان آلفي يستعمل الكاميرات ذات الأشعة تحت الحمراء فستكون قد التقطت كل ما حدث بالطبع. فكرنا في هذا أنا وشروق وقررنا أن نعتمد على أمرين: أولا، أن هويتي لن تكون معروفة لأنني أضع قناعا، وبالتالي عملية البحث لن تكون بتلك السهولة والسرعة. ثانيا، آلفي الآن محتجز، وغالبا هاتفه ضمن المحجوزات ولن يسلم له بتلك السهولة من طرف الشرطة، وبالتالي لن يستطيع مراقبة بيته عن بعد كما كان يفعل.

آخر الاحتياطات التي اتخذناها أنا وشروق هي أن تسافر هي لوحدها أولا، ثم أتبعها أنا. فلو قام آلفي بالإبلاغ عني، فسيكون البحث جاريا عن رجل ولن يشكوا في فتاة تحمل معها مجموعة كتب قديمة، خاصة أننا اشترينا مجموعة كتب ووضعنا الكتاب بينها وكأنها مجموعة مختارة !

لم يكن قرارا سهلا وجابهته شروق بكثير من الاعتراض والدموع، لكن ليس بيدنا حيلة. إما أن تنجو هي والكتاب، أو يقبض علينا جميعا ونفقد كل شيء في لحظة واحدة.

قطعنا التذكرتين. اشترينا الكتب. وجلسنا ننتظر..

منزل آلفي، كما يبدو من نافذة غرفتي، لازال على حاله يلفّه الصمت..

الكتاب في حقيبة سفر شروق، وهي تلهج بالدعاء..

تغادر شروق نحو المطار لوحدها لمزيد من الاحتياط وأبقى أنا مترقبا، قلقا..

تصلني منها رنة هاتف معناها أن قد دخلت الطائرة وأنها قد بدأت تتحرك فعلا كي تُقلع..

هاهو هاجس أول قد تخلصنا منه.. شروق والكتاب بأمان..

والآن دوري.. كيف ستمرّ الساعات القادمة عليّ يا ترى؟!

رواية “المتشرد” ـ23ـ: العثور على سبب معقول للقاء المجرم “آلفي”

‫تعليقات الزوار

5
  • تزارين
    الإثنين 18 ماي 2020 - 18:16

    رواية مشوقة… ننتظر المزيد.. شكرا لكم

  • السعيدي
    الإثنين 18 ماي 2020 - 18:34

    لعب الحظ مع عماد وشروق في إستعادة الكتاب.

  • طارق
    الإثنين 18 ماي 2020 - 18:57

    كان الحظ حليف عماد وشروق في استعادت كنز ثمين كان ضاع منهما لم يبقى على عماد الان إلا ان ينفذ بجلده

  • Ribinhood
    الإثنين 18 ماي 2020 - 20:29

    اضن أن أن كاتب الرواية أسرع قليلا في الأحداث لأنه تبقت 6 أيام في رمضان فأهم حدث في الرواية لم يأخد سوى جزء صغير من السيناريو. على كل حال شكرا لكم رواية شيقة و رمضان مبارك سعيد.

  • حلا
    الإثنين 18 ماي 2020 - 23:05

    سيلحق عماد بشروق في طنجة.ولابد من الاحتفال بالانتصار الكبير استرداد الكتاب بعرس مطرطق لإعلان زواجهما في كل أصقاع المدينة.مادام حصلا على مبلغ مالي كبير من بيع الإعلان مافيها باس يعرض عماد على رفقة الشارع ويبرعهم بشي عشيوة فاعلة تاركة.أو بعد أن ضحكت له الدنيا لماذا لا يشتري ملجأه السابق بتلك الاموال ويعده لإيواء مشردين ويكون مشرفا عليه فسيكون أحن من عبدالقادر عليهم مدام ذاق من نفس الكأس وعانى من وحشية مدير منافق.ولازلت انتظر انتقامه من رشيد البرلماني مدير الخيرية كيف ياترى سيكون لقاؤهما وجها لوجه.المهم كاين بزاف مايتعاود في هذه الرواية ذات النهاية المفتوحة لكل السيناريوهات.ولكاتبنا العزيز واسع النظر.

صوت وصورة
الأمطار تنعش الفلاحة
الخميس 28 مارس 2024 - 13:12

الأمطار تنعش الفلاحة

صوت وصورة
حاجي ودمج الحضرة بالجاز
الخميس 28 مارس 2024 - 12:03

حاجي ودمج الحضرة بالجاز

صوت وصورة
أجانب يتابعون التراويح بمراكش
الخميس 28 مارس 2024 - 00:30 3

أجانب يتابعون التراويح بمراكش

صوت وصورة
خارجون عن القانون | الفقر والقتل
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:30

خارجون عن القانون | الفقر والقتل

صوت وصورة
مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:00

مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية

صوت وصورة
ريمونتادا | رضى بنيس
الأربعاء 27 مارس 2024 - 22:45 1

ريمونتادا | رضى بنيس