شغف الوزير أمزازي بالامتحانات!

شغف الوزير أمزازي بالامتحانات!
السبت 10 أبريل 2021 - 01:28

في خضم ما بات يعرفه قطاع التربية والتعليم ببلادنا من احتقان مفزع جراء تعنت الوزارة الوصية وتواصل إضرابات واحتجاجات الأساتذة “المتعاقدين” وغيرهم من الفئات الأخرى، وما ترتب عن ذلك من هدر صارخ للزمن المدرسي وضياع مصلحة غالبية التلاميذ، واستياء عارم في صفوف الأسر المغربية التي يتابع بناتها وأبناؤها دراستهم بمؤسسات التعليم العمومي، خوفا على مستقبلهم الدراسي.

وفي الوقت الذي دخلت فيه على الخط فيدرالية جمعيات أمهات وآباء وأولياء التلاميذ معلنة عن تنديدها الشديد بما آلت إليه الأوضاع من تدهور رهيب، محذرة وزارة التربية الوطنية من مغبة التمادي في صم آذانها وعدم فتح باب الحوار مع الفئات المتضررة وعلى رأسها الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد، ومطالبة بإلغاء الامتحانات الإشهادية بالنسبة لتلاميذ مستوى السادس ابتدائي والثالث إعدادي، لعدم توفر مبدأ الإنصاف وتكافؤ الفرص بين التعليم العمومي والتعليم الخصوصي، الذي يستفيد تلامذته من تعليم حضوري مائة في المائة، وبعيدا عن أي اضطراب في سير الدراسة.

وبينما كانت الكثير من القوى الحية والديمقراطية تتابع ببالغ الاهتمام الحركة الاحتجاجية التي تخوضها حشود هائلة من مختلف الفئات العاملة بالقطاع، وتحمل كامل المسؤولية للحكومة عامة ووزارة التربية الوطنية خاصة في تفاقم الوضع التعليمي، يحدوها الأمل الكبير في أن يعجل القائمون على الشأن التربوي بنزع فتيل التوترات القائمة، والانكباب على بحث السبل الكفيلة بإنهاء هذا المسلسل المقلق الذي لم تفتأ أحداثه تتلاحق بشكل لافت، والعودة إلى الدراسة بمؤسسات التعليم العام في أجواء تربوية هادفة، من خلال الجلوس على مائدة الحوار الجاد والمسؤول، لاجتراح أنسب الحلول لجميع النقط الخلافية والخروج سريعا من هذا النفق المظلم، لا سيما أن قطاع التربية والتعليم قطاع استراتيجي، وأنه بدون تأهيله لا يمكن تحقيق التنمية المرجوة ولا رفع التحديات وكسب رهانات حاضر ومستقبل المغرب…

وبينما بلادنا منهمكة في الحملة الوطنية للتلقيح ضد جائحة “كوفيد -19″، الفيروس الذي أربك العالم وفرض قيودا قاسية غير مسبوقة، اضطرت معه وزارة التربية الوطنية إلى اعتماد تعليم بصيغة التناوب، المتمثل في نظام التفويج بين التعليم حضوريا والتعليم عن بعد أو ما أطلق عليه “التعلم الذاتي”، بغرض تأمين استمرارية الدراسة والحفاظ على صحة وسلامة المتعلمات والمتعلمين وأساتذتهم…

وخلافا لما سبق لوزارة أمزازي أن تعهدت به في شخص مدير الموارد البشرية إبان الجلسة المنعقدة يوم الأربعاء 12 فبراير 2020، بينه وبين “التنسيقية الوطنية للأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد” بحضور بعض النقابات التعليمية، والمتعلق بتعليق امتحان التأهيل المهني إلى حين التوافق حول جميع النقط المتخالف بشأنها، وأن يتم ترسيم جميع الأساتذة أطر الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، خارج النظام الأساسي السابق واعتماد نظام أساسي آخر جديد، سيتم الكشف عن معالمه في ما بعد…

وفي ظل إصرار سعيد أمزازي على إجراء الامتحانات الإشهادية في كافة المستويات حتى لو كلفه الأمر تمديد الموسم الدراسي، دون اكتراث بالتفاوتات القائمة في سير الدروس وانعدام التوازن المطلوب في إنجاز البرامج الدراسية بين المتعلمين في التعليم العمومي والخصوصي، وكذلك في الوسط الحضري والقروي، وما ترتب عن اعتماد نمط التعليم بالتناوب من صعوبات على عدة مستويات. أبى إلا أن يعود ثانية إلى صب الزيت على النار، إذ في فصل جديد من التوتر وبناء على قرار وزاري جائر ولا يقل ارتجالا عن سابقيه، وجهت المديريات الإقليمية خلال النصف الثاني من شهر مارس 2021 وفي كنف الأجواء الملتهبة، مذكرة إلى رؤساء المؤسسات التعليمية في شأن تنظيم امتحان التأهيل المهني في شقه العملي، لفائدة الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد أو من تسميهم أطر الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، المتوفرين على الشروط التنظيمية اللازمة.

وهنا لم تتأخر “التنسيقية الوطنية للأساتذة المتعاقدين” في اتهام الوزارة بخرق مخرجات الحوار المفضي إلى إرجاء إجراء امتحان التأهيل المهني إلى ما بعد حل الملف المطلبي في شموليته، رافضة بقوة مناوراتها وما تلجأ إليه من ممارسة الضغط النفسي على الأساتذة، قصد إجبارهم على الامتثال لألاعيبها في إضفاء الشرعية على مخطط الجهنمي حول التشغيل بالأكاديميات. حيث دعت إلى مقاطعة الزيارات الصفية للمفتشين والأساتذة المصاحبين، للحيلولة دون الالتفاف على مطلبهم الأساسي في إسقاط التعاقد والإدماج الفوري في الوظيفة العمومية لجميع الأساتذة وأطر الدعم والملحقين دون قيد أو شرط..

ولم يقف أمر رفض هذا الامتحان عند حد الأساتذة المتعاقدين بل امتد إلى هيئة التفتيش، التي تستنكر بدورها الأزمة التي تعيشها المدرسة المغربية، جراء تخبط الحكومة وعشوائية قراراتها الارتجالية. إذ استغرب مفتشو التعليم بالمغرب في بيان لهم تسارع المصالح الجهوية والإقليمية للوزارة إلى تنظيم امتحان التأهيل المهني رغم عدم استيفاء مجزوءات التكوين وإنجاز البحوث التربوية التدخلية، ويحملون الوزارة مسؤولية التغاضي عن أي خرق لمقتضيات القرار 19-007 بتاريخ 19 فبراير 2013، لا سيما المواد 23 و30 منه…

إننا وأمام هذا الاحتقان الشديد الذي عمر طويلا، لا يسعنا إلا أن ندعو من جديد حكومة سعد الدين العثماني الأمين العام لحزب العدالة والتنمية ومن خلالها وزارة التربية الوطنية إلى ترجيح مصلحة المتعلمات والمتعلمين، والتحلي بالحكمة وروح المواطنة الصادقة في التعجيل بمعالجة هذا الملف المقلق، وتفادي كل ما من شأنه أن يضاعف أشجان وأحزان المغاربة ويزيد الأوضاع ترديا وتوترا.

‫تعليقات الزوار

3
  • كمال
    الأحد 11 أبريل 2021 - 08:06

    بعد كل ما سرده صاحب المقال يدعو في الاخير رئيس الحكومة ،و هل حل الخراب على التعليم الا من بعد وزراء حكومتين في عهد اللاعدالة و لا تنمية.الله ياخذ فيهم الحق

  • Houssa
    الأحد 11 أبريل 2021 - 14:44

    أتحدث كأب لتلاميذ يدرسون. أقول بانه على الوزارة ان تسرع بادماج الأساتذة و الاستاذات، وتحفظ كرامتهم. فالاستاذ لا يهان ومنزلته فوق كل اعتبار، إذ بالعلم ترتفع الأمم والهمم. وانا جد متيقن بان ما يتعرض له الأساتذة من تنكيل لا لشيء سوى لأنهم يحتجون مطالبين بحقوقهم لا يرضاه احد سوى من كانت نفسه مريضة، تضمر الحقد و العداء لكل ما له صلة بتنوير العقول. فهدر الزمن المدرسي تتحملها الوزارة بكل وضوح.

  • Ayoub
    الثلاثاء 11 ماي 2021 - 04:50

    هذه القرارات التي اتخذتها الوزارة على الامتحانات الجهوية ليست صارمة لانني تلميذ يدرس في الثالثة اعدادي و لم اتمكن من الحفظ و نوجد لهد الامتحان و بزاااااف هاد شي

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30 1

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 2

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 3

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 11

تقنين التنقل بالتطبيقات

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02 6

وزير النقل وامتحان السياقة