في الحاجة إلى الاختلاف الخلاق

في الحاجة إلى الاختلاف الخلاق
الإثنين 26 غشت 2019 - 12:56

كثيرا ما نتحدث عن الاختلاف؛ ولكننا لا نمارسه على وجه الحقيقة، لأننا في العمق نخافه، ونهاب نتائجه، لأن الإقرار بحقيقة الاختلاف تعني الاعتراف بالجميع، كل الجميع، وتعني الاستعداد لتقبل النتائج والمخرجات، كل النتائج والمخرجات، النجاح كما الهزيمة، سواء بسواء، فهل يوجد بيننا من يطيقون هذا حقا؟.

الإيمان بالاختلاف يعني فسح المجال واسعا، لبروز وتطوير كل التعبيرات الممكنة، والمريدة، والراغبة في الانخراط والمساهمة بنصيبها في النقاش، وفي بناء الوطن، ومن منظورها الخاص طبعا، والذي سنختلف حوله كما سنتفق طبعا؛ ولكن يبقى الأساس كل الأساس أن الجميع يمتلك فرصة التعبير، والدفاع عن اقتناعاته وآرائه وأطروحته، ويكون الفيصل في النهاية هو القانون، الذي يصنعه الجميع، ويجب أن يصنعه الجميع، باحترام الطرق والمسلكيات، العلمية والديمقراطية، المتفق حولها وعليها.

بهذا المعنى الواسع والعميق للاختلاف، نحن في حاجة إلى الجميع؛ فالوطن وطن الجميع..

نحن في حاجة إلى عودة الوضوح والقوة والوطنية إلى تعبيراتنا التاريخية، التي أصابها ما أصابها من ضمور وارتباك..

كما نحن في حاجة إلى تشجيع مختلف التعبيرات اللاحقة والجديدة على الاجتهاد والإبداع في تقديم البدائل والإعراب عنها، بلا خوف ولا حسابات غير مفهومة.

نحن في حاجة إلى حزب الاستقلال بزخمه الوطني، وسمته المحافظ، وتعادليته التي صاغها مثقفوه ومنظروه الكبار، في أكثر من مجال، في السياسة كما في الاقتصاد وكذا الإبداع، والأسماء في هذا الباب أكثر من أن تروى..

ونحن في حاجة إلى اليسار بأطاريحه المختلفة والتي تروم في عمومها معانقة قضايا المحرومين والدفاع عن المهمشين وذوي الحاجة، والانتصار لحقوق الإنسان من منظور خاص، انطلاقا من بناء نظري يمتاح من التقديرات والقراءات ذات المنحى الماركسي أو الاشتراكي بتنويعاته وتقاطعاته المختلفة، وأيضا الأسماء هنا والنماذج، أكثر من أن تعد وتروى.

وبنفس الدرجة نحن في حاجة إلى الأحزاب التي تقول بالمرجعية الإسلامية، وتؤكد على هذا الاختيار الهوياتي في مواثيقها وأدبياتها.. نحن في حاجة إلى تركيزها على البعد الأخلاقي والديني في قراءة القضايا، وفي مناقشة ومعالجة المشاكل والمعوقات، وفي تقديم البدائل من منظورها..

ونحن في حاجة إلى التيارات الأمازيغية، بمختلف تعبيراتها، لتنبيهنا إلى أهمية الارتباط بأصولنا التاريخية والحضارية، عبر اقتراح قراءة خاصة لمشهدنا الثقافي والسياسي.

نعم، نحتاج إلى كل هؤلاء، وبمختلف تعبيراتهم وألوانهم، بل ونحتاج إلى كل من اختار العمل والتفكير الفردي أو الشخصي، بعيدا عن الهيئات والمنظمات المختلفة، فأرض الوطن واسعة، وتسع الجميع، أفرادا وجماعات، لكن، متى ما آمنا بقيمة الاختلاف الجميل، ودوره الخلاق في إنضاج البدائل والرؤى الناجعة، ومتى ما سلكنا طريق الحوار الجاد والوطني، ومتى ما قبلنا في النهاية بنتائج الاختيار الديمقراطي، الذي ننادي به.

ما أحوجنا إلى الاختلاف الخلاق الذي يقتضي بالضرورة امتلاك قدرات أساسية، القدرة على التفكير الجاد، والقدرة على التعبير الواضح، والقدرة على الاعتراف الجميل بالآخر المخالف، كان من كان، وبأية صورة كان، فما أوسع الوطن، وما أكثر أعطابه وتحدياته.

‫تعليقات الزوار

3
  • الحسن العبد بن محمد الحياني
    الإثنين 26 غشت 2019 - 13:27

    الاختلاف لا يفسد للود قضية،كما يقول المثل،فهو يدل في أصله على السعة والمرونة والرحمة واليسر ومد جسور التواصل مع كل أطياف المجتمع باختلاف مشاربها، ورحم الله القائل : – العداوة ثابتة والصواب يكون -.

  • توفيق الحكيم
    الإثنين 26 غشت 2019 - 14:01

    بلغة الرياضيات : الحزب مجموعة من العناصر التي لها توجهات متقاربة
    المفروض ان تكون هذه التوجهات تتعلق بطريقة تسيير شؤون البلد
    هؤلاء يرون ان التسيير يجب ان يكون على الطريقة الليبرالية
    واولئك يرون انه يجب ان يكون على الطريقة الاشتراكية
    وآخرون يرون انه يجب ان يكون على الطريقة الاسلامية
    والمفروض ان يفوز بالانتخابات حزب واحد او تكتل حزبي واحد
    ليكون التسيير ليبراليا فقط او اشتراكيا فقط او اسلاميا فقط
    والمفروض ان يصوت الناس على الحكومة مباشرة
    يعني يجب ان يقدم الحزب لائحة وزرائه
    وزير كذا : فلان ، وزير كذا : فلان ، الخ
    والمفروض الا يسير الحزب الحكومة بطريقة تخالف مرجعيته
    وان هو فعل ذلك او عمل ضد مصلحة الناخبيين
    يكون بمقدور الشعب اسقاطه (لا البرلمان)
    عدد معين من التوقيعات لتسقط الحكومة

  • توفيق الحكيم
    الإثنين 26 غشت 2019 - 17:59

    ولكن ما نراه هو ان الحزب اداة للحصول على مناصب تعطي المال والجاه
    الانتخابات منظمة بشكل لا يسمع لاي حزب بالنجاح بمفرده
    الشيء الذي يجعل الحكومة دائما عبارة عن خليط من كل التوجهات
    ولا حزب بمقدوره ان يسير بطريقته
    وتتخلى الاحزاب عن مرجعياتها بكل سهولة
    والبرلمان لان اغلبيته من الاحزاب المشكلة للحكومة
    لا يقوم بدور الرقابة
    والمعارضة لانها معارضة في الظاهر فقط
    لا تلجأ لملتمس الرقابة
    والشعب ما عليه الا ان ينتظر الانتخابات المقبلة
    أي ديموقراطية يوم تتبعه لا ديموقراطية 5 سنوات
    هذه اللاديمواطية التي تبدأ مباشرة بعد اعلان النتائج
    حزب لم يحصل الا على عدد قليل من المقاعد
    ومع ذلك يدخل الحكومة
    لو اراد الشعب ان يكون هذا الحزب في الحكومة لمنحه اصواتا اكثر
    حزب ساقط في الانتخابات ويحكم!!!
    والوزراء منهم من لم يشارك حتى في الانتخابات البرلمانية
    بما ان الواقع بعيد كل البعد عما يجب ان يكون
    لو حلت الاحزاب لكان افضل
    ولو حل البرلمان لكان افضل
    وتسير الحكومة بالموظفين الدارسين لكل ما يتعلق بوزاراتهم
    ويتدرج الموظف ويرتقي الى ان يصبح الوزير الى سن التقاعد
    هكذا سيكون هناك استقرار في التسيير
    وستكون هناك كفاءة

صوت وصورة
شراكة "تيبو أفريقيا“ وLG
الجمعة 29 مارس 2024 - 11:43 1

شراكة "تيبو أفريقيا“ وLG

صوت وصورة
احتفاء برابحة الحيمر في طنجة
الجمعة 29 مارس 2024 - 10:03

احتفاء برابحة الحيمر في طنجة

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30 4

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 3

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 4

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 11

تقنين التنقل بالتطبيقات