قُنفُذان ليس فيهِما أمْلس

قُنفُذان ليس فيهِما أمْلس
الإثنين 15 فبراير 2016 - 22:15

الصور التي تناقلتها عدسات الصحافيين وغير الصحافيين في اليومين الأخيرين لعبد الإله بنكيران وإلياس العماري الخَصمين الّلدودين أو هكذا كما يريدان أن يُظهرا نفسيهما للرأي العام، تعني أن الرجلين معاً يعلنان رسميا عن بدأ صفحة جديدة في علاقتهما، حتى ولو خرجا بعد حين بتصريحات “خشبية” تنهل من قواميس الأخلاق والمواطنة تضليلا للناس وتعتيما لحوائج في نفسيهما، إنها صفحة في انتظار سواد المداد الذي يعلنهما قُطبي التحالف الحكومي لما بعد 7 أكتوبر المقبل.

بالطبع لن نكون إلا مع صفاء القلوب وتنقيتها من الأحقاد وإنهاء الخصومات وربط أواصر المحبة (بمناسبة عيد الحب أو بغيرها)، كما لا تسمح لنا أخلاقنا وقيمنا التي جعلتنا نحتفظ بمسافة ضوئية بيننا وبين أحزاب سياسية تُبدل أفكارها حتى لا نقول مبادئها وحلفاءها بمناسبة وبدون مناسبة تماما كما تبدل العاهرة –والاحترام واجب لهذه- زبائنها، إلا أن نشجع كل خطوة في اتجاه تطهير العمل السياسي من النفاق والكذب والحروب الوهمية، لكننا بكل تأكيد نحن ضد أن تستغبينا مثل هذه الكائنات السياسية التي إذا استباحت لنفسها الكذب والنفاق باسم “الدين” تارة وباسم “المواطنة” تارة أخرى كوسائل لقضاء مآربها وهي الوصول إلى المناصب والمكاسب، فهي لن تستطيع بأي حال من الأحوال الضحك على الذقون وإيهام الناس بكون السياسيين ليسوا على عداء وإن كانت بينهم خصومات، وبأن دوام الحال من المحال، أو بأن السياسة هي فن الممكن وما إلى ذلك من حسن القول ولينه !

إن هرولة رئيس الحكومة وقائد حزب العدالة والتنمية عبد الإله بنكيران شخصيا إلى حفل عادي وبسيط تنظمه جهة غير سياسية ولا رسمية، لينضم إلى مائدة بها أحدُ الذين ظل يسرف وقتا طويلا على حساب المصلحة العامة يكيل فيه السب والشتم له، بل ويتهمه بكونه المسؤول الأول عن كل ما تعرضت له وتتعرض له حكومته من “تحكّم” ووضع العصا في عجلتها، لهي رسالة واحدة لمن يهمهم الأمر مفادها أن هذا الذي زعم في الكثير من خطبه المضللة بأنه مستهدف من قبل من يعنيهم “الحزب السري” بل لم يتردد في ذات خطبة من خطبه المدغدغة للعواطف بأنه مهدد من قبل هؤلاء في حياته، هو نفسه الشخص القادر على وضع يده في يد مَن وصفه بـ”السلكوط” و”العفريت” والمستفيد من عائدات “المخدرات” وباقي الأوصاف التي اتضح اليوم أن بنكيران ابتدع في إخراجها طيلة خمس سنوات، قبل أن يبدأ اليوم الكشف عن حقيقتها التي لن تنطلي على أحد بعد اليوم !

ولست أدري هل هو من دهاء الجهة المنظمة للحفل الذي جمع الرجلين الغريمين أو لعله من غريب الصدف أن يتم استدعاء رجلين من طرف موقع إخباري اتخذ من ذكرى 20 فبراير اسما له، في الذكرى الخامسة للموقع ولحراك الربيع المغربي، في الوقت الذي يعرف فيه القاصي والداني موقف الرجلين الرافض لهذا الحراك؛ ففي الوقت الذي كان أَعلن فيه بنكيران مقاطعته وأصدر أوامره لقواعد حزبه بعدم الانجرار وراء 20 فبراير بمبررات واهية كانت بمثابة “مقابل” لما سيأتي من بعد وهو ترأس الحكومة في سابقة هي الأولى من نوعها يحظى بها تيار إسلامي ظل مشكوكا في طويته من قبل الدولة، فإن العماري فضّل هو وكثيرٌ ممن أسسوا حزب الأصالة والمعاصرة الاختفاء عن الأنظار إما خارج البلاد أو خارج المدن الكبرى تفاديا لرؤية سيل الشعارات الغاضبة ضد حزبهم !! ولذلك ليس من الغريب أن تجد الرجلان لا يخوضان في شيء يتعلق بالحراك لا من بعيد ولا من قريب، بل إننا رأينا رئيس الحكومة الذي سلم بحرارة على “زعيم” حزب “البام” وتبادل وإياه القهقهات والقفشات، كيف تمادى في شرح أن حتى للكلاب حظوظا في الحب، وكأن لسان حاله يقول أن علينا أيضا أنا والعماري أن نتحابّ ولا نستمر في الجفاء والتراشق والتنابز بالألقاب !

إن لقاء بنكيران والعماري وجها لوجه وإن كنا نتوقعه ولم نكن قط نستبعد حدوثه من ذي قبل فهو بغض النظر عن كونه يدخل ضمن خانة العلاقات العامة والنفاق الاجتماعي والسياسي المعمول به لدى الشخصيات العامة وكبار الشخصيات، إلا أنه يعكس في العمق قدرة السياسي لدينا نحن المغاربة على تغيير توجهاته 180 درجة في الاتجاه الذي يضمن مصالحه ومصالح زبانيته المغلفة بغلاف النضال المفترى عليه.

وإذا كان الرجلان قد أكدا في كثير من المناسبات أنهما يجيدان اللعب بالكلم وتضليل الخصوم والناس، لاسيما عندما لا يضيرهما امتطاء “المقدّس” في سبيل تحقيق “المدنّس” من متاع المنصب والجاه، وهو ما وقفنا عليه في أكثر من مقال لنا بالنسبة لبنكيران وفي مقال أخير للعماري، فإن ما لم يستطيعا مداراته ولو حرِصا على ذلك هو أنهما مُمثلان يرتديان نفس القناع ويلعبان نفس الدور في مسرحية هزلية رديئة الإخراج لن تغري أحدا بتتبع نهايتها؛ بل إننا نستطيع القول إن العماري ليس إلا الوجه الأملط لبنكيران..

إنه الوجه البشع الذي يشكل خطرا على ثالوث المغاربة المقدس: الله والوطن والملك.

كل عام ونحن بِحُب !

https://www.facebook.com/nourelyazid

[email protected]

‫تعليقات الزوار

4
  • سيمو
    الثلاثاء 16 فبراير 2016 - 09:59

    في الحقيقة هو تشبيه ينطبق تماما على هذين الرجلين وفي الحقيقة هما وجهان لعملة واحدة وهي الانتهازية..وبغض النظر عن توجه هذا الشخص أو ذاك فإن حبهم للمنصب والكرسي يجعلهم يختلقون الروايات والأفلام لقضائ حوائجهم ولا يهمهم لا الدين ولا الوطن ولا الملك وكل ما يهمهم هو الوصول إلى مآربهم الشخصية..أنشرو يا هسبريس وشكرا

  • المسرحية
    الأربعاء 17 فبراير 2016 - 08:36

    مقاعدُ المسرحِ قد تنفعلْ
    قد تتداعى ضجراً
    قد يعتريها المللُ
    لكنها لا تفعلُ
    لأنَّ لحماً ودَمَـاً من فوقِها
    لا يفعلُ
    يا ناسُ هذي فرقةٌ
    يُضربُ فيها المثَـلُ
    غباؤها مُعَقَّـلٌ
    وعقلُها مُعتقلُ
    والصدقُ فيها كَذِبٌ
    والحـقُّ فيها باطِـلُ
    يا ناسُ لا تُصفّقوا
    يا ناسُ لا تُهلّـلوا
    ووفِّروا الحبَّ لمن يستأهلُ
    فهؤلاءِ كالدُّمَى : ما ألَّـفُوا
    ما أخْرَجوا ، ما دقَّـقوا ، ما غَربلوا
    وفي فُصُولِ النَّـصِّ لم يُعَدِّلوا
    لكنّهم ..
    قد وضعوا الديكورَ والطلاءَ
    ثُمَّ مَثَّـلوا !
    وهكذا ظلَّ الستارُ يَعملُ
    يُرْفعُ كلَّ ليلـةٍ عن موعِدٍ
    .. وفوقَ " عُرقوبِ " الصباحِ يُسْـدَلُ
    وكلَّما غَـيَّرَ في حوارِهِ الممثِّلُ
    ماتَ . . وجاءَ البَدَلُ !
    مهزلةٌ مُبْكيةٌ .. لا يحتويها الجَدَلُ
    فالكُلُّ فيها بَطَـلٌ ..
    وليسَ فيها بَطَـلُ !
    عوفيت يا جمهورُ يا مُغَفَّـلُ
    لا ينظف المسرح
    إنْ لم ينظفِ الممثّلُ

  • مواطن
    الأربعاء 17 فبراير 2016 - 09:08

    المشكل ليس في هذان الرجلان المشكلة في الشعب الذي لا يتعظ وأخص بالذكر هؤلاء المناضلين الذين يحملون مثل هذين الرجلين على الأكتاف للتمثيل عليهم..ليس هناك تماسيح إلا هؤلاء هم التماسيح ولو اتهموا غيرهم بذلك بهدف تحقيق أهدافهم

  • Oussar
    الأربعاء 17 فبراير 2016 - 11:26

    العيب على المواطن الذي يجب عليه حسن الاختيار في الانتخابات المقبلة

صوت وصورة
عريضة من أجل نظافة الجديدة
الخميس 18 أبريل 2024 - 12:17 3

عريضة من أجل نظافة الجديدة

صوت وصورة
"ليديك" تثير غضب العمال
الخميس 18 أبريل 2024 - 11:55

"ليديك" تثير غضب العمال

صوت وصورة
المعرض المغاربي للكتاب بوجدة
الخميس 18 أبريل 2024 - 01:29

المعرض المغاربي للكتاب بوجدة

صوت وصورة
بعثة أسترالية تزور مركز "تيبو"
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 21:45

بعثة أسترالية تزور مركز "تيبو"

صوت وصورة
أكاديمية المملكة تنصّب أعضاء جدد
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 18:24

أكاديمية المملكة تنصّب أعضاء جدد

صوت وصورة
احتجاج أرباب محلات لافاج
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 17:32 9

احتجاج أرباب محلات لافاج