لماذا نحاسب الحكومة بشأن حرية الصحافة ...؟

لماذا نحاسب الحكومة بشأن حرية الصحافة ...؟
الخميس 22 ماي 2014 - 13:17

لم يكن قط ملف إقرار الحقوق و الحريات في المغرب شأناً حكومياً ؛ ولم تكن قط للحكومات المتعاقبة -في اعتقادي – اليد الطولى فيه ؛ كانت الحكومات فقط مرافقا وفياً متعاقداًعلى الضراء والضراء ؛ موافقا قبلياً على عدم المطالبة بجني ثمار السراء وموقعا على بياض على كل الشروط الجزائية المتعلقة بالآثار الجانبية للسياسات العامة وتلقي لكمات الشعب وصيحات ألمه وهيجان استنكاره ؛ ومستعداً تلقائياً لتبرير كل الفشل ولخلط أوراق الحقيقة ولنفث الجمل المفيدة فوق سبورة التصريحات بشكل سمج لم يتطور بتطور الوعي والتواصل وإحساس الحرية والمسؤولية اتجاه الذات والمجتمع والوطن ؛ فإذا كان الأمر كذلك ؛ فلماذا ياترى حاسبتنا المعارضات السابقة ؟

ولماذا نحاسب نحن اليوم هذه الحكومة على بنية التضييق على حريات يضمنها العالم والانسان والطبيعة قبل أن يتلوها الديمقراطيون ويحاكيها الدستور المغربي ؛ ولماذا نفثنا في وجهها كل أكوام الأعطاب ؟ولماذا يجب أن تهيئ ذمتها لنكدس عليها كل أوزار السياسات منذ الاستقلال إلى 25 نونبر 2011؛ ولماذا سنسألها عن بطالة الشباب وأرحام نسائنا وحملهن وسعال الأطفال ونموهم وتمدرسهم وحالة الأزقة والشوارع والإنارة ووضع أقدم معطل إلى أحدث مُتخرج ؛ ولماذا سنصوب في اتجاهها استنكارنا حول الأسعار من الملح إلى الإسمنت والأشغال من الشمع إلى القطار الفائق السرعة ؛ ومن سوق الخضر الشعبي إلى أحوال البورصة ؛ ومن تقارير فرق الحي إلى التقارير الدولية ؟؟

سنحاسبها لأن مبدأ التناوب يقوم بالأساس على التعاقد على الواقع انطلاقاً من عداد قبول تحمل المسؤولية وعلى تطوير مؤشراته وتحسين أداء السياسات العمومية القائمة أو رميها وتغييرها بأحسن منها ؛ وبالتالي عندما تتقلد الحكومات المسؤولية تأخذ على عاتقها الوضع كما تسلمته بإرثه اللامع وأسماله المهترئة ؛ وتتبنى راضية مرضية بحكم قواعد اللعبة المتوافق بشأنها كل الأعطاب والمطبات والمعسرات ؛ وتُسهل على نفسها وأغلبيتها مغص الضربات المشروعة باستظهار دروس التداول على السلطة وماتحمله بين ثناياها من قواعد معالجة الواقع بروح المسؤولية اتجاهه واتجاه المواطنين ؛ ولا بأس من مراجعة صبر رؤساء الدول والحكومات في الديمقراطيات الأوروبية والأمريكية وبٓأْسِهِم في تحمل واقع التدبير ووعيهم بمضمون التناوب والتزاماته.

سنحاسب هذه الحكومة على حرية الصحافة ؛ سنعبس في وجه ورديتها حول واقع حرية الصحافة ؛ سنذكرها أن الصحافيين على عهدها أيضاً ضُربوا من لدن قوات الأمن وأنهم طردوا ؛ وأن الحكومة تقترح على الصحفيات التصريح بطول التنورة ولون الفستان ونوع الجوارب ؛ في البطاقة المهنية ؛وأن الصحافة لازالت -كما تركناها -تتوسل المعلومات من الجميع ؛ وأنها تهان من الجميع ؛ وأنها تتضور جوعا للخبر ؛ وأنها تُمتحن مهنيتها فوق عتبات المستشهرين وأنها تحتال لتأخذ المعطيات ؛ وأنها لا تحميها القوانين ولا تغفر أخطاءها الأحداث ؛ وأنها تبيع شرفهاأحياناً لأجل لقمة العيش ؛ وأنها تعرض خدماتها فوق شوارع الخطايا ؛ وأنها تأكل أحياناً من ثدييها وتعيش على كرامتها ؛ وأنها تهجم على أبناء ملتها وتكون سيف التحكم على أعناقهم ؛ وأنها تطغى وتعربد فوق ركح قوتها ؛ وتنشر وجع الناس فوق مسرح الصفحات الأولى ؛ وأنها أيضاً تحمي وتصنع وتناضل وتستشهد وتحترق ؛ وأنها تبني دروعاً حبرية للإصلاح وأنها يجب أن تظل وعد حقٍ تنحني أمامه الحكومات والدول وتولول عليه المعارضة والحركات المدنية والشعب .

سنحاسب هذه الحكومة بشأن حرية الصحافة لأنها بعد دستور قرينة البراءة وشروط المحاكمة العادلة ؛ لم تستجمع شجاعة القطع مع اعتقال الصحفيين وتطويع عقوق قراءاتهم ؛ ولأنها زجت بصحفي داخل غياهب قانون الإرهاب ؛ ودججت جسده بأسلحة وقنابل وألغاماً؛ ولفت رأسه في قناع مرقط وصبغت ملامحه باليأس وقررت على الأثير وفي بلاغين رسميين أنه مسؤول عن فعل إرهابي واعتقلته تسعةً وثلاثين يوماً؛ وأنها أسست سياسياً لمتابعةٍ قضائية.

سنحاسب هذه الحكومة لأنها اعتبرت أن الصحافة يجب أن تكون ذراعها الداعم ؛ وأنها لا يستقيم أن تفتح فمها خارج منصة المديح والدعم والاحتفال ؛ وأنها يجب أن ترفس بالوكالة المعارضة والعفاريت والغاضبين ؛ وأنها يجب أن تُضعف معارضي الحكومة وتُسفه دفوعاتهم بالطمس حيناً وبالتسطيح والتشويه أحياناً أخرى ؛ وأن الصحافة يجب أن تكون حكومية مخلصة أو تُصبح خائنة ومرتشية ومتواطئة ؛ وأنها مثل المعارضة فاسدة وسيئة وحامية للفساد؛ وأنها يجب أن تطيل أظافرها لنهش كل الآخرين ولشد شعر المختلفين والإيقاع بهم في المصائد الصحفية لأجل عيون الحكومة ؛ وأنها يجب أن تخلد إلى النوم حين تخطئ الحكومة ؛ وتزور طبيب الأسنان يوم تفشل الحكومة ؛ وأن تفقد الرؤية إزاء قفشات الحكومة المبكية .

سنحاسب الحكومة لأنها تؤكد يوماً بعد يوماً ؛ أنها لا تعرف كيف تغير حياة المغاربة وأنها لاتملك أجوبة للتشغيل والصحة والكرامة والسكن وأنها تتكلم كثيرا وتثير الغبار كثيراً ؛ وأنها تؤخر كما أخرت سالفاتها موعد التغيير ؛ وأنها ستتحمل بحكم عقد التداول ؛ نتائج أصعب فصول التدبير بعد أن أقر صندوق النقد الدولي في جمله الديبلوماسية خطورة الوضع الاقتصادي والاجتماعي وبطء تدخل الحكومة .

سنحاسبها ؛ لأنها عمقت أزمة السياسة ؛ وأججت وابل دعاء الشعب علينا ؛ ولأنها لم تصحح أخطاءنا؛ ولم تستدرك هفواتنا ؛ ولم تعالج كبواتنا ؛ ولم تملأ فراغاتنا ؛ ولم تعوض فشلنا ؛ ولأنها لم تطبطب على ناخبينا المصرين على تصديقنا ؛ والذين يحجون إلى الصناديق رغم تخلفنا ويتشبثون بالوفاء لنا رغم غدرنا ؛ولأنها حولت الإصلاح إلى حكاية من حكايات ماقبل النوم ملأته بالخرافات والمسلمات والخيالات ؛ ولأنها استنفذت كل قصصنا عن الديمقراطية والحرية والمساواة والعدالة ؛ ولأنها صرحت كل التصريحات وقدمت كل البيانات ووضحت كل الواضحات ؛ دون أن تنجح في تحريك الوضع للأحسن ؛ سنحاسبها لأنها تخطو كل يوم فوق هامة كرامتنا ؛ تجعل أداءنا السياسي وجديتنا وعٍِرض تجربتنا مادة فكاهة وتسلية فوق موائد بعض المسؤولين الأوروبيين وبعض الاثرياء والأمراء العرب

سنحاسبها لأنها لم تغير شيئا من واقع السلطة التنفيذية في المنظومة السياسية؛ ولم تُحرر يدها ؛ ورَسّمٓتْ لها وظيفة “المُساعد” و لأنها جدولت نفس الوعكة المزمنة و لأننامططت مرة أخرى تعاقدنا على الضراء والضراء؛ وتوافقنا على أن لانجني ثمار السراء من عملة الشعبية ؛ وأن نوقع على بياض على كل الشروط الجزائية المتعلقة بالأثار الجانبية للسياسات العامة ؛ وأن نتلقى لكمات الشعب وصيحات ألمه وهيجان استنكاره ؛ مثلها اليوم ومثلنا ذلك اليوم .

‫تعليقات الزوار

7
  • Abd
    الخميس 22 ماي 2014 - 14:32

    انا جد معجب بهذه المرأة جمال فصاحة ثقافة و منطق. كنت أتمنى أن تكوني أنت رئيس فريق الإتحاد الإشتراكي في البرلمان. أنا جد فخور أن تكون لنا امرأة من هدا المستوى الرفيع. استمري وفقك الله.

  • لشكر
    الخميس 22 ماي 2014 - 15:03

    حرية الصحافة… حرية التعبير… حرية الرأي…
    كلنا نذكر الضغوط السياسية والاقتصادية التي قامت بها الدول الاسلامية من طنجة الى جكارتا على الحكومة الدنماركية حول الرسوم المسيئة للنبي واجبار رئيس هذه الحكومة على التدخل والاعتذار، ورغم الحصار الاقتصادي الذي كلف المملكة الدنماركية غاليا، لم يتدخل رئيس الحكومة الدنماركية في شؤون الصحافة والصحيفة ولم يعتذر، أبدا لم يعتذر، هي ذي حرية الصحافة ، هي ذي حرية التعبير، هي ذي حرية الرأي.
    هذه الحريات في وطننا ربما موجودة في مهدها تحبو، وجميل انها لا زالت في المهد تحبو، فإن كبرت ونضجت في زماننا هذا سوف نغتصبها ونخذلها، لأننا لم ننضج بعد ولم نعتاد عليها منذ عصور إلا لضرب بعضنا البعض.

  • خليل المغربي
    الخميس 22 ماي 2014 - 21:08

    تعليق وجب أن يعلق عليه. فيه الإنتقاد البناء وفيه الإفتراء العجاب. عندنا قوانين يجب اتباعها. وريتما يتم إعمال قوانين جديدة للصحافة تعفيهم من المتابعات القضائية رغم مايكتبونه من كتابات وتعاليق سواء كانت صحيحة أو مغلوطة أو مفبركة أوتمس أمن الدولة أو المقدسات أو حياة المواطنين أو تغليط الرأي العام أو او. لكن لا ننسى أن من الصحافة الشرفاء والموضوعيين والمتزنين الذين يكتبون بأمانة وبدون خلفيات وحساسيات. اختاروا أنتم وأعملوا القوانين التي تناسبكم وعلى مقاصكم وسنرى إدذاك هل تمر أموركم بسلام أو يقع ما وقع لهذه الحكومة.

  • marrueccos
    الخميس 22 ماي 2014 - 23:12

    دستور 2011 يصلح ل 2002 لكن الزمن لا يعود للخلف ! هذا ما أحدث إرتباكا في ٱخر صيف من ٱخر سنة من ولاية تشريعية قادها " عبد الرحمان اليوسفي " صادق البرلمان بغرفتيه على قانون المسطرة الجنائية الجديد وقيل ٱنذاك في وسائل الإعلام أن قرينة البراءة هي الأساس ! كانت جلسة صيف ساخنة في الظاهر مددت أشغال البرلمان بأشهر صودق خلالها على عدة مشاريع أذكر منها رفع إحتكار الدولة للإعلام وتحريره ! بعد عقد تقريبا ما زلنا نناقش ما يفترض أن يكون من المكتسبات التي تجووز الحديث عنها ومناقشتها !
    إن تحجج " بن كيران " بالمرجعية الدينية لتقييد الحريات فعليه أن يعلم أن الأحكام الدينية متطورة تلحق بالمجتمع كالقوانين ! من حرموا اللباس الغربي مثلا حين كانت قلة من المغاربة ترتديه ! أباحوه حين إكتسح كل شرائح المجتمع ! لا الدين ولا القوانين الوضعية يبيحان كبح تطور المجتمع وإلا سنسير عكس مجرى التاريخ !!!
    المغرب حقق تراكمات عبر عقود وما كان من إحتكار النخبة أصبح متاحا للجميع !!! المغاربة نضجوا ولا يمكن مقارنتهم لا بتونس ولا سوريا ولا مصر ! المغاربة اليوم يقارنون بفرنسا وبلجيكا والبرتغال وإيطاليا وإسبانيا !!!!

  • Med
    الخميس 22 ماي 2014 - 23:13

    Ceux qui ont droit pour demander des comptes ce sont less citoyens à travers les urnes.
    :Toute évaluation objective tient compte de:
    Les moyens mis en disponibilité:or ce gouverné a hérité la crise et l'endettement des précedents gouvernent,
    ,Le temps nécessaire pour exécuter les réforme:or ce gouvernement n''a travaillé que 2 ans,attendez au moins les 5 ans!!!!
    L'ampleur de la tâche de ce gouvernement est immense vu l'héritage catastrophique….
    Et puisque Vous demandez des comptes, demandez les à MR LACHGAR:
    -qui a échoué à diriger le parti(il l'a divisé en quelques mois)
    – Comment il est arrivé à devenir secrétaire du parti
    – quel est son programme pour "sauver" le pays du malaise causé par le gouvernement où il a participé….
    On ne devient pas Politicien Star,avec ce type d'articles,et avec les interventions simplistes que vous faites au parlement…
    Le citoyen d'aujourd'hui est devenu plus intelligent et conscient ,au moins plus que certains politiciens et parlementaires…..

  • Ahmed52
    الخميس 22 ماي 2014 - 23:40

    ليست هناك صحافة حتى تطالب بالحرية. وليست هناك حرية حتى تكون لدينا صحافة.

    هناك صحافة الاسترزاق والصحافة الصفراء وصحافة الاحزاب منكمشة على اعضائها في غياهب اديولوجيتها وكلها ليست لها الشجاعة في تناول الملفات الكبرى التي تهم الوطن والواطنين.

    قط مات هناك – واحد انتحر شنقا – الاخر دبح امه – بنت اغتصبت في …
    وووووووو.

    وكثير من الاحيان مقالات تكتب في المقاهي عن احداث وقعت في نواحي لا يغطيها حتى الهاتف النقال.

    وخلاصة الكلام فاقد الشيئ لا يعطيه.

    عندما يستطيع الانسان ان يحرر عقله وفكره من رواسب بعض الموروثات مما يسمى بالتقاليد الخرافية فلن يقدر لا رئيس حكومة ولا وزير من سلبه حريته في التعبير العقلاني المنطقي الموضوعي في كل ما يتعلق بتسيير الشان العام ومصالح المواطنين.

    الصحفي المغربي هو من يفرض الحدرعقله وفكره وكتاباته

  • مهتم مغربي
    الجمعة 23 ماي 2014 - 23:09

    السلام عليكم
    أتمنى أن يعود الاتحاد الاشتراكي و يتزعم الحكومة المقبلة ( ما بعد 2016) و سنرى هل سيصحح أخطاء الحكومة الحالية ؟ و هل سيستدرك هفواتها وهل سيعالج كبواتــــــــها ؟
    لقد جربنا فيما مضى الأحزاب الوطنية: الاتحاد الاشتراكي ، حزب الاستقلال….الخ…و قد تداول أمناء أحزابها على قيادة الحكومات السابقة….لكن ما ذا جنى المواطن العادي ، المقهور ، المهمش في القرى و البوادي ومدن القصدير من كل هذا ………؟. يجب تقييم الفترات السابقة. صراحة لم أعد أثق بهذه الأحزاب….(لكن مع كل هذا أحيي المناضل الكبير سي اليوسفي الذي ترك الحزب….)
    المحاسبة و المساءلة التي تتحدث عنها البرلمانية المحترمة لا يقطف منها الفقير إلا صداع الرأس. هم المواطن يا سيدتي هو توفير الرفاه له و لأبنائه …تحياتي

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02 4

وزير النقل وامتحان السياقة

صوت وصورة
صحتك النفسانية | الزواج
الخميس 28 مارس 2024 - 16:00 1

صحتك النفسانية | الزواج

صوت وصورة
نقابة الممرضين تعتصم بالبيضاء
الخميس 28 مارس 2024 - 15:40 1

نقابة الممرضين تعتصم بالبيضاء

صوت وصورة
ما لم يحك | البصري وتبذير الأموال
الخميس 28 مارس 2024 - 15:00 2

ما لم يحك | البصري وتبذير الأموال

صوت وصورة
الأمطار تنعش الفلاحة
الخميس 28 مارس 2024 - 13:12 3

الأمطار تنعش الفلاحة