مصر التي في خاطري ..

مصر التي في خاطري ..
الأربعاء 21 غشت 2013 - 23:54

ذات يوم من عام 2011 تعرفنا على بعضنا عن قرب.. ابتسمنا معا .. بكينا .. صرخنا .. رسمنا .. غنينا .. والأكثر كانت لنا أحلام مشتركة في تفاصيلها قبل جزئياتها .. في أحلامنا كان الوطن ملونا بكل ألوان الحياة، لا يدرك كيف يميز بين الآبيض والأسود ولا باقي الألوان.. ليس لآنه مصابا بعمى الآلوان، بل لأنه كان محبا لكل خطوط الرسومات بمدارسها وألوانها.. كان الحلم والوطن وجهان لأنفاس تقاسمت ذات الخطوات والإرادات والأصوات والكلمات والحروف ..

هكذا كنا ولازلنا.. معا يجمعنا عشقنا لوطن الكل لا الجزء .. للوطن الكبير الحاضن لكل أبنائه.. والذي يببتسم في وجه المظلوم .. ويعفو عند المقدرة .. وطن أنسانا صراعات الجامعة .. وعقد التاريخ الذي أوقفه البعض في زمن ما.. زمن لا يريد ان يتحرك أو يتطور أو يتجدد..

ظل عشقنا، حبا للحرية ولازال .. كان ابتسامة تكسر الوجوه الجامدة المعتادة على الالغاء.. لم نكن نعرف إن كان لهذا العشق نهاية لكن بدايته كانت حلما مـؤمنا ان واقع الحب، الحياة والحرية لا يؤمن بالاستبداد والموت الغادر القاتل للأحلام قبل الأجساد.

الوطن الذي ننشده .. في زمن الأمس الزمن القادم .. أو مع كل الأحلام التي تتجدد فينا يوميا.. قد يقف عن النبض مع توقف خطواتنا عن المشي.. في لحظة مزج فيها الحلم بالدم .. دم يعيد البعض منا إلى قراءات تطلب عودة الزمن إلى سنين مضت إلى زمن ما قبل الزمن التونسي في 17 دجنر 2010 .. قراءة تتساءل عن معنى تحول الدم إلى بديل عن الحوار..

إن ثقافة الدم هي السبب في سقوط ضحايا هذه الاحلام بلا أي عنوان أخلاقي حقيقي ولا بطولة عسكرية تمحو آثار النكسة الموشومة على أجسادنا. ضحايا تحولوا موتى بلا عنوان إنساني. إنهم موتى أحلام الديمقراطية التي لم يسمح لها ان تمشي بيننا أو ندرسها حتى وإن إخطأنا نعيد الدرس إلى أن ننحج.

ضحايا اختاروا درسا من الدروس الأولى والبسيطة في الديمقراطية وحاولوا تطبيقه، اختاروا حرية التعبير والاحتجاج لإنهم يدافعون عن شرعية انتخابية تم تعطيلها. لأن المتحمسين للتاريخ الجامد تصورهم للوطن لم يعد صورة لأحلام المشي الأولى ولا لمخاضات الخطوات الأولى في مدرسة الديمقراطية. كنا تنمنى أن تسقط هذه الشرعية عبر صناديق الإقتراع أو السقوط الحر المباشر كنتيجه حتمية لضيق أفقهم السياسي والفكري.. فلا شيء يبرر قتل إنسان نختلف معه بالرأي وتحت أي مسمى..

ما يحدث اليوم بمصر.. لا يمكن قراءته بعيدا عن سياقات تاريخية عشناها في ظل دكتاتوريات قتلت الشعوب فكريا وثقافيا واقتصاديا واجتماعيا وسياسيا.. لأن نسبية الأحداث تقول أن التماهي مع الكراسي هو قاتل كل الديمقراطيين .. هو خيانة للوطن … إذ لا يكفي أن نحمل فكرا يساريا.. أو يمينيا أو محافظا بمرجعية دينية لنكون ديمقراطيين ..

الديمقراطية تتطلب منا أن نؤمن بالآخر وبالتنوع .. وأن نجعل مبادئنا طريقا لتجميع هذا التنوع … وبأن يجد الآخر مكانه داخل دائرة المواطنة باعتبارها رابطا مدنيا حرا وعادلا ومتسامحا تجاه أي كان، مهما كان معتقده أو لونه أو لغته أو هويته الثقافية بحثا عن نمط أوسع من الانتماء هو الانتماء إلى الإنسانية.

وعجبا لمن يسعدهم الدم و يتشفون في موت من لا يحمل نفس فكرهم و في نفس الوقت تجدهم يطالبون بالغاء عقوبة الاعدام تحت يافطة الحق في الحياة.. يغردون بكونية حقوق الانسان.. هي حاجة واحدة يا إما لغة الحقوق او لغة القصاص ( وهي بالمناسبة لغة الاخوان )..

فمن يسعى إلى صنع قراءة أخرى عن الحراك الاجتماعي الإقليمي بالشرق الأوسط وشمال افريقيا لشعوب سحقت تحت عنف الأنطمة معنويا وماديا، وقررت في النهاية أن تخرج من سجن حريتها وأن تكون سيدة نفسها. … من يريد أن يجهض حلم وطن المواطن بالعودة إلى زمن اسكت لا حق لك في الحلم .. احن أرسك لا ترفعه.. قد يقطع!!!

‫تعليقات الزوار

9
  • القارئ المتتبّع
    الخميس 22 غشت 2013 - 01:32

    مصر التي فى خاطري…لا ريب أنّ تكرار هذا العنوان فى المقال أعلاه جاء ولا شكّ من باب توارد الخواطر، ووقوع الحافر على الحافر، وهذا أمر نادر ولكنّه مستحبّ لعفويته ، إذ منذ وقت وجيز، وبالضبط بتاريخ 20 يوليو 2013 قرأت فى جريدتكم الرائدة "هسبريس" قسم (كتّاب وآراء) تحت نفس هذا العنوان بحذافيره مقالا رائعا وموثّرا آخر للكاتب الأديب محمّد محمّد الخطّابي ، الواقع أنّ مصر نظرا للحالة التي أصبحت فيها أو عليها اليوم غدت تصول وتجول فى خواطرنا وتسكن وجداننا جميعا ، كان من الأجدر أن يكون المقال الحالي تحت عنوان " مصر التي فى خاطري 2" أو على الأقل الإشارة بشكل أو بآخر ولو بإيماءة إلى المقال السابق الذي يحمل ذات العنوان والذي لم يمرّ على نشره سوى أيام معدودات…!!

  • بديع احمد
    الخميس 22 غشت 2013 - 10:16

    هكذا عرفنا العلماني انسانا، لا يقبل القتل ولا الدم ولا سلاح، محاورا لا اقصائيا.
    تحية لك سيدتي الكريمة على هذا النبل، شكرا لمن رباك على قيم حقوق الانسان داخل الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية. علما انه يوجد البعض داخل حزبكم ممن هلل للعسكر .
    تحياتي

  • رشيد بريمة
    الخميس 22 غشت 2013 - 10:58

    الجميل في تحارب الربيع العربي انها جعلتنا نسائل مبادئنا و قيمنا التي نناضل من اجلها هل هي مطلقة بحيث اننا مع القيم الديمقراطية كيفما كانت نتائجها ام اننا نفصلها على مقاساتنا الايديولوجية و الحالة المصرية شاهدة على هذا لانه بقراءة بسيطة و اعادة استرجاع لمسار الاحداث انه قد حدثت ثورة بعدها انتخابات جاءت برئيس شرعي عن طريق الصناديق الزجاجية هذا الرئيس لم تمهله الدولة العميقة حتى ينجز ما وعد به فاصبحنا امام فعل انقلابي عسكري باركه من كانوا ينادون بقيم الديمقراطية ….؟
    '' لغة الدم'' لم يمارسها الاخوان او النهضة و لكن مارستها الدولة العميقة و العسكر بمباركة من اشباه الديمقراطيين و لا ننسى قوى الاستكبار العالمي و تخوفاتها من كل فعل نهضوي كيفما كانت مرجعيته ….. المطلوب هو تكتل كل قوى الاصلاح و التغيير و البحث عن المشترك و ان كانت هوامش التغيير ضئيلة فالمعركة هي ضد الفساد و الافساد و المعركة هي من اجل حماية قيم الديمقراطية التي تشكل عنصر قلق للمخزن و الدولة العميقة.
    و ستبقى مصر التي في خاطرنا ايقونة الربيع العربي بميادين الكرامة فيها ميدان التحرير 25 يناير و ميدان رابعة و النهضة …

  • سلوان
    الخميس 22 غشت 2013 - 15:28

    ستزول هده الحالة النفسية التي يعيشها بعض المغاربة المهووسين بكل ما ياتي من الشرق فتراهم معجبون حتى بالكوارث والارهاب والكدب والافتراء فقط لانها من الشرق وهي حالة مرضية تنم عن احتقار الدات او حالة من الكسل في البحث عن المعلومة والاكتفاء بترديد الجاهز من الاحكام وبطريقة متكررة تكاد تصيب متلقيها بالملل والركاكة فمن يدعي شرعية الصناديق في مقابل شرعية الثورة لابد وانه ياصر شرعية النازية لان هتلير منتخب من الصاديق والمؤشرات كلها يعلمها شباب الاخوا نقبل المعارضين فشرعية الصاديق استغلها مرسي ليصدر الاعلان الدستوري لتحصين قراراته كفرعون صغير واستغلها لكتابة دستور لم يشارك فيه الا الاحزاب الاسلامية وفرضه على الشعب بتصويت الاغلبية رغم اعتراف مرسي ان فيه مواد معيبة سيتم تعديلها بالبرلمان عين المحافظين من العشيرة ودون كفاءة عزل1100 اماما ازهريا وعين مكانهم اخوان خلاصة القول مصر اليوم تسير الى الدمقراطية والشعب المصري الدي اطاح بمبارك وراقب عمل مرسي فاطاح به حي زاغ وهو الا يراقب حمل الحكومة ويكتب الدستور ومستعد للشهادة وسيطيح بالسيسي ادا هو احرف ع خارطة الطريق اتي رسمتها تمرد

  • منير الشركي
    الخميس 22 غشت 2013 - 17:22

    موتى أحلام الديمقراطية ، أي ديمقراطية؟
    الديمقراطية التي ما زلنا عاجزين على فهمها و الكل يأولها لمصالحه الخاصة.
    قتلت الديمقراطية في الدول العربية و هي ما زالت في مهدها
    من أجل كرسي السلطة عاد الدم بديلا لها في مصر، سوريا، العراق…
    يعشقونه وهم يتخدون الدين لباسا…فيالا حقارتهم…

  • احمد الغالي
    الجمعة 23 غشت 2013 - 11:43

    لا احد منا ينكر ان ماحدث في مصر هو انقلاب على اختيارات الشعب السوري . لا نقول ان من حدث يوم 30 يونيو ليس حقيقة بل كان من الضروري التعامل مع الاشياء بطريقة لم الشمل والحوار والمفاوضات. نتمنى الا تنزلق تونس في هذا المنحى .
    سيدتي رحاب حنان بوركت فيما كتبت ببساطة قوية. ونحن نتقاسم معك الكثير من اافكار المشتركة حتى وان كنت تنمتمين لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وهذا شيئ يقوي الاختلاف

  • هدى الاحرار
    الجمعة 23 غشت 2013 - 17:11

    merci beaucoup chere soeur pour tout ce que tu as dis,

    je suis avec toi ,

  • حسناء الإدريسي
    الجمعة 23 غشت 2013 - 18:11

    "مصر التي في خاطري" جملة شعبية رددها الشعب المصري في أغانيه وأفلامه وقبلها في أزقته وحتى في أحلامه، رددها الشعب المصري لما كان لحمة واحدة ، قبل أن تشتته أيادي الخيانة والتكالب مع بني صهيون.
    "
    مصر التي في خاطري" جملة روج لها الاعلام المصري الرسمي" قبل تدجينه وصهينته" حتى اخترقت سماء مصر عابرة سماوات كثيرة، لتصل إلى سماءنا "المغرب"فاستقرت في قلوبنا، وتفجرت في كتاباتنا فلا عجب أن تجد كتابات عديدة تحت اسم " مصر التي في خاطري".
    الكاتبة الفاضة " حنان رحاب" نقلت أفكار الملايين من المغاربة المدافعين عن الشرعية والديموقراطية في مصر " بعيدا عن اختلافهم مع سياسات جماعة الاخوان المسلمين ، فترة حكمهم"، لقد عبرت عما يخالج الملايين من المغاربة من آلام وأحزان فطرت قلوبهم من رؤية المجازر التي ذهب ضحيتها الآلاف من الشهداء " تحت ذريعة محاربة الإهارب"، عبرت عن آمال الملايين من المغاربة الباحثين عن نقط تجمعهم مع من يختلف معهم " فكريا وايديولوجيا".
    "حنان رحاب" عبرت " عما في خاطري"

  • الى حسناء
    الجمعة 23 غشت 2013 - 18:36

    رحاب حنان، كم بكيت عندما رأيت منظر الاشلاء هنا وهناك . لقد جعلوا من الدم وسباتهم في الحوار . ولهذا ان متفقة تماما مع تحليل الاخت حسناء الدريسي وايضا الشابة رحاب حنان.
    اتمنى ان نسمع اصوات اخرى تجهر بالحق في هذا الباب لا ان تمصت على القتل.
    عاش الشعب المصري محيا للسلم وقلبي متضامن مع اخوتي في رابعة العدوية وغيرها.

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30 1

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 2

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 3

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 11

تقنين التنقل بالتطبيقات

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02 6

وزير النقل وامتحان السياقة