معدلات النمو بين رحمة المطر وقسوة الجفاف

معدلات النمو بين رحمة المطر وقسوة الجفاف
السبت 11 يونيو 2016 - 21:35

خرج الوزير بوسعيد مؤخرا ليعلن أن معدل النمو سيكون أقل من 2 في المائة خلال سنة 2016، عازيا ذلك إلى تراجع القيمة المضافة للقطاع الفلاحي.

قبل ذلك، كان البنك الدولي قد حدد نسبة النمو لسنة 2016 في معدل 1.7 بالمائة. أما المركز المغربي للظرفية فقد حدده في 1.2 بالمائة، والمندوبية السامية للتخطيط (HCP) في معدل 1.3 بالمائة، وبنك المغرب حدده في نسبة 1 بالمائة !

كل هؤلاء بنوا اعتباراتهم بالأساس على محدودية محصول الحبوب المنتظر في أقل من 40 مليون قنطار، في حين أن تكهنات الحكومة كانت مبنية على 70 مليون قنطار.

إنها نفس القاعدة : إذا جاد الله بالمطر جادت الأرض بالحبوب، وتحركت عجلة الاقتصاد لتحقق معدلات نمو قد تصل إلى 5 بالمائة، إذا كانت باقي القطاعات الإنتاجية وكان الطلب الخارجي على صادراتنا في صحة جيدة.

هذه هي قصة سنة 2015 التي حقق فيها المغرب محصولا زراعيا استثنائيا وصل إلى 115 مليون قنطار ! فكان أن ساهم هذا المحصول في تحقيق نسبة نمو متقدمة، تجاوزت 5 بالمائة !

تكهنات محصول الحبوب لسنة 2016 تراجعت من 70 مليون قنطار إلى 33.5 مليون قنطار من الحبوب، ما سينخفض بالقيمة المضافة للقطاع الفلاحي ب7,3 في المائة مقارنة بسنة 2015. الحصيلة تراجع نسبة النمو المنتظرة لتقترب أكثر من معدل تكهنات المؤسسات الاقتصادية التي سبق الحديث عنها، وهو 1.3 بالمائة !

لننتبه، لقد كان من الممكن أن تكون الكارثة أكبر وأعظم. لقد كان الجفاف يعني ببساطة نموا سالبا بالنسبة للمغرب. ما يفيد أن المغرب حد من كونه اقتصادا مطريا ! وقد تم تحقيق ذلك على مستويين.

الأول هو أننا بدأنا نعيش بعض آثار مجهودات المغرب الأخضر. فالأرقام تؤكد أنه بغض النظر عن الحبوب، سيسجل المحصول الفلاحي لسنة 2016 أداء جيدا، لاسيما إنتاجات زراعة الأشجار المثمرة (زائد 15 في المائة)، والزراعات الصناعية (زائد 5 في المائة) والزراعات النباتية (زائد 5 في المائة). أما الثاني، فهو يرتبط بباقي القطاعات الاقتصادية التي تجر اليوم معدلات النمو إلى الأعلى، ونخص بالذكر قطاعات السيارات والطائرات والفوسفاط.

إلا أنه من الضروري التأكيد على أن وزن هذه القطاعات لازال محدودا، ولم تتمكن من التأثير الهيكلي على باقي الاقتصاد الوطني. فمحركات الاقتصاد في بلادنا لم تتخلص بعد من وقود الأمطار !

ما الحل إذن ؟ الحل الأول هو في الحد من آثار الجفاف على القطاع الفلاحي، بالتحكم في مخازن المياه ببناء المزيد من السدود، خاصة التلية والصغيرة، بهدف توسيع المساحات السقوية. مع ضرورة تفعيل كل أبعاد المغرب الأخضر، خاصة آليات الري الصناعية لترشيد استعمال المياه، والرفع من مستوى المكننة بالقطاع للرفع من الإنتاجية. أما الحل الثاني، فهو في المزيد من تنويع الروافد القطاعية للاقتصاد الوطني، حيث باستثناء قطاعي السيارات والطائرات، لا تعيش باقي القطاعات دينامية حقيقية في الاستثمار والنمو، حيث جل المجهودات الاستثمارية هي اليوم موجهة للبنيات التحتية والتجهيزات البنيوية، كالموانئ والطرق والمحطات اللوجيسيكية. لا بد من تنويع القطاعات الإنتاجية والرفع من قدراتها التصديرية !

إن ربح معركة معدلات ليست بالرهان السهل، وهو موضوع سنعود إليه في مقالات مقبلة.

*أستاذ جامعي، دكتوراه في علوم التدبير والتسويق

‫تعليقات الزوار

3
  • Ryahi
    السبت 11 يونيو 2016 - 23:11

    بعد كلام بن كيران وإحتقاره للصناعة المغربية وشتمه لسيارة "داسيا".أخدت الصناعة المغربية "دقة على أنفها"
    لم يتكلم الكاتب عن تفخيخ مستقبل الأجيال بمدونية فاتت 80 % من الدخل الوطني الخام يعني كل مولود جديد في ذمتهعدة ملايين لابد له من تأديتها.عتم حزب الآخرة مستقبل شبابنا وأنهال عليهم بالضرب والصناعة الوحيدة اللتي إزدهرت هي صناعة "الزراوط" وصناعة الفقر و"المشُمرين" والمتشرين والمنتحرين.لا يغير الواقع بالإنشائات وتعذيب الأرقام لكي تبوح بشيئ غير موجود

  • معارف تستحق الإهتمام
    الأحد 12 يونيو 2016 - 02:08

    شكرا للأستاذ البحث و الناشر هسبريس على هذا الموضوع المتعلق بمعاييش العباد.
    " وجعلنا من الماء كل شيء حي "
    إذا تقدمت بلدان شمال المعمور ، فلكون المياه فيها متوفرة و تساقط المطر غزير.
    عكس بلدان الجنوب التي تعاني من ندرة المياه بسبب قلة تساقط المطر مما يعطل حركة النمو الإقتصادي.
    كان عدد السدود في عهد الحماية لا يتجاوز 12 سدا ، ولقد بلغ حاليا حوالي 150 سدا بفضل حسن تدبير المرحوم الحسن الثاني.
    وبسبب إمتلائها بالوحل تقلصت حقينتها ، مما يستوجب بناء سدود صغيرة و متوسطة لتدارك العجز في مياه الشرب و السقي مستقبلا.
    أما بالنسبة لخطة المغرب الأخضر ، فرغم فوائدها ، واهتمامها بما يقارب 8 ملايين و 700 ألف هكتار من الاراضي الصالحة للزراعة ، فيبدو أنها أهملت حوالي 20 مليون هكتار من الأراضي الصالحة للرعي ، فتربية الماشية بالترحال في حاجة إلى العناية والتشجيع ، كما أن المسالك الرعوية في حاجة إلى الإهتمام والتطوير ، وذلك بحفر الأبار و بناء حظائر لإيواء الماشية أيام القر أو الحر، واستنبات مراعي جديدة.

  • WARZAZAT
    الأحد 12 يونيو 2016 - 11:10

    ما لا أفهمه هو لماذا لا تستطيع الدولة تنظيم كل الوزارات و المو'سسات كما تنظم و تسير وزارة الداخلية و أجهزة الأمن.

    قطاع الفلاحة في المغرب قطاع حساس و صعب بسبب الظروف الطبيعية القاسية و في نفس الوقت يوفر إمكانيات إقتصادية هائلة و لكن لاستغلالها يجب عقلنة القطاع و الاستثمار في البنية التحتية و البحث العلمي.

    إذ كيف يعقل أن توجد هناك مناطق فلاحية غنية على بعد نصف ساعة من الدار البيضاء و الرباط دون شبكة طرقية و ما معنى زرع القمح و الذرة على أرض بورية يحصد منها أقل من ما يزرع و كيف لفلاح يستغل رقع أرضية متفرقة تقاس بالاشبار أن يغذي نفسه دع عنك شعب بكامله؟

    ولاية كليفورنيا تشبه المغرب جغرافيا و مناخيا إلى حد الانطباق أن لم يكن المغرب أخضر منها و تعاني من نفس مشاكل الجفاف و التصحر ، رغم ذلك من أكبر مصدري المنتوجات الفلاحية في العالم.

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02 2

وزير النقل وامتحان السياقة

صوت وصورة
صحتك النفسانية | الزواج
الخميس 28 مارس 2024 - 16:00 1

صحتك النفسانية | الزواج

صوت وصورة
نقابة الممرضين تعتصم بالبيضاء
الخميس 28 مارس 2024 - 15:40

نقابة الممرضين تعتصم بالبيضاء

صوت وصورة
ما لم يحك | البصري وتبذير الأموال
الخميس 28 مارس 2024 - 15:00 2

ما لم يحك | البصري وتبذير الأموال

صوت وصورة
الأمطار تنعش الفلاحة
الخميس 28 مارس 2024 - 13:12 3

الأمطار تنعش الفلاحة

صوت وصورة
حاجي ودمج الحضرة بالجاز
الخميس 28 مارس 2024 - 12:03

حاجي ودمج الحضرة بالجاز